الحسم في إصلاح أنظمة التقاعد أصبح مسألة أيام قليلة بالنسبة للحكومة، والمؤشر على ذلك هو تعدد الخرجات والتصريحات الإعلامية لمجموعة من المسؤولين في الآونة الأخيرة، والتي تلمح في مجملها إلى أن نظام المعاشات المدنية أصبح أكثر من أي وقت مضى مهددا بالانهيار. مصدر حكومي، آخر، كشف، أول أمس الاثنين، عن معطيات مقلقة بشأن تراجع الاحتياطيات المالية للصندوق المغربي للتقاعد، في ظل تأخر الإصلاح الذي فجر مواجهة قوية بين الحكومة والنقابة، مؤكدا أن احتياطات الصندوق ينتظر أن تسجل تراجعا بحوالي 210 مليارات سنتيم مع نهاية هذه السنة. وذهب المصدر ذاته إلى أن احتياطيات الصندوق دخلت منعطفا خطيرا، وهو الأمر الذي دفع الحكومة، في آخر مجلس لها، إلى التأكيد على أنها ستكون مضطرة إلى الاقتطاع من الأجور في 2018 لسد العجز الذي سيعرفه الصندوق، بل والاضطرار لعدم صرف المعاشات في سنة 2022 في ظل غياب الإمكانيات المالية لصرف المعاشات. الحكومة تحاول، إذن، نهج سياسة التخويف من التأخر في إخراج خطة إصلاح التقاعد إلى الوجود، من خلال التركيز على إبراز مخاطر التأخر في الإصلاح على مالية نظام المعاشات، لكنها بالمقابل، لم تحاول تقريب المغاربة من بعض ملامح خطة الإصلاح، وتركت الباب أمام الأصوات الرافضة لأي تغيير في منظومة التقاعد، ما أثر بشكل كبير على مستوى قبول خطة الإصلاح المرتقبة لدى الرأي العام. في جميع الملفات الحارقة، تلجأ الحكومة إلى أسلوب التواصل البعدي، الذي يظل غير ناجع ويؤدي في الغالب إلى نتائج عكسية، وهو ما يقتضي حاليا بالنسبة لإصلاح التقاعد، الذي يعتبر ملفا حساسا للغاية، تغيير هذا الأسلوب والاعتماد على التواصل القبلي، بشكل يجعل المغاربة يفهمون ويستوعبون خطة الإصلاح حتى لا يكونوا ضحية ضغط من أي جهة كانت.