في 17 شتنبر من سنة 2012، وبعد أن أسدل الستار على المشاركة المغربية في أولمبياد لندن، بحلول المغرب في المركز 79 عالميا إلى جانب أفغانستان، حل عبد السلام أحيزون رئيس الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى ضيفا على البرلمان، وتحديدا أمام اللجنة البرلمانية للقطاعات الاجتماعية، للحديث عن مشاركة المغرب، وعن آفة المنشطات، خصوصا أنه قبل انطلاق الألعاب تم إبعاد العداء أمين لعلو المتخصص في مسافة 800 متر، والعداءة مريم العلوي السلسولي المتخصصة في 1500 متر. في ذلك الوقت قال أحيزون «إن جامعة ألعاب القوى لا تتواني في محاربة هذه الآفة بكل الطرق»، مشيرا إلى «أن الحالات التي تم ضبطها أثارت صخبا إعلاميا كبيرا، وأنه حصل تضخيم بخصوص المغرب، كما لو أنه البلد الوحيد الذي يعاني من هذه الآفة، في الوقت الذي تمت معاينتها في جميع القارات»، قبل أن يضيف أنه «عندما يقال بأن هذه الآفة مرغت سمعة المغرب في الوحل، فعن أي عالم نتحدث لم تصبه هاته الآفة»، ثم خلص إلى كون « المنشطات كانت ومازالت وستبقى، مادام أن سلطة المال تتحكم في الرياضة العالمية». حينها ساد الاعتقاد أن الهدف من تصريحات أحيزون هو امتصاص الغضب الذي خلفه تورط أمين لعلو والسلسولي في تعاطي المنشطات، وما رافقه من جدل إعلامي كبير، لكن اليوم اتضح أن أحيزون لم يطلق هذا التصريح في الهواء، وإنما أدلى به بناء على معطيات حقيقية. لقد شككت التقارير الصحفية التي بثتها القناة الألمانية الأولى وصحيفة «صانداي تايمز» البريطانية في أحقية منح ثلث عدد الميداليات الأولمبية بين 2001 و2012، مما يعني أن 146 ميدالية محل شبهة، بينها 55 ميدالية ذهبية، وهو رقم مهول وصادم بكل تأكيد، ويضع «نظافة» أم الألعاب على المحك، كما يسائل الاتحاد الدولي لألعاب القوى والعديد من المتدخلين في اللعبة. لقد اعتاد الاتحاد الدولي لألعاب القوى، مع كل حدث عالمي كبير من قبيل بطولة العالم أو الألعاب الأولمبية، أن يكشف عن تورط عدائين في تعاطي المنشطات. للأسف الشديد المغرب كان حاضرا في العديد من المحطات، كبطولة العالم ببرلين 2007 وأولمبياد لندن 2012، بل وتحول إلى كبش فداء، حيث كان يتم منع عدائين مغاربة متورطين من المشاركة، لكن المثير هنا أن الحالات التي تخص المغرب كان يتم الإعلان عنها وسط زخم الأحداث العالمية الكبرى، مما كان يعطي لها دويا كبيرا، مع أن الاتحاد الدولي يعرف نتائج هذه الفحوصات قبل ذلك، أما عندما يتعلق الأمر بدول أخرى، لها نفوذها وحضورها القوي واللوبي الذي يدافع عنها، فإن ما يحدث يتم بشكل مخالف، إذ يتم توقيف العداء إذا تقرر التضحية به قبل موعد الحدث العالمي. كذلك لا يمكن أن نتغاضى عما كان يقوم به الإعلام الفرنسي في حق ألعاب القوى المغربية، فعندما يتورط عداء مزدوج الجنسية مغربية وفرنسية في المنشطات، ويلعب تحت ألوان المنتخب الفرنسي، فإن هذا الإعلام يكتب الخبر ويذيله بأن المعني بالأمر مغربي الجنسية، لكنه عندما يحقق نتائج جيدة في المضامير فإنه يصبح فرنسيا. لقد كنا نسمع هنا وهناك، أن اتحادات «تشتري الطريق» لبعض عدائيها، وأن اتفاقيات غير مكتوبة تتم للتغاضي عن هذا البطل أو ذاك، في إطار توزيع للميداليات ، بل إن أصابع الاتهام كانت تطال أسماء وازنة، لكن كل ذلك كان يفتقد للأدلة. اليوم، يبدو أن لهذا الكلام معنى، وأن لمستشهري ألعاب القوى والعدائين دور فاعل في «تنامي» آفة المنشطات، فهم يفرضون شروطهم، ويصنعون أبطالهم، و»يشترون» صمت المؤسسات بالكثير من الطرق، ولهذه الأسباب فإن «آفة المنشطات كانت ومازالت وستبقى، مادام أن سلطة المال تتحكم في الرياضة العالمية». أما في المغرب، فإن الحاجة ملحة اليوم، لمواصلة محاربة هذه الآفة، والاهتمام بالعمل القاعدي وبتكوين العدائين والمدربين، تكوينا رياضيا سليما، يدافع عن القيم الرياضية، وعن شرف الرياضة ونبلها، حتى لا يردد بعض منعدمي الضمائر من مدربين العدائين مقولتهم الشهيرة «عندي دواك»، في إشارة إلى حقن المنشطات..