مع قرب بدء محاكمة المتابعين في ملف شبكة الهجرة السرية بطنجة، المحددة في يوم 19 نونبر الجاري أمام أنظار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، كثف عدد من المعتقلين في هذا الملف من الإدلاء بشهادات تخص ما تعرضوا له من تعذيب داخل مقر مديرية المحافظة على التراب الوطني «الديستي» بتمارة، تتجه نحو تبرئة رجال الأمن المتابعين في هذا الملف. وتتهم هذه الشهادات، التي حصلت «المساء» على نسخ منها، مسؤولين بجهاز «الديستي» بممارسة التعذيب عليهم من أجل الإدلاء بتصريحات تورط الأمنيين. أغرب هذه الشهادات وردت على لسان المعتقل محمد أوشن الذي ادعى فيها أن عميدا مركزيا بجهاز «الديستي» سعى جاهدا إلى توريط عدد من المسؤولين الكبار بأجهزة الدولة، من بينهم وزراء في حكومة عباس الفاسي، حيث خاطبه قائلا: «أنا أولدي أوشن ماعندي ماندير بيك، أنا كيخصني البوليس أولا شي وزير أولا شي كولونيل»، مضيفا أن سلطاته يستمدها مباشرة من الملك ولا يوجد أي جهاز في هرم السلطة يحد من صلاحياته. ويضيف أوشن أن هذا المسؤول المركزي، الذي أدلى له بعدد من الأسماء الأمنية يجهل رتبها، شدد عليه في ضرورة التصريح بأسمائهم ضمن أقواله في المحضر وهدده في حالة الامتناع بوضعه في «برنامج مختفون ودفنه مثل أناس سبق لهم أن زاروا مضطرين معتقل تمارة»، ثم عمد إلى تجريده من كامل ملابسه وعرضه لحصة من التعذيب عبر الكهرباء إلى أن كاد يغمى عليه. وبعد مرور 6 أيام على هذه الحالة التي خضع خلالها لكافة أصناف التعذيب وبدون انقطاع، صرخ يقول «اكتب اللي عجبك وأرى نسيني». شهادة أخرى مشتركة لكل من نور الدين الساهل والناهي محمد والعطار مصطفى تساءلوا في مستهلها عن دواعي جعلهم طعما لتوريط رجال الأمن المعتقلين معهم، كاشفين أنه تم الاعتماد في هذا الإطار على المساطر المنجزة لهم التي تعود إلى سوابق لهم سنة 2003، حيث سبق للمعتقل محمد أوشن أن اعتقل على خلفية نفس التهمة بمدينة طنجة، ونفس الشيء بالنسبة إلى المعتقل الساهل ومصطفى العطار اللذين أسسا فيما بعد شركات خاصة بهما وابتعدا عن ممارسة التهجير السري، بحسب تصريحاتهما. ويتابع في هذا الملف 27 من رجال الأمن في حالة اعتقال، من بينهم عميدا شرطة و34 آخرون تم إعفاؤهم من المتابعة من قبل قاضي التحقيق نظراللخروقات التي شابت الملف. وقد سبق لستة معتقلين أن وضعوا شكاية لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بدعوى تعرضهم للتعذيب على يد مراقب مركزي بجهاز «الديستي» وعميد بنفس الجهاز إبان التحقيق معهم داخل مقر مديرية المحافظة على التراب الوطني بتمارة. وعبرت خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عن استنكار جمعيتها لممارسات التعذيب التي يتعرض لها المعتقلون كيفما كانت تهمهم، وطالبت، في تصريح ل»المساء»، بفتح تحقيق في تصريحات هؤلاء المتهمين من لدن الأجهزة القضائية، خاصة أن المغرب سبق له أن صادق على الاتفاقية الدولية الخاصة بمناهضة التعذيب، مشيرة إلى أنه يتعين على الهيئة القضائية التي ستتولى النظر في ملف هؤلاء المتابعين أن تفتح تحقيقا في تصريحاتهم من أجل ضمان محاكمة عادلة.