تناولت جلسة صبيحة يوم الأحد موضوع مسألة الاقتباس من وجهة نظر تطبيقية، عبر عرض لمقاطع أفلام سينمائية، بعد قراءة مقاطع نصوص روائية بحضور أصحابها وقراءة مقطعين من سيناريوهات تم اختيارها من طرف اتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة، بصوت الممثلة أمال عيوش، حيث عرض مقطعان من شريط إفريقي للمخرج المالي (ابراهيما توري) بعنوان «نسيج العنكبوت»، الذي كتبه في سنة 1974، في ظل فترة الأنظمة العسكرية، وفي ظل انتمائه إلى المعارضة، وهو شريط يمثل جزءا من الواقع السياسي بمالي، عندما كانت هناك خيانة في الممارسة السياسية، حيث استعمل في تصوير هذا الشريط سجن قديم شيد في بداية العشرينات، ليصور فيه حكايات أعمق الجروح الإفريقية، من خلال قصة حب مستحيلة، وليصف وضعية المعتقلين السياسيين في السجون المالية واختلاط الرجال بالنساء فيها، فكانت الرواية كما سردت مقاطع منها في حضور المشاهدين، وبشهادة منهم، مليئة بعناصر وصفية يصعب اقتباسها. أما المرحلة الثانية من اللقاء الصباحي ليوم الأحد، فقد تناولت تجربة المخرج المغربي الجيلالي فرحاتي، بعد جرد مختصر لبيوغرافية هذا المبدع، بما فيه حياته وإنجازاته السينمائية، التي عرفت اشتغالا متنوعا على مستوى الاقتباس، من بينها اشتغاله على رواية الكاتب (بشير الدامون)، بعنوان «سرير الأسرار»، بعدما وجد فيها صعوبة في الاقتباس، وعرض مقطعين من هذا الشريط، المقطع الأول يقدم فتاة صغيرة في حديث مع طائر في قفص، لتقتحم الأم إطار الشاشة ليتحول هذا الحديث إلى حوار ثنائي، تقدم فيه الأم نصيحة لابنتها، وتنبهها من «العين»، لتقوم بحفظها منه بطريقة واعتقاد تقليديين يحضر فيهما البخور كأداة لحجب الضرر، بعده أخذ الكلمة الجيلالي فرحاتي، ليتكلم عن ظروف وحيثيات إنجاز الفيلم من أحداث وشخصيات وتقنيات اعتمدها في الإنجاز انطلاقا من السيناريو. أما «الغرفة السوداء» للكاتب (جواد مديدش)، فقد اشتغل عليها المخرج (حسن بنجلون)، سينمائيا، ليحولها إلى مشاهد حقيقية من ذاكرة جماعية، حيث بث مقطعين منها خلال هذا اللقاء، في محاولة لرصد واقع عرف تجاوزات قانونية أثناء عمليات الاعتقال التعسفي، والمحاكمات المجحفة التي جرت في حق المناضلين اليساريين في غياب احترام كلمة الدفاع ومنع عائلات المعتقلين من دخول قاعة المحكمة وحضور مجريات المحاكمات، حسب ما ورد في الشريط، الذي يعكس فترة السبعينيات، التي وصلت الأحكام فيها إلى أقصى العقوبات حد المؤبد، ثم لطرق التعذيب والإهانة في سجن (درب مولاي الشريف)، غير أن المخرج أشار بعد بث جزء من شريطه، إلى أن الشرط الأساسي والوحيد الذي فرضه الكاتب عليه، هو أن يرى الفيلم كاملا قبل بثه. أما في الجلسة المسائية من اليوم نفسه، وبالوتيرة نفسها، تم عرض مقطعين من شريط المخرج المغربي (حميد الزوغي)، بعنوان «بولنوار» اقتباسا من رواية الكاتب (عثمان أشقرا)، الذي قرأ مقطعين منها، قبل بداية الحديث عن تقنيات وأحداث الفيلم، الذي صور حقبة، تعتبر تحولا في التاريخ النقابي المغربي، ومرحلة تاريخية، قل الاهتمام بها من الناحية السينمائية، حسب شهادة أحد المتدخلين من القاعة، كما اعترف المخرج (الزوغي)، باعتزازه واشتغاله على رواية (أشقرا)، وارتياحه للنتيجة التي وصل إليها بعدما تحولت هذه الرواية إلى سيناريو. وأخيرا تم تقديم مقطعين من كل شريط للمخرجين الأفارقة من بينهم (ميسا هيبيي) من بوركينا فاصو تحت عنوان «في انتظار التصويت»، الذي يتحدث عن غياب الديمقراطية واستبداد الحكام ببلده. على هامش موسم أصيلة، وتبعا للموضوع المتعلق بالفيلم والرواية، يعرض موازاة مع هذه الندوة التشكيلي عبد الكريم الأزهر آخر تجربة له تناولت العلاقة الممكنة بين التشكيل والرواية، وذلك برواق حكيم غيلان بأصيلة، وهي تجربة تضمنت اشتغالا على المشروع الروائي عند احمد بوزفور، لما تربطهما من علاقة ودية جعلت من هذه الفكرة محط تفكير واختمار لدى الأزهر لتتحقق في الوقت الراهن، وهي محاولة جديدة وجديرة بالاهتمام، تدخل ولأول مرة ضمن التجانس بين الرواية والتشكيل، بعدما كانت هذه العلاقة قائمة أزليا فقط بين الشعر والتشكيل.