أياما قليلة بعد الصفعة التي وجهها القضاء لكل من شركة «الصابو» والمجلس الجماعي للرباط، سارعت الشركة من خلال مستخدميها والشرطة الإدارية إلى استباق أي محاولة من المواطنين لعدم الدفع، من خلال حملة مكثفة لتحرير الذعائر ووضع العقل على عجلات السيارات. وقوبلت إجراءات الشركة، التي وصفت من قبل بعض الجمعيات والتنسيقيات بالرباط بأنها «ترهيبية»، بتصعيد من طرف سكان مقاطعتي حسان وأكدال، الذين هددوا بمواجهة مستخدمي الشركة، وتخريب معداتها في حال استمرار استفزازها لهم، من خلال المضي في استخلاص الرسوم بشكل يحمل تحديا صريحا للقضاء وأحكامه. وتزامنت هذه التطورات مع لجوء العمدة فتح الله ولعلو إلى تحرير مراسلة رسمية إلى والي الرباط على أساس رفعها إلى وزير الداخلية، من أجل إضافة نصوص في مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات الترابية، تمنح هذه الأخيرة شرعية استخلاص الرسوم ووضع «الصابو»، وهو ما يعني إقرارا صريحا بأن الشركة والمجلس يقومان الآن باستخلاص ملايين الدراهم من جيوب المواطنين بطريقة غير قانونية. وربطت مصادر مطلعة هذه الخطوة بمحاولة نسف الأساس القانوني الذي ارتكزت عليه الدعوى القضائية والمتمثل في غياب نص تشريعي. واستغربت عدد من الفعاليات لموقف الشركة التي تعود 51 في المائة من أسهمها للبلدية، بعد أن تذرعت هذه الأخيرة بعدم توصلها بالحكم لتنفيذه، وهو الأمر الذي أصبح إلزاميا بعد أن أيد القضاء الإداري الاستئنافي حكما ابتدائيا، يلغي قرار بلدية الرباط، الذي أعطى لشركة التنمية المحلية، المكلفة بتدبير مواقف السيارات، الحق في استخلاص الرسوم عن توقف السيارات في شوارع المدينة، وكذا الحق في استعمال الصابو، وتحرير الذعائر لرفعه بعد الأداء. وحذرت عدد من الفعاليات الجمعوية من محاولة استغلال هذا الملف انتخابيا، إثر ركوب مستشار شبح من حزب الأصالة والمعاصرة على الحكم القضائي من أجل الدعاية لنفسه انتخابيا، بعد أن منح إشارة من حزبه بإمكانية ترشحه لمنصب رئيس المجلس الجماعي، علما أن المستشار ذاته لم يظهر له أثر بالمجلس منذ سنوات. وقال عبد المحسن أبو الوفا، ممثل تنسيقية سكان وتجار ومهنيي مقاطعة حسان، والباحث في الحكامة، إن المواطنين يعلمون جيدا نوايا المنتخبين وإصرار البلدية على التهرب من تنفيذ الحكم القضائي ومضيها في تحدي القانون، وأضاف أن التنسيقية تتبنى الوسائل السلمية من أجل انتزاع هذا الحق، بعد صدور الحكم من خلال تنظيم وقفة احتجاجية وحملة تواصلية مع فتح نقاش مع كافة المستشارين للضغط على العمدة. وكشف أبو الوفا أن التنسيقية تدخلت لنزع فتيل التوتر، وإفساح المجال أمام الشركة والبلدية لاحترام القانون، بعد أن دعا البعض إلى اعتماد الشغب والعنف في مواجهة الشركة، وأضاف أن التنسيقية لن تتحمل مستقبلا مسؤولية أي شكل احتجاجي قد يخرج عن نطاق السلمية. كما كشف أن عددا من السكان أصبحوا مستعدين لمواجهة مستخدمي الشركة والشرطة الإدارية، من أجل إجبار الشرطة القضائية على الحضور وتحرير محاضر، ترفع إلى المحاكم في مواجهة البلدية وشركة «الرباط باركينغ». وفي السياق نفسه قال المستشار، جلال قدوري، إن الشركة أصبحت ملزمة بالتوقف عن فرض الرسوم وحجز سيارات المواطنين، إلى حين تسوية أساسها القانوني، بعد أن أكد القضاء أن ذلك يتضمن خرقا صريحا للقانون، ويدخل في إطار جريمة الغدر، واعتبر قدوري أن استمرار شركة «الرباط باركينغ» في تحصيل الرسوم يعد تحقيرا لأحكام القضاء ومحاولة صريحة لفرض الأمر الواقع على الموطنين، مما يمس بمصداقية المؤسسات. ويتيح القرار الصادر عن القضاء الاستئنافي لأصحاب السيارات المتوقفة بشوارع الرباط وأزقتها والتي تم وضع الفخ على عجلاتها، إمكانية أن يعاينوا ذلك بواسطة مفوض قضائي، وأن يقدموا شكاية في الموضوع إلى النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بالرباط على أن تكون مصحوبة بنسخة من محضر المعاينة، وأن تكون موجهة ضد مرتكبي الجريمتين وشركائهم ( الرؤساء والمديرين ) وأن يطالبوا بالتعويضات عن الأضرار المادية والمعنوية التي أصابتهم.