وقفت الشابةسعيدة كنون، ذات الأربعين سنة، أمام أمام الذين حضروا الندوة الصحفية مساء أول أمس الأربعاء، بأحد فنادق الدارالبيضاء، لكي تتحدث عن معاناة إخوتها الثلاثة وأحد أبناء أختها المصابين بداء الهيموفيليا. معاناة من الإصابة ومعاناة أكبر في رحلة العلاج الشاقة بمستشفيات الرباط. «أخي البالغ من العمر 36 سنة مصاب بتورم في رجله، ويرفض أن يذهب إلى المستشفى، لأنه يفضل أن يتحمل معاناة المرض في بيته وحيدا، على أن يتجرع قساوة المعاملة في المستشفى»، تقول سعيدة كنون. يوجد بالمغرب أزيد من 3000 شخص مصاب بداء الهيموفيليا، غير أن عدد الحالات المحصاة لا يناهز سوى 950 حالة، حسب الإحصائيات التي قدمتها الجمعية المغربية للمصابين بالهيموفيليا في 24 مارس 1990، وهي جمعية حاصلة على صفة المنفعة العامة، وتتكون من أطباء و مصابين بالداء و عائلاتهم. و يعتبر الهيموفيليا داء وراثيا ينجم عن نقص في إنتاج العامل المسؤول عن التخثر العامل المضاد للهيموفيليا أ أو ب. ويعد نقص إنتاج عامل التخثر سبب النزيف الدموي، ومن هنا جاء اسم نزيف الدم. ومن أهم أعراض المرض، نجد النزيف المكثف، وظهور بقع زرقاء. ويكون التشخيص المبكر حسب درجة الإصابة بالداء، ويخول الفحص البيولوجي من تحاليل دموية لقياس العامل IX/VIII تحديد نوع الداء «أ» أو «ب»، وطبيعة الداء (خفيفة أو متوسطة أو شديدة). وبما أن هذا المرض ينجم عن نقص أو غياب عامل تخثر في الدم، ينبغي مد المريض بهذا العنصر. ويرتكز العلاج على حقن المصاب بمركزات العامل VIII أو IX للتخثر. ويتوفر حاليا منتوجان: مستخلصات عوامل التخثر الحاصل عليها من بلازما الدم (تبرعات الدم)، والمستخلصات التي يطلق عليها المصنعة. وقال رئيس الجمعية الشبيهي جواد إن 30 في المائة من المصابين بالداء يصابون بالتهاب داء الكبد الفيروسي «س» بسبب استعمال دواء بلازما، و 10 في المائة من المصابين يتوفرون على تغطية صحية. وتخصص وزارة الصحة ما يقرب من 7 ملايين درهم من أجل شراء الدواء، غير أن مسؤولي الجمعية يعتقدون أن حاجيات المرضى تفوق هذا الرقم، ويقدرون الغلاف المالي الذي يمكن أن يخصص من أجل شراء دواء هؤلاء المرضى بخمسة مليارات و600 مليون سنتيم. وبالرغم من ذلك، فإن البروفيسور محمد خطاب، رئيس مصلحة أمراض الدم وأنكولوجيا طب الأطفال بالمركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط، اعتبر أن داء الهيموفيليا ليس أولوية للحكومة، مقارنة بداء السيدا مثلا الذي يقل عدد المرضى به عن المصابين بداء الهيموفيليا، والسبب في ذلك يعود في نظره إلى ما أسماه «ضغط اللوبيات»، مشيرا إلى أن الهدف من هذه الندوة هو تحسيس الرأي العام والحكومة من أجل أن تولي الأهمية اللازمة لهذا الداء.