الانتصار الساحق الذي حققه فريق برشلونة على فريق ريال مدريد الموسم الماضي بستة أهداف لهدفين أصبح مجرد حلم بعيد، حيث لم يكن لاعبو البارصا خلال مباراة الأحد الماضي يتوقون سوى إلى تفادي الهزيمة، أو الحصول على تعادل، وعندما انتصروا فإنهم لم يصدقوا ذلك. مباراة الكلاسيكو بين البارصا وريال مدريد كانت مفاجئة للكثيرين، إذن وجدوا أن ريال مدريد يلعب بارتياح كبير بينما فريق البارصا مربوط إلى أعصابه، لذلك توقع الكثيرون أن يفوز فريق العاصمة في قلب عاصمة كتالونيا، لكن منطق الفوز للأسوأ تحقق مرة أخرى، وغالبا ما يتحقق هذا المنطق في عالم الكرة. كان ممكنا جدا لريال مدريد أن ينتصر مساء أول أمس الأحد، وبذلك يوسع الفارق بينه وبين غريمه الأبدي إلى 4 نقاط، غير أن النتيجة التي رسمت في النهاية منحت الفارق لصالح البارصا بنقطتين، وبذلك يظل الصراع متأججا بين الفريقين، ويبدو أنه سيكون هذا الموسم صراعا مشتعلا أكثر مما كانه خلال الموسم الماضي. فريق البارصا الذي لم يكن جيدا خلال المباراة، كان ذكيا من أجل تحقيق الانتصار، وعادة ما يكون الذكاء هو المنتصر في النهاية، بحيث كان الهدف الجميل الذي سجله إبراهيموفيتش بمثابة السيف الذي وضع حدا بين اللعب الجيد والحظ الجيد. ريال مدريد خلال مباراته مع البارصا كان بإمكانه أن يطمح إلى الكثير. لكن ربما كانت الهزيمة الساحقة التي تلقاها الفريق الأبيض الموسم الماضي في عقر داره لا تزال تشكل بعبعا حقيقيا على نفسية اللاعبين، لذلك دخلوا وهم يحلمون بتعادل منصف، أو على الأقل بخسارة غير مهينة. ريال مدريد لم يعرف أيضا كيف يستغل طرد اللاعب بوسكيتس، مع أنه كان لا يزال هناك أزيد من نصف ساعة من اللعب، وهو ما يثبت أن البارصا يتمتع بقدرة على التأقلم مع جميع الظروف الطارئة. في مباراة الأحد الماضي منح ريال مدريد الفوز للبارصا، والمسؤولية الكبيرة في ذلك يتحملها المدرب بيليغريني الذي يتوفر على حفنة من اللاعبين الأقوياء والمخيفين، لكنه ارتكب نفس الخطأ الذي كثيرا ما ارتكبه مدربون غيره، وهو أن يلعب بحذر، وبذلك ضاع الانتصار الذي لا يمكن تحقيقه في ملعب نوكامب في مناسبات كثيرة. صحيح أن ريال مدريد لعب مباراة جيدة جدا وبتجانس غير معهود بين لاعبيه، لكنه فقد القدرة على التسجيل، ليس لأنه غير قادر على ذلك، بل لأن هناك خوفا من أن يتعرض لمذبحة في حال إقدامه على البحث المتواصل عن أهداف، بينما الواقع هو أن فريق برشلونة كان أكثر خوفا من ريال مدريد، ولم يكن يطمح إلى إنهاء المباراة بأكثر من نتيجة التعادل، لذلك عندما سجل إبراهيموفيتش الهدف الأول في الدقيقة 56، فإن البارصا فعل المستحيل من أجل الحفاظ على فارق الأهداف، وأصبح اللاعبون ينتظرون نهاية المباراة وهم يبحثون في محاولات نادرة عن معجزة الحصول على هدف ثان يخرجهم من الظلمات إلى النور. في مباراة مساء الأحد كان ريال مدريد يمسك مصيره في يده لفترة طويلة، وخلالها عانى البارصا من كوابيس الهزيمة في عقر الدار، خصوصا في الشوط الأول. وعندما جاء الشوط الثاني، ومعه الهدف، اكتشفت البارصا أنه بالإمكان الانتصار، أو على الأقل بإمكانها أن تخرج من المباراة بلا هزيمة حتى لو سجل ريال مدريد هدفا. حارس ريال مدريد، إيكير كاسياس، هو أفضل من عبر عن واقع المباراة حين قال إنه يشعر بإحباط كبير لأن فريقه لم ينتصر في قلب قلعة نوكامب. «لقد حصلنا على فرص كثيرة وواضحة لكن مهاجمينا لم يستغلوها. لعبنا أفضل وكنا الأقوى لكننا أدينا الثمن لأننا تسامحنا في التسجيل». أما المدرب بيليغريني فعبر عن الشيء نفسه بطريقة مختلفة. يقول «لاعبو البارصا لم يكونوا يحلمون بالفوز. كان بإمكاننا أن نحقق الكثير لو تميزنا بقليل من الصبر الإضافي وهدوء أكبر في عملياتنا الهجومية». لم تنته مباراة البارصا وريال مدريد من دون جدل. فريق العاصمة يقول إنه تعرض لحيف واضح من طرف الحكم عندما تم حرمانه من ضربة جزاء واضحة نتيجة خطأ ضد لاعبه البرتغالي كريستيانو رونالدو، وأيضا الطرد الذي تعرض له اللعب لاسانا. هناك جدل آخر حول مضايقات من نوع خاص جاءت هذه المرة من الجمهور الكاتلاني، وذلك عندما استخدم أفراد من الجمهور أجهزة ليزر للتشويش على أبرز اللاعبين المدريديين، وعلى رأسهم رونالدو. ويبدو من خلال التجربة أن جمهور برشلونة عادة ما يصبح متطرفا في لقاءات فريقه مع ريال مدريد، إلى درجة أنه يريد أن يصنع النتيجة في المدرجات وليس داخل الملعب، مما يجعله أحيانا يرمي رؤوس خنازير على اللاعبين وليس فقط استعمال أجهزة ليزر. عندما انتهت المباراة، وعندما كان لاعبو البارصا فرحين مثل أطفال وهم يغنون ويستحمون من عرق مباراة حارقة، فإن لاعبي ريال مدريد استحموا على الأرجح بمياه باردة حتى يهدئوا من ذلك الغليان الذي كان يسري في عروقهم، بينما يتساءلون في جنون: لماذا لم ننتصر.. لماذا؟؟