سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الكتاني: التجربة ستثبت إن كانت البنوك الجديدة «إسلامية» أن تتبنى فقط منطقا ربحيا الخبير الاقتصادي اقترح لتوسيع تنافسية المغرب الاقتصادية الالتفاتةللأسواق الواعدة
ما هو تعليقكم على القرار الأخير للسلطات المالية المغربية بتخفيض وزن الأورو في تقييم العملة الدرهم؟ أولا للتوضيح,الأمر لا يتعلق بتخفيض لقيمة العملة، الذي حدث هو أن اليورو كعملة دولية، كانت تساهم في قيمة الدرهم ب 80%، لأن 60 % من التجارة المغربية مع أوربا. فعادة يرتبط سعر العملة الوطنية بسلة من العملات، بقصد استقرارها داخل أسواق الصرف، فمن قبل كان الدرهم المغربي مرتبطا بالفرنك الفرنسي والبسيطة الإسبانية والمارك الألماني، وفي حال ارتفاعها داخل سوق صرف العملات كان الدرهم المغربي بدوره يشهد ارتفاعا، والعكس صحيح، لكن مع توحد المجموعة الأوربية اقتصاديا وتوحد عملتها، بات اليورو بمثابة سلة عملات تؤثر على مستوى سعر صرف الدرهم المغربي، ليصبح مرتبطا أساسا باليورو والدولار من جهة أخرى، بنسبة 80% بالنسبة لليورو و20 % بالنسبة للدولار الأمريكي. ما أثر مثل هذا الإجراء على التخطيط الاقتصادي وحيوية التجارة الخارجية؟ يمكن القول إن عملتين عالميتين هما اللتان تحددان سعر صرف الدرهم، وهما اليورو والدولار. فإذا ارتفع اليورو ب 10% ترتفع قيمة الدرهم ب 8%، وإذا ارتفع الدولار الأمريكي ب 10% ترتفع قيمة الدرهم ب 2 %، وكون اليورو والدولار عملتين متنافستين في سوق العملات الدولية، فعندما يرتفع اليورو ينخفض الدولار، والانخفاض نفسه يعتري العملة الأوربية لما يرتفع سعر الدولار. وبالنسبة للدرهم المرتبط بكلتا العملتين، فإنه يضمن استقرارا نسبيا في حال ارتباطه بهما، لأنه لا يمكنهما أخذ القيمة نفسها، فإذا صعدت إحداهما تنخفض الأخرى، فقوة العملات تكمن في استقرارها داخل أسواق الصرف، الذي ينتج –عادة- عن الارتباط بعملات مختلفة، التي تعرف تذبذبا في قيمتها صعودا ونزولا، والمساهمة في استقرار سعر صرف العملات المرتبط بها… ويعزى ذلك إلى كون تخطيط السياسات الاقتصادية يشتغل على أساس عملة مستقرة وليست عملة متغيرة السعر، ففي حال وجود عملة غير مستقرة السعر تصعب عملية التخطيط الاقتصادي. وكون الدرهم المغربي مرتبط بشكل كبير مع اليورو بنسبة 80%، قررت السلطات البنكية المغربية أمام تخفيض قيمة اليورو بصفة دورية، أن تحدد نسبة ارتباط الدرهم باليورو في 60% عوضا عن 80% و40% بالنسبة للدولار الأمريكي عوضا عن نسبة 20% السابقة. لقد عمدت السلطات المالية إلى التخفيض من تأثير سعر اليورو والرفع –بالمقابل- من تأثير الدولار الأمريكي، لأن اليورو انخفض أخيرا بشكل كبير جدا، أمام الدولار الذي ارتفع لمستويات مهمة. ولكي يعوض المغرب هذه التغييرات البنيوية في سعر صرف العملات المرتبط بها، اجتهد لحماية الدرهم والمحافظة على استقراره. – هل من شأن هذا الإجراء المالي الذي هم الدرهم المغربي أن يساهم في انتعاش المبادلات التجارية مع الشركاء الاقتصاديين للمغرب؟ هنا يكمن مربط الفرس، فعندما تنخفض قيمة اليور تنخفض معه قيمة الواردات من المجموعة الأوربية أمام ارتفاع لقيمة الصادرات في اتجاه أوربا، فبالرغم من محافظتنا على قيمة الدرهم واستقراره إلا أننا سنتأثر سلبا في مجال المبادلات التجارية. في مقابل ذلك، سيؤثر ارتفاع قيمة الدولار في السوق العالمية على الفاتورة الطاقية حيث أن أداء المغرب لها، يتم بواسطة الدولار. وعموما يمكن القول بأن هذا الإجراء القاضي بتخفيض ارتباط الدرهم باليورو ذو حدين، فالمغرب سوف يخسر قليلا في السوق الاقتصادية الأوربية على عكس معاملاته الاقتصادية التي تتم عبر الدولار الأمريكي… – تحدثتم في سياق سابق، على أنه يجب على المغرب اعتماد تدابير لتقوية تنافسية الاقتصاد الوطني، ما هي توجهات تلك السياسة التنافسية المرجوة؟ عادة، تنصب التدابير التنافسية للاقتصاد الوطني بشكل عام على جميع المستويات، فهي تهم الموارد البشرية أساسا، سيما قطاع الخبرات الوطنية. التي نشكو فيها من خصاص مهم على مستوى التقنيين المتعلقين بقطاعات معينة، حيث أن المغرب يستعين بشكل مستمر بخبراء أجانب. ويبقى هذا الأمر جد مكلف للاقتصاد الوطني كما يلزم مجهودات مكثفة، بغية تجاوز هذا العجز على مستوى الموارد البشرية، كذلك يساهم تأخر أداء الدولة لمستحقات الشركات التي تتعامل معها كابحا لسياسة تنافسية حكيمة، فتلك الشركات تتأخر كثيرا في الأداءات، مما حدا بالدولة إلى تدارك ذلك التأخر حتى لا تتضرر المقاولات المتعاملة معها، التي كانت تجد نفسها في ضائقة مالية تنعكس على نشاطها ومساهمتها في عملية الإنتاج. من وجهة نظري، أقترح لتوسيع تنافسية المغرب الاقتصادية، الالتفاتة لأسواق واعدة لم نهتم بها من قبل، وبالخصوص السوق الأفريقية، بدعوة المقاولات المغربية للاستثمار بها، حيث نلاحظ أن عدد المقاولات المغربية التي توجهت إلى السوق الأفريقية يبقى محصورا في شركات محددة معروفة، وهنا أقول بأنه يجب دعم شركات ومقاولات أخرى إلى جانب تلك الموقعة لعقود سابقة، بمنحها الدعم الكافي للاستثمار داخل أفريقيا بقطاعات اقتصادية مهمة، وعلى رأسها قطاع البناء. لأن هذا الأخير يتميز بقدرته على توفير التوظيفات والعمالة وخاصة أن المغرب راكم تجربة مهمة في هذا المجال، التي كانت أساسا لصالح المنتجين.. القارة السمراء مازالت تعاني خصاصا كبيرا على مستوى البنيات التحتية، من قبيل الطرقات والتشييدات الكبرى، وفي وقتنا الحالي أفريقيا أصبحت صلبة وقابلة للأداء بعد تحفيز نموها الاقتصادي، الذي يقدره المراقبون في نسبة 6% والتي تعتبر نسبة مهمة جدا بعدما لم تكن في السابق نسبة النمو الاقتصادي تتجاوز 2 أو 3 % سنويا، وعموما تبقى السوق الأفريقية واعدة، سيما بعد استرجاع القارة لمقدراتها الاقتصادية التي كانت محتكرة من لدن اللوبيات الفرنسية والإنجليزية، قبل أن يلتفت الحكام الجدد لأفريقيا لمواردهم المهمة وتبني شعار «أفريقيا للأفريقيين»، الذي بات يؤثر على سياسات تلك الدول ودفعها إلى الانفتاح على دول أفريقية مثل المغرب. – مرت ثلاثة أشهر على المصادقة البرلمانية على القانون المتعلق بالبنوك التشاركية أو ما يعرف بالبنوك الإسلامية، هل يمكنكم تحديد أهم خطوطه والجديد الذي جاء به؟ أهم جديد جاء به هذا القانون، هو قبول تأسيس بنوك إسلامية أو تشاركية بالمغرب لأول مرة. فطيلة ثلاثين سنة، مافتئ الاقتصاديون والخبراء ينبهون لأهمية تبني ودخول هذا النمط من البنوك، الذي سيصاحبه تدفق مهم لرؤوس الأموال الخليجية، كفرص استثمارية جديدة أمام الاقتصاد الوطني، وبالرغم من كون الرأسمال يطمح دائما إلى الربح، إلا أن الاقتصاد المحلي بدوره سيربح بتوفير مشاريع عملاقة، ومقاولات ستشتغل بعد ضخ هذا الرأسمال الخليجي.. – هل سيسمح تبني هذا النوع من النظام البنكي بتدفق رساميل عربية سيما الخليجية وإنعاش السوق المالية بالمغرب؟ كما أسلفت، مثل هذه البنوك التشاركية ستجلب أموالا عربية كان الاقتصاد المغربي محروما منها، فلو تم تمويل السكن الاقتصادي بالمغرب بواسطة أموال خليجية، سيعطي حرية للبنوك المغربية للتفرغ لاستثمارات في قطاعات ومجالات أخرى من شأنها إنعاش وتقوية الاقتصاد الوطني، وعوضا أن تستثمر البنوك المغربية 10 مليارات سوف تستثمر 20 مليارا مثلا. وبالرغم من واقع التنافسية في هذا القطاع إلا أنها تظل في صالح المستهلك وفي مصلحة النشاط الاقتصادي العام. وفي السياق ذاته أشير إلى أن جميع دول العالم تتهافت على الأموال الخليجية، ونحن أخرنا استغلال الفرصة واستثمار تلك الرساميل العربية، التي تبحث عن مناخات اقتصادية تعرف استقرارا سياسيا، الذي يبقى عنصرا تنافسيا كبيرا إلا أنه للأسف لا نوظفه بطرقة اقتصادية ومالية كما ينبغي، والخليجيون عبروا مرارا عن الرغبة في الاستثمار في هذا القطاع ونحن نتحفظ منذ مدة، بدواعي أنها تسمى «أموال إسلامية» أو «بنوك إسلامية» كهاجس عبثي، فانجلترا عرفت مثل هذه المؤسسات منذ مدة طويلة، والصين كذلك أصدرت أخيرا ألف مليار دولار كصكوك، سيساهم في اقتناء جزء كبير منها، دول الخليج على اعتبار أنها تملك فائضا نقديا معتبرا، فالصين ستستفيد من دول الخليج ونحن نتلكأ طيلة 30 سنة في تبني البنوك التشاركية، بدعوى أنها «إسلامية»، فالأمر لا يعدو كونه مالا، الذي يقول عنه المثل الفرنسي، بأنه «لا رائحة له». وأقول بأننا حاليا تجاوزنا مرحلة القبول، وأمامنا التطبيق.. فهل سيكون في مصلحة المجتمع أم في مصلحة البنوك التقليدية، علما بأن هذه الأخيرة هي من سوف تقدم منتوجات بنكية «إسلامية».. – ما هي الصيغ التي ستشتغل بها هذه البنوك التشاركية، لتقديم منتوجها البنكي؟ بالنسبة للصيغ التي سوف تشتغل من خلالها البنوك التشاركية، هناك المرابحة والإيجار التي سوف تنفع كثيرا القطاعات الاقتصادية، وتساعد في شراء السكن. ففي حال الرغبة في اقتناء شقة اقتصادية عبر المرابحة التي يحتاج لها الآلاف من المغاربة، سيقصد الزبناء البنك طالبين تمويل شراء شقة معينة، فيما الأداء سيتم عبر التقسيط، ويكون الثمن الإجمالي للشراء وللبيع معلومين، والفرق بينهما يكون هو فائدة البنك التشاركي، وهذه الصيغة ستكون هي الأغلب لأن المخاطرة فيها تكون قليلة. أما بالنسبة للنوع الثاني لمعاملات البنوك التشاركية والذي يصطلح عليه بالإجارة، فهو عبارة عن عقد إيجار، يمنح بمقابله البنك إمكانية الاستعمال القانوني لمنقول أو عقار معروف ومحدد ومملوك للبنك من طرف الزبون، على أن يكون هذا الإيجار عاديا أو أن يلتزم بموجبه الزبون المستأجر باقتناء العقار المستأجر بعد انقضاء مدة الإيجار المتفق عليها ويحسب الثمن المؤدى فيه داخل الثمن الإجمالي. وتبقى هذه الصيغ أساليب للإجابة على الطلب الكبير والمتزايد للسكن بالمغرب. فبسبب انتظار صدور القانون المتعلق بالبنوك التشاركية، بات سوق العقار كاسدا وشبه متوقف منذ ما يزيد عن السنتين، لأن العديد من الزبناء عكفوا عن الشراء، مفضلين الطريقة «الإسلامية» وينتظرون شروع البنوك التشاركية في العمل وتقديم منتوجها.. وبالنسبة لتمويل القطاعات الصغيرة والمتوسطة، فالبنوك التشاركية تخشى المخاطرة فيه حيث أن البنوك التجارية التقليدية هي نفسها من تقدم منتوجها «الإسلامي»، وصعب جدا أن تتحول البنوك التجارية إلى بنوك استثمارية بين عشية وضحاها، ويتوقع أن يتوجه جزء-ولو قليل- من رأسمال البنوك التشاركية بالمغرب للاستثمار في المقاولات الصغرى والمتوسطة، إذ يبقى مهما ألا يقتصر تمويل البنك على العملية التجارية، بل يجب المساهمة كذلك في الاستثمار في القطاع الصغير، فالبنوك الإسلامية بالسودان –مثلا- يفرض عليها القانون بأن توجه 12% من ودائعها للقروض المصغرة، ففي حال وجهت البنوك التقليدية بنسبة ولو 10% رأسمالها إلى القروض الصغرى ستكون هناك فائدة اقتصادية على مستوى تشغيل الآلاف من العاطلين. وتبقى البنوك الإسلامية بابا فتح للتو، يمكن أن يكون –بحسب تطبيقه- فضاء ربحيا تجاريا، أو ربحي تجاري واقتصادي اجتماعي معا، تبعا للمؤسسات التي ستنخرط في هذا النمط ومدى نسبة المخاطرة التي سوف تتبناها في تعاطيها مع الشأن البنكي والمالي بالمغرب في حال تمويلها للاقتصاد الوطني أو التمويل الصغير الاجتماعي. فبالرغم من تسميتها ب «الإسلامية» فقد يحدث أن تتبنى منطقا تجاريا ربحيا صرفا أو اتجاها ربحيا اجتماعيا وقد تتبنى كذلك نظرة لتمويل التنمية..وتبقى التجربة العملية في الساحة هي التي تقدم الجواب.. – توقع بنك المغرب قبل أسابيع نسبة نمو حددها في 5%، كيف تنظرون إلى هذه النسبة وما مدى انعكاسها على حيوية الاقتصاد الوطني؟ هذه التوقعات تعتبر عامة، حيث أنها لم تبن على إحصائيات محددة، ويبقى المحدد المركزي لها هو الأمطار، فالأمطار بالمغرب-مع الأسف- هي التي تحدد نسبة النمو، والأمطار هذه السنة هطلت بنسبة لا بأس بها، ويتوقع أن يكون الموسم الفلاحي جيدا. وبدون مبالغة يمكننا توقع نسبة نمو تتراوح مابين 4 و5 % لأن السنة الفلاحية توحي بظرفية إيجابية، فيما باقي القطاعات الأخرى سيكون نموها عاديا.