يقدم المركز الثقافي الفرنسي بفاس، المهرجان الأوربي للروحانيات، ببرمجته خمسة أفلام حاصلة على جوائز 2009، ويختتم هذا الأسبوع الذي يحتفي بالسينما ذات البعد الروحاني بليلة للسماع الصوفي، تقدمها الزاوية التيجانية بفاس. ومن الأفلام التي سيتم عرضها، الفيلم الروائي: «الأمازون دائما» والحائز على جائزة الكون، لمخرجه جان بيير دوتييو، وهو إنتاج فرنسي برازيلي، ويعرض الشريط لقصة مخرج شاب من أوروبا قادته رحلة إلى بلاد الأمازون لتصوير فيلم وثائقي، وهناك ستجمعه قصة حب مع ابنة شيخ القبيلة، ومن أجل الارتقاء إلى مقام هذا الحب، كان عليه أن يمر بطقوس القبيلة المرتبطة بالطبيعة: محاربة الجهل واللامبالاة. إلى جانب هذا الفيلم الراوئي، سيكون الجمهور على موعد مع الفيلم الوثائقي: «أطفال بودا المفقودين»، وهو إنتاج مشترك فرنسي هولندي، تايلاندي، ومن إخراج مارك ديركير 2006، يعرض لطقوس تعلم الأطفال الديانة البوذية. فيلم جميل هو الآخر، يحمل عنوان: «ملح الأرض»، شريط تخييلي من إنتاج برازيلي لمخرجه إلوا بريس فريرا، يحكي قصة كاهن حول شاحنته إلى كنيسة ليقرب هذه الأخيرة من الناس، فيقطع الطريق من محطة إلى محطة، ليقدم لهم ويعرفهم بالطقوس الدينية، وهذا الفيلم بدوره حاصل على جائزة أحسن فيلم للروحانيات للأفلام الروائية. ولأن مهرجان الروحانيات الأوروبية، مهرجان منفتح على جميع أنواع الأفلام من الوثائقي إلى الروائي إلى أفلام التنشيط، فقد اختار المركز الثقافي الفرنسي من ضمن هذه الأخيرة على مستوى البرمجة، فيلم «سيمولاكرا»، من إنتاج أمريكي تايلاندي لسنة 2007، ويحكي قصة عن كائن آلي، يكتشف أن هناك حياة جسدية وروحية موجودة فوق الأرض وأراد أن يعيش هذه الحياة. ويقول إبراهيم الزرقاني المكلف بالتنشيط الثقافي والبرمجة بالمركز الثقافي الفرنسي، إن الهدف من تنظيم هذه التظاهرة هو التعريف بهذا النوع من الأفلام غير المعروف في الساحة الثقافية، والذي لا يحظى بأهمية على مستوى البرمجة السينيمائية والتلفزية، مشيرا إلى أن هذا المهرجان الذي أنشئ بأوروبا، كسب تميزه بفضل إعطائه الأولوية لسينما تحتفي بالقضايا الإنسانية، والتي لها علاقة بالجانب الروحي، فيما يظل المادي مجاورا لهذا الأخير وفي علاقة متوازية، غير أن الروحاني يحتل مكانة أسمى. وأضاف الزرقاني أن المركز الثقافي الفرنسي بفاس، وفي سياق اهتمامه بالفيلم الوثائقي، الذي يشكل موعدا سنويا في صيغة مهرجان قائم الذات، فتح هامشا آخر للتطرق إلى نوعية أخرى من الأفلام بمدينة كمدينة فاس، التي تتميز بحضور كل ماهو روحاني انطلاقا من تعدد واجهات العمل الثقافي على شكل مهرجان الموسيقى المقدسة، ومهرجان الثقافة الصوفية، ومهرجان السماع الصوفي، وتقديم المهرجان الأوربي للروحانيات بفاس، هو مساهمة من المركز، حسب محدثنا، في تعميق النقاش حول هذا الجانب الذي بدأ يأخذ مساحة كبرى في انشغالات الإنسان في القرن الواحد والعشرين. وأعرب الزرقاني عن متمنياته، بأن تحظى هذه الأفلام باهتمام المهرجانات السينيمائية وكتاب السيناريو والمخرجين، باعتبارها تسعى إلى طرح الأسئلة والإجابة في نفس الوقت عن انشغالات ذات بعد كوني، مطبوع بنهاية الإديولوجيات ولهذه الاعتبارات يقول إبراهيم الزرقاني إن الأفلام المعروضة سيتلوها نقاش ويشرف على تنشيطها مهتمون. إلى جانب هذه التظاهرة، يتضمن البرنامج الثقافي في دورته الأولى مجموعة من الأنشطة المتعلقة بكافة الأشكال الإبداعية والفنية، فعلى مستوى المجال الأدبي، يستضيف المعهد الفرنسي مجموعة من الكتاب كالروائي محمد نضالي الذي استطاع إلى حد الآن طرح روايته الثانية، كما تمت استضافة الباحث موليم العروسي مؤخرا في محاضرة، قدم خلالها قراءة متأنية لتاريخ الفن المعاصر بالمغرب. أما في الجانب المتعلق بالتيار الخاص بالتحليل النفسي، فسيقدم رشدي شمشام في دجنبر القادم محاضرة حول التحليل النفسي بالمغرب.وفي المجال الموسيقي، وبعدما خصص المعهد شهر أكتوبر لموسيقى الجاز، في إطار دعمه لمهرجان الجاز الذي تقدمه كل سنة مؤسسة روح فاس، سيستضيف المركز رباعيا خاصا بالموسيقى الكلاسيكية. وعلى مستوى الإقامات الفنية نظم المعهد إقامتين فنيتين، الأولى، اندرجت في إطار فن الرقص المعاصر، أنجز خلاله شاب مغربي يدعى كمال عبيسة عملا كوليغرافيا صحبة فنانة فرنسية تدعى ماريون بلوند، وقد قدما عرضهما في افتتاح مهرجان المسرح التعبيري في شهر شتنبر الفارط، ولقي تجاوبا كبيرا مع الجمهور الفاسي، حيث صفق هذا الأخير طويلا لهذا المنجز الفني الذي يحلق في سماء الفن المعاصر. أما الإقامة الثانية، فقد كانت موجهة أكثر إلى الموسيقى، واستفادت منها فرقة للجاز تدعى «ميسكال دجاز»، والتي قضت على مدى خمسة أيام وهي تشتغل صحبة عازف العود المغربي عزيز الأشهب على موسيقى المزج، وتوجت بعمل مشترك عرض مؤخرا، ومكن هذا الإنجاز من التعرف عن قرب على موسيقى المزج بين ما هو عربي وغربي.