يحكمون الأحزاب السياسية منذ عقود، ويرفضون «الرحيل»، ضدا على مقتضيات قانون الأحزاب السياسية، وضدا على إرادات التشبيب، وضدا على الديمقراطية الداخلية. يجيدون «المناورة»، و«التحكم»، ويتقنون كواليس التنظيم، ويجعلون المؤتمرات والجموعات العامة تعقد وفق المقاس، لإعادة التصفيق لهم كزعماء خالدين، في وقت ينظر إلى تمسكهم بكراسي الأمانات العامة على أنه يكرس العزوف عن السياسة، ويقدم صورة سلبية عن الأحزاب السياسية، حتى إن البعض منهم رحل إلى دار البقاء وحمل معه صفة «أمين عام» ارتبطت به منذ تأسيس النقابة أو الحزب إلى حين «الوداع»، والبعض الآخر، مازال مصرا على حمل «اللقب»، رغم تقدمه في السن، وتوليه للمنصب لعقود. إنهم زعماء خالدون لا يتعبون. بالنسبة لعموم المواطنين، فإن المشهد المغربي يتسم بكثرة الأحزاب، إلى حد أنه يصعب على الباحثين المتخصصين، في بعض الأحيان، أن يحصوا أسماءها وزعماءها ورموزها. المسألة، حسب فئات واسعة، غير منطقية، بالنظر إلى أن كل هذا العدد الكبير لا يتوفر على خلفيات إيديولوجية، ومشاريع مختلفة، لتقديم حلول للمغرب ومشاكله. ولهذا عادة ما يربط المواطنون بين كثرة الأحزاب السياسية في المغرب وبين رغبة عدد من الأطر في التحول إلى زعامات. وكل «زعيم» إلا وله حسابات خاصة. والمثير في القضية، أنه ظهر في المغرب عدد من الأحزاب الصغيرة في السنين الأخيرة، حيث أن زعماءها كانوا أطرا في أحزاب أخرى تقليدية كانت بدورها تعاني من الزعامة والبيروقراطية وغياب الديمقراطية الداخلية. وعادة ما يبرر تأسيس الحزب، ليس بوجود تصور مغاير، أو قيمة مضافة للمشهد، وإنما بغياب الديمقراطية الداخلية في الأحزاب الكبيرة «التاريخية»، يمينا ويسار. لكن المشكل هو أن هذه الأحزاب الصغيرة تحولت بدورها إلى أحزاب تشجع على الزعامات الخالدة، إذ أن أغلب مؤسسيها هم أنفسهم من يستمرون لحدود الآن على رأسها، رغم أن هذه الهيئات تلجأ، من الناحية الشكلية، إلى الانتخابات والجموعات العامة، وتجديد الهياكل. وبدت هذه الظاهرة المزعجة في الأحزاب المحسوبة على اليمين، كما على اليسار، وكما على الوسط، ما يؤكد، بالنسبة لعدد من المتتبعين، أن الأطر التي أسست هذه الأحزاب لم تكن في الحقيقة ترغب في تكريس الديمقراطية الداخلية، ولا علاقة لها بمبدأ تشجيع تجديد النخب، وفتح المجال أمام الأطر الشابة للوصول إلى كراسي المسؤولية في إطار من الاستحقاق والتعبير الحر عن الأصوات، وإنما الغرض هو البحث عن مكان تحت شمس المشهد السياسي الذي يتجه نحو التفتت، والتشتت والتفريخ، دون أن يقدم هذا الوضع أي قيمة مضافة للساحة، عوض أن يتجه نحو القطبية التي تجمع البرامج والتصورات الكبرى، مع الحفاظ على الديمقراطية الداخلية، وضمان الحق في التعبير للتيارات. ويؤثر هذا الوضع المتشرذم للأحزاب على المشاركة السياسية لنسبة مهمة من المواطنين، إذ يصاب المواطن بالذهول وهو يرى هذا العدد الكبير من الأحزاب تتنافس من أجل الحصول على صوته، ببرامج متشابهة، تكاد تكون، من حيث الكلام، نسخة طبقا للأصل، بغض النظر عن كون الحزب، صغيرا كان أم كبيرا، يتخندق في اليمين أو اليسار أو الوسط، في منزلة بين هذه المنازل، عوض أن يتجمع هؤلاء المتنافسون ويطرقون أبواب المواطنين ببرامج وتصورات واضحة تمكن من الفرز في الاختيارات، تتنافس فيما بينها للحصول على ثقة الناخبين في المحطات الانتخابية الأساسية. كما أن هذا التشتت يضيع الفرص لبناء تحالفات قوية ومنسجمة، إلى حد ما، في المجالس المنتخبة، ما يؤدي إلى ضياع المجهودات، لأن التقاطبات تكون متعددة ومعقدة، ويكون من الصعب على المجلس المنتخب أن يقدم تصورات واضحة، يتجه نحو تنفيذها بأريحية. ويتساءل عدد من المتتبعين، في بعض الأحيان باستغراب كبير، كيف لنقابة عريقة أن يسيرها زعيم واحد منذ التأسيس إلى حين إعلان الوفاة، في وقت تتوفر فيه هذه النقابة على أطر محنكة، وعلى تيارات بكوادر من اليسار، وفي بعض الحالات من اليسار، ومن اليمين، مع العلم أن هذه النقابة تعقد مؤتمراتها العامة، وتعلن على أن عملية إعادة تزكية الزعيم تمت في أجواء من الشفافية والنزاهة، دون أن يثير هذا الوضع الشاذ أيا كان وسط هذه النقابة. المتتبعون أيضا يتساءلون كيف لتنظيم يقدم نفسه على أنه يرغب أن يكون «البديل المنتظر»، في إحقاق الديمقراطية في المغرب، بينما يكاد يقترب من إضفاء نوع من «القداسة» على الزعيم الروحي، ويحيطه بكثير من الحكايات الخرافية، حد أن الأعضاء يتنافسون من أجل الأكل بجانبه تبركا بمكانته. وحتى عندما يرحل إلى دار البقاء، يزداد هذا الوضع، وتتم ترقية الزعيم إلى مرتبة أعلى، دون أن يستطيع أي كان من التنظيم أن يقرأ بحس نقدي وضعه، ومكانته. إنها وضعية خارج السياق المغربي الرسمي الذي يسير في اتجاه التشبيب، وتجديد النخب، واتخاذ إجراءات قانونية لتشجيع انخراط الشباب والنساء في معترك الحياة السياسية، لإعطاء دينامية للمشهد، وإعادة الروح للسياسة بعدما ظلت نفس الوجوه تسيطر على الواجهة منذ عقود. وضعية تسائل هؤلاء الزعماء أنفسهم، كما تسائل التنظيمات التي يتزعمونها، كما تسائل القوانين المعتمدة، ومدى نصها على مقتضيات تمنع الخلود في الزعامة. بنكيران.. الولاية الثالثة لزعيم حزب «الإسلاميين» يتجه حزب العدالة والتنمية لإعلان رئيس الحكومة، والأمين العام الحالي للحزب، عبد الإله بنكيران، زعيما لحزب «المصباح» للمرة الثالثة، رغم أن هذا القرار يتناقض مع جوهر القانون الأساسي الذي ينص على أنه لا يمكن التجديد لشخص واحد لأكثر من ولايتين متتاليتين على رأس حزب «البيجيدي». بالنسبة للمدافعين عن بنكيران الذي انتخب لأول مرة زعيما لحزب الإسلاميين في سنة 2008، ثم مرة ثانية في سنة 2012، لولاية ثالثة، فهم يعتبرون بأن ابن حي «العكاري» ذي الامتداد الشعبي بمدينة الرباط، هو رجل المرحلة. قاد بنكيران مراجعات قيادات من الشبيبة الإسلامية، للخروج من السرية إلى العلنية، وقاد هؤلاء من العلنية في العمل الجمعوي، إلى العمل السياسي تحت عباءة حزب الدكتور الخطيب، قبل أن يحرز حزب العدالة والتنمية تقدما متناميا في المشهد، أدى، في سنة 2011، إلى حصوله على المرتبة الأولى في الانتخابات النيابية التي أجريت قبل الأوان، ما قاد حزب «البيجيدي» إلى تولي مسؤولية تدبير الشأن العام، في عز حراك الربيع العربي الذي تحول إلى خريف في عدد من دول المنطقة. حزب العدالة والتنمية من المفترض أن يعقد مؤتمره العام في منتصف السنة الحالية، لكن كل المؤشرات توحي بأن حزب بنكيران سيؤجل هذا المؤتمر إلى ما بعد الانتخابات التشريعية، كي تتضح له الصورة أكثر، رغم أن عددا كبيرا من أعضاء هذا الحزب يعتبرون بأن بنكيران يستحق تعديل القانون الأساسي لمنحه ولاية ثالثة. فقد وقف في وجه حزب «التحكم»، في إشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة، واستطاع أن يحافظ على بريق الحزب وجماهيريته، رغم مشاركته في الحكومة، واتخاذه لقرارات غير شعبية يقول إنها في مصلحة البلاد، في حين تتخوف بعض وجوه الحزب من أن يؤدي هذا القرار إلى تكريس منطق الزعامة في حزب «الإسلاميين» والتحول إلى حزب الشخص، مع ما سيؤدي إليه ذلك من إعادة تكرار تجارب اليسار، وعدد من الأحزاب الإدارية والنقابات المركزية، وهو ما سيضر بصورة هذا الحزب الذي حرص على أن يقدم صورة جديدة عن العمل السياسي والديمقراطية الداخلية وتجديد النخب، والالتزام بالمحطات التنظيمية، وما تفرزه صناديق الاقتراع. بنكيران الذي ارتبط حزب العدالة والتنمية باسمه، في الأوساط الشعبية، في السنين الأخيرة، كان قد تعاطف في بداية مساره السياسي مع منظمات يسارية في جامعة محمد الخامس بالرباط، واقترب من شبيبة حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، لكنه في سنة 1976، التحق بتنظيم الشبيبة الإسلامية، أحد أبرز التنظيمات السرية ذات التوجه الإسلامي الراديكالي حينها. ولم يمكث في عمل السرية سوى بضع سنوات، حيث قرر الانشقاق في سنة 1981 عن منظمة عبد الكريم المطيع الهارب بعد قضية اغتيال اليساري عمر بنجلون إلى الخارج. وساهم في تأسيس تنظيم «الجماعة الإسلامية»، وانتخب رئيسا لها في سنة 1986، واستمر في قيادتها بعدما غيرت اسمها لتصبح معروفة باسم «حركة الإصلاح والتجديد». ودخل بنكيران في نقاشات مع أحمد الريسوني عن رابطة المستقبل الإسلامي، ومجموعات إسلامية أخرى، انتهت في عام 1996 بميلاد حركة التوحيد والإصلاح. وفاوض عبد الكريم الخطيب في استضافة عدد من رموزها، وتحول حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية، بعد عملية الاستقبال، إلى حزب العدالة والتنمية. عبد الله القادري … الزعيم الخالد لحزب «البادية» من «شيوخ» السياسة في المغرب. ارتبط اسمه بالحزب «الوطني الديمقراطي» الذي عدل اسمه في الآونة الأخيرة بعد فشل تجربة الاندماج مع حزب الأصالة والمعاصرة في سنة 2008، إلى الحزب «الديمقراطي الوطني» في ماي من سنة 2009، دون أن يتغير عنوان المقر، ودون أن يتزحزح الأمين العام عن مكانه. ارتبط اسمه، في الثقافة السياسية المغربية، ب»حزب البادية»، في إشارة إلى أن جل أطره تتحدر من المناطق القروية الناطقة باللغة العربية الدارجة، في مقابل حزب الحركة الشعبية، ومختلف الأحزاب الدائرة في فلكه، والتي تتحدر أطرها من المناطق القروية الناطقة باللغة الأمازيغية. بدأ مساره المهني عسكريا، ووصل إلى رتبة عقيد، وعندما تقاعد انخرط في العمل السياسي. بدأ مشواره ناشطا في صفوف حزب التجمع الوطني للأحرار عند تأسيسه في عام 1978، لكنه سرعان ما قرر رفقة أرسلان الجديدي، وعدد من أطر البادية الانسحاب لتأسيس الحزب الوطني الديمقراطي في نهاية سنة 1981. تقلد منصب وزير للسياحة في حكومة عز الدين العراقي، وفي سنة 2007، كان من أكبر الساقطين في الانتخابات البرلمانية في منطقة برشيد والتي ظل من أعيانها لمدة طويلة. المؤتمرات التي عقدها حزب القادري منذ التأسيس تمر دون أن تثير ضجة في وسائل الإعلام، وتمر إعادة التصفيق للزعيم، في ختام أي مؤتمر، دون إثارة اهتمام المتتبعين الذين يعتبرون بأن القادري هو الحزب الوطني الديمقراطي والحزب الوطني الديمقراطي لا يمكنه أن يستمر دون عبد الله القادري، ابن مدينة برشيد، والذي يبلغ من العمر حوالي 81 سنة، رغم أن المغرب شهد تحولات كثيرة، أبرزها إقرار قانون للأحزاب السياسية. امحند العنصر… الصفة.. أمين عام للحركيين منذ ثلاثة عقود منذ 1986 ظل امحند العنصر يشغل منصب الأمين العام لحزب الحركة الشعبية. العنصر بدأ موظفا في قطاع البريد، قبل أن يشغل منصب وزير مكلف بهذا القطاع في الفترة ما بين 1981 و1992 . تقلد العنصر عدة مناصب وزارية منها منصب وزير الفلاحة والتنمية القروية في الفترة ما بين 2002 و2004، وأضيف له قطاع الصيد البحري في الفترة ما بين 2004 و2007. وعين وزير دولة في الفترة ما بين 2009 و2011، وبعد ذلك شغل منصب وزير الداخلية، قبل أن يتولى قطاع الإسكان وأضيف له قطاع الشبيبة والرياضة بعد إعفاء الوزير محمد أوزين في قضية مخلفات «كراطة» ملعب مولاي عبد الله بالرباط، قبل أن يقدم استقالته من حكومة عبد الإله بنكيران مباشرة بعد انتخابه رئيسا لجهة فاسمكناس. ورغم مرور ما يقرب من ثلاثة عقود على توليه منصب أمين عام حزب الحركة الشعبية، فقد أعيد انتخابه في المؤتمر الوطني الثاني عشر للحركة نهاية شهر يونيو 2014، في هذا المنصب، رغم أنه أبدى، في الكثير من التصريحات، عدم رغبته في تولي المنصب مرة أخرى. وكان حزب «السنبلة» في السنين الأخيرة قد شهد موجة من «التغريدات» خارج السرب، ظهر أن أبطالها وزراء سابقون، ووجوه حركية معروفة، انتقدت ضعف الديمقراطية الداخلية، وأعلنت عن تأسيس حركة تصحيح لمواجهة الوضع. الموجة شهدت، في البداية تحركات وندوات صحفية، إلا أنه سرعان من انطفأ بريقها، ليبقى الأمين العام لحزب الحركة الشعبية ومعه فريقه وأتباعه، دون أي معارضة، وبقي أن الحركة الشعبية قد شهدت، في سنة 2002، انسحاب نجيب الوزاني، الناشط السياسي وطبيب القلب المتحدر من الريف، رفقة مجموعة من الأطر، حيث عمدوا إلى تأسيس حزب «العهد»، والذي قرر لاحقا الاندماج في حزب الأصالة والمعاصرة، قبل أن «يندم» على هذه الخطوة، ويقرر العودة قليلا إلى الوراء، والإعلان عن تأسيس حزب «العهد الديمقراطي»، والمثير أن الدكتور نجيب الوزاني ظل دائما هو أمينه العام. زيان.. زعيم «الليبراليين المغاربة» منذ التأسيس بتاريخ 26 أبريل 2001 انتقل عدد من أصحاب المشروع يتقدمهم «الزعيم» محمد زيان، نقيب سابق ووزير سابق لحقوق الإنسان في عهد حكومة الفيلالي في صيغتيها الثانية والثالثة، متجهين صوب مدينة الناظور، حيث عقدوا المؤتمر التأسيسي للحزب المغربي الليبرالي. قبل ذلك، كان محمد زيان، البالغ من العمر حوالي 73 سنة، من أطر حزب الاتحاد الدستوري، وقال إنه غادر حزب «الحصان» لأنه لا يطبق الليبرالية، وقرر إنشاء حركة لليبراليين، ومنذ ذلك التاريخ إلى حدود الآن، لا زال محمد زيان هو المنسق الوطني للحزب الليبرالي المغربي. علاوة على هذه الخطوة السياسية، فقد أسس محمد زيان جريدة أسبوعية سماها «الحياة اليومية»، وظل ينتقد نخب الأحزاب السياسية الأخرى، معيبا على زعاماتها تشبثها بالمناصب والكراسي، وعندما أسس الحزب الليبرالي، ظل هو الأخر في المنصب حد أن حزب «الأسد» التصق باسمه. حزب «الليبراليين المغاربة» يقول في أوراقه إنه يسعى إلى ترسيخ «نظام ديمقراطي حقيقي يضمن وجود هذه القيم وتنميتها، وهو وحده الطريق الذي يسترجع الشعب من خلاله الثقة في العمل السياسي والمشاركة في فرض اختياراته على النخب التي يؤول إليها بتسيير الشأن العام من خلال تعبير الشعب عن إرادته الحرة عبر صناديق الاقتراع»، ويسجل بأن الوضع الذي يوجد فيه المغرب اليوم يؤكد بأن «القوى السياسية التي تعاقبت على تسيير البلاد من خلال أساليب بعيدة عن التنافس الحر والشفاف»، «لا تتحكم في المعطيات ولا تملك المعرفة لتوظيفها ولا كفاءة تدبيرها، بما يجعلها نخبا عمقت الأزمة بدل تدبير الخروج منها». محمد الخاليدي.. أمين عام النهضة والفضيلة منذ الانشقاق» ظل محمد الخاليدي، أحد أطر وزارة الشبيبة والرياضة، من الكوادر التي رافقت الدكتور عبد الكريم الخطيب، والذي انشق عن أحرضان، زعيم الحركة الشعبية حينها، في الستينيات من القرن الماضي، بعد خلاف حول تقييم تدبير حالة الاستثناء، في سنة 1965، وأسس حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية. شارك الخاليدي في لقاءات استقبال حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي، وهما من أبرز مكونات الحركة الإسلامية التي أقدمت حينها على مراجعات جوهرية وبدأت تبحث عن فرص للعمل السياسي المؤسساتي، عندما لم تنجح محاولاتهم في الحصول على ترخيص لإحداث حزب سياسي. ونجحت هذه «المفاوضات» في سنة 1996، في إدماج المنظمتين تحت عباءة حزب الدكتور الخطيب. وبعد سنوات من العمل، تمكن الإسلاميون من فرض الهيمنة داخل حزب الخطيب (توفي في سنة 2008 بعدما ظل أمينا عاما للحزب منذ تأسيسه في سنة 1967)، وفي سنة 1999 تحولت الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية إلى حزب العدالة والتنمية. ومع مرور الوقت، انطفأت شمعة ما تبقى من الأطر التي رافقت الخطيب في هذه الحركة، ولم يعد بإمكانهم صنع أسمائهم في هياكل حزب الإسلاميين. وبدأ الخاليدي، الذي أدار جريدة «العصر» لعدة سنوات، يحس بتذمره من هذا التوجه الجديد، متهما إياه بالهيمنة، ما دفعه إلى تأسيس جمعية «النهضة والفضيلة»، قبل أن يقتنع في سنة 2005 بضرورة مغادرة «بيت» حزب العدالة والتنمية، والإعلان عن تأسيس حزب «النهضة والفضيلة»، وهو الحزب الذي ظل يشغل منصب أمينه العام منذ تأسيسه إلى اليوم. الخاليدي يقول، وهو يتحدث عن قصته مع السياسة، في الموقع الإلكتروني للحزب، إنه بدأها منذ الخمسينيات من القرن الماضي، ويبدو أنه مازال مصرا على الاستمرار في «العطاء» على رأس حزب «النهضة والفضيلة» والذي شهد، في الآونة الأخيرة، بدوره استقبال أفواج من السلفيين، ومن ضمنهم الشيخ السلفي أبو حفص، والذي غادر السجن بعفو ملكي، بناء على مراجعات جوهرية أقدم عليها رفقة شيوخ آخرين تم اعتقالهم على خلفية قضايا الإرهاب في سنة 2003. عبد السلام ياسين..مرشد العدل والإحسان حتى بعد الوفاة توفي في دجنبر 2012، لكنه مع ذلك مازال حاضرا بقوة في أوساط أعضاء جماعة العدل والإحسان، حد أنه «رقي» من قبل الأتباع من منصب «المرشد العام» إلى منصب «الإمام»، كما تشير إلى ذلك الاحتفالات السنوية الكبرى التي تنظمها الجماعة وتستدعي للمشاركة فيها شخصيات أكاديمية لقراءة أعمال الشيخ، والتعريف ب»توجهاته» الكبرى. ولد الشيخ عبد السلام ياسين، ابن سوس العالمة، في سنة 1928، واشتغل مدرسا في قطاع التربية الوطنية، قبل أن يرقى إلى مفتش، وتاه في الحياة، قبل أن يعانق التصوف في سنة 1965، وظل مقر الزاوية البودشيشة بمنطقة «مداغ» بنواحي وجدة من الفضاءات التي يفضل التوجه إليها كلما ضاقت به الدنيا، للاختلاء بالنفس، صحبة الشيخ الحاج العباس في أفق بلوغ مراحل الشروق والعرفان. وسرعان ما ظهرت بوادر الخلاف بينه وبين أبناء شيخ الزاوية، بسبب سؤال: « من سيصير الشيخ بعد وفاة الشيخ؟» ما دفع «سيدي عبد السلام» كما يحب أعضاء الجماعة أن ينادوه، وهو على قيد الحياة، إلى الانسحاب بهدوء، سنوات بعد ذلك، وسيوجه رسالة «الإسلام أو الطوفان» للملك الراحل الحسن الثاني في سنة 1974، كانت السبب لإدخاله إلى مستشفى الأمراض العقلية. وبعد ذلك، في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، سيقدم الشيخ على تأسيس جمعية «الجماعة»، وفي سنة 1987 أعلن عن جماعة العدل والإحسان. كبرت جماعة العدل والإحسان، ومعها كبرت مكانة الشيخ، المرشد العام، وهو يستقبل أفواج الأتباع في فيلاه الفاخرة في مدينة سلا، قبل أن يتحول إلى طريق زعير حيث فيلات الأكابر، وعدد من «زعماء» الأحزاب. نسج الأتباع حوله الحكايات، وكان السلام عليه، يكفي ليكون فخرا للأتباع، أما تناول الطعام بجانبه فبالنسبة لهم «بركة» لا تنال بالسهولة. وخصص الزعيم الروحي لجماعة العدل والإحسان الكثير من وقته لتأليف الكتب، وتحدث عن «التربية والتنظيم والزحف»، وعن «فضلاء الديمقراطية»، وحاور «صديقه الأمازيغي» وأرسل رسالته الشهيرة في سنة 2000 إلى «من يهمه الأمر»، وانتقد الماركسيين، ووجه رسائل صغيرة إلى الأتباع في الجامعات، وهو في إقامته «الجبرية» بمدينة سلا. ولا أحد في الجماعة يستطيع أن يطرح سؤال «الخلافة»، وسؤال الديمقراطية، وكل من طرحه يواجه ب»التخوين» والطرد من صفوف هذا التنظيم. وبجانب الشيخ، كبر اسم ابنته نادية ياسين، وأصبحت من الوجوه النسائية المعروفة في الجماعة. ولم يمنع رحيله من استمراره كزعيم روحي للجماعة، حد أن هذه الأخيرة منحت له لقب «الإمام»، وحذفت منصب المرشد العام من هيكلته، ومنحت صفة الأمين العام لزعيمها الحالي محمد العبادي، وظل اسم هذه الجماعة مرتبطا باسم الشيخ عبد السلام ياسين. المحجوب بن الصديق.. زعيم النقابة منذ التأسيس إلى حين إعلان الوفاة «رغم تقدمه في السن، فإن المحجوبي أحرضان، المعروف ب«الزايغ» نسبة إلى كتاب رصد أجزاء من حياته كزعيم سياسي، مازال متمسكا باللقب، ولإرضائه، عمل المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية على إحداث منصب «الرئيس الشرفي» لحزب «السنبلة»، وأسند المنصب ل»الأب الروحي» للفضاء الحركي. وكان أحرضان قبل إعلان الاندماج والمصالحة بين أحزاب الحركة الشعبية، قد أسس في سنة 1992 حزب الحركة الوطنية الشعبية، كرد فعل على «إبعاده» من منصب الأمين العام لحزب الحركة الشعبية في المؤتمر المعروف بمؤتمر مسرح محمد الخامس بالرباط في سنة 1986، وهو المنصب الذي آل إلى الأمين العام الحالي، امحند العنصر، وبقي فيه منذ تلك الفترة إلى حدود اللحظة. أحرضان اجتاز الفترة الفاصلة بين «خروجه غاضبا» من الحركة الشعبية، وتأسيسه للحركة الوطنية الشعبية في سنة 1992، ما يسمى ب»عبور الصحراء». لكن هذا العبور انتهى بانتخابه مجددا أمينا عاما، قبل أن «تلد» حركته عددا من الأحزاب، من أبرزها حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية للزعيم محمود عرشان، والذي ظل بدوره أمينا عاما لهذا الحزب، قبل أن يعطي المشعل لابنه البرلماني عبد الصمد عرشان ليقود سفينة هذه الحركة، ويعمل، في محاولة لإثارة الاهتمام، بعد تراجع أداء الحركة، على استقطاب محسوبين على التيار السلفي. كما أدى تمسك أحرضان بمنصب الزعيم إلى تمرد آخر قاد إلى تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي، ولم يكن زعيم المتمردين هذه المرة سوى بوعزة يكن، أحد أثرياء جهة الخميسات، وأحد الأذرع المالية للزعيم أحرضان. وظل يكن، قبل وفاته، زعيما لحزب الاتحاد الديمقراطي المعروف منذ تأسيسه برمز «البراد»، ومعه في المكتب السياسي عدد من قيادات الحركة الوطنية الشعبية المتحدرة من مناطق الريف والأطلس، والذين غضبوا من استفراد الزعيم أحرضان بالقرار، وتحويل حزب الحركة الوطنية الشعبية إلى ما يشبه الشأن الشخصي، كل شيء فيه يدار في فيلا طريق زعير، بينما مقره السابق بالقرب من السفارة الأمريكية شبه فارغ إلا من المستخدمين. وفي حضن حزب أحرضان، خرج شاكر أشهبار، ومعه فعاليات شابة، إلى «أرض الله الواسعة» ليؤسس حزب التجديد والإنصاف في سنة 2002، بعدما دخل الحركة الوطنية الشعبية بطموح شاب درس في الخارج وعاد بأفكار الحداثة والديمقراطية. وعدل أشهبار اسم هذا الحزب، بعد ذلك، وسمي بحزب الشعب في سنة 2011، لكن هذا الشاب الذي انتقد غياب الديمقراطية الداخلية في حزب «الزايغ»، وخرج بحثا عن استنشاق هواء الديمقراطية، ظل بدوره أمينا عاما لهذا الحزب منذ تأسيسه، دون أن يستطيع حزب «التفاحة» أن يحصل على نتائج كبيرة في منافسات الانتخابات منذ تأسيسه. وبقي أحرضان أمينا عاما في حزب الحركة الوطنية الشعبية إلى أن حان موعد عودة مكونات الفضاء الحركي إلى «حضن» الحركة الشعبية في 24 مارس 2006. المحطة في نظر الحركيين تعتبر محطة تاريخية هامة في حياة هذا الحزب، لأنها وحدت جميع مكوناتها وتصالحت مع تاريخها، ونجحت في خلق قوة سياسية كبيرة في المغرب. وأعادت هذه المحطة انتخاب امحند العنصر أمينا عاما للحزب، ومنحت للزعيم أحرضان صفة «الرئيس الشرفي». نوبير الأموي.. زعيم نقابي رغم أنف السن والمرض رغم تقدمه في السن، وتوليه للمنصب لعدة عقود، فقد جددت نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في آخر مؤتمر لها (عُقد في سنة 2013)، تثبيته في منصب الأمين العام، وبدون منافس، ليكون بذلك أحد أبرز الزعماء النقابيين الذين حطموا الرقم القياسي في منصب الأمين العام، وذلك إلى جانب النقابي الراحل، بن الصديق، الأمين العام السابق لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، والذي خلفه ميلودي موخاريق، على رأس النقابة التي عرفت ب»النقابة الخبزية». وخلف إعادة تثبيت الأموي ردود فعل معارضة في أوساط المتتبعين للشأن العام الوطني، حيث اعتبروا بأن نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والتي ظلت إلى عهد قريب، الذراع النقابي لحزب الاتحاد الاشتراكي زمن المعارضة التقليدية، تتوفر على أطر وطاقات من شأنها أن تخلف «الزعيم»، وتحمل المشعل، في وقت يعاني فيه نوبير الأموي، إلى جانب كبره في السن، من المرض، ما يجعله قليل المواكبة للأحداث. وعرف الأموي زمن معارضة الاتحاديين بخرجاته الإعلامية المناهضة للحكومات المتعاقبة، حد أنه أمضى سنتين في السجن على خلفية حوار ساخن مع جريدة «إلباييس» الإسبانية في سنة 1992، حيث اتهم بالقذف في حق الحكومة، وعاشت معه هذه النقابة التي انشقت عن الاتحاد المغربي للشغل، إلى حدود بدء مرحلة «التناوب التوافقي»، ودخول الاتحاديين لتدبير الشأن العام، أزهى فترات «الإشعاع»، لكن «بريق» ابن منطقة ابن احمد بنواحي سطات سيتراجع بعد التحولات السياسية الكبيرة التي شهدها المغرب. فقد تولى الاتحاديون تدبير الشأن العام الوطني، ودبروا لأكثر من ولاية أهم الملفات بما فيها الملفات الاجتماعية التي ظل الأموي يطالب بإعادة النظر فيها، وخلفت هذه التجربة استياء في أوساط فئات واسعة، كانت تطلعاتها ورهاناتها على حزب «الوردة» كبيرة، فيما الإنجازات كانت بالنسبة لها مخيبة للآمال. وتراجع بريق نقابة الأموي، ومعها عدد من النقابات الكبرى، وأصبح المحتجون لا يثقون حتى في النقابات، إذ أصبحت التنسيقيات واحتجاجات عدد كبير من الفئات الاجتماعية التي ترغب في إيصال مطالبها إلى المسؤولين، تحتج خارج النقابات. وغادر نوبير الأموي حزب الاتحاد الاشتراكي ليؤسس مع رفاق آخرين تجربة المؤتمر الاتحادي، لكن هذه التجربة الحزبية لم تنجح، وبقي نوبير الأموي متزعما لنقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، دون أن ينجح في ربط الماضي بالحاضر، حيث أن مجرد تلويح النقابة وزعيمها بالخروج إلى الشارع تحسب له الحكومات السابقة ألف حساب، في حين أظهرت الاحتجاجات الأخيرة لهذه النقابة، إلى جانب النقابات المركزية ذات الشرعية التاريخية، أن العمل النقابي لم يعد يحرك الشارع. ويبدو أن هذا الوضع شجع رئيس الحكومة الحالية، عبد الإله بنكيران، على اتخاذ قرارات «جريئة» غير شعبية، يقول إنها لمصلحة الوطن، دون أن يسحب أي حساب لتبعات خروج الأموي ونقابته، مع رفاق النقابات الأخرى إلى الشارع للتظاهر. يبلغ من العمر حوالي 80 سنة، درس في الكتاب القرآني، وتابع دراسته في الدارالبيضاء، ثم في مراكش، قبل أن يلتحق بجامعة القرويين بفاس. امتهن التدريس في التعليم الابتدائي، قبل أن يلتحق بشعبة التفتيش التربوي. انخرط في بداية مشواره السياسي بحزب الاستقلال قبل انشقاق التوجه اليساري عن بورجوازية حزب علال الفاسي، وتأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وبعده الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في سنة 1975، وانضم في بداية الأمر إلى نقابة الاتحاد المغربي للشغل، ويشارك في الانشقاق ويساهم في تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في سنة 1978، ثلاث سنوات بعد تأسيس حزب «الوردة»، واقترن اسم النقابة باسمه. قانون الأحزاب السياسية.. مقتضيات لم تنجح في إقناع الزعماء ب«المغادرة» يؤكد القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية والذي جرى اعتماده في 22 أكتوبر سنة2011 (صدر في الجريدة الرسمية عدد 5989 بتاريخ 24 أكتوبر 2011) وتم تتميمه في 16 يونيو 2015، على أن اجتماع المؤتمر التأسيسي للحزب السياسي المراد إنشاؤه يعتبر قانونيا إذا حضره 1000 مؤتمر على الأقل، من بينهم ما لا يقل عن ثلاثة أرباع الأعضاء المؤسسين، موزعين بحسب مقرات إقامتهم الفعلية على ثلثي عدد جهات المملكة على الأقل، شريطة ألا يقل عددهم في كل جهة عن 5 في المائة من هذا العدد. ويكون الحزب مطالبا بإعداد قانون داخلي يضع نسخا منه لدى وزارة الداخلية. وينص هذا القانون على أن الأحزاب السياسية تعمل على اتخاذ جميع التدابير الكفيلة بتيسير وتشجيع الانخراط في صفوفها. ولا يمكن لعضو في أحد مجلسي البرلمان أو في مجالس الجماعات الترابية أو في الغرف المهنية التخلي عن الانتماء للحزب السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، تحت طائلة تجريده من عضويته في هذه المجالس. ولا يجوز لأي شخص أن ينخرط في أكثر من حزب سياسي في آن واحد. ويتعين على كل حزب سياسي أن يتوفر على برنامج ونظام أساسي ونظام داخلي، ويحدد برنامج الحزب الأسس والأهداف التي يتبناها في نطاق احترام الدستور وأحكام القانون، أما النظام الأساسي فهو يحدد القواعد المتعلقة بتسيير الحزب وتنظيمه الإداري والمالي. ويحدد النظام الداخلي كيفيات تسيير كل جهاز من أجهزة الحزب وكذا شروط وكيفيات انعقاد اجتماعات هذه الأخيرة. ويتحدث القانون بصيغة الوجوب على أن كل حزب سياسي مطالب بأن يسير شؤونه وفق مبادئ ديمقراطية تسمح لأي عضو من أعضائه بالمشاركة الفعلية في إدارة وتسيير مختلف أجهزته، كما يتعين عليه مراعاة مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير شؤونه، سيما مبادئ الشفافية والمسؤولية والمحاسبة. فطبقا لهذه المقتضيات، فإن كل حزب سياسي مطالب بأن يوسع ويعمم مشاركة النساء والشباب في التنمية السياسية للبلاد. ولهذه الغاية يسعى كل حزب سياسي لبلوغ نسبة الثلث لفائدة النساء داخل أجهزته المسيرة وطنيا وجهويا، في أفق التحقيق التدريجي لمبدأ المناصفة بين النساء والرجال. وحسب القانون، فإنه يتعين على كل حزب سياسي أن يعقد مؤتمره الوطني على الأقل مرة كل أربع سنوات، وفي حالة عدم عقده خلال هذه المدة، يفقد حقه في الاستفادة من التمويل العمومي، ويسترجع هذا الحق ابتداء من تاريخ تسوية وضعيته. وخصص قانون الأحزاب السياسية نصوصا للاتحادات واندماج الأحزاب السياسية، بحيث أشار إلى أنه يمكن للأحزاب السياسية المؤسسة بكيفية قانونية أن تنتظم في اتحادات تتمتع بالشخصية الاعتبارية بهدف العمل جماعيا من أجل تنظيم غايات مشتركة. لكن هذا الاتحاد لا يعتبر حزبا سياسيا، ومع ذلك فهي تخضع للقانون نفسه. ويمكن للأحزاب السياسية المؤسسة بكيفية قانونية أن تندمج بكل حرية في إطار حزب قائم أو في إطار حزب جديد. وكل قرار يتعلق باندماج حزب يجب أن يصادق عليه من لدن المؤتمرات الوطنية للأحزاب السياسية، كما هو الشأن بالنسبة للاتحادات. وكل حزب اندمج في حزب قائم أو في إطار جديد يحل بحكم القانون. ويحل الحزب القائم أو الحزب الجديد محل الحزب أو الأحزاب المندمجة فيه. وفي تتميم القانون، تم التنصيص على التحالفات الحزبية، إذ يمكن لحزبين سياسيين أو أكثر أن تؤلف تحالفا فيما بينها بمناسبة انتخابات أعضاء المجالس المنتخبة، ويسري التحالف على الصعيد الوطني، ولا يجوز لحزب سياسي أن ينتمي إلى أكثر من تحالف واحد برسم الانتخابات نفسها. ويظهر أن القانون المنظم للأحزاب السياسية قد اتجه، من حيث المبدأ، نحو «تعقيد» مسطرة إنشاء الأحزاب السياسية، وذلك لوضع حد لتفريخها، كما اتجه نحو تشجيع الديمقراطية الداخلية، وضمان فرص ولوج النساء والشباب وحضور هاتين الفئتين في دواليب الأحزاب السياسية. وأقر مقتضيات للتوجه نحو الاتحادات والاندماجات والتحالفات، لمواجهة واقع التشرذم، ونص على ضرورة عقد المؤتمرات والجموعات العامة لتجديد الزعامات والنخب. لكن دون إجراءات زجرية في مواجهة المتقاعسين عن الالتزام بالمقتضيات، ودون إقرار مقتضيات واضحة في ما يتعلق بتجدد الزعامات ومحاربة الزعامات الأبدية التي تقدم صورة سلبية عن المشهد. واللافت، بالنسبة لعدد من المتتبعين، أن كل هذه المقتضيات لم تسفر عن تغييرات كبيرة في الوضع، رغم أن التقاطبات على أرض الواقع بدأت تؤكد طرح أحزاب كبيرة في الساحة، على الصعيد الجهوي، كما على الصعيد الوطني، بينما تتجه العشرات من الأحزاب الأخرى نحو «الانقراض».