قد يخيل إليك وأنت تتجول بين جنبات الأكواخ البلاستيكية، المنتصبة على طول شريط من بقايا البيوت القصديرية المهدمة، أنك بمخيم اللاجئين الذي فروا من ويلات حروب طاحنة. أكوام من الأزبال ومطامر لتجميع الفضلات في كل مكان، تصدر عنها روائح نتنة، أزبال كلاب ضالة تتقاسم المكان مع السكان، لاشيء يكسر هدوء المكان سوى صراخ أم تنهر ابنها للإقلاع عن اللعب وسط الأزبال بلغة دارجة مغربية «نوض من الزبالة أوجه الزبل». مأساة شاب أول ما يثير الانتباه بمجرد أن وطأت قدماي أرض الكريان، مشهد كلاب ضالة ترابط على باب إحدى قنوات الصرف الصحي التي اتخذ منها أحد سكان كاريان طوما الذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها في وضيعة تشرد مسكنا، بعد وعود السلطات المحلية «الزائفة»، بعدما ضاقت به السبل في إيجاد مأوى يلجأ إليه عندما يرخي الليل سدوله. هذا الشاب قصته المؤلمة لا تحتاج إلى كثير بيان، فهي بادية من منظر «الزبالة». لم يعد هذا الشاب ذو 25 ربيعا قادرا على التعبير عن مأساوية وضعه، بعد أن فقد أمه التي كانت معيله الوحيد، أصيب على إثر ذلك باختلال ذهني، ومما زاد من محنة الشاب هو طرد قائد المنطقة له من محل سكناه، الذي كان يقيم فيه إلى جانب والدته المتوفاة، بدعوى أنه لا يتوفر على أوراق تثبت ملكيته للبيت القصيدري الذي كان يأويه، اضطر معه إلى العيش في هذه القناة متقاسما المكان مع الجردان تارة والسحليات والحشرات تارة أخرى. عيشة الذبانة في البطانة «عايشين عيشة الذبانة في البطانة»، هكذا علق عمر الذي لم يكن بدوره أحسن حالا من هذا الشاب الذي فقد كل مقومات الحياة الطبيعية. يسكن عمر إلى جانب ابنه الذي تركته له طليقته بيتا يسميه هو « عشا بلاستيكيا» لا تتعدى مساحته المترين، يحكي لنا تفاصيل مرعبة، عن وضعه المأساوي وهو يعتصر ألما من شدة الجوع لكونه «لم يدق النعمة «من صباح أول أمس، حيث وجد نفسه بعدما استصدرت زوجته حكما قضائيا بطلاق الشقاق بين مطرقة الإقصاء الذي تعرض له جراء هدم بيته القصديري، بعد أن اشترطت عليه السلطة العمومية، توقيع التزام يخول لأحد أخوته مشاطرته الشقة نفسها التي لا تتعدى مساحتها 40 مترا في أحسن الأحوال، وهو الأمر الذي رفضه هذا الأخير، ليجد نفسه في نهاية المطاف عرضة للتشرد والضياع، وعدم إيجاد مسكن وتوفير مصاريف التكفل بالطفل الذي لا يقوى على تحمل العيش في بيت بلاستيكي تنعدم فيه شروط السلامة الصحية. جراح عمر والسعدية وغيرهما، ممن قادهم حظهم العاثر للعيش على وقع مأساة ماضي فتحت لهم فيه ذات يوم فسحة أمل، في امتلاك مسكن لائق، ليستفيقوا على حاضر حابل بالمرارة والجراح التي بالطبع لم تكن قدرا منزلا، بل من صنيع السلطات، بحسب ما صرح به السكان، الذين ما فتئوا يتاجرون بآلامهم غير مكترثين بأوضاع المشردين الصحية. السعدية تكشف لنا عن أباطرة العقار، الذين باعوهم الوهم، وأضحوا يتراقصون على نغمات معاناتهم غير آبهين بالمخاطر المحدقة بوضعية المشردين الذي يتوزعون هنا وهناك. ذات مرة، قدم شخص غريب إلى كوخها الصغير، بعد أن تتبع مسار ابنها القادم من المدرسة الابتدائية القريبة، وطلب منها مرافقته إلى إحدى الضيعات الفلاحية المجاورة لمدينة البيضاء، بالقرب من غابة بوسكورة بدعوى أنه مبعوث من قبل أحد المحسنين الذي رق قلبه لحالها، كاشفا لها عن نية الأخير في مساعدتها، عبر تقديم مبلغ مالي كبير تستعين به على قضاء حوائجها، تقول السعدية وفرائصها ترتعد من شدة الخوف الذي خلفه ذلك الحادث في نفسيتها المكسورة، من فرط حاجتها وأوضاع أبنائها الذي تهددهم الأمراض والأوبئة من كل جانب، من دون أن تجد لهم حيلة. استجابت السعدية للطلب الغريب بعد كثير من التردد، بعد أن أوهمها هذا الأخير أنه يبتغي فعلا تقديم يد العون رأفة منه بحالتها المأسوية، ومما طمأنها تقول السعدية هو أنه ربط اتصالا هاتفيا مع أحد الأشخاص، الذي أكد لها حسن سريرته، وليعزز مزاعمه كشف لها عن مبلغ مالي كان بحوزته، وأخبرها بأنه يحمله لإحدى النساء المعوزات. تستمر السعدية في سرد هذا المشهد التراجيدي وهي تلتفت وكأن أحدا يلاحقها، بعد أن وجدت نفسها وحيدة في وسط غابة كثيفة بالقرب من شارع الشجر، لا تعرف سبيلا للخروج منها رفقة هذا الغريب، الذي أقلها على متن دراجة نارية، وكم كانت صدمتها أقوى، حين استل الغريب سيفا من تحت جلبابه الفسيح، الذي يرتديه في محاولة منه للإجهاز عليها، فما كان منها إلا أن لاذت بالفرار استطاعت بجهد جهيد، أن تنقذ نفسها من موت محقق كان أقرب إليها من حبل الوريد. لتكتشف فيما بعد من أحد سكان البيوت المتاخمة للغابة أن هذا الغريب، هو من ذوي السوابق العدلية وأن هناك مذكرة بحث صادرة في حقه، وأنه يقوم باقتراف جرائم قتل تحت الطلب مقابل مبالغ مالية، وهو الأمر الذي فسرته بكون جهة معينة كلفت هذا الشخص «بتصفيتها جسديا» تضيف أصبحت أشكل وصمة عار في جبين المسؤولين، الذين صاروا يتضايقون من وجودي، والسبب في ذلك هو أني شاهدة حية، ومطلعة على كثير من التجاوزات، وملفات الفساد التي طالت عددا من سكان الكريان. فجأة ومن دون مقدمات، أطلقت فطومة صرختها في وجه الظلم والظلمة ..حرام عليكم شوفوا فينا بعين الرحمة نطالب من المسؤولين، أن يرأفوا بهؤلاء الناس الذين نصبوا «أعشاشا» على أرض الدولة، تتوزع والسلطة تبيع وتشتري فيها على مرأى ومسمع من مستحقيها، كيف يعقل أن يحرم هؤلاء من الحق من الاستفادة من السكن الذي وهبهم إياه الملك؟ بالرغم من امتلاكهم لبطائق التعريف الوطنية، التي تحمل عناوين محل سكنهم بالكاريان المذكور، مع العلم أن منهم من قضى أكثر من 40 سنة في هذا الكريان، موضحة أن رئيس الجماعة في البداية وعدهم بتسليم بقع أرضية، أو بالاستفادة من شقق جاهزة للسكن، غير أن كل هذه الوعود تبخرت وذهبت أدراج الرياح. كان المشهد أشبه ما يكون بزحف المستوطنات الإسرائيلية على أرضي ومزارع الفلسطينيين واغتصاب أراضيهم بالقوة. أحلام الطفولة المسروقة محسن طفل لا يتعدى عمره 09 سنوات، شأنه شأن باقي الأطفال في سنه الذين تتوفر لهم فضاءات للمرح والاستمتاع بأوقاتهم، لم يشأ ينبس ببنت شفة، فقط تذكر آلم فراق أمه التي لم يلتقي بها منذ أزيد من ثلاث سنوات، أخد أبوه الكلمة بالنيابة عنه، كان الأطفال يعيشون في دفء أسري رغم مرارة العيش، وهو الأمر الذي افتقدوه اليوم، حيث إنهم لم يعودوا قادرين حتى على النوم بأمان، كما في السابق، لم تعد الظروف تسمح لهؤلاء الأطفال بمواصلة الدراسة، ولم يعد بالإمكان القيام بالوجبات المنزلية، وأصبحت كوابيس الجرافات، والقطط والكلاب والحشرات تقض مضاجعهم، وتطاردهم في نومهم، كما أن الخيام البلاستيكية التي يقيمون فيها، تفتقد إلى أبسط المرافق الضرورية. جرافات تحل محل السكان. دلفنا إلى داخل الحي القصديري المهدم، على وقع ضجيج الجرافات في مشهد خلا فيه الحي من ساكنيه إلا من كلاب ضالة تحرس المكان، حلت آلات الهدم، لاستكمال ما تبقى من بيوت قصديرية شبه خاوية على عروشها بدأنا نمشي بحذر، خشية الوقوع بين بقايا أنقاض البيوت المهدمة وكأننا نسير في حقل ألغام يمكن أن ينفجر في أي لحظة، لقد كانت الأخطار تتهددنا لكون القائد إلى جانب ما اصطلح على تسميته لجنة الحكماء يترصدون حركة الدخول والخروج من الكريان، خصوصا إذا بدا لهم الزائر غريبا عن ما سماه مرافقي «المحمية العسكرية» في إشارة إلى الطوق الأمني الذي تضربه السلطة على الكاريان. ولأن مهمتي من داخل الكريان، كانت صعبة ومحفوفة بالمخاطر، اضطررت إلى انتحال صفة وسيط بين عدد من المحسنين الذين يهتمون بمثل هكذا ضحايا، حتى يتأتى لنا جمع أكبر عدد من المعطيات الميدانية، كان بودنا أن نلتقي القائد وجماعته من لجنة الحكماء لكن تم تحذرينا من قبل من سنحت لنا فرصة اللقاء بهم وأخذ تصريح منهم، حيث قيل لنا إن السلطة العمومية إذا كشفت عن هويتنا الصحفية سوف تعمد إلى تجريدنا من آلة التصوير، وكافة المعطيات التي حصلنا عليها، بل أكثر من ذلك قد يبلغ بها الأمر أن توظف من يعتدي علينا بواسطة السلاح الأبيض وقد يرمينا بتهمة باطلة مثل ما وقع مع الفطومي أحد ضحايا الدفاع عن «مظلومي الكريان»، الذين أضحوا لا حول لهم ولا قوة، يبيتون في العراء يفترشون الأرض ويلتحفون السماء. تركنا المكان بما حمل من معاناة، وشظف عيش مواطنين يرزحون تحت شبح الفقر والتشرد والحرمان، ونحن نهم بالمغادرة اعترضت طريقنا سيدة تبلغ من العمر عتيا لعلها استمعت لحديثنا مع فطومة، وبصوت مبحوح يكاد لا يسمع «أش بقى لينا كلشي حيدوه لينا..لقد جردتنا لوبيات العقار من كل ما نملك، حتى أنهم قاموا في مرات عديدة بحرق أكواخنا، كما قاموا بقطع تزويدنا بالماء الصالح للشرب، كل ذلك من أجل الضغط على السكان لإخلاء المكان. استأذنت المسنة، التي أصرت على تحميلنا مسؤولية نقل هذا الوضع الذي وصفته بالمزري إلى الرأي العام، وإلى ملك البلاد حتى يتأتى لهم الإطلاع على جسامة المأساة الإنسانية التي يعيشها «ضحايا كريان طوما». السجن الصغير والسجن الكبير تصادف قدومي للكريان مع تنظيم الضحايا المشردين لوقفة احتجاجية أمام محكمة الزجر بعين السبع، اتجهنا مباشرة صوب المحكمة للوقوف على حقيقة ما يجري، فقد تناهى إلى علمنا أن الضابطة القضائية التابعة لمقاطعة سيدي مؤمن قامت بإلقاء القبض على أحد سكان الحي الصفيحي المهدم بتهمة حيازة المخدرات والمتاجرة فيها، ارتأينا متابعة القضية عن كثب، بعد انتقالنا إلى عين المكان تعالت أصوات المحتجين، ورفع المتظاهرون والمتظاهرات الذين تجاوز عددهم الألف وخمسمائة شعارات منددة بسياسة الإقصاء واللامبالاة التي تتهجها الحكومة والمنتخبون على حد السواء فيما يخص السكن، وكذا التهميش و»الحكرة» اللذان تعاني منهما هذه الفئات. حيث صدحت حناجرهم بصوت واحد تردد صداه عبر مدخل محكمة الزجر بعين السبع بشعارات من قبيل (يا رئيس يا مسؤول هاد الشي ماشي معقول، واه واه على شوهة الفيلا والبراكة والبرلمان والهرماكة، لا ثم لا سيدي مومن في الدلالة، مبادرة وهمية لا سكن لا تنمية، في الحقوق انسيتونا والانتخابات اعرفتونا…)، ورغم حرارة الشمس الحارقة عند منتصف النهار استمرت جموع الجماهير في رفع شعارات قوية. كشف لي أحد المحتجين أنها تأتي على خلفية اعتقال عبد الغني الفطومي، أحد نشطاء كاريان طوما وصاحب صفحة « كاريان طوما على الفايسبوك، عشية الجمعة المنصرم بعد مداهمة الشرطة القضائية التابعة لمقاطعة أناسي 72 «لخيمته» البلاستيكية، التي يقيم فيها مع أسرته الصغيرة وسط الكاريان، إلى جانب مئات من «المشردين» الذين ينتظرون التعويض عن مساكنهم التي هدمت، في إطار برنامج مدن بدون صفيح. وأوضح أحمد سالم، أحد المحتجين في تصريح ل«المساء» أن هذه الوقفة، تأتي في إطار التضامن مع الفطومي الذي اعتقل «ظلما و«عدوانا» بعدما قامت السلطات «بتلفيق تهم بيع والمتاجرة في المخدرات والأقراص المهلوسة، وذلك من أجل «إثناء» الناشط الفطومي عن التحركات التي يقوم بها المعتقل في سبيل فضح «الخروقات» التي تقوم بها السلطات المعنية في التعاطي مع ملف سكان كاريان طوما المشردين منذ 2012. ورجحت زوجة المعتقل الفطومي فاطمة، أن يكون الاعتقال الذي طال زوجها، سببه هو الفضح الأخير لما أسمته «بالتلاعبات غير القانونية»، التي تعرفها عملية استفادتهم الممنوحة لهم في إطار الهبة الملكية، وذلك عبر نشر الفطومي على صفحته الإلكترونية، لمقاطع فيديو وصور توثق تورط عدد من الجهات فيما بات يعرف لدى سكان الكريان المعني «بفضيحة ملف المشردين»، مضيفة أن زوجها سبق وأن تعرض لمساومات من قبل بعض الجهات المسؤولية، بهدف إعراضه عن الخوض في تفاصيل هذا الملف، لكنه رفض واستمر في فضح هذه الأخيرة. وأفادت المتحدثة ذاتها، أن هذه « الخروقات تتمثل في استفادة أكثر من حالة من السكن، بالرغم من أنهم لا يقطنون بعين المكان، حيث عمد أصحابها إلى فتح أبواب جديدة في منازل أقاربهم قبل أشهر قليلة، في حين استفاد جميع أفراد الأسر المركبة من الشروع بصفة فردية، بخلاف باقي الأسر المركبة التي يراد لها أن تستفيد بشكل جماعي. ورفع المحتجون يافطات وشعارات مطالبة بتدخل الملك للحيلولة دون استمرار هذا الوضع «الكارثي « الذي أضحى يتهدد أسرا بكاملها، مستنكرين في السياق ذاته ما وصفوه «بسياسة تكميم الأفواه التي أصبحت السلطات تنهجها من أجل «إخفاء الخروقات»، التي تطال ملف تسليم شهادات السكن اللائق الذي خصصه ملك البلاد لقاطني «كاريان طوما». كل شيء ضد السكان صفاء، إحدى الفاعلات الجمعويات، المتابعة لقضية ضحايا الكريان المذكور، أكدت ل«الجريدة» أن السبب هو أن رئيس المقاطعة وممثل المنطقة، عوض أن يدافع عن مصالح السكان الذين منحوه أصواتهم تجاوزهم، وأخذ يجري حوارات من موقع النائب الأول لعمدة المدينة، مع جهات أخرى ومع هيئات غير ممثلة بسكان سيدي مومن القديم وطوما والرحامنة، وغيرهم من الأحياء الهامشية المتواجدة على تراب عمالتي البرنوصي وعين السبع الحي المحمدي، والهدف هو نسف الحركة الاحتجاجية المطالبة بالحق في السكن. وأضافت، أن هذا المسؤول يحاول ضرب هذا الحق، عبر بعض التصريحات الصحفية، والتي حاول من خلالها إعطاء صورة مخالفة للواقع، باعتبار أن ملف السكن يجب النظر إليه من الجانب القانوني، وليس من الجانب الحقوقي، وباعتبار أن السكن العشوائي غير قانوني. الإقصاء والمستقبل المجهول صفاء، اعتبرت أن الوضع اللاإنساني، الذي يعيشه ما بات يعرف «بمشردي كاريان طوما» سيخلف لا محالة شريحة من الشباب المنحرفين، خاصة وأن شباب هذه الفئة الأكثر هشاشة، يفكر في ارتكاب جرائم تيسر له الدخول إلى السجن، لأنه حتما سوف يكون أفضل حالا مما عليه الحال في الأكواخ البلاستيكية، علاوة على ذلك تتساءل صفاء بأي حال من الأحوال يتم اعتقال شباب ذنبهم الوحيد أن الأقدار قذفت بهم وسط كومة بقايا بيوت القصدير المهدمة، واقتيادهم إلى غياهب السجون، أحيانا في ظروف غامضة، وتلفيق تهم باطلة من قبل القوات العمومية، التي باتت تتعامل مع سكان هذه البيوت البلاستيكية مثل الغرباء أو المهاجرين. كان أمل الكثير من سكان كاريان طوما المهدم، أن يستفيدوا من سكن يحفظهم من قر البرد وحر الشمس ويعيد إليهم كرامتهم، غير أنه مع مرور الوقت، تبين أن الوعود لم تكن إلا مجرد أوهام ومطايا للسعي نحو تحقيق مصالح ومآرب شخصية، تحول معه حلم الاستفادة من سكن اجتماعي لائق إلى سراب ليس له حدود، وأنهم فقدوا الثقة في كل الجهات المسؤولة، بعد أن خذلتهم مرات عديدة، وراكمت ثروات ضخمة على حساب معاناتهم.
بريجة: هناك إكراهات حقيقية تواجه محاربة السكن غير اللائق محمد بريجة رئيس مقاطعة سيدي مومن يقدم رواية مختلفة عن قضية «كاريان طوما»، إذ اعترف بوجود إكراهات حقيقية تلف قطاع السكن غير اللائق، باعتباره ملفا شائكا يطرح العديد من المشاكل ذات الأبعاد المختلفة. لكن بالمقابل أبدى ارتياحه من سير الأشغال، حيث أكد أن مشروع إعادة تأهيل وإيواء سكان كاريان طوما المتاخم لمقاطعة سيدي مومن عمالة البرنوصي بالبيضاء يشرف على إتمام أشطره الأخيرة. ورفض بريجة، في السياق نفسه، كل الاتهامات الموجهة إلى المسؤولين المحليين، معتبرا أن ذلك لا يعدو أن يكون مجرد أكاذيب لا أساس لها من الصحة. وأكد بريجة أنه في حالة وجود حالة مستوفية للشروط القانونية للاستفادة، من الحق في السكن، فإنه لن يتوانى في القيام بما يلزم بهذا الخصوص، وأنه مستعد للإشراف الشخصي على تدبير محلف هذه الحالات». واستطرد «كنتحدى شي واحد يقول هذا فلان خدا بقعة أرضية بالفلوس والرشوة …إلى كان شي واحد جيبوه ليا أنا مستعد باش نقاضيه ونفضحوه.. هذه هدرة خاوية.. ليست لنا أي مصلحة في نزع ملكية شخص ما ومنحها لآخر، مشيرا إلى أن هناك من بين السكان من يريد أن يأخذ أكثر مما يستحق ولو على حساب المعوزين. رئيس مقاطعة سيدي مومن، وهو يؤكد أن الجهة الأولى المسؤولة، عن ملف تدبير بقع سكان طوما، هي اللجنة المحلية وهي لجنة محلفة، وهي التي تشرف على تجميع المعطيات المتعلقة بملف السكن غير اللائق، أعلن عن مساندته لكل هؤلاء المشردين من الناحية الاجتماعية، وليس بتطبيق المعايير القانونية، حيث قال «نسعى إلى تكييف بعض البنود القانونية، كي تتماشى مع أوضاع هذه الحالات الاجتماعية، ونحن نحاول جاهدين إيجاد حلول كفيلة، بحل معضلة السكن المؤرقة شرف لي أن أدافع عن سكان الكاريان الذين يعرفون حجم الجهود التي أقوم بها في سبيل تأهيل السكان المتضررين». بصفة عامة، يضيف بريجة، لم يكن هناك أي حيف في تسليم البقع الأرضية للسكان، لأن الإجراءات لم تتخذ على أساس التمييز بقدر ما رعي فيها الاستحقاق، مشيرا إلى أن بقاء 19 حالة من ضمن آلاف الحالات التي حصلت على الاستفادة هو مؤشر على بوادر انفراج في ملف سكان كاريان طوما.