عفو ملكي على 1304 أشخاص بمناسبة ذكرى 11 يناير    اطلاق ثلاث خطوط جوية جديدة تربط الصويرة بباريس وليون ونانت ابتداء من أبريل المقبل    رواية "بلد الآخرين" لليلى سليماني.. الهوية تتشابك مع السلطة الاستعمارية    طنجة : الإعلان عن الفائزين بجائزة بيت الصحافة للثقافة والإعلام    المنتخب المغربي يودع دوري الملوك    مراكش... توقيف مواطن أجنبي مبحوث عنه بموجب أمر دولي بإلقاء القبض    حرائق لوس أنجلوس .. الأكثر تدميرا والأكثر تكلفة في تاريخ أمريكا (فيديو)    مراكش تُسجل رقماً قياسياً تاريخياً في عدد السياح خلال 2024    تهنئة السيد حميد أبرشان بمناسبة الذكرى ال81 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال    وزير الخارجية الفرنسي "يحذر" الجزائر    توقيف شخصين في مراكش بتهمة النصب والاحتيال وتزوير وثائق السيارات    "الباطرونا" تتمسك بإخراج قانون إضراب متوازن بين الحقوق والواجبات    مدن مغربية تندد بالصمت الدولي والعربي على "الإبادة الجماعية" في غزة    إيكال مهمة التحصيل الضريبي للقطاع البنكي: نجاح مرحلي، ولكن بأي ثمن؟    هذا ماقالته الحكومة عن إمكانية إلغاء عيد الأضحى    مؤسسة طنجة الكبرى في زيارة دبلوماسية لسفارة جمهورية هنغاريا بالمغرب    الملك محمد السادس يوجه برقية تعزية ومواساة إلى أسرة الفنان الراحل محمد بن عبد السلام    المناورات الجزائرية ضد تركيا.. تبون وشنقريحة يلعبان بالنار من الاستفزاز إلى التآمر ضد أنقرة    أحوال الطقس يوم السبت.. أجواء باردة وصقيع بمرتفعات الريف    الضريبة السنوية على المركبات.. مديرية الضرائب تؤكد مجانية الآداء عبر الإنترنت    اللجان الإدارية المكلفة بمراجعة اللوائح الانتخابية العامة تعقد اجتماعاتها برسم سنة 2025    الملك محمد السادس يهنئ العماد جوزيف عون بمناسبة انتخابه رئيسا للجمهورية اللبنانية    توقف مؤقت لخدمة طرامواي الرباط – سلا    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    إيداع 10 علامات تجارية جديدة لحماية التراث المغربي التقليدي وتعزيز الجودة في الصناعة الحرفية    أسعار النفط تتجاوز 80 دولارا إثر تكهنات بفرض عقوبات أميركية على روسيا    أغلبهم من طنجة.. إصابة 47 نزيلة ونزيلا بداء الحصبة "بوحمرون" بسجون المملكة    فيلود: "المواجهة ضد الرجاء في غاية الأهمية.. وسنلعب بأسلوبنا من أجل الفوز"    "الأحرار" يشيد بالدبلوماسية الملكية ويؤكد انخراطه في التواصل حول مدونة الأسرة    تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، محطة نضالية بارزة في مسار الكفاح الوطني من أجل الحرية وتحقيق السيادة الوطنية    القِرْد سيِّدُ المَشْهد !    ميناء الحسيمة يسجل أزيد من 46 ألف من المسافرين خلال سنة 2024    جماعة طنجة تعلن نسبة تقدم أشغال تأهيل معلمة حلبة ساحة الثيران    من هو جوزيف عون الرئيس الجديد للبنان؟    وفاة صانعة محتوى أثناء ولادة قيصرية    حوار بوتين وترامب.. الكرملين يعلن استعدادا روسيا بدون شروط مسبقة    بوحمرون: 16 إصابة في سجن طنجة 2 وتدابير وقائية لاحتواء الوضع    "بوحمرون.. بالتلقيح نقدروا نحاربوه".. حملة تحسيسية للحد من انتشار الحصبة    بوحمرون يواصل الزحف في سجون المملكة والحصيلة ترتفع    ملفات ساخنة لعام 2025    تحذير رسمي من "الإعلانات المضللة" المتعلقة بمطارات المغرب    عصبة الأبطال الافريقية (المجموعة 2 / الجولة 5).. الجيش الملكي من أجل حسم التأهل والرجاء الرياضي للحفاظ على حظوظه    صابرينا أزولاي المديرة السابقة في "قناة فوكس إنترناشيونال" و"كانال+" تؤسس وكالة للتواصل في الصويرة    "جائزة الإعلام العربي" تختار المدير العام لهيسبريس لعضوية مجلس إدارتها    ارتفاع مقلق في حالات الإصابة بمرض الحصبة… طبيبة عامة توضح ل"رسالة 24″    اتحاد طنجة يعلن فسخ عقد الحارس بدر الدين بنعاشور بالتراضي    السعودية تستعد لموسم حج 2025 في ظل تحديات الحر الشديد    الحكومة البريطانية تتدخل لفرض سقف لأسعار بيع تذاكر الحفلات    فضيحة تُلطخ إرث مانديلا... حفيده "الرمز" في الجزائر متهم بالسرقة والجريمة    بطولة إنجلترا لكرة القدم.. إيفرتون يفك الارتباط بمدربه شون دايش    مقتل 7 عناصر من تنظيم "داعش" بضربة جوية شمال العراق    النظام الجزائري يخرق المادة 49 من الدستور ويمنع المؤثر الجزائري بوعلام من دخول البلاد ويعيده الى فرنسا    الكأس الممتازة الاسبانية: ريال مدريد يفوز على مايوركا ويضرب موعدا مع برشلونة في النهائي    الآلاف يشاركون في الدورة ال35 للماراطون الدولي لمراكش    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصابو.. هكذا «تعتقل» الشركات سيارات المواطنين خارج القانون
القضاء يفضح استخلاص المجالس الجماعية للملايين بطريقة غير شرعية
نشر في المساء يوم 26 - 06 - 2014

هل كان عمدة مدينة الرباط، فتح الله ولعلو، صادقا حين وصف «الصابو» بالحرام، خاصة بعد الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية الأسبوع الماضي، والذي قضى بعدم قانونية المبالغ التي تستخلصها شركة التنمية المحلية المكلفة بتدبير مواقف السيارات من آلاف المواطنين بشكل يومي، وهي الشركة التي يمتلك المجلس الجماعي نسبة 51 في المائة من أسهمها، علما أن هذا الحكم سيفتح المجال من جديد لمعركة قانونية قد تستهلك شهورا بعد أن تجاوز الصراع القانوني مدى مشروعية وضع الصابو، إلى شرعية استخلاص رسوم في غياب نص قانوني؟
«الصابو»، هذه الأداة الحديدية التي تجعل أي صاحب سيارة يشعر بالغبن، ونوع من «الحكرة»، في حال وقوع إحدى عجلاتها تحت رحمته، لم يعد الآن موضوع سجال في المعارك القانونية التي شهدتها أروقة المحاكم، بعد أن نجحت المجالس الجماعية من خلال إحداث الشرطة الإدارية في تجاوز الثغرة القانونية التي جعلتها «تدان» في عدد من القضايا، لتجد نفسها في مواجهة تعويضات مالية في عدد من الملفات كان أشهرها ملف السيارة «زنوبة».
فالقضاء الإداري، وبعد أن أقر في وقت سابق بمشروعية «الصابو»، باعتباره لا ينطوي على أي «مساس بحق الملكية وحرية التنقل»، وأنه «مجرد تدبير تحفظي واحترازي يتميز بعدم الديمومة وغياب الفورية»، عاد من خلال المحكمة الإدارية بالرباط ليصدر حكما قد يقلب الطاولة، ويسحب البساط من جميع المجالس البلدية بالمملكة التي تطبق رسوما على توقف السيارات، باعتبار أن الحكم في صيغته الأولية يؤكد وبشكل لا لبس فيه، أن بلدية الرباط ليس لها أي سند قانوني لتحصيل مبالغ من المواطنين مقابل ركن سياراتهم، وفق ما أكده النقيب عبد الرحمان بنعمرو.
منطوق الحكم يلغي قرار بلدية الرباط الذي أعطى لشركة التنمية المحلية المكلفة بتدبير مواقف السيارات، الحق في استخلاص الرسوم عن توقف السيارات في شوارع المدينة، وكذا الحق في استعمال الصابو، وتحرير الذعائر لرفعه بعد الأداء.
القرار كان بمثابة صفعة قوية للشركة والبلدية، التي تتجه وفق ما كشفت عنه مصادر مطلعة، لاستئناف الحكم، لأنه قد يوجه ضربة موجعة لها من ناحية المداخيل، كما أن عدواه قد تنتقل إلى مجالس جماعية أخرى بالمملكة، مادام الأمر يتعلق حسب النقيب بنعمرو بنصر في هذه القضية التي كان المدعى عليه الأول فيها هو المجلس الجماعي صاحب القرار، والشريك في «الرباط باركينغ»، أما المدعى عليه الثاني فيتمثل في شركة التنمية المحلية وهما معا يستفيدان من الرسوم.
نصر في أم المعارك
وحول الفرق بين القرار الأخير الذي صدر عن القضاء الإداري، والأحكام التي صدرت في وقت سابق، قال النقيب بنعمرو: «في السابق كنا نرفع دعاوى للمطالبة بالتعويض على أساس أن استخلاص رسم الذعائر غير قانوني، وعلى أساس أن من يضع الفخ هم مستخدمو الشركة، قبل أن تنتبه المجالس الجماعية لهذه النقطة وتحدث الشرطة الإدارية، لكن دون أن تقوم بمعالجة العمق، وهو غياب القانون الذي يسمح لها باستخلاص الرسوم، وهو ما شكل أساس الدعوى التي رفعت أمام القضاء الإداري، والتي انتهت بقرار واضح يؤكد أن قرار بلدية الرباط باطل، و»ما بني على باطل فهو باطل» بما فيه الرسوم والذعائر و«الصابو».
مباشرة بعد مغادرة الشركة الاسبانية التي كان تدبر هذا المرفق، والتي ألصقت بها تهمة استعمال «الصابو» للحجز على سيارات المواطنين والتعسف في ذلك، وجد المجلس الجماعي للرباط نفسه أمام حرج الاستمرار في استعمال نفس الوسيلة، خاصة وأن هذا الأخير كان مهددا بسكتة قلبية من الناحية المالية، وبالتالي راهن على هذا المورد من أجل ضخ بعض السيولة في الميزانية التي تستنزف الجزء الأكبر من رواتب الموظفين بحوالي 370 مليون درهم، لكن حرج السياسيين والمنتخبين سيطير بسرعة.
فبعد أن وصف ولعلو الصابو ب«الحرام»، ودعا إلى إيجاد صيغة من أجل تجاوز هذه الطريقة التي كانت سببا في مواجهات شبه يومية بين المواطنين ومستخدمي الشركة، سيعود ولعلو أشهرا بعد ذلك، ليطرح للمصادقة دفتر تحملات يتضمن الإبقاء على «الصابو».
ورغم أن القرار الصادر عن القضاء الإداري، الأسبوع الماضي، لا يهدد الوجود القانوني للشركة التي أحدثتها البلدية، لأن القضية لم تطعن فيها، لكنه في المقابل سيعيد النزاع حول «الصابو» للواجهة بموجب قرار المحكمة الجديد، حسب النقيب بنعمرو، حيث لن يصبح لها الحق في وضع «الصابو»، كما لن يصبح لها الحق في استخلاص الرسوم، و قال بنعمرو: «نحن لم نطلب حل الشركة، لكن اتجهنا إلى مسألة جوهرية تتمثل في غياب السند القانوني لاستخلاص الرسوم، ومذكرتنا وضعت منذ سنتين، علما أن المجلس البلدي نصب محاميا للدفاع عنه وهو نفس ما قامت به الشركة».
كما أن الحكم الصادر عن المحكمة سيفتح المجال من جديد لطرح تساؤلات عريضة حول المردودية المالية التي تحققها شركة التنمية المحلية، ومدى استفادة المدينة من آلاف الدراهم التي تنتزع من جيوب المواطنين، ويسمع وقع سقوطها في الصناديق الحديدية لآليات الشركة التي تمتلك البلدية أكثر من نصف أسهمها التي تم شرائها من الإسبان، من طرف صندوق الإيداع والتدبير بحوالي مليار و800 مليون سنتيم.
إضافة إلى أن هذا الحكم سيعيد المشروعية لبعض الأصوات التي ارتفعت قبل أربع سنوات، وطالبت بإجراء استفتاء للسكان حول فرض الأداء، موازاة مع الشروع في مناقشة دفتر التحملات الخاص بشركة التنمية المحلية، والتي عهد إليها تدبير مواقف السيارات، علما أن ولادة هذه الشركة وحسب مداخلات الدورات التي عقدتها البلدية، طرحت علامات استفهام كبيرة، وصلت حد وصف الطريقة التي تم بها تدبير الملف ب»الغامضة والخطيرة»، بعد أن تحول المجلس الجماعي إلى ما يشبه وسيطا بين الشركة الإسبانية التي رحلت والشركة العامة للمواقف التابعة لصندوق الإيداع والتدبير،عوض أن يتم فتح المجال أمام باقي المستثمرين.
نهاية زمن «الفابور»
في سنة 2010، رحلت الشركة الإسبانية التي كانت تلاحق بفخاخها سيارات العاصمة، وتنفس سكان الرباط وخاصة مقاطعة حسان الصعداء، واستمتعوا بشهور من المجانية التي جعلت الحصالات المالية المنصوبة في الشوارع في عطلة إجبارية، فيما علا الصدأ مئات «الفخاخ الحديدية»، قبل أن يخرج العمدة ولعلو، ويطالب المستشارين بضرورة الإسراع في المصادقة على إحداث شركة التنمية المحلية لتحل محل الإسبان، وبالتالي فرض الأداء على السيارات، وقال ولعلو حينها وفي تبرير غريب، إن الهدف من ذلك يبقى هو «ضمان المساواة» و«النوبة» بين المواطنين في ركن سياراتهم.
ولعلو وزير المالية السابق، الذي وجد نفسه أمام ضغط سياسي وإعلامي نتيجة غرق البلدية في العجز المالي، وتدني حصيلة تدبير المكتب الموسع، لم يجد حرجا في الدفاع باستماتة عن تسريع المصادقة على المقتضيات المتعلقة بشركة التنمية المحلية، كما ذهب أبعد من ذلك، بعد أن حذر من استمرار حالة الفراغ التي أعقبت رحيل الإسبان، ليتضح لسكان العاصمة أن هؤلاء كانوا أرحم على جيوبهم بعد القرار الصادم التي اتخذته البلدية والقاضي بتعميم الأداء على عدد من المقاطعات والشوارع.
لكن قرار المجلس الجماعي للرباط الآن اصطدم بجبل جليدي يهدد بزواله، بعد أن قال القضاء كلمته، وكشف وفق منطوق الحكم أن ما تستخلصه البلدية يتم بدون سند قانوني وفق النقيب بنعمرو، الذي قال بأن القضية المركزية تتمثل في «كون القرار الصادر عن المجلس الجماعي لبلدية الرباط باطل، لأن التكاليف وفق مقتضيات الدستور لا يمكن فرضها على المواطنين كيفما كان نوعها إلا بمقتضى قانون»، وأن «القوانين تصدر عن البرلمان»، و«لا يوجد حاليا قانون يعطي للمجالس البلدية الحق في فرض رسوم على الشوارع و الأزقة بالرباط، وهذا هو لب القضية».
وأضاف بأن الأمر يتعلق بمسألة دستورية وقانونية، لكون القانون حدد للمجالس البلدية المجالات التي يمكن لها أن تفرض رسوما عليها، ولم يعطها الحق في فرض رسوم على وقوف السيارات في الشوارع، وبالتالي فإن هذا القرار ستستفيد منه كافة المدن التي تطبق فيها المجالس الجماعية رسوما على وقوف السيارات.
هدية مسمومة
وعود السياسيين مثل الزبدة، سرعان ما تذوب بالحرارة، وهو ما وقع في ملف تدبير مواقف السيارات، فالتصريحات التي تسابق عدد من نواب العمدة والمستشارين على إعلان رفضهم فيها للطريقة التي يتم بها تدبير هذا القطاع، وعلى وجه الأخص وضع «الصابو»، سرعان ما تبخرت، وبلع هؤلاء ألسنتهم، بل وغيروا موقفهم ليطرحوا قرارا لتوسيع دائرة الأداء الرباط استعدادا لتعميم الأداء بمقاطعة أكدال الرياض، مع إضافة عدد من الشوارع بمقاطعة حسان إلى لائحة نقط التوقف التي يفرض فيها الأداء، في انتظار تعميمه على باقي المقاطعات.
تنزيل هذا القرار لم يتأخر، بل إن شركة «الرباط باركينغ» وبحماس وهمة غريبين، شرعت في زمن قياسي في نصب آليات تحصيل واجبات الوقوف بعدد من الشوارع لتسري عليها الشروط نفسها الواردة في دفتر التحملات الخاص بالشركة، والتي تحدد تسعيرة الوقوف على جنبات الطرق في درهمين عن كل 40 دقيقة، في حين يتراوح سعر الوقوف في المرائب بين 3 و6 دراهم للساعة من ال8 صباحا إلى ال8 ليلا كتسعيرة نهارية، وبين 2 و3 دراهم للساعة من ال8 ليلا إلى ال8 صباحا كتسعيرة ليلية، غير أن اجتهاد الشركة سيواجه هذه المرة برد فعل شرس وغير متوقع، من طرف عشرات الموطنين الذين رفعوا شعار «ما تقيش جيبي»، ونظموا وقفات احتجاجية ضد هذا القرار في مبادرة لقيت تجاوبا، تطور في ما بعد لضجة سياسية، وحطب استعمل من أجل إذكاء الصراع بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة داخل بلدية الرباط، على خلفية اتهام قيادي في «البيجيدي» بإقحام اسم المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة في هذا الملف.
كل هذا الصخب السياسي والتراشق الكلامي الذي صاحب تدبير ملف مواقف السيارات وتعميم الأداء، تحول الآن إلى سؤال عريض حول قانونية ومشروعية الاستمرار في استخلاص الرسوم من المواطنين بعد قرار القضاء الإداري.
وبخصوص ضمانات تفعيل هذا القرار، في ظل التاريخ الطويل للإدارات المغربية في تحقير المقررات القضائية، قال بنعمرو: «سنعمل على توجيه نسخة من الحكم للمجلس الجماعي للرباط، وللشركة، وأنا متأكد أنهم سيلجؤون إلى استئنافه، ما سيوقف تنفيذه في انتظار كسب المعركة استئنافيا»، وأضاف أن «الاستئناف سيعيد فتح الملف، وستكون هناك مناقشات قد تستغرق أشهرا لأن الأمر «يتعلق بمعركة كبيرة، ونحن واثقون من أن ما أثرناه قانونيا صريح ولا لبس فيه».
وقال بنعمرو إن هذا النزال القانوني الذي وصفه ب«معركة حياة أو موت» قد ينتقل إلى مدن أخرى، و«ما لم تقع تدخلات كبيرة على الاستئناف فسيتم تأييد الحكم»، وحينها «سنعمل على تنفيذه باللجوء إلى الوسائل المتاحة قانونا لإرغام البلدية على تنزيله»، حيث إن القضاء الإداري يفرض غرامات تتراوح ما بين 1000 و2000 درهم يوميا في حالية الامتناع عن التنفيذ، وقد «نصل إلى حد اللجوء إلى الحجز على الحسابات البنكية في حالة التشبث بعدم التنفيذ».

شركة ب«سوابق»
قبل الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية، سبق ل»المساء» أن نبهت إلى أن شركة تدبير مواقف السيارات، استفادت ولشهور طويلة من مداخيل غير قانونية من خلال استخلاص ذعائر غير ذات أساس، بعد أن قامت بتغيير مواقيت الأداء قبل الشروع في نصب الآليات الجديدة، حيث واصلت الشركة عملها بنفس العدادات التي ورثتها عن الإسبان في خرق واضح لدفتر التحملات، وكان الهدف وفق ما أسرت به مصادر من داخل الشركة جمع الأموال من المواطنين الذين سيكتشفون في نهاية الأمر، أن دراهمهم وظفت لسد الثقوب المالية للشركة، وضمان تمويلات لشراء التجهيزات الجديدة.
ولأن البعض يحلو له العمل بمنطق «الله يجعل الغفلة بين البائع والشاري»، فقد اكتفت شركة التنمية المحلية بتغيير الاسم الموضوع على الآليات، ليقع عشرات المواطنين ضحايا للذعائر والصابو، بعد تعميم الأداء من الساعة الثامنة صباحا إلى السابعة ليلا، سعيا إلى جني أكبر المبالغ المالية، في حين أن العدادات القديمة ترفض قبول النقود إذا تجاوز موعد التوقف الساعة الثانية عشرة زوالا، وهو التوقيت الذي كان معمولا به في عهد الشركة الإسبانية التي غادرت المغرب سنة 2009، والتي كانت تتيح لسكان الرباط وزوارها الاستفادة من هدنة ما بين ال 12 زولا إلى غاية الثانية ظهرا.
ولأن ثقافة الاحتجاج أحيانا تواجه ب«القوالب والفذلكة»، فإن الشركة كانت تلجأ إلى الرد على احتجاجات المواطنين الذين تسجل ضدهم الذعائر بطلب شراء تذكرتين في الوقت نفسه، رغم أنهما تحملان مواعيد مختلفة، ووضعهما على الواجهات الزجاجية للسيارات على أساس احتساب مجموع الساعات، علما أن دفتر التحملات يلزم الشركة بتغيير العدادات، لتتماشى مع مواقيت العمل الجديدة، غير أن الشركة ضربت بذلك عرض الحائط، وحاولت ذر الرماد في العيون من خلال الاكتفاء بتنزيل الإجراءات الجديدة الواردة في دفتر التحملات، والمتمثلة في الاستعانة بالشرطة الإدارية، والاكتفاء بتوجيه إنذار في المخالفة الأولى، مع التقاط صورة للسيارة المخالفة ووضعها في سجل معلوماتي يكون بمثابة أرشيف لحالات العود، والتي يتم فيها الحجز بواسطة «الصابو» لإجبار صاحب السيارة على أداء ذعيرة المخالفتين معا.
«فلوس اللبن»
كل هذا الجدل حول قانونية استخلاص الرسوم من جيوب المواطنين، يتزامن مع طرح تساؤلات حول القيمة المضافة التي استفادت مها المدينة، والاستثمارات التي قامت بها الشركة التي لازالت تلاحقها مجموعة من الملفات، منها التوظيفات السرية التي تمت دون الإعلان عنها، والتي استفاد منها مقربون من عدد من المستشارين، كما أن نوعا من الغموض يسود وضعها المالي، وفق ما أكده المستشار عدي بوعرفة في تصريح سابق ل»المساء»، حيث لم يتم الكشف عن محاضر اجتماعها وحجم مداخيلها المالية منذ أكتوبر 2010، تاريخ المصادقة على المقرر المحدث لها، رغم أن المادة ال140 من الميثاق الجماعي تنص بشكل صريح على تبليغ محاضر اجتماعات الأجهزة المسيرة لشركة التنمية المحلية إلى الجماعات المحلية المساهمة في رأسمالها، وإلى سلطة الوصاية داخل أجل 15 يوما الموالية لتاريخ الاجتماعات.
وكان الخازن البلدي قد عمد، في وقت سابق، إلى الحجز على حساب الشركة من أجل تمكين المجلس الجماعي للمدينة من استخلاص مستحقاته التي توقفت بشكل مفاجئ رغم تحوله إلى مسير بنسبة 51 في المائة، بعد أن كان يستفيد في عهد الشركة الإسبانية من مليون درهم سنويا، وهو ما جعل بعض المستشارين يطالبون بفتح ملف الشركة، وتغيير من أسندت إليهم مهام الإشراف عليها، خاصة بعد أن تعلل هؤلاء بدين ورثته الشركة عن المستثمرين الإسبان، وهو نفس الدين الذي توقف سداد فوائده، ما جعل شبح الإفلاس يلاحق الشركة التي وجدت في تعميم الأداء على كل مقاطعات الرباط، فرصة لاستعادة عافيتها، وهو القرار الذي استبقته بتأجير فيلا بحي اكدال الراقي لاتخاذه مقرا لها بسومة 25 ألف درهم شهريا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.