مع اقتراب المباراة التي ستجمع بين المنتخب الوطني لكرة القدم والرأس الأخضر ضمن الجولة الثالثة من تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2017 التي ستحتضنها الغابون، أعلنت الجامعة الملكية المغربية عن ما قالت إنه «استراتيجية لتنمية كرة القدم المغربية ما بين 2016 و2026» وعقدت ندوة صحفية ترأسها محمد بودريقة النائب الأول للرئيس، ورئيس لجنة التكوين والدراسات والإصلاح بالجامعة. زعمت الجامعة أن الاستراتيجية التي أعلنت عنها هي خلاصة عمل قامت به لجنة اطلعت على سير الأمور بجميع الفرق المغربية، وقامت بتشخيص الواقع وتحديد الأعطاب، قبل أن تعلن عن جملة من الإجراءات من بينها تطبيق بعض بنود قانون التربية البدنية والرياضة الذي ينص على إنشاء شركات رياضية تتولى مهمة تدبير هذه الفرق، علما أن الجامعة قررت البدء بثلاث فرق قالت إنه يمكن من الآن تحويلها إلى شركات رياضية، لأنه تتوفر فيها كل المواصفات. هناك العديد من الملاحظات التي لابد من تسجيلها في ما يخص هذه الاستراتيجية المزعومة. أولا: هل يبدو مقبولا أن يشرف أربع أو ست أشخاص على وضع استراتيجية تتعلق بالكرة المغربية في العشر سنوات المقبلة، ألم يكن من المفروض أن تتم الاستعانة بخبراء في المجال، حتى نكون بصدد مقاربة تشاركية ينخرط فيها الجميع، ويأتي الإصلاح من القاعدة وليس من فوق، فنحن إزاء دستور جديد للكرة المغربية، ولا يمكن لأي دستور أن يحظى بالقبول إذا لم يشارك فيه الجميع، سواء بإبداء الرأي، أو من خلال التصويت عليه. ثانيا: ما الذي دفع جامعة الكرة إلى اختيار هذا التوقيت بالذات للإعلان عن هذه الاستراتيجية، علما أن الجامعة أمضت ما يقارب السنتين في تدبير الشأن الكروي بالمغرب، وكان المفروض أن تكون استراتيجيتها، إذا كانت لها استراتيجية قد انطلقت، وأن نكون اليوم بصدد تنقيحها فقط، لا أن تبدأ من الصفر، ثم هل هي صدفة أن يتم الإعلان عن هذه الاستراتيجية التي لم تتضح خيوطها بعد، قبل مباراة المنتخب الوطني أمام الرأس الأخضر. ثالثا: لقد ربطت الجامعة استراتيجيتها بترتيب المنتخب الوطني الأول في تصنيف «الفيفا» إذ سجلت أنه يحتل المركز 81 عالميا و19 إفريقيا، مما يعني بحسبها أن الكرة المغربية قد تراجعت. هنا سنتساءل هل مقياس قيمة الكرة المغربية هو المنتخب الوطني الأول فقط، وهل يبدو مقبولا أن تحاول الجامعة التركيز اليوم على أن المنتخب الوطني ليس بين الخمسة الكبار في إفريقيا، وأن الجامعة تسعى في أفق 2026 أن يكون هذا المنتخب الوطني بين هذا الخماسي حتى يتأهل إلى المونديال، إنه منطق غريب، فمعظم لاعبي المنتخب الوطني تلقوا تكوينهم بأوربا، وهم نتاج تكوين أوربي احترافي، وبالتالي فإذا لم يبلغ المنتخب الوطني المونديال وإذا لم يتألق في كأس إفريقيا فإن المشكل هنا يتعلق بالجامعة وبطريقة تدبيرها لهذا المنتخب وليس بأمور أخرى حتى لا نكون بصدد حجب الشمس بالغربال. رابعا: تسعى الجامعة اليوم إلى هيكلة الفرق المغربية ماليا وإداريا، لقد تابعنا الجمع العام الأخير للجامعة الذي تم فيه صرف 85 مليار سنيتم في عام ونصف، وتابعنا كيف أن المختلفات فقط وصلت سقف الخمسة مليارات، فهل هذا هو النموذج في التدبير المالي والإداري الذي تريد الجامعة أن تروج له، كما تابعنا كيف أن الجامعة خلقت كيانات ميتة، من قبيل العصبة «الاحترافية»، وكيف أن هناك اليوم لجانا تدبر بالزبونية والمحسوبية والمحاباة، فهل هذا هو النموذج الذي ستسوقه. خامسا: لقد هدمت الجامعة جدار الثقة بينها وبين المتتبع في الكثير من المحطات، وبالتالي فجميع مبادراتها ستظل محل شك إلى أن يثبت العكس. الخوف أن نكون اليوم إزاء العبث ، وإزاء محاولات لربح الوقت و»تعمار الشوارج» لاغير.