تبخرت آمال الشعب المغربي وعجز المنتخب الوطني لكرة القدم عن بلوغ نهائيات كأس إفريقيا، بعد أن مني بهزيمة أخرى بميدانه أمام المنتخب الكاميروني بهدفين لصفر، في الجولة الأخيرة من التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأسي إفريقيا والعالم، أول أمس السبت، على أرضية المركب الرياضي لفاس، بحصة هدفين لصفر. فعلى الرغم من أهمية المباراة وقيمة المنتخب الكاميروني، إلا أن المواجهة لم تف بوعدها جماهيريا، إذ لم يتعد عدد المتفرجين الذين أدوا ثمن التذاكر أربعة آلاف متفرج نصفهم من مناصري المنتخب الكاميروني، رغم أن الجامعة أعدت أزيد من ثلاثين ألف تذكرة. لكن وعلى الرغم من الكساد الجماهيري للمباراة، إلا أن السوق السوداء قد نشطت، إذ بيعت التذاكر بسعر أكبر، دون أن يفهم أحد سر هذه المضاربة. منذ وصول الفريقين إلى المركب الرياضي لفاس، ظهرت ملامح الخوف والقلق في عيون اللاعبين المغاربة، الذين دخلوا مستودع الملابس بسرعة ككائنات مذعورة، بينما تفاعلت عناصر المنتخب الكاميروني مع جماهيرها وأصر بعض اللاعبين كسونغ وونكولو على أداء رقصات إفريقية، كانت كافية لقياس معنويات الفريق المرتفعة. تساءل أحد المنظمين عن سر غياب اللافتات التي اعتاد الجمهور المغربي، أن يحفز بها اللاعبين، وعلى امتداد جنبات الملعب انتصبت لافتة يتيمة لجمهور قادم من كرسيف أصر على النفخ في معنويات اللاعبين المهزوزة. لم يقتصر العزوف على الجمهور، بل طال رجال الإعلام، إذ احتل الصحافيون الكاميرونيون ثلثي منصة الصحافة، وكأن المباراة شكلية بالنسبة للمغاربة يتساءل بوبا نجومنا رئيس جمعية الصحافيين الرياضيين الكامرونيين. خرق المنتخب الوطني المغربي التقاليد الكروية، وخاض المباراة بأقمصة حمراء عليها بضعة خطوط حمراء، رغم أن أقمصة المنتخبات الوطنية تستلهم من ألوان الأعلام الوطنية، لكن ليست الأقمصة هي التي خرجت عن النص، فقد كان نور الدين النيبت يصافح لاعبي المنتخبين إلى جانب الوفد الرسمي، المكون من وزيري الشباب والرياضة المغربي والكاميروني ورئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وسفير الكاميرون في المغرب، وهو يرتدي لباسا «سبور». لم يكتف علي الفاسي الفهري بمصافحة لاعبي المنتخبين وطاقم التحكيم، بل صافح الاحتياطيين وكرسي البدلاء، وود لو صافح المتفرجين لقلتهم، وقبل أن يطلق الحكم الجنوب إفريقي بنيت دانيال صافرة البداية، فتحت أبواب المركب الرياضي في وجه جمهور لا يحمل تذاكر لكن قلبه يحمل كمية من الغضب الساطع. انقسم المصورون إلى فئتين، تلثا حاملي العدسة رابطوا خلف مرمى الحارس المغربي نادر لمياغري، وثلث بجانب مرمى كميني إدياس، في مشهد يكشف عن مدى توقعات المصورين التي لم تخطئ. بدت المباراة وكأنها تجمع ملاكمين من وزن ، منتخب كاميروني بأسماء وازنة، وعناصر أغلبها فاق حاجز المائة مباراة دولية، ومنتخب مغربي أشبه بالمنتخب الرديف، بعض عناصرها كزكريا الزروالي وخالد السقاط ومحمد شيحاني تخوض أول مباراة دولية في مسارها وهو ما جعلها تستغل المواجهة لأخذ صور تذكارية مع نجوم المنتخب الكاميروني خاصة صامويل إيطو. بعد مرور ربع ساعة سجل الكاميرونيون هدف السبق بعد هفوة دفاعية قاتلة، حينها انفلت خيط التركيز من المنتخب المغربي الذي فقد رصيد التعبئة من الثقة، وحاول استدراك الهدف بمحاولات يطغى عليها الجانب الفردي، بينما ظهر الفارق بين المغاربة والكاميرونيين على المستوى المهاري والبدني، فأصبح المحليون يدافعون عن الهزيمة الصغيرة والزوار يهاجمون من أجل رفع الغلة، لاسيما وأن امتياز الأرض والجمهور قد أصبح لاغيا في ظل عاصفة الصفير التي تجتاح الملعب حين تكون الكرة في حوزة المغاربة، مقابل التصفيق الذي يلقاه رفاق إيطو. ارتفعت معنويات الكاميرونيين حين توصلوا بنتيجة مباراة الغابون ضد الطوغو، والتي منحتهم تأشيرة المرور إلى نهائيات كأس العالم، وتمكن اللاعب إيطو من تسجيل الهدف الثاني إثر خطأ دفاعي آخر، بينما تصدى لمياغري لقذيفة كادت أن ترفع حصة الخسارة، لكن رغم المد الهجومي للزوار إلا أن اللاعب المهدي بنعطية كان له فضل كبير في تقليص حجم الهزيمة، بينما كان على الجمهور الذي غادر نصفه مدرجات الملعب انتظار الدقيقة 75 لينعم بأول محاولة للتسجيل من الجانب المغربي. وجه الجمهور سيلا من الشتائم للاعبين وللجامعة وردد لازمة «الجمهور هاهو والمنتخب فينا هو»، وهتف باسم المدرب الوطني بادو الزاكي، ووصف المكتب الجامعي بأبشع النعوت، قبل أن يرمي بمئات القنينات على جنبات الملعب. ومن أطرف المواقف التي حصلت في هذه المباراة، اقتحام يافع مغربي أرضية الملعب وهو يحمل كرة، وأمام ذهول الجميع اخترق الدفاع الكاميروني وسجل هدفا له دلالاته، نيابة عن اللاعبين، قبل أن ينتهي به الأمر بين قيود رجال الأمن.