أغلب محترفي الأوطو سطوب ينتمون لأسلاك الأمن بكل فصائله، من درك وشرطة وقوات مساعدة وعساكر، القاسم المشترك بينهم تعيينات بعيدة عن مقر السكن ورواتب قريبة من الحد الأدنى للأجور. في ظل هذا الوضع تنضم كل يوم عناصر جديدة لجحافل مستعملي النقل الاقتصادي. ما يشجع هذه الفئة على الانخراط الكلي في «لعبة» الأوطو سطوب، إضافة إلى مزاياها العديدة، هي الأولوية التي يحظى بها أصحاب الزي الرسمي السالفي الذكر، لدى سائقي السيارة، إذ أكدت التجارب أنهم الأقل توقفا على قارعة الطريق في انتظار سيارة تقف لرجل السلطة على حساب المدني. بعض رجال الأمن، وغالبيتهم من قوات التدخل السريع التي تقضي جزءا من عمرها في الذهاب والإياب عبر «سطايبة» كما يصطلح عليها في أوساط محترفي الركوب السهل الممتنع، يعتقدون بوجود دورية تمنع اللجوء للأوطو سطوب، والحال أن المنع يستند إلى دورية تنظيمية قديمة تمنع مختلف الفصائل الأمنية من مغادرة المدار الحضري دون ترخيص مكتوب من الإدارة، على اعتبار أن رجل الأمن يجب أن يظل دوما في حالة طوارئ. من هذا المنطلق يخوض العسكريون حربا باردة ومعلنة مع رؤسائهم بسبب الرحلات المكوكية غير المرخصة، لذا يرفض كثير من مستعملي الأوطو سطوب ركوب سيارات يجلس خلف مقودها مسؤول رفيع المستوى أو قيادي مثقل بالنياشين، خوفا من المساءلة ومن عواقب رحلة مجانية تؤدي فاتورتها أحيانا “كاش”. شرطي أسمر مطلوب للتحقيق بتهمة «الأوطو سطوب» في بداية صباح يوم حار من أيام شهر يونيو من سنة 1998، كان رجل أمن أسمر السحنة بزي رسمي يقف على جنبات الطريق السيار غير بعيد عن المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله، وهو يشير بإبهامه إلى السيارات المتوجهة صوب الدارالبيضاء أملا في رحلة «فابور»، فجأة توقفت سيارة فارهة سوداء اللون بداخلها رجل جاوز الخمسين من العمر وزوجته، ركض الشرطي نحو السيارة التي توقفت على بعد عشرة أمتار، قبل أن يكتشف أن صاحب السيارة ليس فاعل خير كما اعتقد من الوهلة الأولى، بل المدير العام للأمن الوطني آنذاك الذي عرف في أوساط البوليس في تلك الفترة بعدائه لكل من تسول له نفسه اللجوء للأوطو سطوب. توقف الشرطي وتراجع خطوات إلى الوراء، قبل أن يلوذ بالفرار وهو يسمع عبارات الوعد والوعيد من المدير، الذي نزل من سيارته وهو يرقب اختفاء الشرطي بين حدائق حي الفتح المتاخم للطريق السيار. لم تتوقف الحكاية عند هذا الحد، فقد كان الفصل الثاني أكثر غرابة، إذ دعا المدير مصالحه إلى استدعاء جميع رجال الأمن السود الذين يقطنون الدارالبيضاء ويشتغلون في ثكنات قوات التدخل السريع بالرباط وسلا وما جاورهما، وصلت الإشارة إلى جميع المسؤولين وفي صباح يوم الإثنين كانت باحة الإدارة العامة على موعد مع عملية بحث عن الشرطي الفار من قبضة المدير، وقفت طوابير رجال الأمن السود ونزل المسؤول ليتفحص ملامح كل واحد بنظرة صارمة أملا في التعرف على الفتى المتمرد على الضوابط الأمنية، لكن المدير لم يتمكن من التعرف على الفاعل، حينها أخلي سبيل الجميع وعادوا إلى ثكناتهم وهم يتبادلون عبارات السلامة والنجاة من عقاب مدير يرفض أن يقف رجاله على قارعة الطريق لالتماس رحلة بالمجان. حينها تبين للمسؤول أن الأوطو سطوب لا يقتصر على العاملين في العاصمة الإدارية فقط، بل إن العملية تستهوي القادمين من مدن أخرى، أولئك الذين يهوون السفر بالمجان طبعا. الأوطو سطوب يقود حارس سجن إلى التحقيق من الطرائف التي ارتبطت بالطريق السيار الرابط بين الدارالبيضاءوالجديدة، أن شابا يشغل مهمة حارس بسجن الجديدة ويقطن في الدارالبيضاء، توقف على مقربة من محطة الأداء أملا في إيجاد شخص يقبل بنقله إلى عاصمة دكالة، توقفت سيارة رباعية الدفع استجاب صاحبها لملتمس الأوطو سطوب، انخرط الشخصان في حوار كلاسيكي يبدأ بالتعرف على هوية كل منهما وينتهي عادة بتحليل الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي. يروي حارس السجن بقية الحكاية ل«المساء»، «لم أكن أرتدي حينها زي الشغل الذي كنت أضعه في حقيبة يدوية، توقفت السيارة عند مدخل آزمور وتابعت سيرها نحو آسفي، وما أن نزلت حتى اكتشفت أنني نسيت البذلة الرسمية في المقعد الخلفي للسيارة، غابت السيارة وعشت محنة حقيقية مع مسؤولين وضعوني لأيام تحت التحقيق لا سيما وأن البذلة يمكن أن تستعمل في هروب نزلاء المؤسسات العقابية، كلفني سفر بالمجان تأخرا في وضعيتي الإدارية دام سنوات».