لماذا لا تكون مباراة المغرب بالكاميرون مطلبا شعبيا بمثل ما يراه الكامرونيون نزالا استراتيجيا لمعركة لا يمكن أن يخرجوا منها منهزمين أو متعادلين؟ ولماذا لا يكون روجي لومير بذات رؤى الألماني أوطو فيستر يجعل الحدث ملحمة خاصة لمنتخب مغربي بعيد عن أرضه وأنصاره مقابل أن يفعل شيئا في تاريخه على الأقل بإيقاف ترسانة الكاميرون ونجاحاته الدائمة على حساب المغرب؟ هل يفكر لومير أصلا فيما يقرأه أوطو فيستر من تفاصيل صغيرة وكبيرة عن المغرب؟ وهل يقرأ لومير ترسانة الكاميرون وأسلوب مدربه وقناعات أدائه العام بمعزل عن الإحباط الذي أصابه وأصابنا بالهزيمة أمام الغابون الذي لم يقرأه لومير، كأصغر فريق هشمه بالشمتة والإستصغار؟ لماذا لا تكون مباراة الكاميرون مطلبا شعبيا من أجل الفوز لإحياء الأمل الأكبر؟ ولماذا لا نشعل معا فتيل التعبئة لكل المحترفين حتى يتأكدوا من أن مصير نجميتهم وتألقهم وحلمهم هو بيدهم في الكاميرون؟ ما أعرفه كرجل ميدان، أننا مع لومير وضعنا رأسنا في الرمل وربما حتى الوحل الصلب، وما أعرفه أيضا أنه بإمكان هذا الجيل النموذجي للمنتخب المغربي أن يقدم أقوى درجات اللحمة (مع خوفي السائد على الدفاع)، لو تعامل لومير مع النهج والإستراتيجية والقراءة القبلية والبعدية لنجوم الكاميرون في لقاء لن يكون عاديا بمناخه وجماهيره وتعبئته الوطنية والسياسية، وما أعرفه في نهاية المطاف أن منتخب المغرب بحاجة إلى دعم سيكولوجي كبير، وإلى كومندو دفاعي يعرف كيف يحيي نفسه بالإختيارات المسؤولة لروجي لومير، ولو أني جد متحفظ من القناعات الأدائية للخط الدفاعي بأكمله، وإلى هجوم يعي أن مسؤوليته جسيمة وقوية في ردع الخصم أقل بكثير من المعركة التي سيدخلها الدفاع كأول خط مستهدف من إيطو، إيمانا، جون ماكون، تشوبي، نغوم كومي وأطوبا· عندما سئل أوطو فيستر في حواره الخاص، مع المنتخب الخميس الماضي مع الزميل منعم بلمقدم، عن حدوث شرخ حقيقي بالأوساط الكاميرونية عقب الهزيمة ضد الطوغو أجاب قائلا: >ألا تعيشون نفس الوضع داخل المغرب، بدورنا نسمع كل يوم وكل لحظة عن أشياء تقع في محيطكم، تصلنا أصداء غير جميلة عن وضعكم، وبعد لقاء الغابون، تحدثوا هنا عن حروب كبيرة سادت محيط الأسود، واليوم وقبل مواجهة لومير الخاسر ضد الغابون في أول مباراة أظنه هو من سيكون حاضرا ضدنا<· تأكد جليا أن الرجل لا يمزح في كلامه رغم قساوة الإعلام الكاميروي عليه وعلى نهجه واختياراته، وتأكد في المقام الثاني أن أوطو يستعد في الحالة الأولية لروجي لومير كخصم مقروء بفكره وعقله ونهجه ورجاله، ويستعد في الحالة الثانية لخلق الفارق والنصر كمطلق يرفعه هو شخصيا بالكاميرون لتهدئة الأوضاع· وعندما سئل أوطو فيستر عن حقيقة معرفته بخصوصيات الكرة المغربية، قال: >أعرف جيدا أدق تفاصيل كرتكم التي أحترمها وأقدرها منذ 1986 بجيله الرائد (بودربالة، الزاكي، الظلمي، التيمومي، والحداوي خاصة كريمو) الذي هو صديقي·· أعرف نواديكم الكبيرة كالرجاء والوداد والجيش، وأعرف أنكم أحد رموز اللعبة بالقارة، لكن تراجعكم أذهلني ولا أجد له تفسيرا قل لا أجد له تبريرا<·· وأعتقد أن كل ما قاله في هذا الإتجاه يؤكد أنه رجل ألماني بفكر إفريقي ودارس للكرة الإفريقية التي نجح فيها على أعلى مستوى دون أن يكون له عرض مغربي في الماضي القريب· وأخيرا أختم بما قاله أوطو فيستر حتى يكون للذكرى القريبة من مواجهة الكاميرون ذهابا وإيابا: >سأقول لكم أن أوجه الإختلاف بين المنتخبين الكاميروني والمغربي هو في العقليات وثقافة الفوز، أنتم رضيتم بالتراجع، وهم بعد السيطرة بين سنوات بداية الثمانينيات والألفية الحالية، عادوا ليتجاوز مرحلة الفراغ سنة 2002، بعدها أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، هم مستعدون لكل شيء، للنضال، للحرب حتى يعودوا للواجهة ملوكا، أظن أن هذا الحافز هو ما ينقص المغرب رغم أن البنية التحتية للكرة المغربية أفضل·· وهذا وحده يكفي ليؤكد عقليتهم ونزعتهم للفوز<· لذلك أقول صادقا·· لابد أن يقرأ لاعبونا ومحترفونا هذه الخلاصات الجوهرية لكلام أوطو فيستر، ولا بد أن يكون لومير معنيا بقية ما قرأه أوطو عن منتخبنا رغم أن الفارق الكبير بيننا وبين الكاميرون، هو في الذاتية والنزعة القوية والقومية للنصر أيا كان نزاله مع أي منتخب في العالم·· فيما لا نقرأ نحن هذه القيمة التي تغيب إصرارنا وألقابنا وحتى سبل نيل كأس القارة إلا بمعجزة عابرة كما حصل عام 1976·