كلما تعلق الأمر بتنظيم مباريات لكرة القدم بملعب محمد الخامس بالدار البيضاء، إلا وردد مسؤولو فريقي الرجاء والوداد بأن هذا الملعب لا يساعد على التنظيم المحكم للمباريات، وبأن هندسته تساعد على تسلل فئات كبيرة من الجمهور بالرغم من عدم توفرهم على التذاكر. أما رؤساء الفريقين ومعهم مسؤولو اللجنتين المنظمتين فإنهم لا يترددون بدورهم في ترويج نفس الكلام، حتى تحول الأمر إلى أسطوانة مشروخة، بالرغم من أن المتتبع البسيط بإمكانه أن يلحظ بأم العين أن هناك ممارسات سلبية تقوم بها مجموعة من الأطراف تفسد التنظيم، وتحول الملعب إلى جحيم، والوصول للمدرجات إلى قطعة من العذاب، سواء تعلق الأمر بمسؤولي الفريقين، أو بكمية التذاكر المطروحة للبيع أو بسلوكات لبعض رجال الأمن ممن يغمضون أعينهم على أشخاص لا يتوفرون على التذاكر، والمقابل معروف. لقد تحولت مباريات الرجاء والوداد بملعب محمد الخامس إلى سوق تدر المال على هذه الدائرة الضيقة تجني من ورائها الأموال دون وجه حق، أما الخاسر فهي لعبة كرة القدم والجمهور وسمعة الكرة المغربية، وسلامة المتفرجين، خصوصا أن الكثير من أحداث الشغب يتسبب فيها في المجمل المشجعون الذين يتسللون إلى المدرجات. في مباراة كأس الصداقة بين الوداد والعين الإماراتي، اختفت كل هذه الأمور، وخلنا أنفسنا كما لو أننا نتابع المباراة من أحد الملاعب الأوربية، فمن يتوفرون على التذاكر وجدوا الطريق سالكا إلى الملعب، دون ازدحام أو فوضى أو تدافع، وشعرنا بالفخر ونحن نتابع مباراة بتنظيم مغربي محكم. الذين أشرفوا على تنظيم مباراة الوداد والعين لم يأتوا من المريخ، لقد ترأس اللجنة التنظيمية معاذ حجي المسؤول بالجامعة، واشتغل معه فريق عمل لم يتردد في سد كل الثقوب، وملأ الفراغات، ووضع خطة تنظيمية محكمة، والنتيجة تابعها الجميع. لقد تم تنظيم هذه المباراة بشكل جيد، لأنه كانت هناك إرادة حقيقية لذلك، فما الذي يمنع من أن تجرى المباريات التي يحتضنها ملعب محمد الخامس بنفس الصرامة التنظيمية، حيث لا يمكن أن يتدخل مسؤول أمني مهما كانت رتبته ليسمح لأفراد ليسوا حاملين للتذاكر بدخول الملعب، أو يتدخل رئيس للفريق أو عضو في المكتب المسير، فيعبد الطريق نحو الملعب لعشرات المتفرجين، أو يأتي عضو في مجلس المدينة من بعيد ليقوم بالأمر نفسه، لأن الأمر يتعلق ب»قواته الانتخابية». لقد أسقطت مباراة الوداد والعين أكذوبة أن ملعب محمد الخامس لا يساعد على التنظيم الجيد للمباريات، لذلك على مسؤولي فريقي الوداد والرجاء ومعهم المتدخلون في التنظيم بملعب محمد الخامس أن يبحثوا عن عذر جديد، فليس مقبولا أن تعيش الجماهير العذاب في كل مباراة، وأن تحرم الكثير من الفئات من المجئ إلى الملعب بسبب سوء التنظيم والمخاوف من الازدحام. إذا وقعت أمور تنظيمية غير مقبولة في مباريات الوداد والرجاء بملعب محمد الخامس، وإذا حدثت انفلاتات فالمتهم أصبح معروفا ، إنهم مصاصو الدماء من يبحثون عن مصالحهم الشخصية، ومن لا «كبدة» لهم على جمهور الكرة.