سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأمراني : اليوسفي تخوف من تحول «الأحداث المغربية» إلى ناطق باسم تيار معين داخل حزب «الاتحاد الاشتراكي» قال إن المكتب السياسي للحزب اعتبر أن مشروع إصدار جريدة لا حظ له في النجاح
عبد الكريم الأمراني، الصحافي المثير للجدل، يحكي تفاصيل مهمة من مساره النضالي في صفوف حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، ويقف عند تفاصيل الأحداث التي عاشها على المستوى المهني. يعود إلى مراحل مهمة من تاريخ المغرب كان شاهدا عليها، ويروي كيف كبرت جريدة «الاتحاد الاشتراكي» وأسباب سقوطها، كما يعرج على كواليس ميلاد جريدة «الأحداث المغربية» وأسباب تراجعها في المبيعات والتأثير. الحديث مع الأمراني لايمكنه أن يخلو من الكشف عن أسرار ومناطق ظل كان يجتمع فيها الأمراني مع بعض رجالات الدولة. إليكم اعترافات صحافي ضد التيار... - هل وضعت تصور «الأحداث المغربية» لوحدك أم بمساعدة آخرين؟ بدون مبالغة أقول إن أكثر من %80 من التصور الذي انطلقت به «الأحداث المغربية» وحقق نجاحها الكاسح في زمن قياسي، كان من وضع العبد لله. كل الملاحق بما فيها ملحق «من القلب إلى القلب»، كل الصفحات المتخصصة، باستثناء «حدث تحت الأضواء»، «ماكيط الجريدة» من الصفحة الأولى إلى الصفحة الأخيرة... كل ذلك كان من إنجازي. - وماذا كان دور محمد البريني؟ دوره كان محوريا، من دون شك، وخصوصا في كل ما له علاقة بالتمويل (البحث عن المساهمين) وتأسيس الشركة الناشرة (شركة مجهولة الاسم)، دون أن أغفل إضافاته وملاحظاته فيما يخص التصور العام التحريري للجريدة، فهو كا قلت صاحب فكرة «حدث تحت الأضواء»، وهو صاحب فكرة مقال الرأي اليومي في أسفل الصفحة الأولى (على مسؤوليتي)، وكذلك زاوية «من صميم الأحداث»... - وكيف انطلق المشروع؟ قبل انطلاق المشروع عمليا حرص محمد البريني على الاتصال بعبد الرحمان اليوسفي لإخباره بما يعتزم الإقدام عليه لتبديد أي التباس أو شك لديه حول أهدافه، وقد استشارني في موضوع الاتصال باليوسفي فتحفظت عليه، قائلا: «سيكون ذلك مضيعة للوقت. لا تذهب إليه... أنسيت ما فعله معك؟ سيكون جوابه سلبيا بكل تأكيد» أصر البريني على موقفه وطلب من اليوسفي موعدا، حدده له في فيلاه بشارع الزرقطوني في 13 أكتوبر 1996، وبعد ظهر اليوم المحدد للموعد توجه محمد البريني إلى منزل اليوسفي، وكان اللقاء، حسب ما أخبرني البريني، وديا وصريحا تجنب فيه الأخير أي إشارة لما جرى في الحزب وفي الجريدة خلال الشهور الماضية... وبعد تبادل التحايا والمجاملات المعتادة، دخل البريني في صلب موضوع الزيارة، وقال إنه جاء ليفاتحه في موضوع يخصه كشخص ويهم الحزب في نفس الوقت..ثم ذكره بأن المهنة الوحيدة التي يستطيع الآن ممارستها هي مهنة الصحافة التي قضى في مزاولتها أزيد من 22 عاما، أعطاها الكثير من حياته وجهده وتكونت لديه، خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة، مجموعة من القناعات المهنية التي لا تسمح له بالعودة إلى الوراء في هذا الزمن المتجدد باستمرار، كما تكون لديه تصور متكامل للعمل الصحفي ولما ينبغي أن تكون عليه الجريدة اليوم. هذا التصور وهذه القناعات عمل على تطبيقها بالتدريج وبدون تسرع أو حرق للمراحل في صحافة الحزب، ولكن إرادة الحزب قررت وضع حد لهذه التجربة، فانضبط لها بدون تردد، والآن وقد بلغ 53 سنة من عمره لا يمكنه البدء من الصفر وتعلم مهنة أخرى. كما لا يمكنه الاشتغال في منابر إعلامية أخرى تحمل مشروعا فكريا ومذهبيا وسياسيا مخالفا للمبادئ التي تربى عليها داخل الاتحاد طيلة السنوات التي قضاها فيه وكيفت سلوكه وأطرت حياته... لكل ذلك فكر في إصدار جريدة مستقلة لمواصلة تطبيق تصوره الإعلامي وامتحانه على أرض الواقع.. وأكد البريني أن هذه الجريدة، رغم أنها ليست ناطقة باسم الحزب، فإنها ستعمل على أن تكون سندا له، تدافع عن أفكاره وقيمه ومبادئه العامة ولن تكون معبرة عن أي حساسية أو جناح أو تيار داخل الحزب... أي باختصار، ستكون الجريدة تقدمية التوجه، منفتحة على مختلف فعاليات المجتمع وقواه الحية وعلى الطبقة السياسية والمجتمع المدني، وستلتزم في معالجتها للأحداث والأخبار باحترام القواعد المهنية. وفي ختام مداخلته، أوضح البريني لليوسفي أنه جاء يطلب موافقته على هذا المشروع ودعم الحزب له معنويا وماديا وتقنيا، وأخبره بأنه قام باتصالات مع عدد من الأًصدقاء المنتمين لليسار، والذين يعملون في القطاع الحر أو في القطاع الخاص للمساهمة في المشروع من الناحية المالية.. - وماذا كان رد اليوسفي على ما قاله البريني؟ عندما انتهى البريني من تقديم مشروعه قال له اليوسفي إنه سبق أن سمع بهذا المشروع قبل أن تكتب عنه بعض الصحف، وأضاف أنه إذا كان سيتفهم الدوافع الشخصية التي دعت البريني إلى الإقدام على هذا الأمر، فإنه لا يتفهم الأسباب الموضوعية وأنه غير مقتنع بأن هناك بواعث موضوعية لمشروع جريدة. وأضاف أن الحزب يتوفر على ثلاث جرائد وأنه من المفروض أن تتضافر الجهود لدعم الإعلام الحزبي الذي مازال يحتاج إلى مجهودات الجميع كي يتقدم أكثر، وأن صحافة الحزب لم تستنفد كل طاقاتها لإشباع السوق، وأكد أن الخطاب الحزبي ينبغي أن يصل إلى أكبر عدد من المواطنين، ولكن عبر الإعلام الحزبي، وقال إنه سبق أن صدرت أسبوعية “البلاغ المغربي” لملء الفراغ الذي تركته الصحافة الاتحادية الموقوفة، مضيفا بأن الظروف الحالية ليست هي الظروف التي دفعت إلى اللجوء إلى العمل على إيجاد وسيلة لإسماع صوت الحزب، وجدد التأكيد على أنه إذا كان يتفهم دوافع البريني الشخصية في القيام بهذا العمل، خاصة أنه اكتسب خبرة وتجربة في مهنة الصحافة ، فإنه لا يرى أن هناك دوافع موضوعية لهذا المشروع، وإذا كانت موجودة فعليه إقناعه بها. لاحظ البريني أن اليوسفي يربط مشروع إصدار الجريدة بالأزمة الداخلية التي كانت تعصف بالحزب وقتها، وأنها قد تكون ربما ناطقة باسم تيار داخله، في حالة حدوث انقسام أو شرخ، فأكد لليوسفي أن الجريدة التي ينوي إصدارها لن تكون ناطقة باسم جناح حزبي ضد جناح آخر، ولن تكون تعبيرا عن حساسية ما داخل الحزب، وأوضح له أنه، إلى حدود هذا اللقاء، لا يتوفر على اسم الجريدة التي يفكر في إًصدارها ولم يضع بعد التصريح القانوني لدى المحكمة المختصة، ولا يتوفر على مصدر ولا على صندوق بريد.. كما ذكره بأنه منذ مغادرته جريدة «الاتحاد الاشتراكي» لم يقم بأي عمل من شأنه التشويش على الحزب، رغم كل الحملات المغرضة والاتهامات الملفقة الظالمة التي طالته. وعن سؤال لليوسفي حول كيفية تمويل هذا المشروع، أجاب البريني بأن الجريدة ستكون عبارة عن شركة مجهولة الاسم، سيشارك فيها مساهمون صغار، أما نصيبه فسيكون هو المشروع والالتزام بالسهر على إنجازه، لأنه لا يملك إمكانيات مالية تسمح له بالمشاركة فيه. ولما سأله عن قضية الطبع، قال له البريني إن هذه القضية تدخل في إطار المساعدات التي يطلب من الحزب تقديمها له، ويمكن اللجوء في هذه الحالة إلى مطبعة «دار النشر المغربية». في ختام اللقاء طلب عبد الرحمان اليوسفي مهلة للتفكير في الموضوع لأن قراره يلزم الحزب وعليه دراسة الأمر بعناية، وبعد ذلك سوف يتصل به لإخباره بجوابه. - وماذا كان الرد بعد مهلة التفكير؟ بعد عشرة أيام وبالتحديد في 24 أكتوبر 1996، بعد انتهاء اجتماع إحدى اللجان الحزبية في منزل اليوسفي، جر هذا الأخير محمد البريني وأخبره بأنه طرح موضوع الجريدة على المكتب السياسي في اجتماعه الأخير الذي انعقد يوم الاثنين 21 أكتوبر وأبلغهم رأي البريني في الموضوع، ولكن أعضاء المكتب السياسي وبالإجماع، -باستثناء صوت واحد قال إنه لا حظوظ لنجاح المشروع ولكن لا بأس من إعطاء الموافقة للبريني لإنجاز مشروعه- عبروا عن معارضتهم وعدم اقتناعهم بوجود دواعي موضوعية لقيام البريني بإصدار جريدة مستقلة. وقال اليوسفي بالفرنسية إن أعضاء المكتب السياسي vous déconseillent de publier le journal.. (ينصحونك بالعدول عن مشروع إصدار الجريدة...). - من هو العضو الذي لم يعارض مشروع إصدار الجريدة؟ أعتقد أنه المناضل الحبيب الشرقاوي..