سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الخلفيات الحقيقية لتطبيع بعض الأمازيغ مع إسرائيل منها محاولة الاحتماء بإسرائيل من أجل المرور عبرها إلى أمريكا والاتحاد الأوروبي للحصول على الدعم السياسي والمالي
ارتفعت في الفترة الأخيرة عدة أصوات من داخل المكونات الناشطة في المجال الأمازيغي بالدعوة إلى التقارب مع دولة إسرائيل، كما تعددت المبادرات التي قام بها بعض الناشطين الأمازيغيين لإنشاء جمعيات للصداقة مع إسرائيل أو زيارة تل أبيب للمشاركة في تظاهرات فنية وثقافية أو الترحيب بزيارة مسؤولين إسرائيليين للمغرب، وهي مبادرات تلقى استنكارا واسعا، سواء من داخل مكونات المجتمع المدني أو الأحزاب السياسية وحتى من داخل مكونات المشهد الأمازيغي، الذي يرى أن تلك المبادرات ترمي إلى تشويه تاريخ الأمازيغ الأحرار والتشويش على مطالبهم السياسية والثقافية المشروعة. وكانت آخر هذه المبادرات ما قامت به مجموعة من الناشطين الأمازيغ، يقدر عددهم ب18 شخصا، حيث زاروا إسرائيل للمشاركة في دورة تكوينية حول تاريخ المحرقة اليهودية، التي تقول إسرائيل إنها خلفت حوالي ستة ملايين قتيل على يد النازية خلال الحرب العالمية الثانية، تم حرقهم في أفران الغاز. وقد أكدت دوريت نوفاك، مديرة معهد ياد فاشيم الذي نظم الدورة التكوينية، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية في القدس «لقد استقبلنا مجموعات من أكثر من خمسين بلدا على مستوى العالم، لكن هذه المرة أدركنا أهمية رسالتنا، وهي تعميم ذكرى المحرقة في العالم أجمع». وفي الوقت الذي كان فيه العالم أجمع يعيش على وقع الاعتداء الإسرائيلي على سكان قطاع غزة في العام الماضي، وكان المغاربة يتظاهرون للتنديد بالعدوان، اختارت «العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان»، التي تشتغل في المجال الحقوقي، أن تنوه بالزيارة التي تردد حينها أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسبي ليفني التي زارت المغرب في الأسبوع الماضي للمشاركة في مؤتمر ميدايز بطنجة ستقوم بها للمغرب، وعممت بلاغا قالت فيه إنها ترحب بالزيارة التي وصفتها ب«الميمونة». غير أن كل هذه المبادرات في اتجاه التطبيع مع إسرائيل لا تلقى إجماعا داخل النسيج الجمعوي الأمازيغي، إذ هناك من يعتبرها استفزازا في غير محله، بينما يرى فيها آخرون مسا بالشعور الوطني للأمازيغ، فيما يشير آخرون إلى أن تلك المبادرات ترمي فقط إلى الاحتماء بإسرائيل والاستقواء بها على المغرب، وجعل تل أبيب جسرا للمرور إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي من أجل الحصول على الدعم السياسي أو المالي، بينما لا يتردد آخرون في القول إنها مجرد تحركات، الهدف منها إثارة الانتباه، تقوم بها جمعيات صغيرة لتسليط الضوء عليها في الداخل والخارج، أو بعض الأشخاص الذين لا يحظون بالترحيب حتى وسط الأمازيغ في الداخل ويسعون إلى خلق الجدل من حولهم. ويرفض خالد الزيراري، نائب رئيس الكونغرس العالمي الأمازيغي، مثل هذه المبادرات ويرى أن من يقومون بها يسعون إلى الركوب على مثل تلك التحركات لتسليط أضواء الإعلام عليهم. ويقول الزيراري في تصريحات ل«المساء» إن مثل هذه المبادرات هي مبادرات هدفها استفزاز مشاعر العروبة، وينفي أي نية لدى الكونغرس الأمازيغي في أي تقارب أو تطبيع مع دولة إسرائيل. أما عن المواقف الصريحة للكونغرس من تلك المبادرات فإن الزيراري يعتبر أن الأمر غير مطروح للنقاش أصلا حتى يكون هناك موقف ضد أو مع التطبيع، ويصف من يقومون بذلك بأنهم مجرد «شرذمة أو قراصنة» لا غير. وبخصوص القضية الفلسطينية، التي يرى النشطاء الأمازيغيون أصحاب تلك المبادرات أنها لا تهمهم لكونها قضية عربية فقط، يرد الزيراري بالقول: «موقفنا من القضية الفلسطينية هو موقف المساندة لجميع الشعوب ضحية الاضطهاد أينما كانوا، سواء الفلسطينيون أو الأكراد أو الطوارق أو الأرمن»، ويضيف أن القضية الفلسطينية قضية عادلة وإنسانية لا تهم فقط العرب بل تهم الجميع. وقال الزيراري إنه يرفض مثل تلك المبادرات، وإنه شخصيا تلقى دعوة قبل عامين من مركز موشي دايان لدراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لإلقاء محاضرة في تل أبيب لكنه رفض. لكن محمد أجعجاع، أحد مؤسسي «الاختيار الأمازيغي» وواحد من الستة الذين خرجوا من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية قبل عامين، يرى أن مبادرة بعض الجمعيات الأمازيغية التي أعلنت إنشاء جمعيات للصداقة مع اليهود في إسرائيل ليس هدفها التطبيع مع الدولة اليهودية، وقال في تصريحات ل«المساء» إن قضية التطبيع مع الدولة ليست مطروحة لدى تلك الجمعيات، لأن هذه الأخيرة ليست دولة حتى تطبع مع دولة، بل تعمل مع المجتمع المدني اليهودي في إسرائيل، وتسعى إلى التقارب مع اليهود المغاربة ذوي الأصول الأمازيغية. وقال أجعجاع: «نحن مع جميع الأمازيغ الموجودين في العالم، سواء كانوا في إسرائيل أو في جزر الكناري أو في أوروبا أو في غيرها، بشرط ألا ينقطعوا عن جذورهم المغربية»، مضيفا أن العروبة هي سبب مأساة الأمازيغ. وعن الموقف من القضية الفلسطينية قال أجعجاع: «الفلسطينيون يدافعون عن أرضهم ونحن أيضا، وهذا قاسم مشترك بيننا، هم يتحدثون عن التهويد ونحن نتحدث عن التعريب».