بين ما يردده وزير الاتصال باسم الحكومة، وما قاله وزير التربية الوطنية والتكوين المهني بشأن السنة البيضاء، يؤدي الأساتذة المتدربون الثمن الغالي بعد أن فشلت كل المحاولات لإنهاء هذا المشكل الذي «ميز» السنة الدراسية التي قطعت اليوم نصفها الأول، دون أن يعرف طريقه إلى الحل. وزير الاتصال يقول إن السنة البيضاء تطارد هذا الفوج من الأستاذة المتدربين. ووزير التربية الوطنية يفند الأمر، ويقول إنه لن تكون هناك أي سنة بيضاء. ولا سبيل أمام هؤلاء الأساتذة إلا مواصلة معاركهم التي ترافقها بين الفينة والأخرى اعتداءات وضرب ورفس في الشارع العام من قبل قوات الأمن. وهي اعتداءات كادت تعيدنا لما عشناه في يوم الخميس الأسود، الذي عرف إصابات وإغماءات. وخلف لدى الأساتذة جروحا وندوبا لا تزال ترافقهم إلى اليوم. انطلقت الحكاية مع قرار الحكومة إصدار مرسومين جديدين للملتحقين بمراكز التربية والتكوين، يقضي بتقليص منحة التكوين من 2450 درهما إلى 1200 درهم فقط. كما يقضي بفصل التكوين عن التوظيف. تقول حكومة بنكيران إنها أصدرت هذين المرسومين قبل أن تفتح مراكز مهن التربية في وجه الراغبين بالالتحاق بها. وهذا ما يعني، حسب رواية الحكومة، أن كل من وقع محضر الدخول كان يفترض أنه اطلع سلفا على ما حمله المرسومان، لذلك ليس من حق هؤلاء المحتجين رفض ما سبق أن التزموا به. أما الأساتذة المتدربون، فيقولون إن الحكاية هي أن المرسومين لم يصدرا في الجريدة الرسمية إلا بعد أن وقعت المحاضر وانطلقت الدروس. وهو ما يعني أنه قرار لاحق لا يعني هذا الفوج على الأقل. زد على ذلك أن المعركة الحقيقية تعني الحق في الشغل، الذي هو من واجب الدولة على أبنائها، وهو الحق الذي ظل معمولا به منذ فتحت هذه المراكز أبوابها، وهي التي كانت تحمل اسم المراكز التربوية الجهوية بالنسبة لأساتذة التعليم الإعدادي، والمدارس العليا للأساتذة بالنسبة لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، ومدارس المعلمين بالنسبة لمدرسي التعليم الابتدائي، قبل أن تحمل مع مجيء الوزير محمد الوفا، اسم مراكز مهن التربية. انطلقت المعركة مع مستهل السنة الدراسية. وراهن الأساتذة المتدربون على إسقاط مرسومي الحكومة. وفي كل محطة، كانت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني تخفي رأسها في الرمل، في انتظار أن تمر العاصفة، التي ما فتئت أن زادت وأشعلت حولها نيران حارقة دشنت بمسيرة وطنية جابت أهم شوارع العاصمة الرباط، قبل أن تختار الحكومة بعد ذلك أسلوب الضرب والتنكيل لوقف حماس الأساتذة. وهو الأسلوب الذي زاد في إشعال النار التي لم تنطفئ إلى اليوم، رغم كل الجلسات الحوارية التي قادها والي الرباط باسم الحكومة مع ممثلين عن تنسيقية الأساتذة. آخر الأخبار تحدثت عن مهلة جديدة أعطتها الحكومة للأساتذة المتدربين في المراكز الجهوية للتربية والتكوين، قبل الإعلان عما أسمتها بالإجراءات البديلة، وهو ما يعني «ضياع تكوين الفوج الحالي»، خصوصا أن الحكومة مصرة على عدم التراجع عن مرسوميها بعد أن أقسم رئيسها على ذلك. كان لابد للأحزاب السياسية وللنقابات المهنية، ولمكونات المجتمع المدني أن تدخل على الخط. لذلك ظل وزير الاتصال يتحدث في كل مناسبة عن دعوة رئيس الحكومة الأحزاب إلى الانخراط في ما يخدم مصلحة الطلبة المتدربين، قبل أن تضيع وظائفهم، واتخاذ الإجراءات اللازمة، لأن في ذلك ضمان لمصلحة التلاميذ في الموسم المقبل، مؤكدا أن السلطة التنفيذية ليست ضد الطلبة الذين يقدمون أنفسهم على أنهم أساتذة متدربون، بل تحركها مصلحتهم ومصلحة المدرسة العمومية، خصوصا وأن الحكومة قدمت جل الضمانات لتوظيف الفوج كله، وأن ما قدم لهم في حوارات مع السيد الوالي التزامات دولة، وأن الحواركان قد تم بإذن من رئيس الحكومة. قبل أن يضيف وزير الاتصال أن الإصلاح الذي انخرطت فيه الحكومة هو إصلاح كبير لأنه يرفع جودة التحصيل، بما يخدم جودة التعليم العمومي، نافيا أن يكون الهدف هو الخوصصة، بل لتوسيع دائرة المستفيدين بما يخدم القضاء على البطالة داخل حاملي الشهادات وتعميق تكوينهم. وقبل أن تدخل النقابات على خط هذه المعركة، كانت فعاليات من المجتمع المندي ضمت أساتذة وإعلاميين وحقوقيين، قد عرضت على الحكومة صيغة لنزع الفتيل وإنقاذ السنة الدراسية من الضياع حينما قدمت مذكرة أطرتها بما وصفته بالاعتبارات الدستورية والقانونية، حيث سجلت أن المراسيم الوزارية التي غيرت من طبيعة مهمة مراكز التكوين لم تصبح سارية المفعول قانونا إلا بعد نشرها في الجريدة الرسمية وليس بعد إصدارها فقط، كما ينص على ذلك الفصل السادس من الدستور، خصوصا وأنها لم تصبح سارية المفعول إلا بعد توقيع الأساتذة المتدربين على محاضر الولوج بتاريخ 7 أكتوبر 2015، وقد حصلوا من مراكز التكوين على بطاقات تصفهم بالأساتذة المتدربين، ولم تصفهم بكونهم طلبة يخضعون للتكوين، والنتيجة هي أن فوج 2015/2016 غير ملزم بهذه المراسيم، وإنما يخضع للقوانين التي ظلت سارية قبل هذه المرحلة. وعن الاعتبارات الاجتماعية الخاصة التي قدمتها المذكرة، فإنها تؤكد أن الظروف النفسية والاجتماعية والمادية الخاصة التي صار يعيشها الفوج المعني، والتي من مظاهرها اليأس والإحباط، سيما بعد القمع الذي تعرض له، وبعد النتائج التي ستترتب عن الفشل في حل هذا الملف بشكل سلمي، والذي سيؤدي حتما إلى سنة بيضاء، كلها عوامل ستؤثر بشكل مباشر على كامل الموسم الدراسي 2016 – 2017، من قبيل العجز عن تغطية حاجة المدرسة العمومية إلى أساتذة خلال المواسم القادمة؛ والمس المباشر بحقوق التلاميذ في تعليم وتربية محترمين، مما قد يضطر الوزارة إلى تعويض هذا الخصاص بحلول ظرفية، كدمج الأقسام، والرفع من عدد التلاميذ بالقسم، ورفع عدد ساعات العمل. ثم المس المباشر بحقوق الأساتذة المزاولين حاليا، والراغبين في المشاركة في الحركة الانتقالية الجهوية والمحلية برسم الموسم القادم؛ وتزكية الوضعية الحرجة للمدرسة العمومية المغربية وما تعانيه من نقص في الجودة والأطر؛ وتعطيل مسلسل إصلاح قطاع التعليم المعلن من قبل الحكومة؛ وحجم الوقت والموارد التي سوف تستنزفها هذه الوضعية في المواسم التالية لتدارك آثار هذا الموسم. أما الاعتبارات المالية المرافقة لهذا الملف، فتعرض المذكرة لوجود 7 آلاف منصبَ شغلٍ في التعليم العمومي، برسم قانون مالية 2016، بينما استقبلت مراكز التكوين حوالي 10 آلاف أستاذ متدرب هذا الموسم، وبالنظر إلى أن الحكومة تعترف بوجود خصاص كبير في قطاع التلعيم، فإن الحل لن يأتي سوى بتوظيف باقي الثلاثة آلاف أستاذ، من خلال مساطر متعددة، من ضمنها، وضع قانون مالية تعديلي، وفتح اعتمادات مالية من أجل تدارك الفارق، وتوظيف هذه الفئة على أن تتم تسوية وضعيتها المالية من خلال قانون مالية 2017 بأثر رجعي، كما جرت العادة في العديد من الوقائع السابقة، علما أن الحكومة ملزمة بالاستثمار في التعليم وتوفير مناصب مالية أكثر خلال السنوات القادمة. أما الحل، بعد أن وضعت المذكرة تصورها لما يجب أن يكون عليه الأمر مستقبلا، فهو أن تقوم الحكومة بإبطال العمل بالمرسومين برسم الموسم الدراسي 2015-2016، بسبب التأخر في نشرهما في الجريدة الرسمية. كما تشرع في إعادة النظر في مضمون المرسومين الوزاريين بما يلزم الدولة بالاستمرار في تحمل مسؤولية قطاع التعليم، على أن يلتزم الأساتذة المتدربون باستئناف تكوينهم وتدارك التأخر الحاصل في هذا السياق إنقاذا للسنة الدراسية الحالية من البياض. ورشة حول الغوص كأداة للبحث العلمي في البيولوجية البحرية احتضنتها كلية العلوم بالجديدة نظمت كلية العلوم بالجديدة، التابعة لجامعة شعيب الدكالي٬ بتعاون مع جمعية الغوص بالجديدة والجامعة الملكية المغربية للغوص والأنشطة التحتمائية٬ ورشة عمل جامعية تحت عنوان: " الغوص أداة للبحث العلمي في مجال البيولوجيا البحرية " وذلك يومي تاسع وعاشر فبراير بمدرج الدكتوراه بالكلية. وشارك في هذه الورشة خمسة وسبعون باحثا في الماستر (INEA, BAVIA, SLIME) والدكتوراه٬ تابعوا عروضا نظرية وعملية حول الغوص وخصوصا دوره في البحث العلمي في مجال دراسة الحياة التحتمائية. وقال عميد كلية العلوم بجامعة شعيب الدكالي، الأستاذ عبد المجيد بلكحل، إن هذه الورشة تعتبر عملا تكمييا لما يتلقاه الطلبة من دروس نظرية. وسجل العميد أن كلية العلوم بالجديدة تعتبر رائدة في مثل هذه الأوراش التطبيقية التي تراهن على نقل الطالب من مدرجات الكلية إلى الواقع العملي، حيث يمكن أن يشتغل بعد حصوله على الشهادة الجامعية. وتطرق المتدخلون إلى أساسيات علم المحيطات الفيزيائية والأحيائية٬ والغوص الرياضي٬ والترفيهي والمهني٬ وإلى قوانين الفيزياء ومعيقات استكشاف العالم التحتمائي٬ والغوص كأداة للبحث العلمي والمحافظة على البيئة البحرية. كما مكنت الورشات العملية المشاركين من ملامسة معدات وآليات الغوص والتعرف المفصل على دورها وطرق استعمالها أثناء الغوص. أما اليوم الثاني من الورشة، فقد كان مخصصا لتجربة الغوص تحت الماء لفائدة مجموعة من الطلبة الباحثين، الذين أتيحت لهم فرصة التنفس والتحرك تحت الماء لأول مرة في حياتهم. وقد خلفت هذه التجربة صدى طيبا لديهم وجعلتهم يفكرون في متابعة تكوين في الغوص سيساعدهم لا محالة في أبحاثهم حول الأحياء والبيئة البحرية. وحسب المنظمين٬ فإن هذه الورشة هي الأولى في المغرب التي تقترح برنامجا متكاملا يربط بين تعلم الغوص وتعدد تطبيقاته في البحث العلمي للوسط التحتمائي. فإضافة إلى التكوين النظري والتقني للغوص٬ الضروري للاستكشاف الترفيهي والعلمي٬ فإنه سيمكن الغواصين من أن يصيروا فاعلين مهنيين يشتغلون في مجالات المحافظة على النظم البيئية المائية (البحرية٬ البحيرات...)٬ في الأبحاث الأركيولوجية٬ وكذلك في مختلف قطاعات الهندسة المدنية التحتمائية (السدود٬ الموانئ٬ المنشآت البحرية...). وقد أجمع جل المتدخلين على أن امتهان الغوص يمكن أن يشكل مصدرا مهما للدخل٬ سيوفر الشغل وينوع المنتوج. يذكر أن كلية العلوم التابعة لجامعة شعيب الدكالي تشتغل على مدار السنة على تنظيم دورات تكوينية وأوراش تطبيقية لعدد من التخصصات لكي تعطي للطالب الباحث فرصة التعاطي مع الواقع بدلا من الاكتفاء بما هو نظري. وقد ساعدها وجود طاقم إداري وتربوي يشعر بقيمة وأهمية هذا الجانب الأساسي، الذي ظلت تشتكي منه الجامعة المغربية، حيث كان طلبتها يغرقون في كل ما هو نظري، دون أن تكون لهم فرصة تطبيق هذه النظريات على أرض الواقع. بنسعيد : المشكل الحقيقي يكمن في ضعف القيادة التربوية لتدبير المتغيرات قال إن القيادة التربوية يجب أن تتأسس على الحس الديموقراطي وحق كل الأطراف في المشاركة – هل يمكن أن نعتبر أزمة الإدارة التربوية اليوم حصيلة منطقية لأزمة الإدارة العمومية في بلادنا، أم أن لهذه الإدارة خصوصيتها؟ لا بد أن نسجل أن الإدارة التربوية في منظومتنا التعليمية تشكل نموذجا مصغرا للإدارة العمومية ببلادنا، فإذا كان الجميع يقر بأزمة الإدارة عندنا فإن ذلك معناه أن الإدارة التربوية، هي الأخرى، في أزمة، وهي بذلك مسؤولة عن كل ذلك الركام الهائل من المثبطات والعراقيل والمشاكل التي كانت ولاتزال سببا مباشرا في تأزيم وضعنا التربوي. بالرغم من المجهودات التي بذلت منذ الاستقلال إلى الآن بهدف إصلاحه في غياب استراتيجية محكمة وخطاب فاعل من شأنهما المساهمة في إيجاد حل علمي وواقعي لمعضلة التعليم، رغم أنها استهلكت سنوات طوال وأنفقت أموالا طائلة. ولذلك نعتقد أن الإدارة التربوية، بجميع مستوياتها، مسؤولة، إلى حد بعيد، عن الوضع التربوي الحالي لأنها ظلت ولاتزال جهازا آليا عاجزا عن تملك الميكانيزمات التربوية الضرورية لإدارة مختلف الأزمات التي تعيشها مؤسساتنا التربوية. لأنها بكل بساطة لم تستطع أن تكون متكيفة مع التحولات الجوهرية التي طالت مختلف بنيات المجتمع المغربي. فالمشكل ليس في المتغيرات السلبية التي باتت المؤسسة التربوية تشهدها بشكل سريع لأن الأمر طبيعي في جميع دول العالم، ولكن المشكل الحقيقي يكمن في ضعف القيادة التربوية لتدبير تلك المتغيرات. لكن لهذه الإدارة التربوية خصوصيتها لأنها تشتغل مع فاعلين في الحقل التربوي ولذلك يفترض أن تكون أكبر من كل مشاكل الإدارة العمومية؟ هذا أكيد. فالإدارة التربوية، باعتبارها قيادة، تشكل عنصرا أساسيا في إنجاح أي إصلاح وتحقيق فعالياته، لذلك فهي محتاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى أساليب أكثر تقدما وتطورا وابتكارا، إذ أنها مطالبة بإحداث تغييرات إيجابية مختلفة من خلال القدرة على إدارة الأزمات المتواترة بهدف الدفع بالوضع التربوي نحو الأفضل. – يشغل الإدارة التربوية اليوم مديرون لهم حس تربوي، إلى جانب معرفتهم بحسن التدبير الإداري. هل تعتقد أن المدرسة المغربية نجحت اليوم في اختيار الرجل المناسب لهذا المكان المناسب؟ يجب علينا ألا نخفي حقيقة أنه ليس كل مدير بمؤسسة تربوية قائدا تربويا بالضرورة، لأن هناك فرقا دقيقا بين أن ندير مؤسسة من خلال إنجاز عمليات تنسيقية قيصرية مع جميع العاملين: مدرسين، إداريين وغيرهم من أجل تحقيق أهداف تربوية تتماشى وما تسمو إليه الأمة من تربية أبنائها، وبين أن يكون قائدا تربويا يمتلك القدرة على التأثير في مختلف الأطراف المحيطة بالفعل التربوي لتوجيهها وإرشادها بهدف نيل تعاونها وحفزها على العمل بأعلى درجة من الكفايات من أجل الوصول إلى أهداف محددة بدقة. إن الإدارة التربوية فن تجميع المصادر المختلفة في إطار المؤسسة للوصول إلى تحقيق أهداف معينة. في حين أن القيادة التربوية مهارات ذاتية تنمي القدرة على إقناع الآخرين لتحقيق الأهداف التربوية. يظهر، إذن، أن التمييز بين المدير التربوي والقائد التربوي عملية أساسية يجب فتح نقاش حولها حتى نتمكن من خلق قيادي تربوي يساهم، من خلال إمكاناته الذاتية ومهاراته الخاصة، في خلق فعل تربوي قائم على التشارك والانسجام والذهاب جماعيا إلى تعديل مختلف الاختلالات الحاصلة بالمؤسسات التربوية، لاسيما أن أغلب الأزمات الطارئة عليها تفرض قيادة راشدة تؤمن باحتمال وقوع المشاكل وتمتلك، في المقابل، خططا وكفايات لمواجهتها بما يفرضه الوضع التربوي – هل لهذا الأمر علاقة بما تسميه بالقيادة التربوية المفتقدة من مؤسساتنا التعليمية؟ إن المتتبع للوضع التربوي ببلادنا يلاحظ أن المؤسسات التربوية ازدادت بداخلها المشاكل وضعفت، من جهة أخرى، الكفاءة القيادية مما أنتج ونمى سلوكات عدوانية بلغت درجة استعمال السلاح الأبيض داخل الفصل والمؤسسة على السواء. بل تجاوزت أسوارها إلى الأزقة والشوارع وإلى المستشفيات والمحاكم مما بات يفرض نقاشا هادئا وشاملا يجمع كل الأطراف من إدارة وأولياء أمور ونقابات وسلطات معنية وممثلي التلاميذ وغيرها، لنعيد النظر في كثير من الاختلالات التي خلقت لنا العنصر الإداري ولم تخلق لنا العنصر القيادي. – هنا يمكن أن يدخل على الخط دور الوزارة الوصية التي عليها أن تختار من توفرت لديه هذه القيادة التربوية. هل ترى أن وزارة التربية الوطنية فشلت في هذه المهمة؟ للأسف لازالت المعايير التي تنهجها وزارة التربية الوطنية ببلادنا في إسناد الوظائف الإدارية بالحقل التربوي، تشكل إحدى الحواجز الأساسية التي تقف في وجه تحديث العمل الإداري، وجعله أكثر استجابة للمتغيرات الراهنة. فمدير المؤسسة التربوية يجب أن يتوفر، قبل كل شيء، على أقدمية تمكنه من تقديم طلب ترشيحه لإدراة المؤسسة التربوية ليليه، بعد ذلك، إنجاز مقابلة أمام لجنة تربوية. وهو المعيار الذي يفرض مساءلته من زوايا الفعالية والمصداقية إضافة إلى تقديم مشروع المؤسسة، وهو كذلك معيار تشوبه اختلالات كثيرة تتعلق، في مجملها، بشيوع فكرة التقليل من قيمتها، لاسيما أن الأطراف المحيطة بها عادة ما تحكمها المجاملات، وأشياء أخرى. تماما كما يحدث عندما نطالب مديرا بكتابة تقرير مختصر حول قضية تربوية ما. ولسنا محتاجين للتذكير بأن كثيرا من التقارير تنقل حرفيا من مصادرها، أو ينجزها أشخاص قد يكونون من خارج منظومة التربية نفسها. إن مثل هذه المعايير التي، من خلالها، نهيء مديرا تربويا، تبدو متجاوزة وتتطلب مراجعة فورية، وذلك بالتفكير، مثلا، في إجراء مباراة وطنية للراغبين في إدارة مؤسسة تربوية، يليها تكوين جاد بأحد مراكز التكوين لمدة سنة أو سنتين. ثم تنطلق عمليات المتابعة والمصاحبة الميدانية من طرف مشرفين جادين يركزون، ليس على الجوانب المعرفية، بل على الجوانب القيادية التي تمكن المدير الجديد من تملك آليات القيادة وممارستها على أرضية الواقع، وليس جمعها في التقارير والأوراق . – ولذلك نحن في حاجة لقيادة تربوية، بدلا من إدارة تربوية؟ بالتأكيد. فكثير من التجارب الميدانية تؤكد لنا أن أغلب المشاكل المعرقلة للفعل التربوي داخل المؤسسة إنما مردها إلى عدم قدرة الإدارة التربوية على أن تحول مواردها البشرية إلى قائدين تربويين. لذلك نراهم يكرسون، بوعي أو بدونه، نمطا استبداديا في تدبير أمور تفرض التشارك والانسجام والتفاهم والتعاون. فالذي يدير الشأن التربوي يستجمع في يديه كل السلطات ويحتفظ لنفسه بالقيام بكل صغيرة وكبيرة بمفرده ويصدر تعليمات وأوامر تفرض الطاعة العمياء وكأن الأمر يتعلق بتسيير ثكنة عسكرية مما يفتح الباب واسعا أمام مظاهر التوتروالصراع يذهب المتعلم وحده ضحيتهما. لذلك يجب أن يكون المدير قائدا يكمن دوره في توجيه العاملين بالمؤسسة من خلال إشراكهم في مناقشة أمورهم، والإنصات إلى آرائهم حول المواضيع ذات البعد التربوي التشاركي، وذلك في إطار تبادل مرن للعلاقات الإنسانية المختلفة. إن القيادة التربوية التي يفرضها الراهن التربوي ببلادنا يجب أن تتأسس على الحس الديموقراطي حيث يكون لكل الأطراف الفاعلة في العملية التربوية الحق في المشاركة في وضع الخطط، وتسطير الأهداف، وتنفيذ القرارات الجماعية، والمساهمة في إعداد استراتيجيات التقويم وغيرها. وهذا لا يتأتى، في اعتقادنا، إلا بتوفر ثلاث ركائز أساسية أولها، استحضار بعد العلاقات الإنسانية التي يجب أن تحكم الأطراف المعنية داخل المؤسسة وثانيهما، والجرأة على تفويض السلطة على أساس أن لا أحد بالمِؤسسة يمتلك سلطة خارج السلطة الجماعية. وثالثهما، التشارك الحقيقي والفاعل الذي يحس فيه الشركاء بثقل المسؤولية والرغبة في التعاون لمصلحة المتعلمين. فعندما تؤمن الإدارة التربوية أن بجانبها فاعلين حقيقيين لهم دور حيوي في تحريك آليات الفعل التربوي آنذاك يمكن أن نتحدث عن جهاز إداري متفتح يتجاوز ملء الأوراق الرسمية بأسماء أعضاء المجالس التربوية وجمعيات الآباء وغيرها إلى تفعيلها والعمل على محاورتها الحوار الهادف والإنصات إلى ملاحظاتها واقتراحاتها خدمة لمصلحة المتعلمين دون إقصاء أو مزايدات مجانية. إن الانغلاقية في التدبير الإداري تعد حجرة عثرة في طريق الإصلاح إذ أنه عندما لا تتوفر الإدارة التربوية على حس قيادي راشد فإنها تؤسس لنفسها فضاء مغلقا يكرس الجمود والسلطة ويعادي الإبداع باعتباره فعلا جماعيا لا يمكن تمثله داخل مؤسسة تربوية إلا اذا انتفت كل مظاهر التوتر والصراعات التي عادة ما يتسبب فيها الجهاز الإداري الجامد والمتسلط . جمعية مديري الابتدائي تدعوإلى وقفة احتجاجية وتلوح بمسيرة وطنية قرر المكتب الوطني للجمعية الوطنية لمديرات ومديري التعليم الابتدائي بالمغرب تنفيذ الوقفة الاحتجاجية الوطنية المقررة بالرباط يوم الاثنين 29 فبراير الجاري وتنظيم مسيرة وطنية يوم الإثنين 2 ماي 2016 التي دعا إليها المكتب الوطني بتفويض من المجلس الوطني الأخير المنعقد يوم 28 نونبر 2015 بمدينة أزرو. تحت شعار «إنصاف هيئة الإدارة التربوية وخلق إطار خاص بها، هو المدخل الأساسي لإصلاح منظومة التربية والتكوين» . وأكد بلاغ للمكتب الوطني توصلت «المساء» بنسخة منه أن هذا الأخير عقد يوم السبت 13 فبراير 2016 بمدينة الدارالبيضاء، اجتماعا عاديا خصص لدراسة النقط الواردة في جدول أعماله. وبعد نقاش مستفيض جاد ومسؤول والوقوف على المشاركة المتميزة والمكثفة لمديرات ومديري التعليم الابتدائي بالمغرب في الوقفتين الاحتجاجيتين الوطنيتين عبر الأقاليم والجهات، وبعد أن نوه بروح المسؤولية والانضباط اللذين طبعا تنظيمهما، أدان تجاهل الوزارة للنداءات المتكررة للجمعية من أجل فتح حوار جاد ومسؤول، يستنكر التضييق الممنهج من طرف بعض الأكاديميات والنيابات على الوقفتين الاحتجاجيتين الوطنيتين عبر الأقاليم والجهات ( أكاديمية جهة كلميم …)، وعرقلة وتبخيس المحطات النضالية التي تخوضها الجمعية الوطنية لمديرات ومديري التعليم الابتدائي بالمغرب . ثمن الانخراط الواسع والمسؤول لمديرات ومديري التعليم الابتدائي بالمغرب، في الوقفتين، وإنجاحهما مما يؤكد تشبثهم بجمعيتهم، كما أشاد بمساندة ومؤازرة الهيئات النقابية والمهنية والجمعوية والحقوقية والمنابر الإعلامية التي حضرت الوقفتين. وأكد المكتب الوطني خياره في المشروع الديمقراطي الحداثي والهوية الوطنية ومبدأ المواطنة والدفاع عن المدرسة العمومية وجودتها. كما جدد تأكيده على تماسك الأجهزة التنظيمية للجمعية ودورها في توحيد الجهود والصفوف، وعلى محوريتها في كل القرارات والاختيارات التي تهم المنظومة التربوية والمدرسة العمومية. وطالب البيان ذاته، الذي وزع على نطاق واسع على منتسبي الجمعية بالفروع المحلية والإقليمية، وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بالإسراع بفتح حوار جاد ومسؤول مع الجمعية لإيجاد الحلول المنصفة للملف المطلبي للجمعية والإفراج عن النظام الأساسي لنساء ورجال التعليم وضمنه الإطار الخاص بنساء ورجال الإدارة التربوية داعيا كافة مديرات ومديري التعليم الابتدائي بالمغرب إلى المشاركة المكثفة في الوقفة الاحتجاجية الوطنية المقررة بالرباط . وجددت الجمعية الوطنية دعوتها لمديرات ومديري الثانويات العمومية والحراس العامين والنظار ومديري الأشغال والهيئات النقابية والحقوقية والجمعوية والمنابر الإعلامية بكافة صفاتها إلى المشاركة في هذه المحطة وفي كافة المحطات الأخرى دعما للجمعية ومساندة لها. المرصد المغربي للدفاع عن حقوق المتعلم يسائل التدابير ذات الأولوية نظم المرصد المغربي للدفاع عن حقوق المتعلم، يوم الجمعة 19 فبراير بقاعة الندوات بنيابة التعليم بالجديدة، ندوة علمية تربوية تحت عنوان « التدابير ذات الأولوية وسؤال التنزيل»، حيث اعتبر المنظمون أن الموضوع فرض نفسه بقوة اعتبارا لما تكتسيه هذه التدابير من أهمية كبرى في سيرورة إصلاح النظام التعليمي المغربي الذي يعيش على إيقاع الأزمات والخيبات منذ زمن ليس بالقريب. وقد شارك في هذه الندوة العلمية، إلى جانب رئيس المرصد المغربي للدفاع عن حقوق المتعلم، الدكتور عز العرب إدريسي أزمي، وأعضاء المكتب الوطني للمرصد، كل من عبد العزيز بوحنش المدير الإقليمي لوزارة التربية والتكوين بالجديدة، والكاتب الإقليمي للفدرالية الديمقراطية للشغل بالجديدة ورضا السملالي عضو المكتب الوطني والكاتب الإقليمي للتضامن الجامعي بالجديدة، إضافة إلى الدكتورين عبد اللطيف الجابري وعبد اللطيف الفاربي الأستاذان المكونان بالمركز الجهوي للتربية والتكوين بالجديدة. ركزت مداخلات الأساتذة المحاضرين على إشكاليات تنزيل التدابير ذات الأولوية ومدى إمكانية نجاح هذا التنزيل في ظل الأخطاء المنهجية التي ترتكبها الوزارة بإقصائها للفاعلين الحقيقيين في القطاع واعتمادها على تصورات نظرية غالبا ما يكون أصحابها أبعد ما يكونون عن واقع العملية التربوية والتكوينية.وكانت أشغال هذه الندوة العلمية والتربوية مناسبة لطرح العديد من الأسئلة القلقة والمقلقة حول مستقبل العملية التربوية والتكوينية بالمغرب، والدور الذي يمكن أن يلعبه المنتمون للقطاع من أجل إنجاح تنزيل التدابير ذات الأولوية، وهي الأسئلة التي اعتبرها الدكتور عز العرب إدريسي أزمي حافزا قويا لخلق نقاش واسع وجاد حول هذه القضية التي تهم مستقبل المجتمع، باعتبارها إصلاحا تربويا وتكوينيا شاملا أبت وزارة التربية الوطنية والتكوين إلا أن تضعه بديلا علاجيا للمشكلات العميقة التي تنخر جسد النظام التربوي وتحول دون تمكنه من تحقيق الأهداف المتوخاة منه. إلى ذلك، كان الأساتذة المحاضرون أكدوا في مداخلاتهم أن مثل هذه الندوات تكتسي أهمية كبرى في إثراء الفكر التربوي والتكويني، وتعميق المعرفة العلمية والفكرية، وتطوير أدوات وآليات البحث عن الحلول الملائمة لمقاربة إشكالات وقضايا التربية والتكوين بالشكل الذي يجعل المدرسة المغربية تكسب الرهانات المطروحة عليها، وتتصدى لكل التحديات والاختلالات التي تعرقل تحقيق أهدافها، وتحد من قدرتها على المساهمة الفعالة والفعلية في إرساء أسس انطلاقة تنموية شاملة ومستدامة للمجتمع، واعتبروا أن ذلك لا يمكن أن يتم إلا إذا انخرط الجميع بجدية وحماس في إنجاز الأوراش الإصلاحية الكبرى التي ينتظرها النظام التربوي والتكويني للنهوض والتخلص من عمق الأزمة التي يعاني منها. هل تقدم المؤسسات الخاصة تعليما جيدا لتلامذتها ؟ لقد تمت الإشارة الى أن هذه المؤسسات أصبحت تعتمد مظاهر شكلية تتمثل في نوعية البنايات، بل وهناك من بالغ في استعمال الصباغة وطلاء الواجهات بألوان وألواح إشهارية خارجة عن المألوف، بدافع التميز وجلب الانتباه، معتبرين ذلك مظهرا من مظاهر الجودة .. ومن جانب آخر، فالكل يعلم أن المؤسسات التعليمية الخاصة لا تتوفرعلى مدرسين قارين، بل تعتمد أساسا على مدرسات ومدرسي التعليم العمومي وهي لا توفر لهم أي تكوين إضافي أو مستمر أو أي تاطير أو مراقبة تربوية، رغم الشكايات التي يتوصل بها صاحب المؤسسة عن تصرفات بعضهم وضعف مستواهم، فهولاء المدرسون يعملون بنفس التكوين ونفس المؤهلات التي يعملون بها في مؤسساتهم الأصلية مع بعض الإضافات المتمثلة في الانضباط في الحضور الدائم والجدية في استكمال دروس المقررات، ويعد الانضباط عنصرا مشتركا يخضع له التلاميذ أيضا، إذ يتعرض للطرد أو العقاب كل من حاول إبداء رأي مخالف لما تفرضه المؤسسة من نظام للضبط، وقد حكى لي أحد الآباء عن معاناة ابنه في إحدى المؤسسات الخاصة بعد أن تقدم مع بعض زملائه إلى مدير المؤسسة يشتكون له من ضعف استفادتهم من إحدى المدرسات فتم توقيف التلاميذ لمدة أسبوع وحين اتصل الأب للاستفسار حول الموضوع وطالب المدير بتفهم التلاميذ ومراعاة الجوانب التربوية لما قاموا به دون القسوة عليهم، أجابه صاحب المدرسة قائلا: (إن مدرسته ليست مسؤولة عن التربية، فالتربية من اختصاص الأسرة أما مؤسستنا فهي مفتوحة لمن يريد أن يقرأ من أجل النجاح في الامتحان دون مناقشة) فلا مجال عند هؤلاء للمناقشة أو الاحتجاج أو حتى تكوين جمعيات الآباء كما هو الشأن في القطاع العمومي ومؤسسات أجنبية، وبذلك فإن الجودة التي يتحدثون عنها تختزل في الانضباط التام للتلاميذ دون مناقشة مما يؤثر سلبا في تكوين الشخصية، ثم اعتماد شكليات للتواصل مع الآباء تقتصر على مراقبة الغياب والمطالبة بتبريره، مع بعض الاجتماعات الشكلية مع أولياء التلاميذ.. وأحيانا تنظيم أنشطة مؤدى عنها مثل بعض الرحلات وبثمن خيالي. أما العنصر الأساس والقوي في منظور أصحاب التعليم الخاص، فيتمثل أساسا في إثقال التلاميذ بالواجبات والفروض المنزلية المتنوعة وفي جميع المواد بما في ذلك تحضير الدروس، إذ تصبح أهم أنشطة التلاميذ المدرسية تتم خارج المدرسة، والعقاب لكل من لم يمتثل لذلك، مما يطرح السؤال عما يقوم به التلاميذ داخل الفصل؟ لنجد جوابا عبر عنه أحد التلاميذ قائلا: إنها دورة معروفة : تتم مراقبة ما أنجزناه في المنزل، ثم تملى علينا الدروس وأحيانا تراقب الدفاتر، لنمر إلى فروض المراقبة المستمرة وهي فروض دائمة.. وإذا كانت هناك من طرق في التدريس فإنها تقوم على أسلوب الشحن دون مراعاة تكوين شخصية التلميذ، لتصبح هذه المؤسسات مختصة في إعداد التلاميذ لاجتياز الامتحانات قصد الحصول على نسبة من الناجحين كتعبير عن أهمية المؤسسة وجودة خدماتها، فالجودة هنا، إذن، تختزل في أسلوب التدريس القائم على التلقين والشحن من خلال دروس مملاة أو مطبوعة، واجبات منزلية، وفروض دائمة.. مع تضخيم مهول لصعوبة الامتحانات الإشهادية.. والنتيجة المقلقة التي تترتب عن هذه الدورة من العمليات التي تقوم على شحن التلاميذ هي اللجوء الى الدروس الخصوصية أو الساعات الخصوصية، فمعظم المؤسسات الخاصة يلجأ تلامذتها الى الدروس الخصوصية، سواء التي تنظمها المؤسسة نفسها أو التي تتم داخل البيوت.. دروس تستمر حتى ساعات متأخرة من الليل وهي دروس مؤدى عنها، مما يضيف أعباء مالية أخرى إلى الآباء ويساهم في إرهاق التلاميذ وتعويدهم على عدم الاعتماد على النفس، إذ غالبا ما تخصص هذه الدروس الإضافية لمساعدة التلاميذ على إنجاز تلك الواجبات المنزلية التي يصعب إنجازها على التلاميذ وفي ظروف قياسية طيلة الأسبوع الدراسي .. والأخطر أن تلك الدروس تستمر حتى خلال أيام العطل مما لايسمح للتلاميذ بالتمتع بالراحة المطلوبة، كما لا يسمح لهم بالمطالعة والقراء الحرة، أو ممارسة بعض الهوايات.. وهو ما يشكل ضغطا كبيرا على نفسية التلميذ يتعدى إمكاناته الصحية والنفسية ويساهم في طمس قدراته مواهبه.. إن جل التلاميذ الذين تم الاتصال بهم لم يسبق لهم قراءة أي كتاب خارج بعض الفقرات المقررة، كما أنهم لا يعرفون أحدا من الكتاب ولم يعرفوا أي مشاركة في أنشطة ثقافية أو ترفيهية أو تربوية تتعلق بالبيئة أو حقوق الانسان والسلوك المدني داخل المؤسسة … الجودة، إذن، يتم اختزالها في الإعداد المركز للامتحانات (الضوباج) مما يمس بشخصية التلميذ ويؤثر في مساره الدراسي ومتابعته للتعليم العالي.. قد يقول قائل بأن المهم هو النجاح في الامتحانات، فنقول إن النجاح بهذا الشكل لا يعني النجاح في الحياة.. والدليل على ذلك ما وصل اليه مجتمعنا من تراجع للعقل والإبداع والإنتاج الثقافي.. إن معظم الأطر التي تزخر بها الساحة الوطنية، اليوم، هي نتاج المدرسة العمومية.. مبدعون في مجالات ثقافية وعلمية وفنية ورياضية وإعلامية.. لقد أعطتنا المدرسة العمومية أطرا تشتغل داخل المغرب وخارجه.. وأعطتنا قادة في مجالات مختلفة.. وما تعرفه مدرستنا العمومية اليوم من تراجع ما هو إلا نتاج تراكمات من السياسات الممنهجة التي استهدفت إفراغ التعليم العمومي من محتواه، وإبعاد المدرسة العمومية عن القيام بدورها الطلائعي في التربية والتكوين والرقي بالمجتمع وأفراده.. إلا أن هذا لا يعني أن التعليم الخصوصي أصبح أو سيصبح بديلا عن التعليم العمومي لأن المسألة لا تتعلق ببضاعة للمتاجرة والربح ولكن تتعلق بمسؤولية مصيرية للدولة وحق أساسي من حقوق الإنسان لضمان مستقبله وباقي حقوقه .. فلنحمل راية المصالحة مع تعليمنا العمومي، ولنعمل على حماية مدرستنا العمومية والرقي بجودة خدماتها والرفع من قدرتها التنافسية، وتخليق أجوائها وتحسين تدبيرها .. فهي أساس بناء مستقبل أجيالنا ونهضة مجتمعنا ورقيه، وهي أساس الحفاظ على كرامة المواطنات والمواطنين في جو من الانصاف والمساواة، وهي معيار حماية حقوقهم الأساسية وعلى رأسها الحق في التعليم.