تعززت فضاءات مدينة الجديدة أخيرا بافتتاح «فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة وجيش التحرير» بمقر البناية المعروفة باسم « بيرو عرب» المطلة على شاطئ الجديدة، وهي البناية التي كان المندوب السامي للمقاومين وأعضاء جيش التحرير وعامل إقليمالجديدة قد أعطيا في الرابع من نونبر 2013، الانطلاقة لأشغال تهيئتها وتأهيلها في إطار المبادرة التشاركية بين المندوبية السامية ومجلس جهة دكالة عبدة والمجلس الإقليمي والمجلس البلدي بالجديدة والمجلس الجماعي لجماعة مولاي عبد الله، وهي عملية رُصد لها غلاف مالي قدره 4 ملايين درهما، ساهمت فيها كل جهة بمليون درهما. فيما تكفلت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وجيش التحرير بتأثيث وتجهيز الفضاء وتزويده بمستلزمات التسيير والتدبير الإداري. وتعد بناية «بيرو عرب» واحدة من البنايات التاريخية ذات حمولة تراثية وحضارية وازنة، وتتميز بمعمارها المتميز والشامخ وسط مدينة الجديدة ومثلت إلى وقت قريب مركزا للسلطة السياسية للإقامة العامة للحماية الفرنسية، ومصدرا لهيبتها وجبروتها وتسلطها، هذه البناية شهدت عمليات الاحتجاز والاستنطاق التي كان الوطنيون والمقاومون يتعرضون لها داخل ردهاتها. شيدت هذه البناية كما تبين ذلك وثيقة نُصبت على بوابتها، سنة 1920م وكانت مقرا لمكتب الشؤون الأهلية لمنطقة دكالة، قبل أن تتحول إلى أول مقر لعمالة الجديدة غداة الاستقلال، وبعدها إلى مقر لدائرة المدينة ثم مركزا جهويا للاستثمار. في تصريح ل»المساء» أكد صلاح جبران المندوب الإقليمي للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وجيش التحرير بالجديدة، أن فضاء المتحف مفتوح في وجه العموم، وينقل إليهم عروضا ثقافية وفكرية وتاريخية حول نمط وحياة نساء ورجال الحركة الوطنية وجيش التحرير من جيل إلى جيل، كما أفاد أن المتحف يوفر وسائط وأدوات تجمع بين المقروء كالمخطوطات والوثائق وبين المرئي كالصور والأزياء والأسلحة الحية المباشرة التي تثير في الزوار غريزة الانتماء لتاريخ وجغرافية المكان. كما يوثق المتحف بحسب جبران لأعلام ورموز الحركة الوطنية الذين تم إعدامهم من طرف السلطات الفرنسية ما بين سنتي 1954 و1955 بالسجن الفلاحي العاذر بضواحي مدينة الجديدة. إضافة إلى فضاء مخصص للعرض المتحفي الوطني المحلي والوطني برواق خاص بالذاكرة المشتركة والمتقاسمة المغربية الفرنسية لحقبة الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، عندما جند المغاربة في أعقاب النداء التاريخي للمغفور له محمد الخامس للوقوف إلى جانب الحلفاء في مواجهة الغزو النازي الفاشستي. وقال جبران إن المتحف يضم مكتبة تضم أمهات الكتب والمؤلفات في مختلف مجالات المعرفة والعلوم وقاعة للمطالعة، وقاعة متعددة الوسائط متوفرة على أحدث التقنيات في مجال التواصل ووسائل التبليغ والمعالجة الإعلامية لمحتويات الخزانة السمعية البصرية التي تضم في رفوفها التسجيلات الوثائقية للأحداث التاريخية والوجوه والرموز الرائدة في حقل النضال والمقاومة الوطنية. وحول الأهداف التي من أجلها تم إنشاء هذا المتحف قال جبران إنها تكمن في الحفاظ على الموروث التاريخي ومد الجسور بين الماضي والحاضر والمستقبل وتمكين الناشئة والشباب من الاطلاع على تاريخهم وحضارتهم، على اعتبار أن المتحف أصبح قبلة لأطفال المخيمات الصيفية وسكان مدينة الجديدة وزوارها.