سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأمراني : كنا نخوض معارك يومية ضد بقايا «الحرس القديم» الذين كانوا لا يتوقفون عن شتمنا قال إنه طارد أحمد فؤاد نجم في العديد من الأماكن ليسجل معه حوارا امتد إلى عشرين ساعة من التسجيل
عبد الكريم الأمراني، الصحافي المثير للجدل، يحكي تفاصيل مهمة من مساره النضالي في صفوف حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، ويقف عند تفاصيل الأحداث التي عاشها على المستوى المهني. يعود إلى مراحل مهمة من تاريخ المغرب كان شاهدا عليها، ويروي كيف كبرت جريدة «الاتحاد الاشتراكي» وأسباب سقوطها، كما يعرج على كواليس ميلاد جريدة «الأحداث المغربية» وأسباب تراجعها في المبيعات والتأثير. الحديث مع الأمراني لايمكنه أن يخلو من الكشف عن أسرار ومناطق ظل كان يجتمع فيها الأمراني مع بعض رجالات الدولة. إليكم اعترافات صحافي ضد التيار... - وماذا بعد التحاق نجمي بالجريدة؟ عزز نجمي «عصابة الأمراني» التي ستصبح فيما بعد رباعية بالتحاق محمد بهجاجي بها (متعاون). وبدأت رحلة تطوير الجريدة، التي اصطدمت بمقاومة «الحرس القديم» الذي لم يكن له من شغل سوى مهاجمة وشتم «الوافدين الجُدد» الذين يحظون بمكانة خاصة لدى «المدير». كانت نقطة التحول في مسار الجريدة مقال تصدر الصفحة الأولى لجريدة «العلم» في عهد إدارة محمد العربي المساري. مقال – زلزال بلا أدنى مبالغة. في صدر الصفحة الأولى لجريدة «العلم» لسان حزب الاستقلال «المحافظ»، حزب علال الفاسي، رائد «السلفية الجديدة» بالمغرب ومباشرة تحت «اللوغو» صورة لفتاة شابة جميلة على ثلاثة أعمدة، وتحتها عنوان مثير يقول: «فتاة تقتل دفاعا عن شرفها والعدالة تبرئها». عدد «العلم» هذا نفد بالكامل في كل مدن المملكة قبل منتصف النهار، وأصدرت الجريدة طبعة ثانية بعشرات الآلاف من النسخ نفدت بدورها في ساعات، وفي اليوم التالي أعادت الجريدة نشر نفس المادة «نزولا عند رغبات وطلبات القراء». وفي اليوم الثالث، طلعت الجريدة على قرائها باستجواب مع المعنية قدمت فيه تفاصيل جديدة عن ملابسات اختطافها واحتجازها، وكيفية إجهازها على مختطفها ومغتصبها وظروف المحاكمة والحكم وتعاطف الجيران والرأي العام معها إلخ. نفد العدد الذي طبعت منه كميات قياسية، واستمرت «العلم» في استثمار القضية التي علمنا فيما بعد أنها أخذت بالحرف مع الصورة من مجلة «الشرطة» دون الإشارة إلى المصدر. ولكن النتيجة النهائية كانت ابتعاد «العلم» على مستوى المبيعات عن جريدتنا، التي كان عليها أن تتحرك قبل فوات الأوان. - التحرك في أي أفق؟ التحرك لتطوير الجريدة بشكل جذري لمنافسة «العلم». هنا ظهرت بعض «الاجتهادات التي لا يمكن لأي دارس مُنصف إلا أن يعترف لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» بفضل السَّبْق فيها: - أنشأنا صفحة تهتم بقضايا الإذاعة والتلفزة تحولت إلى صفحتين، ثم إلى ملحق أسبوعي من أربع صفحات، وكنا أول جريدة مغربية تفعل ذلك، وبعدها قلّدنا الجميع. - أنشأنا صفحتين خاصتين بقضايا المحاكم، وكنا السباقين إلى ذلك، ثم تبعنا الآخرون. - أنشأنا عددا أسبوعيا يوم السبت، يضم مواد متنوعة، إلى جانب مقالين لكل من أسية أقصبي، وعبد الله زيوزيو، وملف اجتماعي أسبوعي، ثم تبعنا الآخرون في نفس النهج. - خصصنا عدد الأحد لمواد متنوعة تجمع بين الإثارة والإمتاع والإفادة، إلى جانب الملحق الثقافي وتغلبنا على إشكالية الطبع بما يعرف لدى أصحاب المهنة ب«لونكارطاج» (أي إدخال صفحات الملحق الثقافي الثمان بواسطة اليد، من خلال عمال مياومين). حققنا قفزة نوعية على مستوى المبيعات، وبدأنا نسمع داخل الجريدة تعليقات تطال المجموعة المجتهدة، التي برهنت على كفاءتها وحضورها المتميز: «عصابة الأربعة».. «عصابة PS9»، في إشارة إلى إلحاحي على تصغير حرف الرقن لإدخال أكبر كم ممكن من المواد في العدد الواحد بعد أن ترسخ لدى تقنيي الجريدة تقليد استعمال ال PS10 والPS11 مع توسيع الفاصل بين السطرين إلى الحد الذي يجعل الصفحة الواحدة في «المحرر» تمتلئ بربع أو ثلث المواد المفترض إدخالها في الصفحة العادية.. «مجموعة لادوز» (في إشارة إلى المواد المثيرة التي كنا ننشرها في عدد الأحد) كنا نخوض معركة يومية ضد بقايا «الحرس القديم» الذين لم يكن لهم من شغل إلا الشتم والنميمة. وكانوا ينقلون إحساسهم بالغبن وبالفشل إلى بعض المنابر الأسبوعية التي تخصصت في مهاجمة الجريدة وكتابها وصحافييها (وهو الهجوم الذي طالني منه الكثير). استمر هذا الوضع إلى حدود سنة 1989، وهي السنة التي انعقد فيها المؤتمر الخامس للحزب، و هي المحطة التي سينكسر فيها كل شيء بيني وبين حسن نجمي بسبب تباين المواقف مما جرى في المؤتمر. - لكن العلاقة بينكما أثمرت كتابا مهما حول أحمد فؤاد نجم. حكاية هذا الكتاب عجيبة غريبة.. تبدأ باكتشاف وجود الشاعر الكبير في قاعة المسرح البلدي بشارع الجيش الملكي، خلال حفل أربعينية المرحوم حوري حسين المسرحي المعروف. «عند افتتاح الحفل فوجئ الحاضرون بالشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم يصعد إلى الخشبة ليلقي مجموعة من قصائده المعروفة. كان أحمد فؤاد نجم قد دخل إلى المغرب بجواز سفر ليبي، وباسم مستعار. وعندما انتهى حفل التأبين، تحلقنا حول الشاعر أنا ونجمي وبهجاجي وإخوة آخرون، ومنهم الفنان أحمد السنوسي الذي عرض عليه الانتقال من الفندق إلى بيته فلبى الدعوة. في اليوم التالي اقترحنا على مدير الجريدة استضافة الشاعر الكبير في حفل عشاء، فرحب بالفكرة وطلب من الصحافي الرياضي أحمد صبري استضافة الشاعر وهيئة تحرير الجريدة في فيلاه بعين الذياب، على أن تدفع الجريدة مصاريف الاستضافة، ففعل. وفي حفل العشاء طلبنا أنا ونجمي من الشاعر أن يخص الجريدة بحوار مطول حول سيرته الذاتية فقبل فورا، وبعد العشاء شرعنا في إجراء الحوار في منزل صبري بحضور هذا الأخير ومليم العروسي. وكان هذا الجزء- الأول- الذي استغرق حوالي ساعة ونصف، هو الوحيد الذي شاركني فيه حسن نجمي في الحوار، الذي امتد لأكثر من شهرين، طاردت خلالها الشاعر الفجومي «أبو النجوم» في العديد من المنازل والأماكن، لأسجل معه أحسن وأطول سيرة ذاتية له، على الإطلاق، مازلت إلى اليوم أحتفظ بأشرطتها الستة عشر (حوالي 20 ساعة تسجيل) ضمن أثمن ما تحتضنه مكتبتي. ومن المؤسف أن الحوار كان يصدر بتوقيع ثنائي، وعندما صدر الكتاب ضمن منشورات الجريدة «تطوع» نجمي لكتابة مقدمته واتصل بالفنان الحريري لإنجاز غلافه ووضع عليه اسمه إلى اليمين ثم اسمي إلى اليسار.. وفي كل مرة يقدم فيها نهج سيرته (CV)، كان يعمد إلى إيراد عنوان الكتاب ضمن مؤلفاته: «الكلام المباح : رحلة الفعل والكلمة في حوار مع أحمد نجم» دون ذكر اسمي، مع الاكتفاء بجملة: «بالاشتراك»...! هذه هي حكاية الكتاب بدون تزوير أو تلفيق. %95 من مضمونه تعود للعبد لله.. وال%5 الباقية اشترك فيها حسن نجمي ، الذي لم يتردد في «السطو» على جهد شهرين من «الملاحقة» و«التفريغ» و«سهر الليالي»، إلى جانب الإشراف على التصحيح، ووضع الماكيط والمراجعة، وإضافة ذلك إلى رصيده من المؤلفات مع «الشريك» اللي «مايتسماش» كما يقول المصريون. ولكل من يعترض أو يجادل هناك الأشرطة، وهي رهن إشارة كل من يرغب في البحث والتقصي.