وكأني بالسيد حصار قد أتانا بفتح مبين وهو يتحدث عن القاصرين الذين يشكلون النسبة الغالبة ممن يتسببون في شغب الملاعب. ووجدنا أنفسنا أمام مسؤول حكومي لا يملك سوى أن يردد أمام ممثلي الأمة ما سبق أن نشرته الصحف وتداولته جامعة الكرة وكل المهتمين باللعبة، بدلا من أن يحمل إلينا الحلول الممكنة للقضاء على ظاهرة أضحت تقض مضاجع الأسر التي لا تأمن على فلذات أكبادها وهي تغامر بالذهاب إلى الملاعب لمتابعة مباريات الكرة المستديرة التي شغفت بها. غير أن الذي لم يقو السيد الوزير على الكشف عنه هو أسباب هذا الشغب الذي يقال، خطأ، إنه دخيل علينا بينما نحن نتابع كيف أنه موجود في الشارع وفي المدرسة، بل وداخل البيوت أيضا. لم يقل لنا السيد الوزير إن ثمة قانونا يقول بمنع القاصرين من ولوج ملاعب الكرة إلا إذا كانوا مصحوبين بأولياء أمورهم.. هل يتم احترامه أم إن أبواب ملاعبنا لا تفتح إلا في وجه هذه الفئة بالذات طمعا في تحقيق عائدات مالية محترمة من خلال بيع تذاكر الولوج؟ الوقائع تؤكد أن كل ملاعب الكرة في الشمال وفي الجنوب مفتوحة في وجه القاصرين.. إنهم هم من يرفع العائدات، وهم من يتسبب في أحداث الشغب التي يعتبرها البعض صيغة للتعبير عن الذات، فيما يراها البعض الآخر مجرد لهو ولعب. كان على السيد حصار أن يقول لنا ولنواب الأمة إن أسباب الشغب تكمن في غير القاصرين.. وإنه يمكن إجمالها في طمع عدد من المسيرين، خصوصا إذا تعلق الأمر بمباريات كبيرة كما هو الحال بالنسبة إلى ديربي البيضاء مثلا؛ ففي هذه المباراة، التي يحتضنها ملعب المركب الرياضي محمد الخامس بالدارالبيضاء، يتم الحديث عن طبع خمس وأربعين تذكرة دخول هي كلُّ سعة هذا الملعب؛ لكن الحقيقة هي أن قرابة الثمانين ألف متفرج تحضر لمتابعة هذا اللقاء، حيث تمتلئ المدرجات والممرات وسطح الملعب في الكثير من الأحيان. ولولا القدرة الإلهية لحدثت كارثة بالنظر إلى غياب أية حلول للخلاص والانعتاق في حال وقوعها لا قدر الله. هل يملك السيد الوزير تعليقا على هذا العدد من المتفرجين الذين لا شك أنهم اقتنوا تذاكرهم من السوق السوداء؟ ولا غرابة أن أحد مسيري فريق بيضاوي عبر عن سعادته بنجاح مباراة الديربي مباشرة بعد أن بيعت كل تذاكر الدخول؛ فالديربي انتهى بالنسبة إليه لأنه كان سيجرى بشبابيك مغلقة، أما نتيجة المباراة ومردود اللاعبين فلا يعنيه في شيء. كان على السيد الوزير أن يضع الأصبع على ظروف استقبال الجماهير التي تتجه إلى ملاعب الكرة.. ملاعب بدون ماء ولا دورات مياه ولا أمكنة للأكل، زد على ذلك أن كل ملاعبنا غير مرقمة، مما يفتح أمام المولعين بالخوض في الماء العكر المجال للتلاعب والكسب غير المشروع ولو على حساب أرواح الأبرياء، ولذلك يضطر الكثيرون إلى الحضور إلى ملاعب الكرة أربعَ أو خمسَ ساعات قبل انطلاق المباراة التي لا تدوم غير ساعة ونصف. ولا غرابة أن جماهير أحد الفرق البيضاوية اضطرت إلى تناول وجبة الإفطار في شهر رمضان في المدرجات، رغم أن المباراة كانت ستُجرى بعد صلاة التراويح. هذه هي الأسباب الجوهرية التي تتسبب في شغب الملاعب الذي هو ترجمة لشغب موجود في جل فضاءات المجتمع، لذلك كان على السيد حصار ألا يحصر الظاهرة في القاصرين الذين تجاوزوا في إحصائياته الستة آلاف قاصر، هم من تسببوا في أحداث الشغب مؤخرا. بقي فقط أن نذكر أنه مباشرة بعد اندلاع أحداث شغب الخميس الأسود حينما قاد جمهور يقال إنه محسوب على فريق الجيش الملكي غارة على سكان الدارالبيضاء وبعيدا عن ملعب الكرة، تم إعمال قانون منع القاصرين من ولوج ملاعب الكرة. والحصيلة هي أن المدرجات بدت شبه فارغة، قبل أن تنتفض الفرق ضد هذا القرار الذي اعتبرته ضربا لجزء كبير من مداخيلها ومن أرباحها.