اشتهر بالدهاء والشراسة وكان يخبر ضحاياه بموعد اغتيالهم. هو تشارلز لوشيانو الشهير بلوشيانو المحظوظ، ولد في ضواحي صقلية بايطاليا، وانتقل إلى أمريكا في سنة 1906، حيث أقام في بروكلين بنيويورك. البداية كان أول نشاط إجرامي له هو السطو على المحلات، وفي سنة 1907 تمكنت الشرطة من القبض عليه أثناء إحدى جرائم السرقة، ودخل السجن، وكانت هذه المرة الأولى التي يسجن فيها. خرج بعد ذلك لوشيانو من السجن، وبدأ يمارس نشاطا إجراميا آخر، ففرض الإتاوات على بعض طلاب المدارس اليهودية، مقابل حمايته لهم حتى لا يتعرضوا للأذى في طريقهم للمدرسة. وكان لا يرحم من لا يدفع له المبلغ المفروض فقد كان شديد البطش. وكان من ضمن هؤلاء الطلاب ذلك الفتى اليهودي العربيد الصغير الجسم البولندي الأصل ماير لانسكي MEYER LANSKY ، الذي لم يخضع للوشيانو ولم يعبأ بشراسته ورفض دفع أية نقود له، مما أثار دهشة لوشيانو وربما إعجابه به، قبل أن يتحول إلى أقرب صديق له ..! شهرة عالمية يعد لوتشيانو أبرز وأخطر زعيم مافيا إيطالي شهدته الولاياتالمتحدة في تاريخها عبر سجله الحافل بأبشع الجرائم وأشنعها بمعية صديقه اليهودي ماير لانسكي، وانبثقت على أيديهم أول عصابة للجريمة المنظمة في أمريكا من جنسيات مختلفة. وفي عام 1916 استطاع تكوين عصابة من خمسة أشخاص، وبعدها بأربع سنوات أصبح لوتشيانو قوة لا تضاهى في عالم الإجرام بانضمام أخطر السفاحين والمجرمين الإيطاليين إلى عصابته. في نفس العام شعر لوتشيانو بضرورة التخلص من رجال المافيا القديمة وحقن المنظمة بدماء شابة بديلة، فما كان منه إلا أن قام بإثارة الفتنة بين بعض الزعماء مما أدى إلى اقتتالهم. وبالتالي شب الوهن والضعف في هذه الجماعات المتناحرة، مما سهل عليه عملية التخلص منهم، حتى انتهى به الأمر إلى اغتيال سلفادور مارانزانو آخر الزعماء القدامى. في اليوم الموالي على اغتياله لسلفادور مارانزانو، أقدم لوتشيانو على تصفية عدد كبير ممن ينتمون إلى مافيا صقلية بعملية ضخمة بلغ فيها عدد القتلى إلى ما يزيد على التسعين قتيلا وأطلق لوتشيانو على العملية اسما بليغا وهو «يوم الصلاة على غروب شمس مافيا صقلية، ثم قام على إثر ذلك بتكوين عائلات جديدة ذات طابع مختلف تماماً في الأهداف والمهام والهيكل التنظيمي، إلى جانب دخول جنسيات مختلفة وانضمام من تبقى من رجال المافيا القديمة. في عام 1936 وجهت تهم جنائية إلى لوتشيانو لم يفلح في نفيها عنه، فأودت به إلى السجن، ورغم ذلك استمر في إدارة المنظمة من خلف القضبان بنفس القوة والشراسة، وفي سنة 1946 اتهم مرة أخرى بمسؤوليته عن عدد من الجرائم عبر تعليماته لرجاله وهو في السجن بالإضافة إلى اتهامه بتجنيد المزيد من الإيطاليين للعمل في المافيا، وخلال اجتياح إيطاليا وصقلية في عام 1943 استخدمت أمريكا الاتصالات الايطالية بالمافيا الأمريكية، فقد قام لاكي لوتشيانو وأعضاء آخرون في المافيا بأمريكا بمد المعلومات للاستخبارات الأمريكية، التي عبدت الطريق أمام القوات الأمريكية المتقدمة. وطبقا للدكتور ألفرد. و. ماكوي، خبير تجارة المخدرات، فقد سمح للوتشيانو بإدارة شبكته من زنزانته جزاء مساعداته، وبعد الحرب تمت مكافأته بترحيله إلى إيطاليا، حيث استكمل نشاطاته هناك، حيث ذهب إلى صقلية عام 1945 لاستئناف نشاطه ، وطبقا لكتاب ماكوي الهام الذي صدر بعنوان « The politics of Heroin in South-East Asia» أو «سياسات الهروين في جنوب-شرق أسيا»، فقد ذهب لوتشيانو لإبرام اتحاد مع المافيا الكورسيكية، مما أدى إلى تطور مركز الجزيرة في شبكة التهريب العالمية للهروين، الذي كان يورد أساسا من الفيتنام. لا ثقة بالآخرين ظل لوتشيانو على اتصال دائم بالمنظمة لإدارتها، ومع مرور الوقت بدأت منظمته تفقد جزءا من قوتها حتى ضعف تأثير لوتشيانو عليها مما دفع فيتو جينوفيز إلى التخطيط لاغتياله، لكن لوتشيانو فطن إلى ذلك فأوقع بجينوفيز في أيدي رجال الشرطة بتهمة الاتجار بالمخدرات.. بعدها بسنوات اختلت ثقته أيضا بصديقه ماير لانسكي، بعد أن اكتشف بأن هذا الأخير كان يختلس جزءا كبيرا من الأموال لصالحه ولم تواته الفرصة للانتقام بسبب إصابته بأزمة قلبية ألزمته الفراش لفترة طويلة، ومع مشارفته على الموت بدأ بالبوح ببعض أسراره للصحافيين وكشف النقاب عن العديد من الجرائم. وفاته توفي لوتشيانو سنة 1962 إثر أزمة قلبية داهمته بمطار نابولي في إيطاليا، وكان قد أوصى بدفنه في أمريكا التي اعتبرها دائماً موطنه الحقيقي فدفن في سانت جوان بنيويورك. وبذلك تكون انتهت حياة لاكي لوتشيانو التي قضاها في الشغب والمغامرة والإثارة والإجرام واستطاع أن يقفز من الفقر المدقع إلى الثراء الفاحش بفضل حنكته ومكره وشجاعته، وتمرده على نفسه وعلى المجتمع المحيط به . ويسمى لاكي لوتشيانو أيضا بلاكي الثائر لأنه ثار على مبادئ المافيا واستحدث قوانين جديدة في العصابة. وأيضا لكونه لا يحب الغدر بالأعداء بعكس زعماء المافيا السابقين فقد كان إذا أراد أن يقتل أحدا أخبره بذلك بمدة قصيرة، قبل الإقدام الفعلي على تصفيته.