لجأ عدد من القياد وأعوان السلطة التابعون لوزارة الداخلية إلى استخدام سلاح الخطب والمواعظ بهدف التأثير على المزارعين لوقف زراعة «الكيف» في منطقة الشمال، بعدما تبين لهم أن الاعتقالات وإتلاف المزروعات لن تكبح جماح المزارعين ولن تثنيهم عن مواصلة زراعة «الكيف» التي تعتبر مورد رزقهم الوحيد. وقالت مصادر حقوقية ل«المساء» إن قيادا وأعوان سلطة في المناطق المشهورة بزراعة «الكيف» شرعوا في عقد لقاءات مع الفقهاء وأئمة المساجد، حيث طلبوا منهم «القيام بدورهم من أجل محاربة زراعة الكيف بمناطقهم»، وذلك من خلال إلقاء خطب الجمعة ومواعظ دينية تحرم هذه الزراعة، لعل المزارعين يتراجعون عن ذلك. وكان آخر لقاء عقد في منطقة «بني حسان» المعروفة بزراعة «الكيف»، حيث طلب قائد هذه المنطقة من أئمة المساجد الضغط على المزارعين لقبول البدائل التي اقترحتها الدولة مؤخرا والتي قوبلت برفض واسع من قبل المزارعين، ذلك أن هذه المقترحات في نظرهم لا تشكل بديلا حقيقيا يمكنهم من الاستغناء عن زراعة «الكيف». وكانت وزارة الداخلية سبق أن اقترحت على المزارعين إقامة زراعات بديلة مقابل 12 مليون سنتيم لكل مزارع، غير أن هذا المبلغ اعتبره المزارعون غير كاف من أجل إقامة زراعات أخرى أو التخلي نهائيا عن زراعة «الكيف»، وإقامة مشاريع أخرى مدرة للدخل، وذلك نظرا للوضعية الاجتماعية الصعبة التي يعيشونها في تلك المناطق النائية. وقالت مصادر حقوقية تدافع عن حقوق المزارعين في المنطقة، إن الحديث عن أي بدائل قبل أن يتم رفضها أو قبولها، ينبغي أن يطرح بحضور المزارعين الحقيقيين الذين هربوا إلى الجبال خوفا من الاعتقال. وأكدت نفس المصادر أن أي حوار تريد الدولة أن تفتحه مع المزارعين ينبغي أن يسبقه عفو شامل عن جميع المزارعين الهاربين إلى الجبال، وعددهم يقدر بالآلاف. وسبق أن خرج العشرات من أسر وأبناء المزارعين في مسيرات احتجاجية تطالب بوضع حد لمعاناتهم، وإطلاق سراح أبنائهم المعتقلين ورجوع أولائك المختبئين بين الجبال. غير أن هذه الاحتجاجات، حسب ما تؤكده مصادر مختلفة، سرعان ما يتم تفريقها بمجرد صدور تهديد من شيخ القبيلة أو قائدها، وهو ما يؤكد «ضعف المزارعين وعدم قدرتهم على قيادة المسيرات الاحتجاجية القوية خوفا على مصيرهم». وتشير بعض الإحصائيات غير الرسمية، إلى أن عدد المزارعين المبحوث عنهم في منطقة تاونات لوحدها بلغ 1500 مزارع، كما تم اعتقال 22 منهم، خلال الحملة التي قادتها السلطات مؤخرا بهذه المنطقة. وسبق أن صرح خالد الزروالي، العامل بمديرية الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية، بأن المساحات المزروعة بالقنب الهندي في المغرب تراجعت من 134 ألف هكتار سنة 2003 إلى 56 ألف هكتار سنة 2009، أي بانخفاض نسبته 60 بالمائة، في حين تقول بعض المصادر، إن هذه الإحصائيات تبقى نسبية، بل وتؤكد أن هناك مساحات مزروعة كثيرة لم تصلها عيون السلطات، بحكم عدم وجود مسالك تقود إلى هذه الأراضي المزروعة. وأوضح الزروالي أن مدينة العرائش تم إعلانها للسنة الخامسة على التوالي «مدينة بدون قنب هندي»، مضيفا أنه تم «القضاء بشكل كلي على زراعة هذه النبتة في 17 جماعة تم استهدافها على مستوى مدينة شفشاون، فيما بلغت نسبة الحد من هذه الزراعة غير المشروعة 80 في المائة على مستوى إقليم تاونات، و90 في المائة على مستوى مدينة تطوان».غير أن آخر الإحصائيات التي صدرت عن مكتب الأممالمتحدة لمحاربة المخدرات والجريمة، تشير إلى أن المساحات المزروعة بلغت 60 ألف هكتار، في حين بلغت الكمية المحجوزة حوالي 440 ألف هكتار، حيث يأتي المغرب على رأس الدول التي سجلت أعلى عمليات الضبط متبوعة بأفغانستان وإسبانيا. وأشار تقرير الأممالمتحدة إلى أن زراعة القنب الهندي في المغرب تتجه في معظمها إلى أوربا حيث تعتبر إسبانيا أول مستورد للكيف المغربي تليها فرنسا وهولندا.