كلما داهمتنا جولات البطولة الوطنية لكرة القدم، ورمت بموعد مباراة الديربي بين فريقي الرجاء والوداد، إلا و أثارت هذه المباراة صخبا يزداد ويتوسع، ووضعت الكثير من الأسئلة الحائرة التي تبحث عن أجوبة. فالديربي الذي عاد أخيرا للبيضاء، بعد اغتراب بالرباط فاق السنتين، فرضته أحداث الشغب التي رمت بظلالها على البطولة الوطنية، سيشد مرة أخرى أنفاس الجمهور والفريقين، وسيجعل السلطات الأمنية تضع أيديها على قلوبها خوفا من انفلات وسط الجمهور، يعيد أعمال الشغب إلى نقطة البداية،لذلك سيظل الشك والخوف قائما إلى ما بعد نهاية المباراة. لكن مجموعة من التساؤلات ستجد نفسها على المحك، لمعرفة ما الذي تغير بعد موسمين من تهجير مباراة الغريمين التقليديين الرجاء والوداد. عندما اندلعت أعمال الشغب قبل موسمين في مباراة الديربي، بادرت السلطات الأمنية إلى منع الفريقين من خوض مبارياتهما بالبيضاء، سواء في إطار البطولة الوطنية أو دوري أبطال العرب، قبل أن تبدأ في تقليص العقوبات، وكأن قرارات المنع هي التي ستضع حدا للشغب. وبالمقابل، فإن المسؤولين عن تدبير الشأن الكروي، بادروا إلى الإعلان عن مجموعة من الإجراءات، بينها ترقيم كراسي الملاعب وطبع عدد محدود من التذاكر لا تتجاوز الطاقة الاستيعابية ومنع القاصرين من ولوج الملاعب إلا مصحوبين بأولياء أمورهم. في المحصلة النهائية، بقيت الكثير من هذه الإجراءات مجرد أقراص أسبرين ولم تدخل مرحلة التطبيق الفعلي، بدليل أن أعمال الشغب لم تتوقف، بل إنها توسعت ولم تبق مرتبطة فقط بمباراة الديربي، بل امتدت إلى مدن أخرى كمراكش والرباط وسلا وأسفي وفاس، علما أن مباريات الفرق التي تمثل هذه المدن لا تستقطب جمهورا بنفس العدد الذي يتابع الديربي البيضاوي. لذلك، فإن مباراة الأحد التي تأتي في ظرفية خاصة بالنسبة للفريقين، سيما أن الرجاء وجد ذاته في الدورات الخمس الأخيرة، كما يبدو الوداد مستعدا للتنافس، تبدو أشبه بامتحان عسير للجميع، فشبح الشغب يرمي بظلاله القاتمة، لكن الأمل يظل مع ذلك كبيرا في أن تكون المباراة أشبه بعرس مفتوح يبدع فيه الفريقان ويرسمان من خلاله الاحتفالية، ويجعلان رغبة متابعة الديربي المقبل تشتعل أكثر، لا أن يطفئها تهور فئات محسوبة على جمهور الفريقين.