مع انتشار إقامات السكن الاقتصادي، ظن المواطن المغربي متوسط الدخل، أنه مع هذا الانتشار، وجد أخيرا حلا لمعضلة السكن التي لطالما أرقت مضجعه وقضته، وظن أن "هاذ الناس فكروا فيه" وسيتمكن أخيرا من توفير قبر الحياة، لكنه وبفعل متغيرات عديدة، تحول هذا السكن، الذي كان يفترض أن ينهي أزمته، إلى منبع أزمات لا تعد ولا تحصى، فكثير من المواطنين تبخرت أحلامهم بامتلاك سكنهم الخاص، وصارت مجرد حلم عبر المخيلة وغادرها، ليتبخر في فضاء شركات اللوبي العقاري وقروض السكن، مخلفا وراءه ندوبا كثيرة في حياة المواطن المغربي بحس الألم والغبن و"الشمتة"، فحين تجسد الحلم وصار حقيقة مرة، وظهرت بعض نيات المنعشين العقاريين علانية، اكتشف المواطن المغلوب على أمره "فظاعة" إقامات السكن، وعايش تفاصيلها اليومية عن قرب، وعرف أخيرا "فيمن فكر هؤلاء". لم يكن يدور بخلد محمد (اسم مستعار)، وهو يقتني شقة الأحلام التي طال انتظارها، ويزف زوجته إليها، أنه بهذا الفعل، كان كمن يشتري تذكرة معايشة تفاصيل تعاسة وضياع تام، ويحفر بنفسه وطواعية قبر أحلامه المستقبلية. فبعد أن تقدم لخطبة فتاته، أصرت عائلتها على ضرورة توفره على سكن خاص، وهو الشرط الذي لم يكن يتوفر عليه، فأسره في نفسه ولم يبده لعائلة محبوبته، فكر كثيرا ومليا، فلم يجد بدا من التوجه إلى حيث تعرض شقق السكن الاقتصادي الجاهزة، لكنه لم يجد ضالته هناك، وبعد رحلة بحث مضن وضغط من عائلة الزوجة، قرر الوصول إلى اتفاق يرضي الأم لتمنحه بالتالي ابنتها. توصل إلى رب أسرة كان بصدد بيع شقته التي اقتناها في إطار شقق السكن الاقتصادي بحي قصبة الأمين، وظن محمد أنه حصل على فرصة العمر، وعليه، أجرى الشاب المغمور صفقة البيع، وبالتالي ضمن عش الزوجية. اقتنى رب الأسرة شقته من شركة توزيع السكن الاقتصادي بحي قصبة الأمين بمبلغ 250 ألف درهم، وباعها لمحمد بمبلغ 450 ألف درهم. دفع لقاءها مبلغ 70 ألف درهم كدفعة أولية (تسبيق)، واقترض المبلغ المتبقي من البنك، وهو مبلغ يعادل 380 ألف درهم. قضى محمد وعروسه أسبوعين في شقة أحلامه، وبعد مضي هذه الفترة الزمنية الوجيزة، وجد نفسه أمام واقع واحد وحيد: كيفية تأمين مبلغ الفائدة والقرض الكبير الذي أخذه، ما اضطره إلى مغادرة الشقة والعودة للعيش في كنف والديه على أمل تأمين مبلغ القرض، الذي واصل تأريقه لمدة أربع سنوات دون إيجاد حل. بل ما ازداد إلا غرقا في دوامة قروض السكن، حيث طالبه البنك أخيرا بتسديد الديون التي تراكمت عليه نتيجة تأخره عن سدادها. وفي حالة ما إذا لم يدفع المترتبات، فإن البنك سيحجز على شقته وأحلامه معها، ويعرضها للبيع بالمزاد العلني، وفي هذه الحالة سيكون محمد كذاك الذي قضى أسبوعين من شهر عسله، في فندق أسطوري بمبلغ باهض، ليعيش باقي العمر ضمن مهمشي المجتمع الذين لم يجدوا لأنفسهم حلا ولو وسطا. أمر دفع المستحقات أو عرض شقته في المزاد العلني، أخذه محمد على محمل الجد، حيث بدأ يحاول بيع شقته من أجل لملمة شتاته وأسرته، إلا أن خطوته هذه جاءت متأخرة، فقد سلبه القرض حياته الزوجية والأسرية، وهو الآن قاب قوسين من أبواب الطلاق. ومن جملة المشاكل التي ستعترضه، أنه حين يتمكن من بيع شقته، فإنه سيدفع المبلغ كاملا للبنك، بغض النظر عن المبالغ التي سبق له أن دفعها كفائدة للقرض، وهو بذلك سيخرج بخفي حنين، وسيكون كمن رمى بنفسه إلى الهاوية وهو في كامل قواه العقلية، حيث إن أكبر أمانيه تتمثل في بيع الشقة بمبلغ يؤمن له المبلغ الذي يدين به للبنك. محمد تنضاف إليه العديد من الأسر المغربية التي اشترت شققها في إطار مشاريع السكن الاقتصادي بمساعدة قروض السكن، حيث يدفع بعضها «تسبيقات» بسيطة ليقترضوا المبلغ المتبقي من البنك، وهو ما يجعلهم يدفعون مبلغا يفوق بكثير ما تعادله شقة لا تتعدى مساحتها 45 و50 مترا. فاتحين الباب على مصراعيه، لكافة الاحتمالات، بدءا من مدة سداد القرض، واحتمالية حجز البنك على الشقة في حال تأخرهم عن سداده. فالاحتمالات كثيرة وتفوق أي خيال. ويبقى الاحتمال/الحقيقة، القلق النفسي الذي تسببه قروض السكن. من المفترض أنه يراد بقروض السكن تخفيف معاناة المواطنين، وتشجيعهم ومساعدتهم على تحمل تكاليف توفير مسكنهم الخاص، لكن الفوائد المترتبة عنها والتي ينبغي على زبنائها دفعها كل شهر، شردت بعض الأسر ودفعت بها إلى الهاوية، في حين ما يزال البعض الآخر يحاول تدبير المبلغ كل شهر، ولو على حساب متطلباته الشخصية من احتياجاته واحتياجات أفراد أسرته، والبعض القليل ممن حالفهم الحظ، تمكنوا من دفع المبلغ كاملا دون حاجة لتدخل البنك ولأمواله. والأغلبية الغالبة مازالت تعاني الأمرين وهي تعي يوميا أن هذه الشقة صغيرة الحجم والمساحة، لن تكون ملكا شخصيا لها، إلا بعد مرور سنوات طوال، وتسديد قرض جبار، سيجعلهم يدفعون «ثمن» تملك شقتهم الخاصة غاليا. سنوات من الانتظار مشاكل السكن، لا تقف عند هذا الحد، بل تتجاوزه إلى مشاكل كثيرة تنضاف إلى كاهل الزبناء، ورغم تلك التسهيلات التي قدمتها الدولة من إعفاءات ضريبية، إلا أن المنعشين العقاريين يتخلفون في أحايين كثيرة عن موعد التسليم المحدد، ويتجاوزون أجله بكثير، ذلك أن هذه السيدة التي التقتها «المساء» في إحدى البقع الأرضية التي لم يطلها البنيان بعد، بعدما قادتنا إليها إحدى السيدات، كانت غارقة في أحلامها شاردة البال، تدور في رأسها ألف فكرة وفكرة. شرعت تتحدث عن معاناتها مع تملك سكن خاص، وتجنب مصاريف الكراء وعناء التنقل من حي إلى حي، وهي تتحسر على ما دفعته في انتظار استكمال بناء شقتها في حي البركة، «بعدما دفعنا مبلغ خمسة ملايين عبارة عن تسبيق، وعدونا أننا سنتسلم سكننا بعد سنة ونصف، انتظرنا المدة المتفق عليها حتى انقضت، وبعدما ذهبنا بحثا عن سكننا، أخبرونا أنه لم يستكمل بناؤه بعد، وها هي قد مرت أكثر من سنتين ولازلنا ننتظر تسلمه». تضيف السيدة التي رفضت الإدلاء باسمها، كما لو أنها تعرف مسبقا، أنه لا آذان صاغية ستستجيب لها، ولا أحد سيدافع عنها في محنة أزمات العقار المغربي، تضيف أنها في ظرف أقل من ثلاث سنوات دفعت 70 ألف درهم ثمنا للكراء فقط، وهي هنا تتحسر على ما دفعته في شقة مكتراة، وعلى ما ستدفعه في أقساط شراء المسكن من قروض السكن، «حين يهديهم الله ويجهزون شقتنا، لا شيء من وضعنا سيتغير، فمن دفع مبلغ الكراء إلى دفع أقساط القروض ومترتباتها الله ياخد الحق، والله ينصرنا على محنتنا». وما بين قروض السكن ومبالغ الكراء، معاناة بطعم المرارة والضياع، سرقت حلم العمر بتملك سكن خاص وقار، خصوصا وأن حال هذه السيدة كحال العديدين ممن ينزوون تحت المشروع العقاري نفسه، إذ لا يزالون في انتظار، انتهاء محكومية شققهم، والإفراج عنها حين يتيقن المنعشون من «براءتها»، وقتها فقط يستطيع هؤلاء الانتقال إلى شققهم، ويرتاحوا من بعض تعب السكن ولو لبعض حين، فالله وحده والمنعشون العقاريون يعلمون ماذا ينتظرهم بعد تسلمهم شققهم وانتقالهم إليها. وكحال هذه السيدة، قام مجموعة من المتضررين من المشروعين السكنيين موكادور وأدرار التابعين لشركة الشعبي للإسكان، بتنظيم مجموعة من الوقفات الاحتجاجية، آخرها كان يوم 7 أبريل من العام الحالي. وتعود أسباب هذه الوقفات الاحتجاجية إلى التنديد بالتأخر في تعيين الشقق وعدم تمكين الزبناء من وصولات التعيين، وعدم التزام إدارة الشركة بالوعود التي سبق وأعطتها للمتضررين عقب اجتماع سابق عقدوه معها. فرغم تحديد الجهات المعنية أجلا لتسليم الزبناء وصل التعيين، إلا أنهم يؤكدون أنه وبالرغم من مضي أزيد من شهر ونصف، لم يتوصلوا بأي تعيين. ورغم أن الزبناء قد دفعوا تسبيقا ماليا يتراوح بين 60 ألف و200 ألف درهم، إلا أنهم لم يتوصلوا حتى بوصل التعيين، وعليه يطالبون بالتزام الشركة بما قطعته على نفسها والقاضي باستصدار 15 شيكا كل شهر لاسترجاع التسبيقات المالية للمتنازلين عن شققهم بعد أن طال انتظارهم لتسلم شققهم لما يزيد عن خمس سنوات. اختلالات وعيوب أزمة السكن لا تقف أيضا عند حد القروض، أو تأخر التسليم، بل تتجاوزها إلى «عيوب» تطال مشاريع السكن الاقتصادي كما المتوسط على حد سواء، حيث يعاني الكثير من الزبناء من عدم ملائمة المشروع على أرض الواقع، الجذاذات الإعلانية التي تغنت بحرص المنعش العقاري على تسويق منتوج ذي جودة على مستوى الإنجاز والأشغال والمساحة التي تم الاتفاق عليها في بنود البيع والوعد به. فكثير من الزبناء في بعض المجمعات السكنية التابعة لمشاريع السكن الاقتصادي، اشتكوا ضعف جودة المواد المستعملة، وحين لم يجدوا آذانا صاغية، قرروا «إصلاح» ما أفسدته شركات العقار التي حرصت على بناء شققهم بالاعتماد على مواردهم الخاصة، حيث عمل بعضهم على تغيير زليج أرضية الشقة، وخشب الدواليب والغرف والمطبخ وأشياء أخرى. تؤكد سيدة ل»المساء»، أنها حين انتقلت إلى شقة للسكن الاقتصادي، فوجئت بتسربات مائية داخل الحمام، وقدمت شكواها لجارها الذي قطن فوقها مباشرة، وهو الآخر لم يعرف مكمن الخلل، بعدها ببضعة أيام، فاجأها جارها الذي يقطن في الطابق تحتها مباشرة بشكواه بخصوص وجود تسرب مائي من حمامها إلى حمامه، وهنا بدأ الجيران يكتشفون شيئا فشيئا، خبايا شققهم التي بناها غيرهم. إلى جانب ذلك، كان هناك طابق أرضي عبارة عن محل تجاري غاب صاحبه لبضعة أشهر، وحين عاد وجد أن محله قد امتلأ بالماء وصار كله رطوبة وتشققات، قام بإخطار السكان، وطلبهم بإصلاح أنابيب مطابخهم لكونها تسرب الماء لمحله، كما طالبهم بالتوقف عن سكب الماء بها حتى إصلاحها. تؤكد سيدات الإقامة السكنية أنهن حين توقفن عن طرد الماء من المطبخ، لمدة أسبوع، وحين قام جارهن بإفراغ محله من الماء وتنظيفه، اكتشف أن العمارة بأكملها لا تتوفر على «مجرى» يسرب الماء المستخدم في المطابخ، بل ترك ينهمر وبغزارة في محله، ولم يجد من حل سوى إصلاح المشكل وعلى نفقته الخاصة. فضلا عن وجود تسربات مائية من أنابيب السخان التي تنقل الماء إلى الحمام، وظهرت الرطوبة في بعض الجدران. المشاكل كثيرة ولا يمكن حلها مهم حاول السكان ذلك، فكل مرة يكتشفون خللا يهدد صحتهم وسلامتهم، وما بيدهم حيلة سوى القيام بعملية إصلاحات بما تملكه ذات اليد. فلا آذان صاغية ستسمعهم وتستجيب لنداءاتهم، ولا حل لهم سوى أن يقبروا أحلاما كانت ذات يوم تسعى لتملك سكن خاص لكن «محترم». اختلفت مآسيهم ومعاناتهم مع مشاكل السكن ومشاريعه والشركات القائمة عليه، لكن مطلبهم واحد اتفقوا عليه جميعا، يتعلق بمن يحميهم من لوبيات العقار، سواء في حالة وجود عيوب بالشقق أو تأخر التسليم، ومن يدفع عنهم مشاكل قروض السكن التي تثقل كاهل الأسرة بأكملها، وتجعل زبائنها يذوقون الأمرين بسببها، خصوصا وأن هذا السكن موجه بالأساس إلى الطبقات متوسطة الدخل. والغريب في الأمر، أن هذه الاختلالات تجاوزت السكن الاقتصادي لتطال أيضا السكن المتوسط، حيث هو الآخر لم يسلم من تلاعب اللوبي العقاري وتحايله بطرق مختلفة، تحكي سيدة من بين مجموعة من المتضررين، في اتصال هاتفي مع «المساء»، أنها صدمت رفقة باقي جيرانها، حين اكتشافهم للوضعية الكارثية التي وجدوا عليها شققهم، سواء من حيث طريقة تنفيذ التصميم أو على مستوى المواد المستعملة، أو على مستوى وسائل ضمان سلامة السكان. فمساحة الشقق المتفق عليها في الاتفاق الأولي لا تطابق المساحة المسلمة، بحيث تفاوتت الفوارق ما بين 6 و10 أمتار ناقصة، وذلك بنفس ثمن الشراء الأولي، كما أن هذه الفوارق مست دون استثناء جميع شقق مشروع سكني تجاوز عددها 300 شقة تابعة للسكن المتوسط. ينضاف إلى مشكل تقلص المساحة، مشكل انعدام معايير الجودة المتفق عليها بالنسبة للشقق المسلمة والتي لا تطابق دفتر التحملات الخاص بالمشروع سواء على مستوى جودة المواد المستعملة أو على مستوى كيفية استعمالها والتي تتنافى ومعايير وشروط البناء الأساسية. هذه الاختلالات شملت جميع العناصر المكونة للشقة بما في ذلك الأشغال النهائية كالكهرباء وأنابيب المياه والطلاء والزليج والخشب المستعمل والألمنيوم، إلى جانبها تلك المتعلقة بمواد البناء الأساسية المستعملة في بناء الجدران وغيرها من باقي العناصر، والتي قد تشكل خطرا على سلامة السكان خاصة مع تأكيد الشكاية بداية ظهور تشققات وتصدعات مهمة في الشقق وكذا المساحات المشتركة. كان هدف الدولة من منح تراخيص وتسهيلات ضريبية، إيجاد حل لأزمة السكن بالمغرب، لكن واقع الحال يقول عكس ذلك، لأنه لا يمكن حل أزمة السكن، بإنتاج أزمات أخرى، كان ضحيتها المواطن المغربي الذي من أجله قدمت هذه التسهيلات. وعقب التقرير الذي أصدره مجلس المنافسة والذي ينتقد فيه الإعفاءات الضريبية المقدمة للمنعشين العقاريين، معتبرا أنها صارت غير ذات جدوى على المستوى الاقتصادي. وحل الدور هذه المرة على رئيس الحكومة ليقول رأيه في قضية الإعفاءات الضريبية، حيث قامت حكومته من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2015، بوضع مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى الحد من الإعفاءات الضريبية التي يتمتع بها المنعشون العقاريون. خصوصا وأن هذه الإعفاءات الضريبية قد حرمت خزينة الدولة من مبلغ 400 مليون درهم. ومن بين الإجراءات التي اتخذتها حكومة ابن كيران، إنهاء الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للقروض التي يحصل عليها المنعشون العقاريون من أجل إنجاز مشاريع السكن الاجتماعي، حيث حدد قانون المالية نسبة هذه الضريبة في 10 في المائة فقط. وقد سبق للدولة أن التزمت سنة 2010 بمنح المنعشين العقاريين إعفاءات ضريبية كاملة فيما يخص الضريبة على الدخل لبناء 500 سكن اجتماعي، هذا الإعفاء بلغت قيمته 660 مليون درهم. كما أن المنعشين العقاريين مازالوا يستفيدون من مجموعة من الامتيازات الضريبية على مستوى الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات مقابل أن يتم الحفاظ على أسعار السكن الاجتماعي في حدود 24 مليون سنتيم. وحسب مشروع قانون المالية فإن قطاع العقار يستحوذ لوحده على 19.3 في المائة من الإعفاءات الضريبية وهو ما يعادل 6.6 مليار درهم تضيع على خزينة الدولة بسبب الإعفاءات الضريبية التي منحتها الحكومة للمنعشين العقاريين. مواد مغشوشة في البناء وقبل وقت مضى، باشرت عناصر الأمن بالبيضاء تحقيقات خاصة، بشأن مقاولين معروفين يشتبه في تورطهم في استعمال مواد بناء مقلدة ومغشوشة، تشكل خطرا على سلامة مئات السكان، وحتى على البنايات التي تعرف بسكن ذوي الدخل المتوسط. حيث بحسب معطيات «المساء»، يستورد بعض المقاولين المعروفين مواد بناء تنتجها شركات صينية، قامت بابتكار مواد بناء جديدة أقل تكلفة من مواد البناء الموجودة حاليا في السوق المغربية، وقد تم تطبيقها في عدد من الدول غير أنها لم تثبت نجاحها. وما أثار الاستغراب هو أن مقاولين معروفين ينشطون في مجال السكن الاقتصادي، أصبحوا يتعاملون مع الشركات الصينية الجديدة لاستيراد أبواب خشبية مقلدة ونوافذ، إضافة إلى كل ما يتعلق بتزويد شقق السكن الاقتصادي بالماء والكهرباء. علما أن الشركات الصينية التي تنتج المواد المقلدة تشير في تقاريرها إلى أن العمر الافتراضي لتلك المواد لا يتجاوز 10 سنوات فقط على أن يتم تجديدها بربع القيمة الأساسية. حرب ضروس مشكلة أزمة السكن، تحتاج إلى حلول جذرية، لكن المشاكل التي تنجم عن هذه المشكلة أعمق وأفدح، ذلك أنه لا يعقل أن يتعرض الراغبون في تأمين مسكن قار وخاص، إلى مجموعة من «العراقيل» التي تجعلهم لقمة سائغة في أفواه الكثيرين من المستفيدين من هفواتهم وجهلهم «بحقوقهم العقارية» وعدم إلمامهم بمحتوى صفقة العمر، فيصيرون عامل جذب يستغله الكبار من أجل مراكمة ثروات على حساب ضعفهم وعدم قدرتهم على الوقوف في وجههم، خصوصا وأن بعض الذين يعانون من المشاكل التي نجمت عن إخلال المنعشين العقاريين ببنود الاتفاق سواء تعلق الأمر بالتسليم أو بالعيوب في التشطيبات النهائية أو بتدني جودة المواد المستعملة، فإن هؤلاء يعانون في صمت إحساسا منهم بالغبن والضعف و»الحكرة»، وعدم وجود أي أحد إلى جانبهم ليقف في وجه «الكبار» ليقول كلمة حق تعيد لهم ما خسروه، ليجد نفسه كذاك الذي دخل حربا ضروسا، دون أدنى علم منه، ودون أدنى آليات للدفاع عن النفس، ومسألة الغالب والمغلوب، عملية محسومة نتائجها قبل انطلاق صافرة البداية. فتكرر الاختلالات والعيوب وتعددها وتنوعها من منعش لآخر، تفرض على الجهات المسؤولة والمعنية، التدخل لإنصاف المتضررين، وإيجاد حل لإيقاف نزيف استغلال «الكبار» لجيوب المواطنين، الذين يحلمون بقبر حياة، يقيهم تقلبات الزمن. فلا يعقل أن يدفع مواطن تسبيقا من أجل الحصول على شقة ويقضي عمره في انتظار رأفة المنعش العقاري وشفقته عليه، لينجز له شقته وفق الأجل المحدد، كما لا يعقل أن يدفع مواطن ثمنا يفوق بكثير ثمن الشقة نتيجة سياسة قروض السكن، كما أنه لا يعقل أنه بعد تخطي المواطن لكل هذه العراقيل، وتحمل تكاليفها المادية والنفسية، أن يجد نفسه في شقة لا توفر أبسط أبجديات العيش الكريم، لذلك يبقى حريا بالجهات المسؤولة التدخل لإيجاد حل لأزمات مشاريع السكن.
حق لا يحترم أكد عبد الله علالي، رئيس الشبكة المغربية من أجل السكن اللائق، في اتصال هاتفي مع «المساء»، أنه في حالة وجود خلل في التشطيبات النهائية يحق للمتضررين رفع دعاوى قضائية ضد الجهات المعنية لمتابعتها حتى تسلمهم شقا وفق المعايير التي تم الاتفاق عليها في بند البيع، «فالتسليم لا يجب أن يكون إلا بعد تسليم شققا السكن من طرف البلدية، وهي الرخصة التي لها قواعدها الخاصة والتي تتمثل في مطابقتها للتصميم ولمعايير الجودة». ومضى علالي متابعا أنه إذا ما كان هناك إشكال مثلا في حالة وجود عيوب في الأسلاك أو طلاء الشقة أو غيرها يكون في هذه الحالة متابعة المنعش العقاري حتى يسلمه شقة وفق ما تم الاتفاق عليه في عقد البناء. وهنا «نرى بضرورة تقنين عقود البيع بين المنعش العقاري والزبون، مع ضرورة تحديد المدة الزمنية للتسليم واحترامها من كلا الجانبين». أضاف المصدر ذاته. أما فيما يخص الفوائد البنكية والمتعلقة بمسألة السكن الاجتماعي فرأى أنها فوائد كبيرة بالنسبة للمستهلك، «ونحن كشبكة مغربية للسكن اللائق نطالب أن يراعى في هذه الفوائد الجانب الاجتماعي للمستهلك»، وتابع مستغربا ومتسائلا في الوقت نفسه «كيف يعقل أن يشتري الفرد شقة بمبلغ السكن الاجتماعي ويدفعها بثمن يفوق أثمنة هذا النوع من السكن»، وبناء عليه يطالب رئيس الشبكة المغربية للسكن اللائق بضرورة تخفيض الفوائد البنكية لتلائم الوضع الاجتماعي لزبناء السكن الاجتماعي.