أعادت دعوة حزب العدالة والتنمية، على لسان سعد الدين العثماني، خلال جلسة الأربعاء الماضي بمجلس النواب، بحضور وزير الخارجية والتعاون الطيب الفاسي الفهري، إلى التنزيل الفوري للحكم الذاتي في الصحراء، الروح في صفوف الداعين إلى تطبيق الحكم الذاتي دون انتظار نتائج المفاوضات مع جبهة البوليساريو، وإن لم تكن هي المرة الأولى التي يدعو فيها الحزب إلى تطبيق الحكم الذاتي، إذ سبق للعثماني نفسه أن صرح، خلال اختتام المجلس الوطني لحزبه في أبريل 2008، أن الدولة يجب عليها أن تتحلى بالشجاعة السياسية، وتتحول إلى تطبيق خطة الحكم الذاتي على الأرض، إلا أنه يبدو أن الدعوة الحالية لم تبق حبيسة جدران البرلمان، إذ لاقت ترحيبا في صفوف مهتمين ومتابعين لملف الصحراء. وبالنسبة إلى مصطفى ناعيمي، عضو المجلس الاستشاري للشؤون الصحراويةّ، فإنه «آن الأوان لتنزيل مقترح الحكم الذاتي من حيث كونه معطى دستوريا لا كجهوية موسعة»، مشيرا في تصريحات ل«المساء» إلى أن من شأن ذلك التنزيل «إعطاء صدقية للموقف المغربي الذي اتضح للرأي العام العالمي، أنه يقتصر على المبدأ والانتظارية، مما دفع ببعض الدول كإسبانيا إلى مراجعة موقفها المساند للحكم الذاتي». ووصف ناعيمي مطلب التنزيل الفوري للحكم الذاتي بأنه»مطلب أساسي جدا في هذه اللحظة من تاريخ قضية الصحراء للتأكيد، وبشكل واضح، على جدية الموقف المغربي بخصوص مقترحه»، لافتا إلى أن تصريحات مسؤولين مغاربة، كان أبرزها تصريحا وزير الداخلية والوزير الأول، مؤخرا، بأن الحكم الذاتي من منظور مغربي هو جهوية موسعة، وبأنه سيشمل جهة العيون والداخلة فقط، قد تشير إلى التراجع عن مبدأ الحكم الذاتي، كما قد تسهم في دعم الانفصال. من جهته، اعتبر تاج الدين الحسيني، الخبير في العلاقات الدولية، أن الدعوة إلى الشروع في تنفيذ الحكم الذاتي التي عبر عنها العدالة والتنمية تستند إلى أساس، مشددا على أن من مصلحة المغرب في الظرفية الراهنة، بدل الاستمرار في ممارسة سياسة الانتظارية التي لن تجدي نفعا، أن يشرع فورا في تطبيق نظام الحكم الذاتي في الصحراء. وقال الحسيني في تصريحات ل«المساء»: «ربما لن يكون تطبيق الحكم الذاتي سريعا وبجميع حذافيره كما ورد في المقترح المغربي، الذي وصف من قبل مجلس الأمن بالمبادرة المتسمة بالجدية والصدقية، ولكن على الأقل يمكن أن يتم بشكل تدريجي في إطار جهوية موسعة تتوفر على إمكانات ذاتية لاتخاذ القرارات، ووفق ما تقدم به العاهل المغربي في خطابه الأخير حينما دعا الجهات المعنية، خاصة وزارة الداخلية إلى الشروع في جعل منطقة الصحراء نموذجا يحتذى به في الجهوية المتقدمة»، مشيرا إلى أن هذه الجهوية هي الخطوة الأولى نحو الوصول إلى مرحلة الحكم الذاتي، وتسجيل نقاط على حساب خصومه».