لم يمنع الظلام الدامس والبرد القارس من اجتماع نسوة الحي وأبنائهن أمام بيت عائلة عبد الرحمان المكراوي، كاشف فضيحة «الزفت المغشوش» بجمعة اسحيم، الذي غادر السجن المحلي لأسفي مساء الاثنين. بحي هامشي يفتقر إلى البنية التحتية، من صرف صحي وإنارة عمومية، إلا من ضوء خافت على أعمدة انتصبت فوق منازل الحي مسرح فيديو «الزفت المغشوش»، وقفت النساء والأطفال ينتظرون ظهور عبد الرحمان. وفور ظهور أول سيارة انطلقت زغاريد النساء وطبول الشباب يعزفون أغاني الحرية، والاستمرار في معركة النضال ضد الاعتقال التعسفي. واستقبل عبد الرحمان بالتمر والحليب، تحت ضوء الهواتف النقالة الذكية، مرفوعا فوق أكتاف أبناء حيه. وبمنزلهم المتواضع الذي امتلأ عن آخره بالمهنئين، حيث زف كعريس، وتحت صوت الأهازيج والشعارات ودقات الطبول, جدد الفاعل الحقوقي الشريعي، والمحامي الشرقاوي تأكيدهما على «ضرورة أن يتخذ القانون مجراه مع أصحاب الصفقات المشبوهة، ومع وكيل الملك الذي أمر باعتقال عبد الرحمان فاضح الفساد». وأن «معركة التواقين للديمقراطية من أجل الكرامة والحرية ستستمر ليس فقط يوم الأربعاء حيث سيحاكم، ولكن إلى أن تعود كل الحقوق لأصاحبها». وبعد أسبوع من الاعتقال الاحتياطي، غادر بطل الفيديو الذي كشف فضيحة «الزفت المغشوش» بجمعة اسحيم، مساء الاثنين، السجن المحلي لأسفي. وجاء هذا الإفراج بعد أن تقدمت النيابة العامة بطلب السراح المؤقت، الذي سبق أن رفضته، وبتقريب الجلسة. وعلمت «المساء» أن رئيس جماعة جمعة اسحيم تنازل يوم الاثنين عن شكايته، التي رفعها ضد عبد الرحمان المكراوي، لكن المتتبعين للقضية، ممن تحدثت إليهم «المساء»، أجمعوا على أن التنازل جاء متأخرا، بعد الضغط الدولي والوطني والمحلي، وكذا رئيس الحكومة الذي عبر عن تضامنه مع الضحية، وكذا وزير التجهيز، ووزير العدل والحريات، الذي طلب من النيابة العامة بأسفي أن تقوم بالإطلاق الفوري لصاحب فيديو الغش بجمعة اسحيم. واحتشد مساء الاثنين، لساعات طويلة، العشرات من الفعاليات الحقوقية والسياسية والإعلامية، إضافة إلى عائلة وأصدقاء عبد الرحمان المكراوي، أمام السجن المحلي لأسفي ينتظرون خروجه. وفور فتح باب السجن، وخروج بطل فيديو «الزفت المغشوش»، رفعت شعارات تدين المحاكمات الصورية، وتندد باعتقال فاضحي الفساد بأسفي. وانطلق موكب من السيارات، والدراجات النارية، يضم المتضامنين مع عبد الرحمان من أمام السجن المحلي، حيث جابوا عددا من شوارع المدينة نحو مقر المركز المغربي لحقوق الإنسان بالسوق البلدي بشارع محمد الخامس. وتناوب على الكلمة كل من الفاعل الحقوقي رشيد الشريعي باسم المركز المغربي لحقوق الإنسان، وعز الدين الشرقاوي محامي الضحية. ثم انطلق موكب السيارات، وقطع حوالي 50 كيلومترا ليصل إلى جمعة اسحيم ومر الموكب بمنزل رئيس الجماعة صاحب الشكاية التي بموجبها تم الاعتقال.