أكد مولاي عمر بن حماد، أستاذ علوم القرآن والتفسير بكلية الآداب بالمحمدية، أن الفتاة البكر المغتصبة ينبغي أن تخضع لأحكام البكر رغم فقدانها لبكارتها، لأنه لا يجوز تحميلها مسؤولية حادث لم يكن لها فيه دخل. واعتبر بن حماد لجوء المرأة المغتصبة إلى البكارة الاصطناعية بهدف الزواج تزويرا وتحايلا، مشيرا إلى عدم جواز لجوء المغتصبة إلى الإجهاض من أجل التخلص من حمل ناتج عن اعتداء. - كيف تنظرون إلى ظاهرة الاغتصاب؟ إن الاغتصاب هو وجه من وجوه الاعتداء على المرأة الذي يتم عبره انتهاك عرضها وشرفها والدوس على كرامتها الإنسانية، ولا يوجد أي مبرر لفعل الاغتصاب أو إفلات المجرم من العقاب، وتركه يتمادى ويفعل ما يحلو له، كما لا ينبغي أن نحاسب المغتصبة ونقسو عليها أكثر من المغتصب. وأرى أنه من الضروري أن لا يبقى هذا الموضوع طي الكتمان لأن قليلا من النساء اللواتي يملكن الجرأة ويفضحن مغتصبيهن». وقد فاجأتني طالبة مؤخرا عندما أخبرتني أن طالبة اغتصبها أخوها تريد أن تسأل هل يجوز لها أن تقاطعه ولا تتحدث معه، فقلت لها هذا أقل ما يمكن أن تفعله لأنها ارتكبت في حقها جريمة مضاعفة، وكما يقول البيت الشعري «وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند»، وهذا ينطبق أيضا على المرأة التي تتعرض للاغتصاب من قبل مشغلها أو أحد أقاربها. ولابد من الإشارة أيضا إلى أن المرأة يجب أن تتفادى كل شيء قد يؤدي إلى اغتصابها، من قبيل تجنب لباس الإثارة الذي ورد فيه تعليل قرآني «ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين»، كما عليها أن تبتعد عن كل الأحوال التي تسهل مهمة المغتصب مثل الخلوة وغيرها، وطبعا كل هذا لا يمكن أن نبرر به عمل الشخص الذي يقدم على الاغتصاب، بل هذه مجرد عوامل مساعدة له وقد يتخذها مطية لتبرير فعله المشين والشنيع. - هناك العديد من النساء يقعن ضحايا للاغتصاب وينتج عن ذلك حمل، ومنهن من ترغب في التخلص منه لأنها كانت مجبرة على ذلك خاصة اللواتي يتم اغتصابهن من قبل المحارم، فما رأي الشرع في ذلك؟ الذي أميل إليه فقهيا، هو ما جاء في قوله تعالى «وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت»، فالإجهاض هو صورة من صور الوأد، وهو اعتداء على روح لا ذنب لها، فالأصل هو عدم جواز الإجهاض إلا إذا كان فيه تهديد لحياة الأم ، وقد تشدد العلماء في الصور المبيحة للإجهاض، ويمكن أن نعتبر أن أي تساهل مع الإجهاض قد يشجع الاغتصاب الذي يترتب عليه الحمل. ونعتبر أن الحمل هو صورة من صور المعاناة التي تضاف إلى المرأة المغتصبة وتكون آثاره دالة في عدم رغبة المرأة بوليد ناتج عن اغتصاب. لكن العلماء لا يبيحوا الإجهاض إلا في حالة خطر بقائه على صحة الأم وميزوا ما بين الجنين قبل الأربعين وبعد الأربعين. ولا بد أن أذكر هنا الفتوى التي صدرت بمناسبة الحرب على البوسنة، حيث لم يبح العلماء للمسلمات إجهاض الحمل الناتج عن اغتصاب أعدائهن الصربيين، فرغم ذلك لم يرخص لهن بذلك بحجة أن المواليد من صلب كفار، وأن وجودهم سيحيي في نفوس البوسنيات كل معاني البطش والتسلط والإجرام. - هل يمكن أن تلجأ المغتصبة إلى البكارة الاصطناعية بهدف الزواج؟ أعتبر أن اللجوء إلى البكارة الاصطناعية تحايل وتزوير، وأن المرأة التي تلجأ إلى هذه الوسيلة من أجل الزواج ستعيش معذبة مرتين في حياتها، أولا لأنها ستتذكر دائما حادث اغتصابها، وثانيا لأنها ستشعر بأنها قامت بالتدليس على زوجها الذي ارتبطت به وستكون دائمة الخوف من أن يبلغه الأمر، وعوض أن ينظر إليها أنها كانت ضحية اغتصاب سيعتبر نفسه كان ضحية الكذب والخداع. وعموما ليس ضروريا أن تصارح المرأة الزوج بأن فقدانها لبكارتها كان عبر اغتصاب، لأن فقدانها قد يكون عبر حركة رياضية كما أن المرأة قد تولد دون بكارة. - كيف تنظرون إلى الوسائل الكفيلة بالحد من ظاهرة الاغتصاب؟ إن الحل الأفضل هو إعادة الاعتبار للقيم ونهج سياسة الوقاية وإشاعة ثقافة العفة والأخلاق الإسلامية التي تنهى عن مثل هذه الأفعال المشينة، وذلك عبر تسخير وسائل الإعلام والخطباء بالمساجد لإيصال هذا النوع من الرسائل. كما لا بد أن نذكر في هذا الباب أن هناك موادا إعلامية تشجع على الاغتصاب وتهون منه، مما يساعد على انتشار هذه الظاهرة. إضافة إلى ذلك، ينبغي أن يكون هناك ردع قانوني لكل مرتكب لجريمة الاغتصاب، وليعلم الجميع أن كل جان اعتدى على شرف المرأة سينال جزاءه حفظا لكرامة المرأة وصونا لها. وإن الحد من هذه الظاهرة هي مسؤولية جماعية من قبل جميع الأطراف بمن فيهم الدعاة من أجل القيام بحملات تحسيسية في الموضوع. - هناك أحكام في الشريعة الإسلامية تفرق بين البكر والثيب، في أي خانة يمكن أن نصنف الفتاة العذراء التي وقع عليها الاغتصاب؟ لا يمكن أن نحمل الفتاة البكر تبعات اغتصابها، لأنها كانت بكرا وتم افتضاض بكارتها عن طريق الاغتصاب، لذلك ينبغي أن تشملها أحكام البكر وليست أحكام الثيب لأنها لم يسبق لها الزواج. ولا بد من الإشارة إلى أن المرأة التي تغتصب قد تكون ثيبا أو بكرا، ولكن يكون وقع الحادث أقوى على الفتاة العذراء لأنها تعرضت للاغتصاب ولافتضاض البكارة معا.