مر المجلس الوطني لحزب المهدي بنبركة بردا وسلاما على عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول للحزب، وأعضاء المكتب السياسي، ومعهم الوزراء الاتحاديون في حكومة عباس الفاسي، بعد أن قرر برلمان الحزب في ختام أشغال دورته الثانية، مساء أول أمس ببوزنيقة، تخويل المكتب السياسي صلاحية تدبير المحطات السياسية المقبلة، بما فيها استمرار المشاركة في الحكومة. ويأتي قرار المجلس الوطني، الذي تضمنه بيان أصدره المجلس الوطني، ليضع، ولو مؤقتا، حدا للنقاش الذي دار منذ أشهر، داخل الاتحاد بين منادين بالبقاء في الحكومة على اعتبار أن الخروج سيكون انتحارا جماعيا للاتحاد وقطعا للطريق على إكمال مشوار الإصلاحات، التي باشرتها حكومة التناوب التوافقي منذ سنة 1998، وآخرين يعتبرون أن الخروج من شأنه أن يعين الحزب على استعادة بريقه الذي ضاع منذ دخوله تجربة التناوب التوافقي. مصادر اتحادية اعتبرت ما وصفته ب«البيان القوي»، الصادر عن أعلى هيئة تقريرية في الحزب بعد المؤتمر، دليلا على استيعاب الحزب للنقاش الدائر داخله حول الاستمرار في الحكومة من عدمه، وتجاوز الأزمة، مشيرة إلى أنه لأول مرة سينتقل النقاش حول المشاركة من نقاش فردي إلى نقاش جماعي من خلال أجهزة الحزب. وقالت مصادر «المساء» إن البيان ترك الباب مفتوحا أمام إمكانية الاصطفاف في المعارضة.وأوضحت المصادر ذاتها أن البيان كان بمثابة «إرضاء» تيار، مكون من أعضاء في المكتب السياسي والمجلس الوطني، يلح على إحداث الرجة من خلال العودة إلى مقعد المعارضة. الدعوة إلى الانسحاب من الحكومة رددها كثيرا أعضاء المجلس الوطني وحتى من المكتب السياسي داخل قاعة الاجتماع كما خارجها، في جنبات المخيم الدولي ببوزنيقة، لكن ريحها ذهبت بعد أن توصل أعضاء المجلس الوطني والمكتب السياسي إلى «تسوية» للخروج من «البلوكاج» الذي ساد النقاش بعد عجز المكتب السياسي عن تقديم حل للأزمة نتيجة التمسك الشديد، الذي أبداه أعضاء في برلمان الحزب، بالتصويت على مقترح العودة إلى المعارضة. ووفقا للمصادر المذكورة، فقد تم التوصل إلى حل استبعد من خلاله «التصويت» على الملتمس حتى لا يظهر أن الاتحاد منقسم على نفسه، و«أننا حزب محافظ يخشى التصويت ويخشى أن يبدو أنه فريقين»، تقول المصادر. الساعة كانت تشير إلى الواحدة زوالا، حينما تعالت الأصوات من داخل قاعة الاجتماعات، التي ضربت عليها مجموعة من عناصر الأمن الخاص حصارا مشددا. «خليونا نعبرو عن رأينا.. قولوا لنا آش تنديرو في هذه الحكومة؟» هي واحدة من التدخلات التي طبعت تدخل عشرات الاتحاديين وجعلت الدقائق والساعات تمر ثقيلة على الراضي ومن معه من أعضاء المكتب السياسي وهم يواجهون سيلا من الاتهامات الجارفة والانتقادات الحادة، قبل أن يأتي الفرج في حدود الساعة الخامسة، بالمصادقة على البيان. وفيما اعتبر قيادي اتحادي، طلب عدم ذكر اسمه، أن معركة المطالبين بالانسحاب ستستمر في الأيام المقبلة وأنهم لا يمثلون تيارا داخل الاتحاد وإنما «اتحاديون طابو بالهضرة. نؤمن بالاتحاد وسنواصل تحركاتنا إلى حين بلوغ مرامنا بالانسحاب»، قال طارق القباج، رئيس المجلس البلدي لأكادير ل«المساء: «النقاش حول الخروج أو البقاء في الحكومة نقاش قديم يعيشه الحزب منذ 1977، بيد أن الأساسي بالنسبة إلي هو الإجابة عن الأسئلة التالية: ما دورنا داخل الحكومة؟ وهل ممارساتها تتوافق مع توجهات المؤتمر الثامن؟ وهل تنتهج سياسة شعبية؟» وإلى جانب موضوع انسحاب الاتحاد من الحكومة من عدمه، هيمن تفضيل التحالف مع حزب العدالة والتنمية أو الأصالة والمعاصرة على أشغال المجلس الوطني حيث انقسم المتدخلون بين مؤيد للتحالف مع الحزبين ومعارض له. وفي هذا السياق اعتبر جواد شفيق، عضو المجلس الوطني للحزب، ورئيس ديوان وزير الدولة، محمد اليازغي، التحالف مع حزب الهمة، أمرا ممكنا لكون هذا الحزب يدعي أنه يخدم مشروع الدولة، وهو نفس الأمر بالنسبة للاتحاد الاشتراكي، لكن قبل أن يكمل شفيق كلامه، توجهت إليه أصابع الاتهام، وهاجمه عدد كثير من الحاضرين، وخاصة البرلمانيين، واصفين التحالف مع «البام» ب«الكارثة السياسية» . إلى ذلك، دعا بعض أعضاء المجلس، خلال تدخلاتهم لمناقشة تقرير المكتب السياسي، إلى تعاقد جديد مع المؤسسة الملكية، وتحديد شروط هذا التعاقد ولو بشكل انفرادي، وكذا تحديد موقف الحزب من الحركات الاحتجاجية الاجتماعية، مؤكدين أنهم لا يؤمنون بإصلاح القضاء الذي يقوده كاتبهم الأول، إن لم يكن مقرونا بإصلاح دستوري.