33 قتيلا، أغلبهم أطفال، وعشرات الجرحى حصيلة «الفاجعة» التي أحرقت أكباد المغاربة، وأعادت من جديد طرح العديد من علامات الاستفهام حول من يتحمل مسؤولية ما جرى، وحول السبب الذي يجعل أرواح المغاربة رخيصة و مستباحة؟ ستتلقى العائلات التعازي، وستهب السلطات تنفيذا لأوامر ملك البلاد، لنصب خيام العزاء لثلاثة أيام، وستخلص التحقيقات إلى أن الأمر يتعلق بخطأ بشري لسائق الشاحنة أو الحافلة، لا فرق، وستطوى الصفحة، كأن شيئا لم يقع، في انتظار فاجعة جديدة، لأن قدرنا في هذا البلد السعيد أن نعيش على إيقاع السواد، وأن نقتل الغد، وأن نعيش الخيبات في مختلف المجالات، بينما ستظل أسر وعائلات الضحايا تتألم لوحدها في صمت، وتعيش تفاصيل المأساة، وهي تتذكر كيف أن هذا الطفل أو ذاك كان يصنع ربيع العائلة، ويزرع الابتسامة في أوصالها، قبل أن تخطف منهم «الضحكة» إلى الأبد.. فاجعة طانطان تشبه الكثير من الفواجع التي وقعت في هذا البلد السعيد، وآخرها فاجعة بوركون، ودائما السيناريو نفسه يتكرر..حزن وألم ودموع بعضها «دموع للتماسيح» وتحقيقات تفتح، تتطرق إلى كل شيء، إلا حقيقة ما جرى والمسؤولون عن هذا الذي جرى؟ تخيلوا أيها المغاربة، أطفال في عمر الزهور ظلوا يرسمون الكثير من الأحلام، ويراهنون على أن يصبحوا ذات يوم أبطالا يرفعون راية البلد، ويرددون نشيده الوطني، فإذا بهم يفارقون الحياة بعد حادث مرعب، وبعد أن قطعوا آلاف الكيلومترات من عمق الصحراء عبر الحافلة للوصول إلى بوزنيقة، دون أن تكلف وزارة الشباب والرياضة نفسها عناء نقلهم عبر الطائرة، في وقت يستفيد من تذاكر طائرات «لارام» الأصدقاء والمقربون.. تخيلوا من فضلكم، حالة ذلك الطفل، الذي ظلت النار تحرق لحمه، وهو يقول لسائق الحافلة «عتقني أعمي»، قبل أن تنحبس أنفاسه ويتحول إلى رماد.. ابحثوا في التفاصيل أكثر، وستجدون أن الحافلة قد احترقت بالكامل، ومعها احترقت العديد من الأشياء في وطني، بل إن عدد القتلى وصلوا إلى 33 شهيدا بالتمام والكمال، ومع ذلك لم يتم الإعلان عن حداد وطني، وكأننا دولة بلا مشاعر، وبلا قلب..