سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عبد الكريم الأمراني :عذبوني في المعتقل بضربي بالعضو الذكري للثور على رجلي العاريتين قال إن الجلادين كانوا يقولون له «أنت شريف علوي آشنو كاتدير فالاتحاد»
عبد الكريم الأمراني، الصحافي المثير للجدل، يحكي تفاصيل مهمة من مساره النضالي في صفوف حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، ويقف عند تفاصيل الأحداث التي عاشها على المستوى المهني. يعود إلى مراحل مهمة من تاريخ المغرب كان شاهدا عليها، ويروي كيف كبرت جريدة «الاتحاد الاشتراكي» وأسباب سقوطها، كما يعرج على كواليس ميلاد جريدة «الأحداث المغربية» وأسباب تراجعها في المبيعات والتأثير. الحديث مع الأمراني لايمكنه أن يخلو من الكشف عن أسرار ومناطق ظل كان يجتمع فيها الأمراني مع بعض رجالات الدولة. إليكم اعترافات صحافي ضد التيار... - هل هذه فقط أسباب التحاقك بالاتحاد؟ > كان هناك عامل خارجي موضوعي ويتعلق الأمر بإذاعة ليبيا، التي كانت تسمع في تازة أكثر من الإذاعة المغربية، بالطبع كانت كلها شتائم في النظام المغربي. وحينها بدأت أنتقل تدريجيا إلى دائرة أخرى فكرية وإيديولوجية وهي اليسار، فقد استهواني ما كان يذاع في تلك الإذاعة. أصبحت مناضلا اتحاديا دون علاقة بالتنظيم، لأن مقر الحزب بتازة كان مغلقا منذ 1965. اعتقل المناضل احمد بنقليلو،وهو من كبار المناضلين وهو شخص لم يُنصف، حُكم بالإعدام في عهد الحماية وصدر في حقه حكم آخر بالإعدام مع مجموعة الفقيه البصري. ولن أنسى ما حييت ذلك المشهد، عندما خرج بنقليلو من المعتقل بعد صدور العفو عنه، شاهدت الرجل مارا بين الناس ولا يجرؤ أحد أن يسلم عليه وكانوا يتجنبونه كأنه جذام. بعد مرحلة الباكالوريا توجهت إلى كلية الآداب بفاس أبحث عن الاتحاديين، وأتذكر أن الانتماء الرسمي كان مع صدور جريدة «المحرر» سنة 1974. لازلت أذكر مشهد توزيع جريدة «المحرر» للمرة الأولى داخل كلية فاس، وأعدادها تتوسط ساحة الجامعة وبقربها عبد الهادي خيرات الذي كان يبدو منتشيا بخروج أول أعداد المحرر. وجدت العنوان الذي كنت أبحث عنه، وهو عبد الهادي خيرات، لأفاجأ في المساء بطرقات في الغرفة 120، التي كنت أقطن بها في الحي الجامعي، حيث وجدت أنور المرتجي، بعدها أصبحت المسؤول عن القطاع الطلابي الاتحادي بفاس ما بين 1974 و1978.وكانت دفعتي تضم أيضا محمد عامر، الوزير الحالي، ومحمد البوبكري، عضو المكتب السياسي الحالي للاتحاد. - حدثنا عن مرحلة الاعتقالات التي تعرضت لها في مرحلة الجامعة... > أصبحت أتحمل المسؤولية المباشرة للشبيبة الاتحادية بفاس والقطاع الطلابي أيضا، إذ كان لدينا 160 أو 170 مناضلا، وشكلنا القوة الثانية بعد تحالف الجبهة. ذهب احمد بنقليلو بعد 1965 إلى مكناس وهجر مدينة تازة ليترك قيادة محلية اتحادية من خارج المدينة، وكان هذا عنصر ضعف في مدينة صغيرة. أتذكر أنني ذهبت إلى مقر الحزب بتازة الذي كان مغلقا منذ 1965 إلى غاية 1974، ووجدته عبارة عن ركام من التراب. خلال هذه المرحلة صُعق رجال السلطة بأن الأمراني ابن نقيب الشرفاء ينضم للاتحاد الاشتراكي، خصوصا وأنني بدأت أشتغل بطريقة لا أعتقد أنه سبق اعتمادها في منطقة أخرى في المغرب. أولا، أشير إلى أنني كنت أصدق ما يكتب من أدبيات الحزب ولم يكن لدي شك فيه، فقمت بتلخيص التقرير الإيديولوجي للحزب الصادر عن المؤتمر الاستثنائي ولقنته للإخوة في الحزب. كان ما يزيد عن 480 شابا منخرطا في الحزب بشكل رسمي، واستقطبت جميع شباب حزب الاستقلال بالمدينة، وأصبحنا قوة أساسية داخل المدينة. بعدها تم تعميم قرار إقامة الوداديات في جميع الثانويات بالمغرب، اتفقنا في تازة على توقيف الدراسة وانتخاب التعاضدية بشكل ديمقراطي وإخبار مدير المؤسسة بها، مع الاعتراض على الدراسة في حال ما إذا رفض قبول الودادية. رد السلطات المحلية كان عنيفا فقد طوقت عناصر الشرطة مقر الحزب بتازة واعتقلت حينها في التاسعة مساء وتعرضت لتعذيب وحشي في الكوميسارية، وسمعت الكلمة الشهيرة «أنت شريف علوي آشنو كاتدير فالاتحاد»، وفهمت أنه من غير المقبول أن ينضم شخص من عائلة محترمة إلى الاتحاد. ثلاثة أيام في المعتقل، لم يتكلموا فيها معي، لكن أخذت حصة وافرة من التعذيب، جربت طريقة التعذيب ب «الطيارة»، وقاموا بإيقاظي من النوم في الثالثة صباحا بعدما وضعوا عصابة على عيني، كل ما أعرفه عن الذين عذبوني أن أحدهم اسمه «الغريب»، يعيش حاليا في القنيطرة، وآخرا اسمه الخمسي. - ماذا فعلوا بك؟ > عذبوني تعذيبا وحشيا، ولن أسامحهم على مافعلوه بي. ضربوني بالعضو الذكري للثور على رجلي العاريتين، أكثر من ذلك كانوا يعرون مؤخرتي ويستشيرون الكوميسير حول إن كان يرغب في أن يغتصبونني، وأهانونني كثيرا. كان الهدف هو إبعادي عن الاتحاد لكن ذلك زادني إصرارا. قضيت شهرا ونصف في الاعتقال بالسجن المدني، من حسن حظنا أن ملفنا عرض على قاض نزيه، أجل المحاكمة حتى يتغير الجو العام فأطلق سراحنا، وحكم ببراءتي «لفائدة الشك» وزملائي حوكموا بالبراءة. سنة 1975، وبالتحديد خلال الأسبوع الذي اغتيل فيه عمر بنجلون، نشرت جريدة «المحرر» خبرا باعتقالي للمرة الثانية، وكنت حينها قد اختطفت من أمام باب منزلي، حيث كنت قدمت من فاس إلى تازة لأقضي عطلة عيد الأضحى مع عائلتي. حينما استفسرت قيادة الاتحاد عن سبب اعتقالي قالوا لهم إن الأمراني ينتمي إلى منظمة إلى الأمام ويختبئ في الاتحاد. قضيت نهاية الأسبوع داخل الكوميسارية فسمحوا لعائلتي أن تمدني بجلباب، قبل ذلك أخذوني مغمض العينين ولم أعرف إلى أين اقتادوني وأنا أتوسط شرطيين، بعد الحادث قدرت أنني في مدينة فاس. هذه المرة لم يكن هناك تعذيب أو إهانة أوضرب، وضعوني في مخفر بجانب أحد المصريين، يبدو أنه لم يكن سويا عقليا. خلال ساعات انصب التحقيق على كيفية دخولي للاتحاد ومن أعرف داخل هذا الحزب، كانوا يفتحون العصابة بين الفينة والأخرى ليطلعوني على صور بعض أعضاء منظمتي إلى الأمام و23 مارس. طبعا لم أكن أعرف من كان ينشط داخل هاته المنظمة أو الأخرى لأنهم كانوا يقومون بذلك في سرية. أروني بعض الصور الأخرى منها أسماء كثيرة معروفة، لكن لم يأخذوا مني ماكانوا ينتظرون، لأنني لم أكن أعرف شيئا. بعد ذلك وقع حادث طريف، إذ إنك حين تلج المعتقل يجب أن تترك ساعتك اليدوية والحزام والنظارات إلى غير ذلك، وكنت قد أعطيتهم نظاراتي، وحين قرروا أن يطلقوا سراحي، قاموا باقتيادي إلى وسط مدينة فاس بالقرب من أحد المطاعم وأطلقوني هناك دون نظارات، لأنهم يعرفون أن مستوى الرؤية لدي ضعيف. كانوا يريدون من ذلك أن يُخوّنوني أمام الرفاق.