حذر خبراء وأكاديميون من تحوّل مدينة مراكش إلى وجهة تسوق «السياحة الساقطة». وفي الوقت الذي حذر محمد نجيب بنموسى، المحلل الاقتصادي في التسويق الحديث والجودة من أن يتم استغلال الفراغ في استثمار التراث اللامادي للمدينة الحمراء في أبعاد سلبية للسياحة، أوضح محمد العربي سيدمو، الخبير الاقتصادي، ورئيس مختبر «الكلمات» أن الذي «نتخوف منه، ليس فقط ما يسمى بالسياحة الجنسية، وإنما السياحة الساقطة»، التي يستخدم فيها الكوكايين والمخدرات، وكل الأنشطة غير المشروعة وغير القانونية. وبينما اعتبر بنموسى، أحد الخبراء في مختبر كلمة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش خلال مشاركته في الدورة 31 للجمعية الفرنسية للتسويق، أن للمدينة الحمراء مقومات التطور، والتنافس على الرتبة الأولى عالميا، أكد سيدمو على هامش أشغال المؤتمر الدولي نهاية الأسبوع الماضي بمراكش، أن المدينة الحمراء «لها من المقومات، التي تجعلها تتنافس خارج هذه الدائرة الرخيصة، نظرا لتراثها المعماري، والإنساني، والثقافي، ما يجعلها في غنى عن التعاطي للسياحة الرخيصة والساقطة». وبعد أن أكد سيدمو أن التسويق التراث اللامادي لمراكش «لا يخضع إلى تصور استراتيجي، ولا إلى منهجية إجرائية معقلنة ورشيدة»، تساءل المتحدث حول ما إذا كانت مراكش كوجهة سياحية «تتنافس بالوسائل المبتذلة، الموجودة في جميع الوجهات، كالعلب الليلية، أم علينا أن نتنافس بما يشكل مقومات ثقافية وعمرانية، معمارية تراثية، منقطعة النظير على المستوى العالمي». وحذر المصدر ذاته من أن يضرب «التسونامي العارم»، الذي يعتمد على المتاجرة الرخيصة بالوجهات السياحية، مراكش في عمقها التراثي والإنساني والثقافي، الذي سيشكل أحد أبرز مصادر قوة المدينة الحمراء، مشددا على ضرورة الحفاظ على مراكش كوجهة متميزة، بتجديد قدرتها على جذب السائح، الذي يبحث عن الخصوصيات الثقافية، وليس الذي يبحث عن النشوة العابرة». وأكد محمد الفايز، المؤرخ والمحلل الاقتصادي أن هناك»فارقا بين ما نتصوره حول مراكش، وتراثه الحقيقي»، معتبرا أن هذا التراث «لا يتم توظيفه في عملية التنمية». واعتبر الفايز أن التراث المغربي في المدينة الحمراء «مهمش، ولا تعطى له أهمية كبيرة، رغم أنه الخزان الأساسي، والتراث الغني، الذي يمكن استخدامه في علم التسويق المغربي الجديد، والذي لا شك سيكون قاطرة للتنمية المحلية. من جهته، قال منهم الحسين، الباحث في التسويق واللوجستيك بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، إن الحديث عن التسويق يستوجب امتلاك إمكانيات ووسائل وتقنيات، من شأنها أن تفرز تسويقا ناجحا، وذا مردودية وفعالية، معتبرا أن التواصل وتقنياته يلعب دورا مهما في تحقيق تسويق جيد. وأكد الأستاذ الجامعي، والخبير في مجال التسويق واللوجستيك أنه دون امتلاك خبرة ووسائل هذا القطاع، إضافة إلى المقاربة الجديدة في مجال التواصل، التي تؤكد على الفعالية والتشاركية، لا يمكن تحقيق تسويق بمعايير وجودة عالمية، من شأنه تحقيق المنافسة، وتنمية مستدامة. وشدد منعم على ضرورة تدخل وتكامل جهود الفاعلين من أكاديميين، وفاعلين سياسيين، وعاملين في مجال الإعلام والاتصال، وغيرهم من مكونات المجتمع، ضمانا لبناء نموذج تسويقي تنافسي أساسه الجودة والاستمرارية والإنتاجية. وأشار المتحدث إلى أن مجال التسويق أصبح يأخذ أبعاد كبرى، تتجاوز المقاربة الاقتصادية، لتصل إلى التسويق اللوجيستيكي، والمجالي، والخدماتي، والثقافي، حيث أن عددا من الدول صارت تقوم بتسويق مناخها، وإمكانياتها الطبيعية…