تم نقل 11 حالة ما بين أطفال ونساء ورجال آيت عبدي، في وضع صحي متدهور إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الجهوي لبني ملال قصد تلقي العلاج، وكانت الإصابات تتراوح ما بين (مغص في المعدة، مرض اللوزتين، ألم المفاصل، الإسهال الحاد لطفل...). وبالمقابل تم تنظيم مسيرة صامتة انطلاقا من مقر الولاية ببني ملال حيث يعتصم سكان القرية المنكوبة وقد وجهت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان رسالة عاجلة إلى وزير الداخلية، تطالبه فيها بالتدخل الفوري من أجل فك الحصار المضروب على مئات المواطنين بمنطقة تاسرافت نايت عبدي وتنكارف بأزيلال، نتيجة التساقطات المطرية والثلجية التي شهدها المغرب في الآونة الأخيرة. ودعت الجمعية وزير الداخلية شكيب بنموسى إلى تجنيب السكان «الموت البطيء والجماعي»، مؤكدة أن المتضررين مازالوا في العراء معرضين للجوع والبرد، دون أي تدخل للسلطة. وقد أبكى الطفل بلخير حمو - 14سنة - الحاضرين في الندوة الصحفية التي عقدتها لجنة التضامن المحلية مع سكان آيت عبدي وتنكارف مساء أول أمس الاثنين بمقر حزب التقدم والاشتراكية ببني ملال. وتحدث الطفل حمو بالأمازيغية عن رحلة الالتحاق بوالده في مكان الاعتصام قائلا: «لقد قررت الالتحاق بوالدي بعد نفاد الأكل، وتركت خلفي خمسة إخوة، لكننا تعرضنا للضرب والإهانات من طرف رجال الدرك وممثلي السلطة». الطفل حمو بلخير لم يتمالك نفسه وانفجر باكيا أثناء حديثه عن رحلته للوصول إلى بني ملال سالكا طريقا جبليا وعرا رفقة أطفال آخرين ورجال التحقوا بالمعتصمين أمام مقر ولاية جهة تادلة أزيلال ببني ملال منذ أكثر من عشرة أيام . وتحولت الندوة الصحفية، التي نظمتها اللجنة المحلية للتضامن مع سكان آيت عبدي، إلى جلسة استماع لمعاناة سكان تنكارف وآيت عبدي، حيث قال ممثلون عن سكان آيت عبدي ،حضروا الندوة، إن«سكان آيت عبدي ما يزالون يعيشون في نفس الظروف التي كانوا يعيشونها في ظل الاستعمار الفرنسي «وتساءل مسالكي اسعيد «كيف يعقل أن أبناء من قاوم في آخر معقل لمناهضة الاحتلال بالمغرب يكونون اليوم آخر من يعيش حياة بدائية بالمغرب في غياب أدنى شروط العيش والاستمرار في الحياة»، وأضاف مسالكي اسعيد أن «سكان تنكارف وآيت عبدي تعرضوا لحصار بالثلوج مدة أربعة أشهر، وبعد لقاء عابر بعامل أزيلال قال لنا لا أملك لكم شيئا، أنتم تابعون لبني ملال». وختم مسالكي سعيد شهادته بتوجيه رسالة إلى المسؤولين بالجهة يقول فيها: «باركا نتحلان باركا نتحلان، كفى كذبا كفى كذبا لقد قتلتمونا بالوعود». فاطمة نعلي، سيدة حضرت الندوة، قالت «أنا أم لستة أطفال وأنا المعيلة لهم لأن زوجي أعمى، إن قدمي مصابة بقروح وجروح عديدة نتيجة الرحلة الشاقة والطويلة للوصول إلى بني ملال». وتحدثت فاطمة عن معاناة النساء بآيت عبدي وتنكارف قائلة: «النساء يلدن في ظروف غير طبيعية وبوسائل بدائية والأطفال الذين يولدون يعانون من هزال كبير نتيجة جوع الأمهات وسوء التغذية ». أوتاوجبوت موحى كان آخر المتحدثين من سكان آيت عبدي خلال الندوة كاشفا عن مزيد من صور المعاناة بالمنطقة: «تركت خلفي خمسة أطفال لا أعلم مصيرهم بسبب الجوع الذي تعيشه المنطقة. لقد توفيت 17 سيدة من الحوامل مؤخرا»، وكشف عن التهديدات التي يتلقاها السكان بالمنطقة بقوله: «إذا عدنا الآن إلى البلاد فسينتقمون منا ويقطعون لنا الآذان، السجن أرحم مما نعيشه هناك، ومن يملك وسائل تساعده على الخروج من هناك فقد هرب من حصار منذ مدة، حيث نزح هذه السنة العشرات من الأسر». الندوة، التي عقدتها لجنة التضامن المشكلة من فروع الأحزاب السياسية بالمدينة، شهدت حضور سكان آيت عبدي الذين انتقلوا في مسيرة صامتة من أمام مقر الولاية قطعت مئات الأمتار وسط شوارع بني ملال قبل الوصول إلى مقر انعقاد الندوة ،كما شهدت توزيع أعضاء جماعة العدل والإحسان ببني ملال لشريط مرئي مدته خمس دقائق قام أعضاء من الجماعة بتصويره من عين المكان، يكشف جزءاً من معاناة آيت عبدي، وفيه مقتطفات من تصريحات للسكان بآيت عبدي، كما أعلن أعضاء الجماعة ببني ملال عن تقديم كل الدعم للجنة التضامن مع سكان آيت عبدي، ووعدوا بتوزيع شريط ثان بعد أيام يكشف بالتفصيل عن معاناة آيت عبدي وتنكارف. الندوة تم الإعلان خلالها عن البرنامج المستقبلي للتضامن مع المعتصمين من سكان آيت عبدي وفك العزلة عنهم بتنظيم قافلة طبية وكذا حملة لجمع المساعدات للسكان،كما يضم البرنامج التعريف بمعاناة ساكنة آيت عبدي عن طريق الوقفات الاحتجاجية والتغطية الإعلامية، ،وتنظيم مسيرة وطنية تدعى إلى المشاركة فيها جميع الهيئات الوطنية. محمد بوكرين، المعتقل السياسي السابق وعضو المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، أكد أن المنتدى سيقوم بتبني تشييد قنطرة وادي عطاش وكذا إنجاز المقطع الطرقي الذي يربط آيت عبدي بالعالم الخارجي. وقالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في رسالتها إلىى وزير الداخلية إن استمرار هذا الوضع دفع بالسكان إلى تنظيم اعتصام أمام مقر جهة ولاية تادلة-أزيلال، للمطالبة بفتح حوار معهم والاستجابة لمطالبهم المتمثلة أساسا في دعم البنية التحتية من قناطر ومسالك وكهرباء لفك الحصار الذي تعيشه المنطقة، وتوفير التغذية العاجلة والأغطية والدواء إضافة إلى جبر الضرر. وطالبت الجمعية بضرورة التدخل بشكل مستعجل من أجل توفير الحد الأدنى للعيش الكريم للمتضررين من خلال الاستجابة الفورية لمطالبهم المشروعة.