ابتدأ الموسم الدراسي الجديد، ومعه يبتدئ الجدل مرة أخرى حول فشل التعليم في بلد حصل على استقلاله قبل ستين عاما، ومع ذلك لايزال لا يعرف ماذا يفعل في مدارسه وثانوياته وجامعاته. ابتدأ الموسم الدراسي من جديد بينما لا توجد أي جامعة مغربية في لائحة أفضل جامعات العالم، بل المصيبة أنه لو تم وضع لائحة لأسوإ جامعات العالم فإننا سنجد أنفسنا في المراتب الأولى، في وقت لا نتوقف فيه عن اجترار كون المغرب عرف فتح أول جامعة في العالم، هي جامعة القرويين. ما الفائدة من أن نفتتح أول جامعة في العالم قبل قرون ثم بعدها بقرون نكون في أسفل الترتيب العالمي في مجال التعليم؟ ابتدأ الموسم الدراسي لكي يبتدئ معه ذلك الجدل الأخرق الذي يقوده المايسترو نور الدين عيوش، الرجل الذي يصاب بالضجر فيقرر تكسير ملله عبر الدعوة إلى اعتماد الدارجة في المدارس المغربية، بينما هو لا يعرف الدارجة ولا اللغة العربية، إنه فرانكفوني العقل والهوى. الموسم الدراسي ابتدأ، ومن الآن فصاعدا ستصلنا الأخبار تباعا عن كوارث حقيقية تحدث في مدارسنا وثانوياتنا وجامعاتنا. سنسمع الكثير عن حالات الاغتصاب التي يقوم بها مدرسون ضد أطفال في عمر الزهور، وسنسمع الكثير عن اعتداءات وجرائم قتل يقوم بها تلاميذ وطلبة في حق بعضهم البعض أو ضد مدرسيهم. وستصلنا أخبار كثيرة عن ترويج المخدرات العادية والصلبة مباشرة أمام أبواب الإعداديات والثانويات، وسنسمع المزيد من أخبار التحرش الجنسي في قلب المؤسسات التعليمية وفي خارجها، حيث السيارات الفارهة تعودت على الوقوف مباشرة أمام الأبواب لكي تصطاد الفرائس، وكل ذلك أمام عيون الناس والسلطة. يبدأ الموسم الدراسي الجديد وتبدأ معه مظاهر «الأبارتهايد» التي لم نكن نعرفها من قبل. أبناء مدللون للصوص الكبار يأتون إلى الثانويات والجامعات على متن سيارات فارهة لم يتعبوا أبدا في الحصول عليها. أبناء ولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب ولا حاجة بهم إلى الدراسة لأنهم ولدوا أغنياء وأغبياء، لكنهم يزرعون الإحباط في نفوس الآلاف من التلاميذ والطلبة ويعطونهم الانطباع بأنهم مهما درسوا وكافحوا فلن يحصلوا أبدا على ما حصل عليه زملاؤهم الأغنياء بدون دراسة. الغريب أن كل هذه المظاهر تتكرر كل عام ولا نفعل تجاهها أي شيء. نتحدث عن فشل التعليم ولا نعرف كيف نضعه على السكة الصحيحة مع أن هناك أكثر من الإجماع حول هذا الفشل، من أعلى قمة الدولة إلى أبسط الناس، وفي النهاية نستمر في وضع مصير بلد بأكمله في قفة تعليم كارثي يسير بنا قُدما إلى الماضي. نشتكي من كون جامعاتنا تغرق في الجهل والتخلف ولا نفعل أي شيء لكي تكون عندنا جامعة واحدة يمكن أن نفخر بها، يعني أن نفخر بما تخرجه من عقول وليس بمقدار السيارات الفارهة التي تقف عند أبوابها أو الأسماء العائلية للطلبة الذين يدرسون بها. نعرف جميعا أن نور الدين عيوش ينفذ أجندة أجنبية لا علاقة لها بتاريخ وثقافة وواقع المغاربة، ومع ذلك نستمر في مشاهدته ضيفا عزيزا على التلفزيون يبث فيه أحقاده ويتصرف كأنه شخصية جاءت لتخرجنا من الظلمات إلى النور، مع أن هذا الرجل لا يحمل في جعبته غير الظلام.. الظلام الدامس. تصلنا أخبار الاغتصابات ضد تلاميذ في عمر الزهور ولا نحتج على تلك الأحكام القضائية التي تعاقب مدرسا أو مسؤولا تعليميا بالسجن لبضعة أشهر، مع أننا أقمنا الدنيا ولم نقعدها ضد الإسباني دانييل غالفان، وهللنا للحكم عليه بثلاثين عاما، فما الفرق بين «غالفان» الإسباني وباقي «الغالفانات» المغاربة؟! تتكرر أمام أعيننا مشاهد السيارات الفارهة التي تصطاد تلميذات قاصرات على مرمى حجر من أقسامهن ولا نطالب بتخصيص شرطة خاصة أمام أبواب المؤسسات التعليمية لوضع حد لهذه الظاهرة المشينة، مع أن أفراد الأمن يوجدون في كثير من الأحيان أمام مؤسسات لا تعاني من أي مشاكل. نشتكي من الاعتداءات وجرائم القتل وبيع المخدرات على أبواب المؤسسات التعليمية للتلاميذ ثم ندفن رؤوسنا في الرمال، مع أن أبسط شيء يمكن القيام به هو وضع كاميرات في محيط المؤسسات التعليمية لرصد الشياطين الحائمين حولها، فلا يعقل أن نضع الكاميرات أمام الأبناك لأننا نخاف من اللصوص الذين يسرقون الأموال، ولا نضع الكاميرات أمام المؤسسات التعليمية لرصد اللصوص الذين يسرقون مستقبل البلاد.