لازالت عائلة كريمة تتذكر باستياء زائد النهاية الدرامية لابنتهم بعد عملية تجميل على يد طبيب غير مختص في التجميل، فيما تقول شقيقتها نزهة إنها تمنت لو أن شقيقتها لم تجر هذه العملية، لأنه لم يكن هناك داع لها، خاصة أن الكل يشهد ب«أن الراحلة كانت فتاة جميلة منذ أن رأت النور»، قبل أن تضيف مستدركة «لكن ما عسانا أن نفعل عندما ندرك كنه هذه الحقيقة التي لا حقيقة بعدها: تعددت الأسباب والموت واحد». عندما قررت فتاة تتحدر من الفقيه بنصالح، في فبراير الماضي، التوجه إلى الدارالبيضاء لإجراء عملية تجميلية تهم شفط كمية من الدهون في البطن، كانت هذه الفتاة، التي تدعى كريمة الرفى، تعتقد «أن الأمر بسيط جدا ولن يتطلب منها سوى دقائق معدودة”، وفق ما أكد لها الطبيب المشرف على العملية في عيادة ليست مختصة في التجميل، وإنما في الأمراض الجلدية والتناسليية بوسط المدينة. وفعلا، تحققت نبوءة الطبيب، إذ لم تدم العملية التجميلية إلا دقائق معدودة، لتلفظ كريمة (24 سنة) أنفاسها بين يدي الطبيب، الذي وجد نفسه في مأزق حقيقي وأسقط ما في يديه للبحث عن وسيلة للتخلص من جثة داخل عيادته. وفات الضحية أن تنتبه إلى أنها تغامر بحياتها عندما لم تتردد في إجراء عملية تجميل في عيادة طبيب غير مختص في التجميل ولم يدرسه في معاهد وكليات الطب، وإنما هو طبيب أمراض تناسلية «ينتحل تخصصا غريبا عنه»، حسب عائلة الضحية. لكن المؤكد، حسب العديد من المصادر، أن هذه ليست أول مرة تقام فيها عملية تجميل داخل هذه العيادة للأمراض التناسلية، بل إن صاحب العيادة أصبح معروفا بإجرائه عمليات التجميل وشهرته تجاوزت حدود الدارالبيضاء دون أن تنتبه السلطات المحلية يوما ما إلى مدى شرعية ما يجري داخل هذه العيادة. مقابل ذلك، يقول صاحب العيادة إن كريمة فارقت الحياة بعد أن انتابتها أزمة حادة نتيجة تناولها أدوية قبل مجيئها إلى المصحة لإجراء العملية، فيما تشكك العائلة في هذه الرواية ولا تستبعد مسؤولية الطبيب المشرف على العملية في النهاية المؤسفة لابنتهم. أكثر من هذا، فإن مصدرا آخر من العائلة لمح في تصريح ل«المساء» إلى إمكانية أن تكون كريمة لفظت أنفاسها الأخيرة نتيجة تعرضها لحقنة تخدير زائدة عن المطلوب. وما يعزز هذه الفرضية هو دخول جهات أمنية على الخط في هذه القضية لتطالب العائلة بنقل الجثة إلى الفقيه بنصالح والتسريع بمراسيم دفنها، فيما كان مطلب العائلة هو التحقيق مع صاحب العيادة وتحديد نسبة مسؤوليته في هذه الوفاة، التي تظل بالنسبة إلى جميع أفراد العائلة غامضة حتى لو قيل لهم العكس. ثم تتساءل العائلة قائلة: «لماذا لم تسمتع الشرطة القضائية إلى كل العاملين بهذه العيادة لمعرفة ما إذا كانت هذه العمليات التجميلية التي يشرف عليها هذا الطبيب تجرى وفق الشروط المهنية المطلوبة أم أن الأمر يتعلق بمزاولة مهنة موزاية لمهنته الأصلية، وهي الأمراض الجلدية والتناسلية»؟ الطبيب المشرف على عملية التجميل ينفي في اتصال مع «المساء» أن تكون الضحية كريمة توفيت بسبب إجراء هذه العملية المتعلقة بشفط كمية من الدهون من بطنها، واكتفى بالقول إنه حاول إنقاذها، لكنه لم يفلح، قبل أن يهمس قائلا «الأعمار بيد الله». غير أن عائلة الضحية تقول إن ابنتها توفيت بسبب صدمة عنيفة وبسبب حقنة زائدة في التخدير، كما أن الطبيب لم يكن مؤازرا بطبيب اختصاصي في التخدير أثناء إجرائه العملية التجميلية، وهو ما يعني، حسب العائلة، أن كريمة فارقت الحياة نتيجة تقصير طبي، فيما يقول الطبيب إن « كريمة توفيت قبل حتى أن أباشر عملية التخدير»، مؤكدا في الوقت نفسه أنه لا يرى مانعا من إجراء تشريح للجثة لتحديد أسباب الوفاة. وتحكي عائلة كريمة أن ابنتها فارقت الحياة يوم السبت، إلا أنها لم تعلم بالنبأ إلا بعد مرور 3 أيام على الحادث بعد أن ظلت شقيقتها تتصل بها عبر هاتفها المحمول، لكن دون مجيب، غير أن الطبيب يؤكد أنه مباشرة بعد حادث الوفاة اتصل برجال الأمن الذين حضروا إلى عين المكان قبل أن يتم نقل الجثة إلى مستودع الأموات بالحي الحسني بعد إنجاز محضر معاينة. وحسب عائلة كريمة، فإن ابنتها استيقظت في حدود الخامسة صباحا يوم موعد إجراء العملية، وكانت ملامح الخوف والاضطراب بادية عليها لأنها كانت تخشى من فشل العملية. ولطرد هذا الخوف، جلست في زاوية من المنزل تقرأ بضع آيات من القرآن الكريم بعد أن صلت ركعتي الفجر. وفي حدود الساعة السادسة صباحا، رافقها والدها إلى المحطة الطرقية بالفقيه بنصالح واستقلت حافلة في اتجاه الدارالبيضاء لعلها تصل قبل التاسعة صباحا، موعد إجراء العملية في عيادة الطبيب. وفعلا وصلت كريمة قبل الموعد المحدد، لكنها غادرت الحياة قبل أن تجري العملية أو أثناءها. وتحكي شقيقة الضحية أن كريمة لم يخطر ببالها يوما ما أنها ستقصد طبيبا لإجراء عملية تجميل. فكريمة كانت دائما واثقة من أنها فتاة جميلة ولا تحتاج إلى أي عملية، لكن إحدى صديقاتها هي التي أقنعتها بإجراء العملية بعد أن قالت لها إنها تعرف طبيبا، رغم أنه غير مختص في التجميل فهو موهوب ويجري عمليات تجميل ناجحة بنسبة مائة في المائة. وكانت عائلة الضحية رفضت في بداية الأمر استلام الجثة من مستودع الأموات بالحي الحسني في انتظار إجراء تشريح طبي مستقل يحدد الأسباب الحقيقية للوفاة، قبل أن تستسلم العائلة في نهاية المطاف وتقرر استلام الجثة لتدفنها في ظروف غامضة ودون تحديد الجهة المسؤولة عن الوفاة. لكن من المهم الإشارة إلى أن هذه ليست هي العيادة الوحيدة التي يجري فيها صاحبها عمليات تجميل لفتيات في عمر الزهور، رغم أنه غير مختص في التجميل، ذلك أن بعض المصادر تتحدث عن وجود عيادات أخرى أصحابها غير مختصين في التجميل، لكنهم لا يترددون في إجراء عمليات تجميل، والسبب أن مثل هذه العمليات تساهم في الرفع من مداخيلهم اليومية رغم المآسي التي يمكن أن يتسببوا فيها. مصادر أخرى تحمل السلطات المحلية مسؤولية انتشار هذه العيادات التي تزاول مهنا موازية لنشاطها الأصلي. والمثير أكثر أن بعض رجال السلطة يعلمون أحيانا بوجود مثل هذه المخالفات القانونية، لكن غالبا ما لا يتدخلون إلا بعد فوات الأوان، أي بعد أن تقع أحداث مأساوية مثل ما وقع لهذه الشابة من الفقيه بنصالح التي دخلت إلى عيادة طبيب في صحة جيدة لتغادرها بعد أقل من نصف ساعة جثة هامدة إلى مستودع الأموات. ولازالت عائلة الضحية تتذكر باستياء زائد هذه النهاية الدرامية لابنتها بعد عملية تجميل على يد طبيب غير مختص في التجميل، فيما تقول شقيقتها نزهة إنها تمنت لو أن شقيقتها لم تجر هذه العملية، لأنه لم يكن هناك داع لها خاصة أن الكل يشهد ب«أن الراحلة كانت فتاة جميلة منذ أن رأت النور»، قبل تضيف مستدركة «لكن ما عسانا نفعل عندما ندرك كنه هذه الحقيقة التي لا حقيقة بعدها، تعددت الأسباب والموت واحد».