هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    الدكتور هشام البوديحي .. من أحياء مدينة العروي إلى دكتوراه بالعاصمة الرباط في التخصص البيئي الدولي    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    الدفاع الحسني يهزم الرجاء ويعمق جراحه في البطولة الاحترافية    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    أخبار الساحة    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة الداخلية.. هكذا استعادت «أم الوزارات» قبضتها الحديدية على الملفات الحساسة
نشر في المساء يوم 25 - 01 - 2016

هل بدأت وزارة الداخلية تستعيد نفوذها القديم؟ على الأقل هذا ما يمكن أن نفهمه من العودة القوية لوزارة محمد حصاد عبر إمساكها من جديد بعدد من الملفات الحساسة، التي كان رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران قد سحبها منها في النسخة الأولى من حكومته. سؤال آخر يفرض ذاته في هذا السياق، هو: لماذا سحب بنكيران تلك الملفات من الداخلية وأعادها إليها من جديد؟ هل اكتشف أن حكومته عجزت عن تدبير مثل هاته الملفات، وأن الداخلية وحدها الأقدر على فعل ذلك بسبب تمرسها وخبرتها في تدبير العديد من الملفات الحارقة منذ كانت في قبضة إدريس البصري؟ أم أن جهات أخرى هي من يدفع في هذا الاتجاه، سيما أن الظرفية الحالية التي يمر بها المغرب، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، وكذا اتساع رقعة الاحتجاجات أصبحتا تفرضان نوعا من إعادة ترتيب الأوراق؟ قد يصعب تحديد أسباب هذا التحول والواقفين خلفه، وإن كانت أولى بوادره بدأت في التشكل بعدإسناد مهمة تدبير وزارة الداخلية إلى شخصية تكنوقراطية (محمد حصاد) بعد أن كان يسيرها وزير متحزب هو امحند العنصر، الأمين العام للحركة الشعبية. وهذا يعني طبعا شيئا واحدا: عودة الداخلية من جديد إلى دائرة الوزارات السيادية، بعد أن كانت قد غادرتها فترة قصيرة. لم تكن هذه العودة معزولة، إذ ستواكبها دينامية في مفاصل الداخلية،التي بدأت تتحرك في أكثر من اتجاه بحثا ربما عن مواقع وأدوار جديدة قد تكون بديلة أو تشبه الأدوار القديمة التي كانت تضطلع بها حين كانت أما للوزارات. إذ ستدخل على الخط في ملف توزيع الغاز، الذي كانت تشرف عليه وزارة الشؤون العامة والحكامة، دون أن تستطيع التوصل إلى إيجاد تسوية مع موزعي قنينات الغاز، الذين دخلوا في موجة من الاحتجاجات بعد أن صار القطاع مهددا بالإفلاس. كما ستدخل على الخط في ملف الحوار الاجتماعي عبر القيام بعملية وساطة مع النقابات بعد أن وصل الحوار بين هاته النقابات والحكومة إلى الباب المسدود. وستتدخل كذلك في ملف الأساتذة المتدربين، الذين دخلوا في احتجاجات متواصلة، بعد إصدار وزير التربية الوطنية مرسومين، أولهما ينص على تقليص منحة التكوين، والثاني ينص على فصل التكوين عن التدريس. هل هذه العودة القوية لوزارة الداخلية طبيعية ولها ما يبررها؟ وهل مسها باختصاصات وزارات أخرى كوزارة الشؤون العامة والحكامة ووزارة التربية الوطنية يبقى هو الآخر مبررا بحكم أن هاته الوزارات فشلت في تدبير ملفات حساسة كانت وراء إضرام نار الاحتجاجات في عدد من المدن، وما يمكن أن يشكله ذلك من خطر على أمن المغرب؟ كيفما كانت التبريرات التي يمكن أن تمنح لتسويغ هاته العودة، فإن تحكم وزارة الداخلية من جديد في أكثر من ملف حساس على حساب وزارات أخرى يفرض طرح سؤال قد يبدو تشاؤميا أو مبالغا فيه، لكنه على أي حال يبقى تساؤلا مشروعا: هذا التحكم الجديد ألا يمكنه أن يفتح الباب مرة أخرى لممارسات قد تعيد خلق الغول القديم الذي كان يدعى أم الوزارات؟.
الداخلية تؤكد أنها وزارة سيادة بامتياز عبر عباءة «الوساطة»
بعد أن جالست النقابات ودخلت على خط إضراب الأساتذة
لم يكن اللقاء الذي عقده وزير الداخلية محمد حصاد مع ممثلين عن ثلاث مركيزات نقابية، عاديا. ففي الوقت الذي ظلت فيه هذه النقابات تطاب بعقد لقاء مع رئيس الحكومة لمباشرة الحوار الاجتماعي المتعثر، والنظر في الملفات الحساسة التي عقدت الحكومة العزم على الاشتغال عليها بعيدا عن أعين النقابات ومنها على الخصوص ملف التقاعد، ظل بنكيران يرفض كل العروض التي قدمت له. واليوم حينما نجح وزيره في الداخلية في هذه المهمة، لا بد أن نطرح السؤال، هل هي العودة الصريحة لأم الوزارات لتدبير المفات الكبرى، خصوصا وأن هذه الوزارة سبق أن دخلت على خط أكثر من ملف كإضراب أصحاب المخابز، ومستعملي الغاز، وملف الماء والكهرباء في عدد من المناطق. واليوم مع ملف الأساتذة المتدربين، حيث يسير الملف إلى حل توافقي يقضي بعدم تفعيل مرسوم فصل التكوين عن التوظيف إلى السنة الموالية. وهل رأت الدولة العميقة أن تعيد لوزارة الداخلية تدبير المفات الكبرى بعيدا عن سلطة رئيس الحكومة؟ الأكيد هو أن عملية إسناد حقيبة الداخلية في حكومة بنكيران الثانية للسيد محمد حصاد، كانت قد شكلت الحدث الأبرز لأن هذه الحقيبة خرجت للتو من جبة السياسة، التي جربتها مع امحند العنصر، في النسخة الأولى لهذه الحكومة، لتعود لسابق عهدها حقيبة سيادة بامتياز، منذ غادرها الاستقلالي إدريس المحمدي، الذي قضى بها خمس سنوات من 1956 إلى 1960. ذلك أن النظام السياسي أبعدها عن دائرة الأحزاب خوفا من توظيفها في أي صراع سياسي بين مختلف الفرقاء السياسيين، ولو أن الوزير المحمدي عرف بولائه للملك، أكثر من ولائه لحزب الاستقلال. وعلى الرغم من أن حكومة بنكيران في صيغتها الأولى، عرفت جملة من المفاجآت في اختيار تركيبتها، وفي الحقائب التي أسندت لبعض وزرائها، إلا أن منح حقيبة الداخلية وقتها للعنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية في إطار توزيع كعكة الحكومة، صنع الحدث السياسي. لقد أطلق المغاربة على هذه الحقيبة مع إدريس البصري لقب «أم الوزارات» لأنها كانت بالقوة والفعل كذلك. وقد تربعت على كرسي وزارة الداخلية عدة أسماء بعد إدريس البصري، وهم أحمد الميداوي، وإدريس جطو، ومصطفى الساهل، ثم شكيب بن موسى، قبل أن يصل الطيب الشرقاوي في الحكومة التي قادها عباس الفاسي. بمعدل زمني قصير لكل وزير على رأس أهم وزارة يدخل في دائرتها الأمن، والجماعات المحلية. ولعل هذا التعاقب على كرسي «أم الوزارات» هو الذي طرح السؤال لدى المهتمين والمراقبين لشأن الإدارة الترابية حول أسباب هذا التعدد لوزراء في ظرف زمني قصير، في الوقت الذي عرفت فيه هذه الوزارة بالاستقرار. فهل كان الأمر يتعلق ببحث الملك محمد السادس عن وزير داخلية على مقاسه، كما كان عليه الشأن مع والده، وإن ظل كل تغيير يحدث وفق رؤية معينة قد تكون بهاجس الانفتاح، وقد تكون بهاجس اقتصادي، أو بهاجس أمني، أم أن في الأمرعدم وضوح الرؤية مقارنة مع ما كان عليه الوضع على عهد الحسن الثاني، الذي وجد «الرجل المناسب في المكان المناسب»، من وجهة نظر الملك الراحل، بعد سلسلة من التغييرات. لم يكن امحند العنصر وهو وزير داخلية في حكومة بنكيران الأولى، هو الرجل المناسب للمهمة. لذلك تحدث المتتبعون وقتها على أن الأمين العام للحركة الشعبية لن يكون هو الوزير الفعلي للداخلية خصوصا وقد أضيف لحكومة بن كيران في آخر أنفاسها الشرقي الضريس، رجل المخزن الذي جاء من الإدارة العامة للأمن الوطني، وكان بالقوة والفعل هو وزير القطاع. زد على ذلك أنه كان يوجد ضمن فريق محمد السادس الاستشاري الراحل المصطفى الساهل، الذي سبق أن تحمل الحقيبة نفسها. كما تحمل جزءا كبيرا ومهما منها صديق الملك، فؤاد عالي الهمة، أحد المستشارين الذين يشكلون اليوم حكومة الظل. لقد ظلت وزارة الداخلية تحظى بمكانة متقدمة داخل النسق السياسي المغربي، إذ شكلت آلية من الآليات التي استعملتها المؤسسة الملكية للدفاع عن سياستها، إلى جانب الجيش والعدل. وقد برزت هذه الوزارة تاريخيا كأداة فعالة لمراقبة المجتمع، وآلية هدفها خدمة تطور واستمرار النظام، والحفاظ على شرعيته الدينية وسلطته الدنيوية، بالاعتماد في ذلك على الموارد الطبيعية والاقتصادية، وعلى توظيف أحسن للاعتبارات السوسيولوجية والثقافية للمجتمع المغربي. لقد أنيطت بهذه الوزارة عدة وظائف، حيث بسطت مراقبتها على كل القطاعات العمومية بدءا من الأرصاد الجوية إلى الثقافة. وأكثر من ذلك، فقد شكلت مدرسة لتكوين الأطر، إذ تولى أطرها مسؤوليات عدة في قطاعات مختلفة. لقد مرت وزارة الداخلية من عدة محطات. ف«الداخلية الحزبية»عرفت بتولي الاستقلالي إدريس المحمدي مهامها، ثم «الداخلية العسكرية» بعد تسليم مهامها إلى الجنرال محمد أوفقير، أما «الداخلية الأمنية» فقد عرفت مع إدريس البصري، في حين عرفت «الداخلية المدنية» مع إدريس جطو، لتعود إلى بداية عهدها الحزبي، مع العنصر الذي تركها اليوم لرجل إدارة هو محمد حصاد.ومع كل هذه المتغيرات، لا تزال وزارة الداخلية تحظى بنفس مكانتها المتقدمة داخل النسق السياسي، اعتبارا لطبيعة الأدوار والمهام الحساسة الموكولة إليها خاصة في نظام لا تزال فيه سلطة الملك حاضرة بقوة. وقد لعب البصري دورا هاما في إعادة هيكلتها، إذ ساعده قربه من الراحل الحسن الثاني من إدارة شؤون مجموعة من الملفات الحساسة المرتبطة بأمن الدولة كمشكل النزاع حول الصحراء المغربية، وشبكات المخدرات والتهريب، أو تلك المرتبطة بالحوار مع الأحزاب السياسية والنقابات العمالية. الشيء الذي جعل هذه الوزارة بمثابة «غول» وصفها المغاربة تارة ب«أم الوزارات»، وتارة أخرى ب«الحزب السري». لقد تعالت أصوات المعارضة على عهد الحسن الثاني تطالب بتقليص حجم هذه الوزارة لجعلها كباقي الوزارات من جهة، وإبعاد المتربع على رأسها خاصة وأن البصري كان يتحكم في كل الأجهزة الأمنية المدنية من جهة أخرى، لدرجة أن التناوب الذي كان يسعى الراحل الحسن الثاني إلى إقامته في بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي تعثر بسبب تصلب امحمد بوستة، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، بموقفه الرافض لضم البصري في الحكومة التي كان من المقرر قيادتها.
ولم يكن يدور بخلد إدريس البصري أن محمد السادس سيتخلى عن خدماته في يوم من الأيام على رأس أم الوزارات حينما اختار أحمد الميداوي بديلا له، الذي سرعان ما سيغادر ليترك المجال للمصطفى الساهل، ثم إدريس جطو. لقد جرب الملك الراحل أكثر من وزير داخلية من أحمد رضا اكديرة، صديقه، إلى أحمد الحمياني، ثم عبد الرحمان الخطيب، وصولا إلى محمد أوفقير، وبن بوشتة، وبن هيمة، وحدو الشيكر، قبل أن يجد الملك الراحل ضالته في ابن الشاوية إدريس البصري، الذي صنع من هذه الحقيبة حكومة قائمة الذات لم تنته إلا بانتهاء ولي نعمتها، الذي فهم أن البلاد يجب أن تدخل التناوب، وتفتح المجال لأحزاب قضت سنوات العمر في مقاعد المعارضة لتجرب حظها في تدبير الشأن العام. وهي المحطة التي كانت إيذانا بنهاية البصري وأم الوزارات. لذلك لم يتمكن أي من وزراء الداخلية الذين تعاقبوا من تعويضه في كل حالاته. لذلك تسير هذه الحقيبة لتصبح وزارة عادية تشبه زميلاتها في حكومة بن كيران الأولى والثانية. أما مملكة محمد السادس، فيبدو أنها لا تزال تبحث عن الرجل المناسب لهذه الحقيبة. ومن تم جاء شكيب بن موسى، وبعده الطيب الشرقاوي، قبل أن يصل الدور إلى امحند العنصر، والذي عوضه محمد حصاد في النسخة الثانية لحكومة بنكيران. حصاد الذي دشن اليوم ما يشبه العودة القوية لهذه الوزارة لتضع يدها على كل الملفات الحساسة. وهو ما يعني أن حكاية وزراء السيادة، التي اعتقد المغاربة أنها انتهت بميلاد دستور جديد يؤمن بالمنهجية الديمقراطية، لا تزال تجد لها مكانا آمنا في حياتنا السياسية.
كيف تولت الداخلية صنع القرارات الاجتماعية الكبرى للمغاربة
غياب الحوار والاستعمال المفرط للقانون فرض عودة الداخلية لتجنب إذكاء التوترات الاجتماعية
قفزت صورة إدريس البصري وزير الداخلية السابق للواجهة، بعد اللقاء المفاجئ الذي عقدته وزارة الداخلية مع النقابات بعنوان ظاهره إخراج الحوار الاجتماعي من غرفة الإنعاش وحالة الموت السريري، وباطنه رسائل صريحة ومشفرة للنقابات بأنها فرطت في بعض مهامها، ما جعل الحكومة والدولة في مواجهة مفتوحة مع احتجاجات غير مؤطرة كانت كلفة احتوائها باهظة للغاية من الناحية الحقوقية والسياسية بعد الضجة التي أعقبت تعنيف الأساتذة المتدربين. عودة الداخلية لتولي ملف الحوار الاجتماعي من بوابة «فعل الخير» و«الوساطة»، كما قال كافي الشراط المنسق العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، لا يخفي حقيقة أن معالجة هذا الملف مع النقابات كان مهمة التصقت بوزارة الداخلية منذ عهد إدريس البصري الذي أسندت إليه مهمة إخماد الاحتقان الخطير سنوات التسعينيات، بعد أن وصل الحوار إلى باب مسدود، ووجدت الحكومة نفسها في مواجهة غليان بدأت بعض شراراته تنتقل للشارع في عدة مدن، وهو السيناريو نفسه الذي يتكرر اليوم بعد إفلات عدد من الاحتجاجات التي كان بعضها عفويا وغير متوقع، كما حصل بالنسبة لاحتجاجات «الشموع» بطنجة ضد شركة «أمانديس»، قبل أن تتحول احتجاجات أخرى إلى ورقة إحراج للحكومة داخليا وخارجيا كما هو الشأن بالنسبة لملف الأساتذة المتدربين. فكل من تابع مباراة التنس التي كان طرفاها رئيس الحكومة ووزير الداخلية محمد حصاد حول من يتحمل المسؤولية عقب تعنيف الأساتذة المتدربين، وكذلك الانتقادات الشديدة التي خلفتها طريقة التعاطي مع هذه الاحتجاجات، سيدرك أن ما وقع أحرج الطرفين معا، بعد أن اكتشفا بشكل متأخر أن غياب الحوار أدى للاستعمال المفرط ل«القانون» في التعاطي مع بعض المطالب، وأن الساحة أصبحت مشرعة لاحتجاجات غير مؤطرة انطلقت مع الطلبة الأطباء، والطلبة الممرضين، قبل أن تصل أوجها مع الأساتذة المتدربين بعد أن تحول ملفهم إلى رحم خرجت منه احتجاجات أخرى لهيئات متضامنة أثارت تحركاتها بعض القلق، وهو ما يفسر الدعوة التي وجهتها وزارة الداخلية للنقابات من أجل العمل على تبني ملف الأساتذة المتدربين وتأطيره لقطع الطريق على المحاولات الجارية لتوظيفه. ورغم أن عددا من الفعاليات النقابية تؤكد أن عودة وزارة الداخلية لطرق باب الحوار الاجتماعي تبقى محصورة في وساطة محدودة في الزمن، فإن هذه العودة أعادت للأذهان حقيقة أن وزارة الداخلية كانت المهندس الحقيقي للقرارات الاجتماعية الكبرى التي طبعت حياة المغاربة، خاصة في عهد إدريس البصري الذي تمكن من اختراق عدد من الأحزاب وما يدور في فلكها من هيئات، واكتسب فيما بعد قدرة على تليين موافق بعض الزعماء كما اكتسب القدرة على صنع زعامات أخرى، ما خول لوزارته التي استحقت لقب «أم الوزارات» آليات تستطيع من خلالها تنزيل القرارات الاجتماعية، وضبط إيقاع الاحتجاج وفق ما تقتضيه طبيعة المرحلة، وما يتطلبه قطع الطريق على أي قلاقل خارجة عن السيطرة من خلال تنفيس حدة الغليان الاجتماعي بتحركات موجهة أو متحكم فيها عن بعد. عودة الداخلية لارتداء قبعة المحاور أو الوسيط مع النقابات في الوقت الحالي تبسطها أيضا عدد من الاعتبارات منها أن المناخ السياسي والاجتماعي السائد يجعل من تفعيل الحوار الاجتماعي حاجة ملحة بعد حالة القطيعة المستمرة منذ سنة 2014، وهو ما يهدد بإذكاء التوترات الاجتماعية. هذا المعطى يكشف أيضا أن المحاولات التي تمت لمأسسة الحوار الاجتماعي وفطام الوزارة عن الملف منذ إقالة إدريس البصري واجهتها مطبات كثيرة وصلت حد اتهام بعض النقابات بالولاء للداخلية على عهد حكومة التناوب، ليأتي الانفراج النسبي في عهد حكومة عباس الفاسي التي وظفت جميع إمكانياتها التفاوضية مع النقابات، قبل أن تحدث «النكسة» في عهد الحكومة الحالية رغم أنها استفادت من هدنة نقابية فرضها حراك 20 فبراير، وتمت بإملاء من الدولة، قبل أن تعود النقابات لتكتشف أن هذه الهدنة لم تعد اختيارية، وأنها أصبحت مجبرة على الاستمرار فيها من طرف الحكومة التي لم تترد في اتهامها بتقديم مطالب تعجيزية لإحراجها رغم إدراكها للواقع المالي، والإكراهات القائمة. من جهة أخرى فإن لقاء الداخلية مع النقابات يحمل بدوره رسالة لرئيس الحكومة مفادها أن بعض الملفات يجب أن تدبر بالسياسة التي تتطلب التمييز بين السيئ، والأسوأ، في ظل التمادي في الاستعمال المفرط للقانون من طرف الحكومة، وما يخلفه من ردود فعل، وهو ما عكسته بعض التصريحات المتشنجة لبنكيران بالحديث عن قبوله بإسقاط الحكومة مقابل استعادة الدولة لهيبتها على خلفية قرار الاقتطاع من أجور المضربين، هذه الرسائل يبدو أن بنكيران فهم نصفها بعد التسريبات التي تتحدث عن استعداد الحكومة تقديم عرض من أجل طي ملف الأساتذة المتدربين من خلال تجميد العمل بالمرسوم هذه السنة. كافي الشراط اختصر واقع علاقة وزارة الداخلية بالحوار الاجتماعي وقال إن هذه الأخيرة اضطلعت دائما بهذا الدور حين تصل العلاقة إلى الباب المسدود مع الحكومة، وأضاف بأن التشنج الحاصل حاليا «فرض أن يتدخل من يلزم فعلا أن يتدخل»، وبالتالي فإن هذا الحديث يؤكد أن وزارة الداخلية طلقت بشكل ظاهري فقط الحوار الاجتماعي بعد إقالة البصري، وكان الاستثناء الوحيد خلال تكليف امحند العنصر بحقيبة الداخلية، قبل أن تفرض حالة القطيعة الحالية بين الحكومة والنقابات على حصاد التدخل بشكل مكشوف، علما أن الوزارة تغيبت عن اللقاء الذي عقده بنكيران السنة الماضية، والذي أسفر عن تشكيل لجنة وطنية مشتركة ليقتصر الحضور على الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، ووزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، ووزير الوظيفة العمومية، والوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية.
الداخلية تعيد تهدئة أرباب المخابز بعد الأزمة مع الوفا
الدولة تغض الطرف عن القطاع غير المهيكل لضمان تزويد المغاربة بالخبز في حالة إضراب المهنيين
يعد ملف الخبز من الملفات الحارقة التي طالما أرقت الحكومات المغربية المتعاقبة على تسيير الشأن العام بسبب حيوية هذه المادة بالنسبة لشرائح كبيرة من الشعب المغربي وارتباطها الوثيق بالسلم الاجتماعي، وكانت الحكومات السابقة تعطي أهمية كبيرة لتحركات وتهديدات جمعيات أرباب المخابز، غير أن هذه النظرة سرعان ما تحولت اليوم مع حكومة عبد الإله بنكيران بعد أن أحالت الملف على وزارة الداخلية التي استطاعت أن تمتص غضب المهنيين بعد رفض الحكومة للزيادات التي كانوا يريدون تطبيقها من جانب واحد في أثمنة الخبز. وسرعان ما استطاعت وزارة الداخلية تهدئة غضب المهنيين بعد أن كانت العلاقة المتشنجة قد وصلت إلى ذروتها بين الحكومة ومهنيي قطاع المخابز بعد تصريحات محمد الوفا، الوزير المنتدب السابق المكلف بالشؤون العامة والحكامة، التي أوضح فيها أن الخبز الذِي يباع للمغاربة بدرهم و20 سنتيما، مضر بالصحة ويسبب أمراض السكري والكوليسترول، ونصح المغاربة بالامتناع عن أكله وتعويضه بالخبز المصنوع من الشعير. هذه التصريحات دفعت المهنيين الغاضبين إلى الاحتجاج أمام رئيس الحكومة الذي فطن إلى قدرة أطر وزارة الداخلية على تهدئة مختلف الملفات الحارقة التي تحال عليها من طرف رئاسة الحكومة، وهو ما جعله يكلف وزير الداخلية محمد حصاد بالتفاوض مع المهنيين من أجل دفعهم إلى التراجع عن الزيادة التي كانوا يلوحون بها في أثمنة الخبز الذي تستهلكه فئات واسعة من المغاربة، وهو الأمر الذي كان من شأنه إذا ما تم أن يهدد السلم الاجتماعي للبلاد. وما أن أمسكت وزارة الداخلية بالملف حتى غير مهنيو وأرباب المخابز لغتهم اتجاه الحكومة ووصفت مجهوداتها بالجادة والفعالة في سماع صوت المهنيين بعد المشاكل التي وقعت مع الوزير المنتدب السابق المكلف بالشؤون العامة والحكامة، واحتضن مقر وزارة الداخلية بعد تفجر الأزمة 20 اجتماعا أسفرت عن توقيع خمس اتفاقيات اعتبر المهنيون أنها ستدفع بقطاع صناعة الخبز والحلويات إلى الاتجاه الصحيح. وكشف المهنيون أن وزارة الداخلية أعطت أهمية خاصة لملفهم من خلال تكليف الوالي نور الدين بوطيب، كاتب عام الوزارة، بالإشراف شخصيا على ملف المهنيين، وهو ما أثمر الاتفاقيات الخمس المذكورة، والتي همت أهمها اعتماد وثيقة قانونية مرجعية، تتضمن المعايير اللازمة لتنظيم القطاع الذي يعاني من تفشي القطاع غير المهيكل الذي ينافس القطاع المهيكل. هذا القطاع غير المهيكل الذي تتغاضى عنه الدولة ساهم بشكل كبير في التقليل من الضغط الذي كان يشكله أرباب ومهنيو المخابز على الدولة التي استطاعت وبشكل غير مباشر من خلال غض الطرف عن الأفران التقليدية والعشوائية المنتشرة كالفطر في جل الأحياء الشعبية للمدن في توفير تزويد المغاربة بالخبز وبثمن أقل من الذي تبيع به المخابز للمغاربة في حال قررت هذه الأخيرة الدخول في حركات احتجاجية أو إضراب. ورغم الحملات الموسمية التي تخوضها أجهزة المراقبة ضد بعض الأفران العشوائية وغير المرخصة من حين لآخر من أجل تهدئة أرباب المخابز، فإن هذا القطاع غير المهيكل يبقى صمام أمان تستعمله في الأوقات الحرجة، كما أنها تستعمل بعض الاختلالات التي يعرفها القطاع المهيكل، وخاصة التلاعب في وزن الخبز الذي يباع للمستهلك بدرهم و20 سنتيما من خلال التقليل من هذا الوزن، وهي المشكلة التي لم يستطع أي مسؤول الحديث عنها رغم علم الجميع بها، حفاظا على العلاقة مع أرباب المخابز الذين كانوا يطالبون برفع الأسعار لتحقيق بعض الأرباح. ومن بين الاتفاقيات التي توصلت إليها وزارة الداخلية مع أرباب المخابز خلال اللقاءات التي تمت مع الخبازين وصناع الحلويات في المغرب، من خلال افتتاح أول مدرسة مختصة في المملكة بشراكة بين الجامعة الوطنية للمخابز ونظيرتها الخاصة بالمطاحن فضلا عن الجمعية البيمهنية للمخابز. كما شمل الاتفاق إنجاز دراسة خاصة بالقطاع ستشرف عليها وزارة الفلاحة والصيد البحري، لرصد مكامن قوة وضعف القطاع وكذا الإكراهات التي تواجهه، مع اتفاقية أخرى لاعتماد «دليل الخباز» في المغرب، وكذا اتفاقيات أخرى لاعتماد تكوين الخبازين وصناع الحلويات في مراكز التكوين المهني بالمغرب.
احتجاجات موزعي «البوطاغاز».. الداخلية تسحب البساط من الشؤون العامة وتطمر الملف
الموزعون يواجهون الإفلاس بعد أن فشلت الداخلية في حل مشاكلهم
ملف توزيع الغاز بالمغرب من الملفات الحساسة التي أعادت وزارة الداخلية الإمساك بزمامها، فأمام فشل وزارة الشؤون العامة والحكامة في التوصل إلى اتفاق مع موزعي الغاز، لجأ رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران إلى ورقة الداخلية من أجل الضغط على الموزعين، حيث عقد والي الدار البيضاء خاليد سفير لقاء ماراثونيا مع رئيس جمعية موزعي الغاز بالمغرب، محمد بن جلون، تمكن من خلاله من إقناع الموزعين بتأجيل إضرابهم الذي كان من المنتظر أن يمتد ل4 أيام خلال الفترة الفاصلة بين 18 و21 يونيو من السنة الماضية.والغريب أنه منذ ذلك التاريخ، لم يتحرك ملف موزعي الغاز قيد أنملة، بل ظل جامدا على طاولة وزير الداخلية، في حين ازداد الوضع تفاقما بالنسبة للموزعين الذين باتوا يواجهون الإفلاس. وحسب رئيس جمعية موزعي الغاز في المغرب، محمد ابن جلون، فإن والي الدار البيضاء نقل إلى الموزعين طلبا من وزير الداخلية محمد حصاد، وعد من خلاله بالتدخل لدى الحكومة من أجل عقد لقاء في أقرب الآجال لحل مشاكل قطاع توزيع الغاز في المغرب، مضيفا أن المهنيين ارتأوا الامتثال لهذا الطلب تجسيدا لسياسة الحوار واليد المفتوحة وتفاديا لوقوع أزمة في تزويد السوق ب«البوطاغاز» خلال الأسبوع الجاري. وأكد رئيس الجمعية أن الموزعين أبقوا على جميع الاحتمالات بما فيها العودة إلى الإضرابات في حالة إذا لم تف وزارة الداخلية بتعهداتها، مشيرا إلى أن القطاع أصبح على حافة الإفلاس، وبالتالي لم يعد أمام الشركات من خيار سوى انتظار حل من الحكومة أو التصعيد. وفي ظل عدم وفاء الداخلية بالتزاماتها، من المرتقب أن يعود التوتر إلى القطاع قريبا، خاصة أن مضامين مشروع المالية الجديد، التي أشارت إلى استمرار الحكومة في دعم غاز البوتان دون تغيير في تركيبة الأسعار، تؤكد أن المشكل القائم مع الموزعين لازال مستمرا وأن المتدخلين في الملف لم يجدوا إلى الآن الوصفة السحرية لحل هذا الملف. وقال محمد بن جلون، رئيس جمعية موزعي الغاز في المغرب، إن رئاسة الحكومة لم تتمكن إلى الآن من إيجاد حلول لملف الموزعين، على عكس ما وعدت به سابقا حينما أخذت الملف من وزارة الداخلية وقبلها من وزارة الشؤون العامة والحكامة، موضحا أن الموزعين أصبحوا يعيشون حاليا وضعية مزرية بسبب ارتفاع التكاليف وضعف هوامش الربح. وأضاف ابن جلون أن الموزعين عقدوا اجتماعا منذ أيام لتقييم الوضع، وثبت لديهم بالملموس أن القطاع يتجه نحو الإفلاس في حالة استمرار الوضع على ما هو عليه، مشيرا إلى أن تماطل الحكومة في حل هذا الملف ستكون له انعكاسات وخيمة على تزويد السوق مستقبلا. ولم يفت رئيس الجمعية الإشارة إلى حدوث انشقاق في صفوف الموزعين خلال الاجتماع الأخير، حيث دعت بعض الشركات إلى الوقف الفوري لتزويد السوق بقنينات الغاز، فيما آثرت شركات أخرى التريث لمعرفة الموقف النهائي للحكومة والتدابير التي ستتخذها، مؤكدا أن الجمعية وافقت على الحل الثاني وستنتظر ما ستسفر عنه الأيام القليلة المقبلة. وأكد ابن جلون أن الجمعية واعية بضرورة نهج أسلوب الحوار في حل مشاكل القطاع، لكن الوضعية المزرية التي يعيشها الآن المهنيون أصبحت تهدد بوقف عدد كبير من الشركات لنشاطها. وكشفت دراسة قدمتها جمعية مستودعي الغاز بالمغرب لوزارة الطاقة والمعادن عن تكبد شركات التوزيع خسائر كبيرة نتيجة غياب خطط لتأهيل القطاع وتطويره، وكذا بسبب الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات. وقدرت الدراسة، التي توصلت «المساء» بأهم خلاصاتها، خسائر شركات التوزيع الصغيرة، والتي يتراوح رقم معاملاتها بين 300 و400 مليون سنتيم، ب10 ملايين سنتيم سنويا، بينما تصل الخسائر بالنسبة إلى شركات التوزيع المتوسطة، التي يناهز رقم معاملاتها مليارا و200 مليون سنتيم، إلى حوالي 38 مليون سنتيم، بينما استقرت خسائر الموزعين الكبار، الذين يتراوح رقم معاملاتهم بين مليار وملياري سنتيم، في حدود 31 مليون سنتيم. ورغم أن وزير الشؤون العامة والحكامة، محمد الوفا، سبق له أن كشف جزءًا من تفاصيل خطة الحكومة لرفع الدعم عن غاز البوطان، وتحديدا العبوات من حجم 12 كيلوغراما، في إطار التحركات الرامية إلى إصلاح صندوق المقاصة، إلا أن غياب سيناريو واضح جعل السلطة التنفيذية تقرر استمرار الدعم لسنة أخرى.
أزمة التدبير المفوض.. حدود التماس بين المنتخبين والداخلية
ي سنة 1997 وأثناء الحديث عن تجربة التدبير المفوض التي كانت آنذاك أول تجربة يعرفها المغرب كانت وزارة الداخلية في شخص رجلها القوي الراحل إدريس البصري متحكمة في جميع الملفات المتعلقة بهذا الملف، ودافع الرجل القوي آنذاك بقوة حتى يتم تطبيق هذا النظام في العاصمة الاقتصادية وهو الأمر الذي حدث، فأمام إصرار الداخلية التي كانت توصف بأم الوزارات لم يكن أمام منتخبي العاصمة الاقتصادية سوى حمل الراية البيضاء، وبدأت شركة ليدك في مهامها كأول شركة تدبر قطاع حساس بدل الجماعة الحضرية التي كانت تسمى بالمجموعة الحضرية لتنتقل العدوى بعد ذلك إلى مدن أخرى حتى بعد وفاة إدريس البصري، حيث عرفت بداية الألفية الحالية موجة كبيرة من التدبير المفوض. سنوات طويلة مرت على هذا الحدث وظل النقاش حول التدبير المفوض بين مد وجزر، ولكن خلال كل نقاش كان اسم وزارة الداخلية يطفو على السطح، وخاصة أثناء الرغبة في مراجعة العقود سواء مع ليدك بالبيضاء أو أمانديس في طنجة أو ريضال في العاصمة الرباط، لتتناسل الكثير من الأسئلة، ما هي حدود تدخل هذه الوزارة في سياسة التدبير المفوض، خاصة في الجانب المتعلق بالماء والكهرباء، وهل سيكون لأطر الداخلية حضور أثناء مراجعات العقود. ويؤكد بعض المراقبين للشأن المحلي، أن الداخلية تكون حاضرة بقوة في كل ما يتعلق بالجوانب المرتبطة بالتدبير المفوض وخاصة في الشق المتعلق بالماء والكهرباء، سيما أثناء الأزمات، لكن هذا التدخل لا يكون من أجل سحب البساط من تحت أقدام المنتخبين، بل فقط لأن هذه الوزارة تتوفر على مجموعة من الأطر التي لها دراية بمثل هذه الملفات، وأن الاستعانة بوزارة الداخلية تدخل في إطار ما هو تقني، على اعتبار أن الشركات التي استفادت من عقود التدبير المفوض تتوفر على خبرة دولية في هذا المجال، ولا يمكن للعديد من المنتخبين الاطلاع الجيد على بنود دفاتر التحملات، وأن أي تفريط في مراجعة العقود يمكن أن يضيع مصالح المدينة، فمراجعة العقود في شق كبير منها يكون تقنيا ويحتاج إلى أطر قادرة على ضبط الأمور بشكل جيد ووفق رؤية تقنية وليست سياسية. ومن بين المدافعين على هذا الرأي الطاهر اليوسفي، مستشار جماعي سابق، والذي عاش تجارب طويلة في هذا المجال، وقال في تصريح ل «المساء» إنه يتم الاستعانة بأطر وزارة الداخلية في كل ما يتعلق بما هو تقني، وإن التدبير المفوض في جميع القطاعات بما فيها الماء والكهرباء والتطهير السائل من اختصاصات المجالس المنتخبة وفق الميثاق الذي يمنح اختصاصات واسعة للمنتخبين المحليين، إلا أن هذا لا يمنع من الاستعانة بوزارة الداخلية بالجوانب التقنية، نظرا لتجربة هذه الوزارة والأطر التي تتوفر عليها والتي تتميز بالكفاءة، وهذا ما يدفع إلى الاستعانة بهذه الوزارة»، وأضاف محدثنا أن من واجب المنتخبين المحليين تحمل مسؤوليتهم في كيفية تتبع مدى احترام دفتر التحملات الذي صادقوا عليه، فالمسؤولية يتحملها المنتخبون وليس وزارة الداخلية، ومن تم لابد من الحرص على احترام بنود دفتر التحملات، وخاصة الجوانب المتعلقة بالمراجعة، واعتبر الطاهر اليوسفي أن بإمكان أطر وزارة الداخلية أن تلاحظ بعض التفاصيل الصغرى، لأنها مؤهلة بشكل جيد في هذا الجانب. ولم ينكر الطاهر اليوسفي وقوع تجاذب في الرؤى بين بعض المنتخبين وأطر الداخلية، حيث لا يتردد بعض المستشارين في التأكيد أنه لا يجب أن يسحب البساط من تحته، وفي هذا السياق قال اليوسفي «إنه خلال التجربة الجماعية بين 2003 و2009 انسحب أحد المستشارين الجماعيين بسبب ما اعتبره تدخلا من قبل الداخلية، إلا أنه خلال التجربة الجماعية التي انتهت قبل انتخابات شتنبر الأخير كان للمنتخبين الجماعيين دور كبير في لجان التتبع دون إسقاط الاستشارة التقنية، نظرا للخبرة التي راكمها بعض أطر الداخلية». من جهة أخرى، اعتبر مصطفى رهين، مستشار جماعي سابق وواحد من أوجه المعارضة في المجلس الجماعي السابق، أن الحديث عن توفر الداخلية على أطر كفئة وهو العامل الذي يجعلها تتدخل في الأمور المتعلقة بالتدبير المفوض وخاصة في الشق المتعلق بالماء والكهرباء كلام مردود عليه، لأن الجماعة المحلية بدورها تتوفر على كفاءات جيدة، وقال في هذا السياق «إن الجماعة المحلية بدورها تتوفر على أطر كفئة وبعض هذه الأطر أصبحت تابعة للداخلية كملحقين، وهو ما يفسر كفا آتهم»، وأضاف أنه «خلال التجربتين الجماعيتين السابقتين لم تتوفق بعض الأحزاب السياسية في اختيار المنتخب الجيد، وهو الأمر الذي كان يظهر خلال دورات المجلس الجماعي، حيث كانت تدخلات بعض المنتخبين لا علاقة لها بالقرار الذي كان يتخذ، فقد كان عدد من المستشارين يبدون ملاحظات حول بعض النقاط المدرجة في جدول الأعمال لدرجة أنك تعتقد أنه لن يتم المصادقة على هذه النقاط، لكن في الأخير ترفع الأيدي للموافقة عليها»، وأوضح أنه حاليا في الدار البيضاء لم يبق أي مبرر للأغلبية الحالية التي تسير المجلس الجماعي، فالحزب الذي يوجد على رأس الأحزاب في المجلس يتوفر على أغلبية مريحة جدا، كما أنه يضم شخصيات خبرت كثيرا طرق التسيير ولها دراية كبيرة بشركة ليدك، لهذا ننتظر منهم الحسم في الكثير من القضايا المتعلقة بشركة ليدك. وفي العديد من دورات المجالس المنتخبة في العاصمة الاقتصادية في التجربتين الجماعيتين السابقتين يؤكد هذا المستشار أو ذاك على ضرورة احترام الديمقراطية المحلية وهي الشعار الذي كانت تحرص أحزاب اليسار في زمن قوتها على عدم المس به، على اعتبار أنه لا يحق لأي كان حتى ولو تعلق الأمر بوزارة الوصاية التدخل في اختصاصات المجالس المنتخبة المطوقة بالدفاع عن مصالح المواطنين.
الحكومة تدفع بوزارة مطافئها لحلحة الملف المطلبي للأساتذة المتدربين باعتباره يخل بالنظام العام
أحزرير: أحداث دول الجوار دفعت بالحكومة إلى الاستعانة بخدمات وزارة الداخلية من أجل حلحلة ملف الأساتذة المتدربين
قبل حوالي أربعة أشهر من الآن، والحكومة تحاول جاهدة إيجاد مخرج للأزمة التي وضعها فيها الأساتذة المتدربون، بعد إصدار وزارة التربية الوطنية لمرسوميها اللذين يقضي أولهما بتقليص المنحة، فيما ينص الثاني على فصل التكوين عن التوظيف. هذان المرسومان اللذان يصفهما الأساتذة المتدربون بنذير الشؤم، تسببا في حرج كبير لحكومة عبد الإله بنكيران، نظرا لفشلها في حلحلة الأزمة التي أخذت طابعا احتجاجيا نضاليا، أبان عن عزم وقوة وإصرار الأساتذة المتدربين على المطالبة بإسقاط المرسومين. ومع استمرار وتوسع رقعة الاحتجاجات التي قادها الأساتذة المتدربون، وخروجهم بالآلاف إلى شوارع المملكة للتعبير عن رفضهم التام لمرسومي الحكومة ووزارتها، لم تجد حكومة عبد الإله بنكيران، من حل سوى الدفع بوزارة الداخلية لحلحلة الملف المطلبي للأساتذة المتدربين، رغم أن ملف التربية والتعليم يعد من ضمن اختصاصات الحكومة. دفع الحكومة بوزارة الداخلية، في شخص وزيرها محمد حصاد، والوزير المنتدب الشرقي الضريس، فسره العديد من المهتمين، بأنه جاء بعد فشل الحكومة في إيجاد حل وسط للمأزق الذي وجدت الحكومة نفسها قابعة فيه جراء موجة احتجاجات أساتذة الغد، معتبرين كذلك أن تدخل وزارة الداخلية يعد أمرا طبيعيا بل ذهبوا إلى أنه كان مؤكدا، خصوصا بعد اشتداد موجة الأزمة بين الأساتذة المتدربين والحكومة. من أنصار هذا الاتجاه، عبد المالك أحزرير، أستاذ العلوم السياسية، إذ ذهب إلى أن دفع الحكومة بوزارة داخليتها على خط ملف الأساتذة المتدربين يعد أمرا طبيعيا، وذلك راجع إلى كون الاختصاصات التقليدية لوزارة الداخلية تتمثل في التدخل على خط كل ما من شأنه أن يخل بالنظام العام للدولة، ومنه، يستنتج المتحدث ذاته، أن دخول وزارة الداخلية على الخط في الملف، يعكس جليا نظرة الحكومة لملف الأساتذة واحتجاجاتهم، بوصفه يخل بالنظام العام. وبذلك، فإن الحكومة من خلال خطوتها هذه، أبانت بصدقية عن نظرتها للملف المطلبي للأساتذة المتدربين، لذلك دفعت بوزارة داخليتها من أجل الدخول على الخط، بهدف إيجاد حل وسط للأزمة، التي امتدت على مدار حوالي أربعة أشهر، أي من تاريخ إصدار وزارة بلمختار لمرسوميها في أكتوبر من عام 2015. وعلى إثر دخولها على خط الملف ذاته، فإن وزارة الداخلية قامت بعقد لقاء مع النقابات سعيا منها لاحتواء مطالب الأساتذة المتدربين، وثنيهم عن الاحتجاج والبحث عن حل وسط. وهو اللقاء الذي ثمنته ثريا لحرش، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، معتبرة أن خطوة الحكومة تسعى لفتح نقاش مع الأساتذة المتدربين، وذلك عبر جعل النقابات قناة وساطة بينها وبين أساتذة الغد. وأضافت ثريا لحرش، في تصريحها ل«المساء» قائلة «رغم أن حل ملف الأساتذة المتدربين خصوصا وملفات التربية والتعليم عموما تعد من اختصاص الحكومة، إلا أنه في إطار التفاوض والبحث عن حل وسط، يبقى من حق الحكومة أن تدفع بوزارة الداخلية للدخول على الخط، وذلك طبعا، من أجل إيجاد حل وسط، تلافيا لإهدار المزيد من الوقت والمال»، مضيفة، «إذا كانت وزارة الداخلية قادرة على إيجاد حل للملف، فلما لا تتحاور مع الأساتذة لحلحلة المشكل». ومضت النقابية مثمنة لخطوة الحكومة قائلة «إذا كانت وزارة الداخلية ستتوصل إلى حل، فإنه لا يوجد هناك أي مانع لتدخلها وإشرافها على التفاوض، بين رئاسة الحكومة والأساتذة المتدربين». تثمين النقابية لحرش لخطوة الحكومة، تقابله وجهة نظر أخرى، يمثلها أستاذ العلوم السياسية، عبد المالك أحزرير، الذي رأى في تدخل وزارة الداخلية على خط الملف، عودة للاختصاص التقليدي للوزارة ذاتها، خصوصا في ظل التغيرات الاجتماعية والسياسية التي تعرفها دول الجوار. إذ أشار إلى أن دخول وزارة الداخلية على خط ملف الأساتذة المتدربين، يعكس نظرة الحكومة للوزارة ذاتها بوصفها بمثابة مطافئ لها تستعين بها وقت فشلها في تدبير أحد الملفات المعينة، مثل استعانتها بها في ملف الأساتذة لجلبهم لطاولة الحوار عبر وساطة النقابات. أما في سياق وساطة النقابات، اعتبرت ثريا لحرش، لجوء الوزارة إلى الوساطة النقابية لجلب الأساتذة لطاولة الحوار وثنيهم عن الاستمرار في الاحتجاج، عوض التوجه مباشرة إليهم، اعتبرته أنه يعكس الدور الذي تضطلع به هذه النقابات في إيجاد صيغة توافقية للملف، مع تأكيدها على ضرورة إلغاء الحكومة لمرسوميها، باعتبارهما يهضمان حق الأساتذة المتدربين، وباعتبار الملف ذا امتداد اجتماعي، يمس شريحة عريضة من المجتمع المغربي. أما عبد المالك أحزرير، فيعتبر لجوء الحكومة والوزارة للوساطة النقابية لجلب الأساتذة لطاولة الحوار، بأنه يعكس جليا، رفض الحكومة بشكل قاطع التواصل مع التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين، والسبب في ذلك يعود، حسب المتحدث ذاته، إلى أن الحكومة تعترف بسلطة النقابات كقناة سياسية تقليدية باعتبارها مفوضا حكوميا رسميا، في حين تنظر للتنسيقية باعتبارها سلطة مضادة لسلطة الحكومة ووزارتيها. وأضاف المتحدث ذاته، أن دخول وزارة الداخلية على الخط، يفسر حجم الإكراهات التي تطرحها مشاكل دول الجوار وما عرفته من توترات أمنية وسياسية، لذلك سارعت الحكومة إلى الاستنجاد بمطافئها من أجل احتواء الاحتجاج، خصوصا وأن الحكومة ووزارة الداخلية تنظران لاحتجاجات الأساتذة المتدربين باعتبارها ملفا احتجاجيا يمس النظام العام، الذي يبقى جانب المحافظة عليه من اختصاص وزارة الداخلية، التي تتحمل مسؤولية أي انفلات أمني قد يؤدي إليه الاحتجاج. في المحصلة، مهما كانت غايات وأهداف ومبررات الحكومة ووزارة داخليتها، من دخول هذه الأخيرة على خط الأزمة، إلا أنه يبقى من اختصاص الحكومة، بل وحريا بها، إيجاد حل وسط لملف الأساتذة المتدربين، عوض التهديد بسنة بيضاء، أو التهديد باللجوء إلى لغة العنف، بل يجب على كافة الأطراف البحث عن حل توافقي يضمن حقوقهم.
محمد بودن : إتقان وزارة الداخلية لأدوار الوساطة والتفاوض يؤهلها للتداول مع الفاعلين الاجتماعيين
– كيف تجدون الإجراءات الحكومية الأخيرة المتعلقة بأهم الملفات الاجتماعية المطروحة اليوم؟
أعتقد أن أجواء تأزم العلاقة بين الفاعل الحكومي والفاعل الاجتماعي والنقابي، ساهمت فيها جملة من الخطوات غير الآمنة المنتجة للاحتجاج، فالفاعل الحكومي مرتبك في إعمال منظوره الإصلاحي، أما الفاعل النقابي نمطي في فعله الاقتراحي، وباقي الفاعلين الاجتماعيين، بعضهم مزاجي، والآخر براغماتي، وبعضهم يتحين الحالة الطارئة. ثم إن العجز في التوصل إلى حوار اجتماعي توافقي، سيعجل لا محالة بارتفاع منسوب الاحتجاج، وهو ما ترجمته اليافطات المرفوعة أخيرا في مجلس المستشارين من قبل فريق برلماني نقابي أثناء جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، وما رافق الجلسة من تدخلات لا تخلو من لغة تصعيدية، ويمكن القول بأن هذه التحركات النقابية لها خلفيات متشابكة، لكن الخلفية السياسية طاغية على الممارسة النقابية العادية، بفعل التزاوج السياسي والنقابي الذي ظهر في عدة مناسبات، ويجد مظهرا له في مجلس المستشارين. ومن وجهة نظري فإن اعتزال الحوار من قبل بعض الفاعلين يساهم في إنتاج عقيدة اللاتنازل (العقيدة الحكومية والنقابية) في المشهد السياسي المغربي، علاوة على كون أن هذا التآكل في السلم الاجتماعي هو نمط من أنماط التنافس بين الفاعلين السياسيين، والفاعلين الاجتماعيين، وفي غضون ذلك يبدو أن العجز عن إنتاج حوار ناجع، عاد ليطلق طاقات سلبية، تفكيكية، صراعية تغذي مؤشر انعدام الثقة. وأعتقد أن مخرج هذا الوضع، يجب أن يقوم بالأساس على احترام القانون وتجسيد مقومات تؤسس للحرية بالإضافة إلى بناء إطار ثابت للحوار الاجتماعي بمعناه الواسع وعدم اختطاف مطالب بعض الشرائح بطرق قسرية، وعدم تسييس العمل النقابي والتقليل من مراكمة الرأسمال على حساب العدالة الاجتماعية.لذلك أقول إنه لا مناص من إعادة النظر في الهيكلة الحالية للحوار الاجتماعي والمجتمعي، وبعدها وجب الانتقال لتصحيح الأعطاب في عملية صنع القرار، بشأن ملفات فوق سياسية تتطلب تعميق وتزكية حجم المعلومات السياسية والتقنية والإدارية والمحاسبية المتعلقة بها، ودخول أطراف جديدة من قبل اتحادات» المحتجين «، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص والإعلام في الملف بحسن نية، والانطلاق في الإصلاح من أرضية صلبة وإستراتيجية، نظرا لارتباط المواضيع العاجلة بمستقبل البلد، والابتعاد عن السياسات العشوائية والتطويقية، والمتفرجة العاجزة، والعمل بمنطق الصفقة السياسية، فبعض هذه الملفات لا تحتاج إلى حل آخر اللحظات، واستخدام المناورات، بل تحتاج لأداء سياسي تفاوضي عالي المستوى.
– ما تفسيركم لدخول وزارة الداخلية على الخط في إطار تدبير مجموعة من الملفات الشائكة التي عجزت الحكومة عن تدبيرها في ظل تصاعد خط الاحتجاجات والحراك الشعبي في الآونة الأخيرة؟
لابد من الإشارة إلى أن وزارة الداخلية، بالرغم من طبيعتها المؤسساتية الممتدة في الزمن الدولتي، إلا أنها تبقى جزءا من الحكومة تنظيميا، وأعتقد أن هذه البنية المؤسساتية، بالرغم مما يثار عنها من أسطوانات، فهي في الأول والأخير صديقة لأمن الوطن، والساهرة على الأمن العام، والأمن الشامل ومن بينه الأمن الاجتماعي، لذلك فقيامها بدور الوساطة شبه الرسمية، هو أمر قد يأخذ تفسيرات متعددة، لكن الهدف منه هو وصول الفاعلين الاجتماعيين والحكومة إلى تسوية الخلافات السياسية والتقنية والمتعلقة بالتصورات، وفي ظل عجز الأطراف الحزبية والنقابية عن التوصل لحل يضمن انبعاث حوار اجتماعي ومجتمعي عادل، وأعتقد أن إتقان وزارة الداخلية لأدوار الوساطة والتفاوض، في عدة قضايا، بالإضافة إلى عامل الحياد وهي معطيات تؤهل الوزارة للتداول مع الفاعلين الاجتماعيين بشأن قضايا ذات أبعاد متشابكة، بالإضافة إلى جملة من العوامل الأخرى ذات الأهمية الجانبية، والتي لها دور في التوصل لاتفاقات مرحلية وفقا لتقريب وجهات نظر الأطراف المعنية. ومن وجهة نظري إن مثل هذه اللحظات،هي ليست للإغراء، أو تغليب السياسة على جوانب أخرى، بل الهدف منها هو صياغة إطار تفاوضي،عملي لتعزيز فرص الحوار بين» الحكومة الحزبية «و»النقابات المسيسة»، والتنازل وفقا للمبادرات والشروط الخاصة.
– ألا يمكن اعتبار هذا التدخل نزعا لاختصاصات رئاسة الحكومة، أم أن النصوص التنظيمية المؤطرة لهذه الاختصاصات لازالت غامضة فيما يتعلق بصلاحيات الحكومة وباقي القطاعات؟
ثمة أجواء سياسية، وتطورات تخيم، على استئناف مسلسل الحوار الاجتماعي، وتثار جملة من التساؤلات الجدية، بشأن قدرة الحكومة على الحوار مع الأطراف الاجتماعية، والمجتمعية، والواقع أن المتابع لتطورات الأحداث بالمغرب، لن يجد صعوبة كبيرة في الوقوف على عدد من التحديات الرئيسية، التي تقف حائلا دون التوصل إلى حلول غير طارئة، أو على أقل تقدير تجعل التوصل إلى اتفاق بين الفاعلين المؤسساتيين وغير الرسميين شاقة ولن تتم إلى بتقديم تنازلات. على مستوى الاختصاصات، أعتقد أن الدستور كان واضحا في رسم صلاحيات السلطة التنفيذية/التنظيمية، علاوة على ما جاء في مضامين القانون التنظيمي 065.13المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، بحيث يحدد بشكل صريح مهام رئيس الحكومة خاصة في المادة 4 من القانون التنظيمي المذكور، بحيث يتولى تحديد مهام كل عضو من أعضاء الحكومة، والهياكل الإدارية التي يتولى السلطة عليها، بموجب مراسيم تنشر في الجريدة الرسمية، كما أن المادة 7 من القانون التنظيمي نفسه تتيح إمكانية تفويض رئيس الحكومة بموجب مرسوم لبعض سلطه للوزراء، علاوة على الإشارات الواضحة في الباب الرابع من القانون التنظيمي نفسه، والمتعلقة بصلاحيات أعضاء الحكومة، وبالتالي فإن التأويل السياسي للاختصاص الحكومي يختلف عن القراءة القانونية، والتنظيمية. بالرغم من الثغرات التي قد تظهرها الممارسة.
السعدي: هناك حنين لزمن البصري والداخلية تعيق المسار الديمقراطي بالمغرب
على مساحة هذا الحوار، يبرز الأستاذ الجامعي والوزير السابق سعيد السعدي جوانب تداخل صلاحيات كل من رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية.كما يشرح بعض الغموض الذي يلف تلك العلاقة الملتبسة بين المؤسستين، وذلك على ضوء المستجدات الدستورية ورهانات المسار الديمقراطي بالمغرب. كذلك، يقدم ذات المحاور شهادته على هيمنة سلطات الوصاية في تدبير الشأن المحلي، بمناسبة مسؤوليته للجنة مراجعة عقد التدبير المفوض بمجلس جماعة الدالبيضاء، واستمالتها لصف مواقفها، مما يؤثر سلبا على ترسيخ الديمقراطية التشاركية، وتأهيل النخب المحلية للاضطلاع بأدوار تنموية ذات أساس ديمقراطي، ومواكبة لروح النصوص الستورية الجديدة التي نظمت بوضوح صلاحيات كل المؤسسات الدستورية
– لوحظ في الآونة الأخيرة أن وزارة الداخلية بدأت تستعيد مجموعة من الملفات الحساسة من يد رئاسة الحكومة، ما هو تعليقكم؟
الجواب على هذا السؤال مرتبط بنوعية الملفات التي تتناولها وزارة الداخلية، فإذا كنا نقصد التفاوض مع النقابات خلال مختلف جولات الحوار الاجتماعي، بتفويض من رئيس الحكومة، فوزارة الداخلية في هكذا حالات، تلعب دورها الطبيعي كجهاز حكومي في إطار توزيع العمل داخل مؤسسة الحكومة. لكن الإشكال الذي يفرض نفسه بحدة، هو أن وزارة الداخلية على المستوى العملي، تتوفر على امتدادات طويلة وعريضة في مختلف المجالات، خاصة في المجال السياسي على المستوى المحلي، وهذا من وجهة نظري هو جوهر الإشكال المطروح. فالحدود الفاصلة ما بين العمل حسب المقتضيات الدستورية من جهة، وبين ما هو ممارس عمليا في الواقع من جهة أخرى غير واضحة بدقة. فالمفروض أن تكون الحكومة واحدة ومنسجمة تخضع لرئيس الحكومة، لكن عمليا تختلف الأمور. حيث أن البعض يتحدث عن «عدة حكومات» داخل الحكومة الواحدة، وأنا أقول في السياق ذاته بأن هناك بعض الوزراء لهم ارتباطات خارج المدار الحكومي…
– ألا تذكر هذه السلطات الواسعة لوزارة الداخلية ب»زمن إدريس البصري» الذي ساهم في إعادة تنظيمها الإداري، وإيلائها جملة الصلاحيات والسلطات التي تتمتع بها إلى اليوم؟
تصعب المقارنة بين وزارة الداخلية كما هي عليه اليوم، بتلك التي خلفها وزير الداخلية الراحل إدريس البصري، لأننا نتوفر على دستور جديد، ينص بوضوح على فصل السلط. ولكن في الواقع، ربما يكون هناك حنين لممارسات سابقة في ظروف راهنة مختلفة تماما. تتطلب مقاربة تشاركية تعتمد على الإنصات، عوضا عن سياسة «العصا الغليظة» التي تصنف ضمن خانة الأساليب التحكمية.
– في مقابل وزارة الداخلية، تقع مؤسسة رئاسة الحكومة التي أولاها الدستور الجديد صلاحيات هامة في تسطير وتتبع السياسات الحكومية، ألا يشكل هذا التدخل المباشر للداخلية في الملفات الاجتماعية نتيجة ل»تهرب» رئاسة الحكومة من ممارسة صلاحيتها الدستورية؟
إذا كانت هناك صلاحيات تمارسها وزارة الداخلية بتفويض من رئاسة الحكومة، فإنه لا يوجد إشكال. ولكن إذا كانت وزارة الداخلية تعمل خارج الإطار الحكومي، فهنا يطرح إشكال جوهري، فمثلا، واقعة تعنيف الأساتذة المتدربين في عدد من المدن، يطرح التساؤل هل رئيس الحكومة أعطى تعليمات لتعنيف الأساتذة المتدربين؟ أم أن أمر التعنيف كان بتعليمات لوزير الداخلية؟ والحال أن المسؤولية مشتركة بين الاثنين، لأن رئيس الحكومة فوض أمر تدبير ملف احتجاجات الأساتذة المتدربين، إلى وزير الداخلية، وأمره بالتعامل معها بحزم، وبالتالي فالمسؤولية من وجهة نظري هي مشتركة بين كل من وزير الداخلية ورئيس الحكومة فيما تعرض له الأساتذة المتدربون، إثر احتجاجهم على مرسوم فصل التكوين عن التوظيف.
– هل تشكل الأدوار المتشعبة لوزارة الداخلية وتداخلها عائقا، أمام ترسيخ الممارسة الديمقراطية بالمغرب؟
يتعلق هنا الأمر، بقضية تأويل الصلاحيات. وهنا أعطي مثالا لوصاية وزارة الداخلية على «أعمال» و»أشخاص» الجماعات الترابية بحكم تشريعات المواثيق الجماعية التي نظمت العمل الجماعي المحلي بالمغرب، ولها كذلك واجب المساعدة التقنية لتلك الوحدات الترابية على مستوى تدبير بعض الملفات التي تدخل في صلب العمل الجماعي. ولما أثرت-سابقا- الإشكالات المتعلقة بالتدبير المفوض، كان غرضي هو التعرف على الحدود الفاصلة بين صلاحيات وزارة الداخلية، المتمثلة في تقديمها المشورة والمساعدة التقنية لمجالس الوحدات الترابية، وبين التدخل وتوجيه القرار في اتجاه معين، ضدا على إرادة المنتخبين. فهنا يقع مكمن الإشكال الكبير الذي تعيشه الديمقراطية المحلية بالمغرب، لأن تركيبة المجالس المنتخبة تفضي إلى كون العديد منها، تكون «أدوات طيعة» في يد سلطة الوصاية. التي تمثلها وزارة الداخلية، سواء على المستوى المحلي أو على المستوى المركزي.وهنا أذكر أن هذا الإشكال صادفناه بصورة عملية، عندما طالبنا نحن، كمنتخبين بمجلس مدينة الدار البيضاء بمراجعة عقد التفويض مع شركة ليديك، حيث وجدنا أنفسنا-كفريق منتخبين- لوحدنا في مواجهة مقررات سلطة الوصاية، بحكم انسحاب كل المكونات السياسية من «المعركة» التي خضناها بغرض مراجعة بنود ودفاتر تحملات الشركة الوصية على تدبير الماء والكهرباء بالبيضاء. حيث كنت ممثلا لمجلس جماعة الدار البيضاء لمراجعة «عقدة» التفويض. وكنا نتوفر على لجنة داخلية لهذا الغرض، ذهب كل أعضائها-بجميع أطيافهم السياسية- في صف موقف سلطة الوصاية، وتركونا لوحدنا نواجه مثل هذه المنهجية التحكمية.
– ألم يحن الوقت لتجاوز المقولة التي مفادها أن وزارة الداخلية هي «أم الوزارات» ؟
هي مازالت أم الوزارات بصفة فعلية إلى اليوم، وأنا أؤكد على ضرورة تجاوز هذه الوضعية القانونية والمؤسساتية لوزارة الداخلية، التي باتت بمثابة تحصيل حاصل داخل الحياة السياسية بالمغرب، فإذا كنا نريد السعي نحو تحقيق ديمقراطية تشاركية حقيقية، يجب على وزارة الداخلية أن تشتغل في حدود تنفيذ السياسات العمومية المرتبطة بالحكومة، كما يجب إعادة النظر في صلاحية الوصاية القبلية للداخلية، على أعمال الجماعات الترابية.
من يصنع القرار بالمغرب.. الحكومة أم الأجهزة الأمنية؟
هل بنكيران يقف وراء التدخلات الأمنية بالمغرب؟ أكضيض: على رئيس الحكومة أن يكون له مستشارا في الشؤون الأمنية
المشكلة في من يقف وراء التدخلات الأمنية أن هناك توجهين في التعامل مع أي قضية سياسية، اجتماعية أو اقتصادية، أحدهما أمني والثاني سياسي. الأمني يقوم على مبادرة الأجهزة الأمنية بتشخيص الوضع واقتراح الحلول، وهذا يعود لسنوات طويلة مضت حيث الأجهزة الأمنية تابعة للسلطة التنفيذية ورأيها لم يكن قرارا أو سياسة تنفذ فصاحب الرأي السياسي لم يكن يقرر. يقول الإطار الأمني السابق محمد أكضيض، يجب التمييز بين مرحلتين مرحلة دستور 2011 والدساتير السابقة أي عندما كنا أمام وزارة السيادة أو ما يعرف بأم الوزارات والتي كان على رأسها وزير الداخلية الراحل إدريس البصري، والذي كانت له القبضة الحديدية على جميع الملفات بما فيها الانتخابات الجماعية والبرلمانية ودستور 2011 والذي أعلن فيه عن حكومة الحزب الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات وهو الحزب الحاكم. وقال أكضيض»نحن نعلم أن النسخة الأولى للحكومة كان فيها وزير الداخلية من حزب الحركة الشعبية وعين فيها وزيرا منتدبا في الداخلية لأخذ بعين الاعتبار المسألة الأمنية التقنية، وهي رسالة واضحة ليكون ملف الأمن القومي حاضرا في وعي الحكومة السياسية، وأن الأحزاب السياسية بدورها أخذت في وعيها رهان الأمن القومي لتدبير الشأن العام في المغرب، وهنا لابد أن نشير إلى التجاذبات المحيطة بالمغرب ونقط التوتر كليبيا وسوريا والخلايا الإرهابية والعائدين من بؤر الجهاد لنعلم أن ملف الأمن القومي جعل الأجهزة الأمنية تتجاوز دورها التقني، لنلاحظ تغول الأمني على السياسي وهنا نرجع إلى ما يدور داخل المغرب ويمكن أن نشير إلى واقعة تعنيف الأساتذة، فالقانون يتيح لوزير الداخلية كل المعطيات والبيانات الخاصة لكل احتجاج ولا يمكنه في بعض الأحيان تفعيل الاستشارات المتنوعة، ونحن نعلم أن واقعة التدخل الأمني في ملف الأساتذة وراءه قرار حكومي إن لم نقل الحزب الحاكم، والذي اختار من خلال دفة الحكومة التدخل لمنع الأساتذة من الاحتجاج، الأمر الذي أثار نقاشا حول من يجب أن يفرق الاحتجاجات الداخلية وجدوى الترخيص للاحتجاجات التي تخاف الداخلية أن تكون موجهة أو ورقة يلعبها آخرون للتأثير على جهة ما. وأضاف الإطار الأمني السابق أنه بحكم تجربته فإن أي احتجاج تلتقطه الحكومة نظرا لعمل الأجهزة الأمنية في هذا المجال، غير أن التخوف الوحيد هو أن تتحول الاحتجاجات إلى عنف وتؤثر في مدينة ما، مؤكدا على نقطة مهمة هي أن رئيس الحكومة الحالية مطالب بأن يكون له مستشار في الشؤون الأمنية حتى لا يقع في أخطاء لا يغفرها الشارع. كما قال «إن التجمعات السلمية التي لا تمس الأمن العمومي مسموح بها قانونيا، ولا تستلزم رخصة ولا تصريحا، وعلى السلطات العمومية الحرص على السلامة الجسدية والمعنوية للمشاركين فيها، لا تعنيفهم والنيل منهم، مع ضرورة ضمان احترام القانون. ويرى المتحدث أن «الحكومة هي المسؤولة عن التعنيف الذي جرت أطواره في عدد من المدن المغربية، لافتا إلى أن التعرض للعنف بهذه الطريقة يوجِب مقاضاة المسؤولين، وأن يتخذ القاضي قرارا يتلاءم مع الدستور والقانون». سؤال موضوعي عما إذا كان يجب أن نتعامل مع القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية من وجهة نظر أمنية أم سياسية، وهناك من يدافع عن وجهة النظر الأمنية وآخرين عن السياسية. وهناك المظاهرات التي خرجت إلى الشوارع في عدد من المدن المغربية تطالب برفع القبضة الأمنية عن الحياة العامة، وهناك سياسيون في السلطة يقولون إنه يجب أن تدير البلد إدارة سياسية وأن القرار للسياسيين وليس للأجهزة الأمنية.
كيف يتدخل البوليس سواء في الاحتجاجات أو الجرائم العادية؟
قبل تدخل عناصر الشرطة القضائية يجري إخبار الوكيل العام للملك والتنسيق معه، وتحديد مكان التدخل الأمني، والأشخاص المطلوب اعتقالهم.
غالبا ما تنسق أجهزة الأمن مع عناصر الاستعلامات العامة لجمع معلومات حول مشتبه بهم يقيمون بفنادق معروفة قبل أي تدخل أمني.
لا يمكن لرجال الأمن التدخل ومداهمة مكان ما حتى يحصلون على إذن وحجج كثيرة، لأن النية لا يعاقب عليها وأن الفعل حتى يعد جرما يعاقب عليه القانون لابد من حضور الدليل المادي الذي يعبر عن النية.
غالبا ما ينتحل رجال الأمن صفات متعددة أثناء كل تدخل أمني، لأن سرية التحقيق وجمع أكبر قدر من المعطيات يسبقان أي تدخل أمني.
بعد أي تدخل أمني أو مداهمة لاعتقال مشتبه بهم، تنطلق مرحلة ما بعد التدخل، إذ غالبا ما يجري الانتقال مع متهمين إلى أماكن أخرى تساعد رجال الأمن على كشف تفاصيل الجريمة.
إذا كان التفتيش سيجري في منزل المتهم في قضية جنائية، فإنه يجوز لقاضي التحقيق أن يباشره خارج الأوقات المحددة شريطة أن يقوم به شخصيا وبحضور ممثل النيابة العامة.
يمكن للوكيل العام للملك إذا اقتضت ذلك ضرورة البحث، أن يلتمس كتابة من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، إصدار أمر بالتقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها أو حجزها قبل التدخل الأمني.
التدخل الأمني لتفريق الوقفات الاحتجاجية غير المرخصة، يلزمه إشعار عبر مكبر الصوت من طرف ضابط بالزي الرسمي، وإخبار المحتجين بضرورة التفرق قبل أي تدخل أمني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.