عادت أرقام الفقر الفلكية لتؤرق بال المغاربة في 2015، بعد أن نشرت إحدى المؤسسات الدولية تقريرا جديدا يقول إن الفقر لا يزال ضاربا بقوة. كما ظلت المندوبية السامية للتخطيط، تكشف بين الفينة والأخرى عن المستور، ونشر أرقام هذا الذي كاد أن يكون كفرا. وهي أرقام كانت ولا تزال، تترك وراءها الكثير من الخلاف. وقد زاد الأمر إثارة حينما أقدمت حكومة بنكيران على خطوات همت صندوق المقاصة، الذي يعني بالدرجة الأولى فقراء البلد المستفيدين من دعمه. وهو الملف الذي لا تزال الكثير من ملامحه مضببة إلى اليوم ونحن على بعد أشهر من نهاية ولاية بنكيران. لقد وجد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران نفسه مضطرا للرد على تلك الأسئلة التي يتداولها عامة الناس، بعد حكاية ما سيعرفه صندوق المقاصة من «إصلاح»، يعني بالنسبة للكثيرين أنه الرفع الصاروخي لعدد من المواد التي ظل يدعمها هذا الصندوق العجيب. وقال بنكيرن بلغته الشعبوية وبالدارجة المغربية: «أنا اباكم أيها المغاربة.. لا زيادة في الأسعار». وعادت الأزمة التي تهدد المغرب منذ سنوات لتعيد للواجهة حكاية الأموال التي تصرف لصندوق المقاصة، وما الذي يجب القيام به لإصلاح ما يجب إصلاحه. ومن تم نزل اقتراح أن تصرف الحكومة للعائلات الفقيرة منحا شهرية يمكن أن تنوب عن ضخ كل تلك الأموال في هذا الصندوق. ولأن هذا الإجراء لا بد أن يثير الكثير من الجدل والنقاش، فقد اعتبرته المعارضة صيغة لاستمالة أصوات الناخبين من قبل حزب العدالة والتنمية في أفق الاستحقاقات القادمة. لكن بعيدا عن هذه الخلفية، تطرح إشكالية كبيرة بشأن الطريقة التي تفكر بها الحكومة في تحديد لائحة هؤلاء الفقراء الذين ستصلهم مساعدات بنكيران. إن الإشكال أكبر مما يمكن تصوره، خصوصا في غياب إحصائيات حقيقية لظاهرة الفقر، وفي غياب ما يكفي من اللوجيستيك لكي تكون نتائج الإحصاء غير مغشوشة. وقد عشنا مع تجربة التغطية الصحية «راميد» حكايات غريبة عن الذين استفادوا دون أن يكون من حقهم ذلك، أو الذين حرموا من الاستفادة وهم في حاجة لها أكثر من غيرهم. وحاد كل هذا الهدف النبيل عن أهدافه. والحصيلة هي أن ضحايا التغطية الصحية هم اليوم بالآلاف أمام المقاطعات والقيادات بحثا عن بطافة «راميد». فإذا كانت الحكمة العربية تقول إنه «كاد الفقر أن يكون كفرا». قبل أن يضيف الخليفة عمر بن الخطاب قولته الشهيرة: «لو كان الفقر رجلا لقتلته»، فإن الفقر ظل هو القضية الأولى التي تجب محاربتها وقتلها، أو العمل على الحد منها لضمان حياة أفضل. في المغرب، ما فتئ ملف الفقر يعود إلى واجهة الأحداث كلما أثير موضوع صندوق التضامن والتغطية الصحية. وهو الملف الذي حُدد، وفق ما سبق أن كشفت عنه تقارير المندوبية السامية للتخطيط، التي وزعت خريطة المغرب إلى جهات بنسب مختلفة عن الفقر تختلف من واحدة لأخرى. خارطة الفقر كان تقرير المندوبية السامية للتخطيط قد اعتبر أن جماعة سيدي علي بالرشيدية ظلت تشكل قمة المناطق الأكثر فقرا في المغرب بنسبة فقراء تصل إلى 80 في المائة، بالنظر إلى درجة العزلة التي تعيشها هذه الجماعة بإقليم الرشيدية، الذي تصل فيه نسبة الفقر إلى 29.5 في المائة إلى جانب عدد من المدن الفقيرة جدا، كما هو الشأن مع زاكورة، وشيشاوة، وجرادة، وتاوريرت، وفكيك، وورزازات. أما الخريطة التي وضعتها المندوبية السامية للفقر، فكشفت كيف أن الظاهرة مستفحلة في العالم القروي بنسبة تصل إلى 22 في المائة، فيما لا تتجاوز في الوسط الحضري 7.9 في المائة. أما على مستوى الجهات، فيعتبر محور الدارالبيضاءالرباط هو الأقل فقرا بالنظر إلى أن النسبة تصل في العاصمة الاقتصادية مثلا إلى 2.73 في المائة، وتصل في العاصمة الإدارية إلى 2.38 في المائة. وفي نفس المنطقة، تصل النسبة في منطقة الهراويين مثلا إلى 22 في المائة، تماما كما هو حال مناطق مثل مديونة، وعين حرودة، والنواصر. وتكون المفاجأة صادمة في بعض المناطق التي كان يفترض ألا تصل فيها نسبة الفقر إلى مستويات عليا كما هو الحال مع جهة سوس ماسة درعة، التي تصل فيها النسبة إلى 20 في المائة، على الرغم من أن للمنطقة أكثر من نشاط اقتصادي تتوزعه الفلاحة والصيد البحري والسياحة. نفس الصورة مع جهة تانسيفت الحوز التي تصل فيها نسبة الفقر إلى 19.2، رغم أنها تستفيد من أنشطة اقتصادية مهمة تأتي السياحة في مقدمتها. ومع ذلك، فإن الرقم في مدينة مراكش يصل مثلا إلى 7.91، ويرتفع بشكل صاروخي في مدينة الصويرة ليصل إلى 29.80 في المائة. وفي العموم، فإنه كلما ابتعدنا عن محور الدارالبيضاءالرباط والوسط، كلما اتسعت دائرة الفقر. وتضيف مندوبية التخطيط في تقريرها الذي اعتمدت عليه الحكومة في توزيع بطائق «راميد»، أن 14.2 في المائة من المغاربة يعانون من الفقر، وأن 4.2 منهم يعيشون تحت عتبة الفقر بمدخول يومي لا يتجاوز الثمانية دراهم. وزادت، لتفسير ذلك، أن هذا الوضع حدث لأن 10 في المائة فقط من الأسر الغنية تستحوذ بمفردها على 32 في المائة من النفقات، بينما لا تستفيد 10 في المائة من الفقراء إلا من 2.6 من كتلة النفقات. لقد كشفت جل الدراسات التي اشتغلت على تيمة الفقر كيف أن الأسر الفقيرة في التجمعات الحضرية تستطيع أن تتدبر أمورها أفضل من نظيرتها القروية، لأنها تستفيد من فرص وخدمات أكثر من خلال تنويع موارد الدخل. غير أن المقارنة بين فقر الرجال وفقر النساء في المغرب، تكشف كيف أن الظاهرة مستفحلة بالتساوي بين الجنسين، وإن كانت أكثر حضورا لدى النساء كلما تقدمن في السن، خاصة لدى فئة الأرامل. فقد تصل إلى نسبة 18.9 لدى النساء، فيما تصل لدى الرجال إلى 19.1 في المائة. أما الشباب والأطفال البالغين من العمر أقل من 21 سنة، فيعتبرون الأكثر تعرضا للفقر بالنظر إلى الصعوبات التي تعترضهم في سوق الشغل. والخلاصة التي تنتهي إليها المندوبية السامية في هذه المقارنة، هي أن كل الفئات العمرية تعاني من ظاهرة الفقر، مما يفرض البحث عن سبل التخفيف منها على الأقل، قبل القضاء عليها كحلم تراهن عليه البشرية. كما أن التنويع الاقتصادي يعتبر ضروريا نظرا لهشاشة موارد العيش الأساسية مثل الزراعة. كما أن الهجرة الخارجية والداخلية تعتبر رئيسية لحركية الأسر. هذا بالإضافة إلى الاستفادة من القروض الصغرى للاستثمار في الأنشطة الإنتاجية، أو للحصول على مشتريات مثل المنازل، مما يضمن أمنا نفسيا واقتصاديا في نفس الآن. وتشكل الرشوة والزبونية في القطاع العمومي الجانب المظلم في كل رأسمال اجتماعي، مما يزيد من مستوى الفقر لدى الفقراء. أما لرفاهية الأسر والخروج من براثن الفقر، فالأمر يحتاج أساسا لتوفير البنيات التحتية الضرورية، والخدمات الاجتماعية من خلال إمداد الجماعات الفقيرة بشبكات الماء الصالح للشرب والكهرباء. كما يشكل التعليم جوهر القضية من خلال الحصول على عمل جيد، كلما كان التعليم والتكوين ناجحين، وذلك لتحقيق الاستقلال الشخصي. إن التعليم هو المرحلة الأساسية لكل حركة تصاعدية في المجتمع. لذلك فكلما كان جيدا وناجحا، كلما تقلصت فرص الفقر وزادت نسبة الرفاهية في المجتمع. وتصنف المرأة في كل هذا رائدة في لعب الدور الاقتصادي اللازم لتحقيق مكتسبات للأسرة الفقيرة. ولأن هذه الأسر ليست وحدات اقتصادية متجانسة، كما أن ثرواتها تتفاوت حسب أعضائها، فإن تواجد النساء بها يجعلهن يلعبن دورا اقتصاديا مستقلا ورائدا. والخلاصة هي أن الفقر يعتبر متعدد الأبعاد. إنه يتضمن العديد من أشكال الإقصاء من الخدمات والشبكات الاجتماعية. أما الرفاهية فليست مرتبطة فقط بالدخل، ولكنها ترتبط أيضا بالإحساس بالاندماج وبالكرامة. لقد ظلت أرقام الفقر التي يتم الإعلان عنها في المغرب بين الفينة والأخرى، من خلال ما تقدمه المندوبية السامية للتخطيط، وهي التي تصنف على أنها هيئة مستقلة عن الحكومة، وتحظى باعتراف دولي، موضوع خلاف بين كل المتدخلين. ففي الوقت الذي ظلت فيه الحكومات المتعاقبة تعتمد هذه الأرقام، وترى أنها هي عين العقل، كانت أصوات المعارضة تقول إن ذلك غير صحيح. ولعل واحدة من المعارك التي اندلعت بين حكومة عباس الفاسي ومعارضة العدالة والتنمية في مجلس النواب، هي تلك التي حدثت بين وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، وقتها، نزهة الصقلي، وبين لحسن الداودي، وزير التعليم العالي الحالي، والذي تساءل باستغراب كيف يمكن القبول بنسبة 9 في المائة كمعدل للفقر في المغرب، في الوقت الذي يصل فيه الرقم في الاتحاد الأوروبي إلى 17 في المائة، ويصل في رومانيا مثلا إلى 23 في المائة، وفي إسبانيا إلى 20 في المائة، وفي البرتغال إلى 18 في المائة. أما في السويد فتصل النسبة إلى 12 في المائة. فهل تعتبر السويد أكثر فقرا من المغرب، كما قال الداودي، وزير التعليم العالي في الحكومة الحالية؟ اليوم عادت أرقام المندوبية السامية للتخطيط لواجهة الأحداث بعد حكاية الدعم المالي للأسر الفقيرة، وإعادة النظر في صندوق المقاصة. غير أنها أرقام لم تعد حكومة عبد الإله بنكيران تشكك في مصداقيتها لأنها هي القاعدة التي تتوفر عليها لمعرفة هذه الخريطة المتشعبة والملتبسة للفقر في المغرب. تجربة «راميد» للحد من الظاهرة شكلت بطاقة «راميد» التي أطلقتها وزارة الصحة لتحقيق التغطية الصحية الخاصة بالفقراء، إنجازا كبيرا صفق له الجميع، وهي المشروع الذي كان قد فتحه عبد الرحمان اليوسفي وهو يقود حكومة التناوب، قبل أن تسهر على تنفيذه حكومة عبد الإله بنكيران. وتعتبر هذه البطاقة هي الوسيلة التي ستخفف على الفقراء من أزمة التطبيب والاستشفاء في المغرب. وبلغة الأرقام، غطت «راميد» حوالي 8,5 ملايين نسمة من المرضى، وهو ما يشكل نسبة 28 في المائة من ساكنة المملكة، من بينهم 4 ملايين شخص سيستفيدون من المجانية التامة، وهم المصنفون في حالة فقر، يضاف إليهم حوالي 160 ألف مستفيد بقوة القانون، وهم نزلاء مراكز الرعاية الاجتماعية، والمؤسسات السجنية، ومكفولي الأمة. كما أن 4,5 ملايين شخص سيستفيدون من المجانية النسبية نظرا لوجودهم في وضعية هشاشة. وقد سجلت الوزارة الوصية أن جهة تادلة أزيلال سجلت استفادة 5699 حالة عند انطلاق التجربة، قبل أن تعمم على باقي المدن المغربية. غير أن المعطيات كشفت بعد ذلك أن نظام المساعدة الطبية اعترته العديد من الهفوات والأخطاء. يضاف إلى ذلك عدم إشراك المهنيين والنقابات في البرنامج. ومع ذلك فقد قال وزير الصحة الحسين الوردي، في اللقاء الصحفي الذي نظم حينما أعطيت انطلاقة تجربة «راميد»: «إن نظام المساعدة الطبية سيمكن شرائح واسعة من الفئات المعوزة من الاستفادة من خدمات التغطية الصحية المتوفرة في المستشفيات العمومية». غير أنه رغم أن الإجراءات ممتازة، كما قال بعض المتدخلين والمهنيين، فإن السؤال يظل واردا: هل يمكن لهذا النظام أن يحل مشكل الصحة في المغرب في غياب الاهتمام بالمنظومة الصحية بشكل عام، والبنية التحتية للصحة في المغرب بشكل خاص؟ لكن هل وزعت الإدارة المغربية بطائق المساعدة الطبية «راميد» على مستحقيها؟ لقد حدد القانون مصادر تمويل نظام المساعدة الطبية في ميزانية الدولة والجماعات المحلية، بالإضافة إلى مساهمة بعض المستفيدين. وتقدر التكلفة الإجمالية لتمويل هذا النظام، حسب نتائج الدراسة التي تم وضعها، بحوالي 2.7 مليار درهم، تتوزع حول 75 في المائة، هي تمويل الدولة، 6 في المائة هي من مساهمة الجماعات المحلية، و19 في المائة هي مساهمة المستفيدين في وضعية الهشاشة. وتنقسم هذه الفئة إلى قسمين، تتمثل الأولى في الأشخاص في وضعية الهشاشة حيث تحدد المساهمة السنوية الجزئية في 120 درهما للشخص، وفي حدود سقف 600 درهم للأسرة كيفما كان عدد أشخاصها. أما الفئة الثانية، فهم الأشخاص في وضعية فقر. وفي هذه الحالة فالجماعات المحلية تعتبر مشاركة في تحمل مجانية العلاجات من خلال تحملها مساهمة 40 درهما في السنة عن كل الأشخاص في وضعية فقر من القاطنين في دائرتها. ويستفيد من هذه البطائق المجانية الأشخاص غير الخاضعين لأي نظام تأمين إجباري عن المرض، وغير المتوفرين على موارد كافية. بالإضافة إلى أزواجهم والأولاد الموجودين تحت كفالتهم غير المشمولين بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض، والأصول غير المشمولين بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض. هذا ناهيك عن المستفيدين بحكم القانون، وهم الأشخاص القاطنون بالمؤسسات الخيرية، ودور الأيتام والملاجئ، ومؤسسات إعادة التربية، ونزلاء المؤسسات السجنية، والأشخاص غير المتوفرين على سكن قار. وتحصل الفئات التي تعتبر متأثرة بالفقر على بطاقات «راميد» للتأمين الصحي صالحة لعام واحد مقابل مساهمة مالية سنوية مقدارها 120 درهما عن كل فرد، مع سقف لا يتجاوز 600 درهم لكل عائلة. وسيحصل من تم تصنيفهم في خانة الفقر المدقع على بطاقة «راميد» صالحة لفترة سنتين وستتكفل السلطات العامة بدفع مساهمتهم المالية. ويستفيد الأشخاص المحددون من العديد من الخدمات الصحية، حددت في الاستشفاء مع توفير الأدوية وأكياس الدم والمرور بالمستعجلات والفحوصات المتخصصة الخارجية، بالإضافة إلى التصوير بالأشعة والتحاليل الطبية والفحوص الوظيفية وحصص تصفية الكلى. كما يستفيد الأشخاص الذين يعانون من بعض الأمراض المزمنة، كداء السكري وأمراض القلب والأورام الخبيثة من خدمات متنوعة مقدمة على هذا المستوى. ويذكر أن العلاجات الصحية الأساسية، كالاستشارات الطبية العامة وتتبع الولادة والطفل والتخطيط العائلي وكذا علاج الأمراض المنتقلة جنسيا والأمراض الوبائية والطفيلية والاجتماعية، تدخل هي الأخرى ضمن الخدمات المقدمة بنظام المساعدة الطبية، ناهيك عن الاستفادة المقدمة على مستوى الصحة المدرسية والجامعية والتلقيح. أي دور للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية شكلت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تجربة رائدة كان المغرب قد أطلقها في 2011 لمحاربة الهشاشة والفقر الذي عرفته جل المناطق المغربية. ومع ظهور نتائج التجربة، وجدت الدولة نفسها مطالبة بالزيادة في الاعتمادات المخصصة لها سنة بعد سنة، حيث سيصل عدد المستفيدين من مشاريع وبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منذ سنة 2011 إلى ما يقارب 2,9 مليون شخص، بغلاف مالي قدر ب7,45 مليارات درهم. وبلغة الأرقام، فقد تمت، في إطار برنامج التأهيل الترابي، تهيئة 423 كيلومترا من الطرق والمسالك، وفتح 27 مستوصفا قرويا، وتزويد 86 دوارا بالماء الشروب، وكهربة 1425 دوارا. وفيما يتعلق بالأنشطة المدرة للدخل، فقد تمت برمجة 1984 نشاطا مدرا للدخل في سنتي 2011 – 2012، استفاد منها أزيد من 29 ألفا و760 مستفيدا، وكلفت استثمارا إجماليا يقدر بأ 558,4 مليون درهم، ساهمت فيها المبادرة في حدود 356 مليون درهم. كما أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أنجزت خلال 2011-2012 نحو 8800 مشروعا و1700 نشاطا لفائدة 2,4 مليون مستفيد، وتطلبت هذه المشاريع غلافا ماليا ناهز 6 مليارات درهم، ساهمت فيه المبادرة بنسبة 60 في المائة. وقد تم اتخاذ مجموعة من التدابير المواكبة لكل العمليات، منها على الخصوص تحيين النظام المعلوماتي الخاص بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ووضع استراتيجية التكوين وتقوية القدرات. وبخصوص أنشطة السنة الموالية، فقد تم اختيار 996 مشروعا في إطار البرنامج الأفقي، و600 مشروع في إطار مكافحة الفقر في الوسط القروي، و267 مشروعا يندرج في إطار برنامج محاربة الهشاشة. واستفاد من مجمل هذه البرامج ما يفوق 471 ألف شخص بكلفة قدرت ب 1,5 مليار درهم ساهمت فيه المبادرة بنحو 781 مليون درهم. بعد أن تم التوقيع على اتفاقية حول الالتقائية والتنسيق بين المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والقطاعات الحكومية المعنية، والتي راهنت على تقوية التزام الشركاء في تنفيذ مشاريع التنمية البشرية، وتكريس التفاعلية وترشيد النفقات. وسنة بعد أخرى يقدم برنامج التنمية البشرية الدليل على أن التجربة أعطت بعضا مما كان منتظرا منها، على الرغم من بعض الهفوات والأخطاء التي رافقت بعض المشاريع. لذلك صنف البرنامج كتجربة ناجحة في إفريقيا التي اختارت بعض دولها تجريبها. غير أنه للقضاء على الفقر، الذي تظهر أرقامه المخيفة أحيانا بيننا، وجب نهج سياسة اجتماعية حاسمة لا تلتفت لتوجيهات ونصائح المؤسسات المالية الدولية. سياسة تشتغل تحديدا على السكن والصحة والتعليم والشغل، ضمانا لسلم اجتماعي يبدو أنه أضحى مهددا في السنوات الأخيرة.