تنظم جمعية محترف واحة المسرح المهرجان المغاربي للمسرح الشعبي في دورته السادسة التي تحتفي هده السنة بمرور بمائة سنة على ولادة المسرح بالمغرب العربي. وتقام التظاهرة مابين 12 و17 نونبر الجاري بالبيضاء، بمشاركة فرق من المغرب وتونسوالجزائر التي تحضر بفرقة من المهجر، نظرا لعرقلة السلطات الجزائرية التأشير للفرق الرسمية المدعوة. رفضت الجزائر التأشير لفرقتين مسرحيتين قصد التوجه إلى المغرب لحضور فعاليات المهرجان المغاربي للمسرح الشعبي، وتنتمي الفرقة الأولى إلى المسرح الجهوي لتيزي وزو لصاحبتها فوزية أيت الحاج التي تعد من أكبر المسرحيين في العالم العربي، وفرقة أخرى تنتمي إلى مدينة سطيف تحمل اسم التعاونية الثقافية الفوارة، ولم يتسن لجمعية الواحة للمسرح، وهي الجهة المنظمة لهذه التظاهرة معرفة المبررات والمسوغات التي دفعت السلطات الجزائرية إلى عدم الترخيص لفرقة المسرح الجهوي لتيزي وزو، بعدما كانت قد أشرت لها على ذلك في اللحظة الأولى. هناك من يريد قطع حبل الود بين الشعبيين وقال عبد الرحيم درمام، المدير الفني للمهرجان، في تصريح ل«المساء»، إنهم ظلوا على اتصال دائم بالسفارة الجزائرية بالمغرب، قصد تيسير التأشير للفرق المدعوة، وحين بدا لهم أن لا أمل في الأفق، وأن السلطات الجزائرية غير جدية في تعاطيها مع الموضوع، اتخذوا لهم منحى آخر في البحث عن تمثيلية الجزائر في هذه الدورة باستدعاء فرقة مسرحية جزائرية من وهران تشتغل في بلاد المهجر، وبالضبط بالولايات المتحدةالأمريكية. وأضاف عبد الرحيم درمام أن الفضل في العثور على بديل يعود للمسرحي الجزائري عيسى مولفرعة الذي ظل ينسق معهم بعد أن انسدت القنوات الرسمية. وعلق على قرار السلطات الجزائرية بالقول: «إنهم يريدون أن يقطعوا الود والحب ما بين الشعبين». وتنظم هذه التظاهرة جمعية محترف الواحة للمسرح، بدعم من مجلس مدينة الدارالبيضاء الكبرى ووزارة الثقافة، بالبيضاء، في الفترة الممتدة ما بين 12 و17 نونبر الجاري. وتحتفل هذه الدورة بمرور مائة على المسرح المغاربي، تحت عنوان: «المسرح المغاربي محاولة للتأريخ من حيث خطوط الاختلاف والائتلاف لصناعة الفرجة المسرحية»، بما يعنيه ذلك من أدوات والاشتغال على اليومي، ومن خلال هذا المحور سيتم تسليط الضوء على مسرح الحكواتي بتونس، والفداوي بالجزائر، والحلقة بالمغرب. يذكر ان ولادة المهرجان المغاربي للمسرح الشعبي كمشروع ثقافي تعود إلى خمس سنوات مضت. وعاما بعد عام أصبح المهرجان موعدا سنويا يلتقي فيه عشاق الفن الرابع المغاربيون، من الهواة والمحترفين والنقاد والأكاديميين والنقابيين والمتتبعين على خشبة المسرح. عاما بعد عام، بدأ الحلم المغربي/المغاربي يتحقق على خشبة المسرح ليتفاعل هذا الحلم وينتج ألوانا مسرحية بأطياف مغاربية، معلنا بذلك ميلاد الدورة السادسة، دورة على إيقاع قرن من الممارسة المسرحية، دورة تحتفي وتحتفل بالمنجز المسرحي المغاربي بأعلامه وخطوطه ومذاهبه، يحذوه الإيمان العميق بتأسيس فعل ثقافي شامل يشكل المسرح حجر الزاوية فيه، لدعم المشروع الوحدوي للدول المغاربية والعمل على تكريس الوحدة الثقافية باعتبارها قاطرة وحدوية متميزة، وتأسيسا لوعي مغاربي بالذات والعوامل الجامعة لتفردتها. دقات الخشبة لهذه الدورة ستضرب للجمهور موعدا مع مسرحية «موال لجبال» من شركة «جوكستا» لوحيدة الدريدي من ولاية الكاف من تونس الشقيقة، وكذا مسرحية «المشروع» لفرقة «مسرح مونستير» من مدينة وهرانالجزائرية، ثم «فرقة المسرح الجهوي» بسبها من الشقيقة ليبيا، بعرض مسرحية «نزيف الحجر» للأديب إبراهيم الكوني، بالإضافة إلى العروض المسرحية المغربية: عرض مسرحية «الريح» لفضاء «اللواء للإبداع» بالدارالبيضاء، وكذا مسرحية «الشريط» لفرقة و«فاق المسرح«، بالإضافة إلى الجهة المنظمة، فرقة محترف الواحة للمسرح بعرض مسرحية «الصابوطاج» وتختتم الدورة بعرض مسرحي مشترك خارج النص بكتابة مغربية للأستاذ أحمد كمان وإخراج تونسي وتشخيص مشترك من توقيع المبدع المسرحي التونسي عماد الوسلاتي، كل العروض المسرحية وستقام بالمركب الثقافي حسن الصقلي بسيدي البرنوصي. كما سيعرف برنامج الدورة السادسة تنظيم ورشات فنية وأخرى تأطيرية بالإضافة إلى الندوة المركزية للمهرجان التي تتمحور حول المنجز المسرحي المغاربي، من خلال خيوط الائتلاف والاختلاف كما ذكرنا سابقا، وستعرف مشاركة باحثين وكتاب ومخرجين منهم كمال العلاوي من تونس وعبد الكريم برشيد وعبد المجيد فنيش ومولود قنابي من المغرب وعيسى مولفرعة من الجزائر، على أن تشكل ليلة الفداوي أي فن الحلقة فضاء فنيا مفتوحا لتكريم الرواد المغاربيين، من خلال عرض لشركة دروب للإنتاج تونس في الهواء الطلق. الدورة السادسة واحة اعتراف للمبدعين تجدر الإشارة إلى أن هذه الدورة مهداة إلى الفنان المسرحي المقتدر عبد المجيد فنيش، اسم سجل حضوره الوازن على مدى عقود، باحة تتقاسمها فنون وعلوم ورؤى ونظريات. قدرة رائعة على الجمع بين هذه المدايات. بساطة الملحون، صفاء التصوف وعمقه، شموخ نوبات الأندلسي، شغب المسرح، جماليات الاحتفال، كرم الأستاذ وأنس الإذاعي، خلف كل هذا عربية معشوقة، جموح وإيمان بالحرية. لكل هذه الفسيفساء يؤثث المهرجان واحة: من انحناءة، جموح وإيمان بالحرية. واعتراف ولحظة للجدبة والصفاء والانتشاء. وللتذكير فعلى مدى الدورات السابقة، انصب الاشتغال على المنجز المسرحي المغاربي باعتباره مشروعا ثقافيا كبيرا، حسب بلاغ صادر عن الجهة المنظمة، جاء فيه أنه عمل من خلال المهرجان المغاربي للمسرح الشعبي، على سبر أغوار الممارسة المسرحية عبر البحث والتنقيب لما يقارب القرن، بغية تحدي المميزات الفكرية والأشكال الفنية وتحديد الآفاق التي تفرضها ارتباطات المنطقة المغاربية تاريخيا واجتماعيا واقتصاديا. وإذا كانت الدورات السابقة قد أولت إهتماما للجانب المتوني لهذا المنجز، من خلال مراحله وأعلامه وخطوطه المميزة، فإن إدارة المهرجان قررت تخصيص الدورة السادسة للمقاربة التاريخية –وليس التأريخية– وذلك للبحث عن المتصل والمنفصل في التجربة / التجارب المسرحية المغاربية وهو المبحث الذي تفرضه تحولات عديدة يعرفها المشهد الثقافي المغاربي، عموما، والمسرحي خصوصا يقول، البلاغ. كما أشار المصدر ذاته إلى أن السنوات الأخيرة شهدت احتجاب العديد من الفاعلين المسرحيين عن الساحة، إما برحيلهم عنا إلى دار البقاء، أو بالتقدم في السن أو بالاهتمام بطابع التأريخ والسير الذاتية. كما شهدت العقود الأخيرة من القرن الماضي تحولات بنيوية: مراكز جامعية، معاهد عليا، إجراءات قانونية، دعم وتمويل، وصول الفنانين إلى مناصب حكومية... وهو الأمر الذي يطوق الجميع بمسؤولية الوفاء أولا للرعيل الأول الذي أفنى زهرة شبابه في التأسيس، بكل ما يعنيه التأسيس من أعباء ونكسات وصراعات ونجاحات، وثانيا بالبحث العلمي في هذه المرحلة لاستجلاء ملامح الثرات المسرحي المغاربي، من حيث خطوط الائتلاف والاختلاف.