كشفت النشرة الأخيرة لمديرية الخزينة والمالية الخارجية، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، حول الظرفية الاقتصادية خلال 2014، أن صعوبات جمة لازالت تواجه قطاع البناء والأشغال العمومية، الذي يواجه أزمة خانقة منذ سنة 2012. ولم يحقق القطاع، حسب ما أوردته وزارة المالية، سوى نمو طفيف بنسبة 0.3 في المائة خلال الفصول الثلاثة الأولى من السنة الماضية، مقابل تراجع بنسبة 0.1 في المائة سنة 2013. وأوضح المصدر نفسه أن التراجع الذي شهده قطاع الإسمنت انخفضت وتيرته نسبيا، حيث انتقل من ناقص 6.3 في المائة سنة 2013 إلى ناقص 5.4 في المائة إلى غاية الفصل الثالث من 2014. ولم ينج السكن الاجتماعي من التراجع القوي للقطاع، حيث سجل عدد الوحدات السكنية المبنية تراجعا ب1.1 في المائة ليستقر في حدود 140.9 ألف وحدة، في حين عرف عدد الوحدات في طور البناء انخفاضا ب6.7 في المائة. وكان أحمد بوحميد، رئيس فيدرالية المنعشين العقاريين الصغار، قد اعتبر في تصريح ل»المساء»، أن قطاع العقار « يحتضر» حاليا، بعد أن وصلت الأزمة فيه إلى مستويات غير مسبوقة منذ سنوات. واتهم المتحدث البنوك باستهداف القطاع، مؤكدا أن نسبة مهمة من الملفات التي توضع على مكاتب الوكالات البنكية لا تلقى القبول، وهو الأمر الذي تؤكده المدة التي أصبح يتطلبها الحصول على الموافقة المبدئية على القرض، والتي تتجاوز حاليا أربعة أشهر. ومن جهتها، وجهت الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، بدورها، أصابع الاتهام للأبناك المغربية، مؤكدة أن «إحجامها عن تمويل عمليات شراء الشقق السكنية، سواء تعلق الأمر بالسكن المتوسط أو الاجتماعي كان له تأثير سلبي على القطاع». وأمام هذه الوضعية، لم يجد المنعشون بدا من اللجوء إلى الحكومة من أجل إيجاد صيغة مناسبة لضخ جرعة أوكسجين في شرايين القطاع وإنقاذه من أزمته الخانقة، حيث عقد هؤلاء اجتماعا رفيع المستوى مع وفد حكومي كبير، شمل مسؤولين في الداخلية والسكنى والتعمير والاقتصاد والمالية، ناقش مجموعة من القضايا التي أدت إلى انتكاسة قطاع العقار في الشهور الأخيرة. وركز المجتمعون، بالأساس، على ملف التمويل، من خلال تدارس التدابير الكفيلة بإنعاش الطلب وتقوية العرض السكني، والإجراءات الاستعجالية التي من شأنها تشجيع الاستثمارات العقارية عبر المصاحبة الفعالة للقطاع البنكي على صعيد التمويل وتعبئة السيولة اللازمة. وتناول الاجتماع بين المنعشين والقطاعات الحكومية، أيضا، ملف المخزون السكني، الذي يضم آلاف الوحدات الجاهزة وغير المستعملة، حيث تم التركيز بالخصوص على ضرورة النهوض بقطاع الكراء والتحفيز على الاستثمار في هذا المجال عبر مجموعة من التدابير والإجراءات المصاحبة، مع الحفاظ على التوازن المطلوب بين الاستثمارات العمومية والخاصة في هذا المجال. ودعا الاجتماع، كذلك، إلى تقوية العرض السكني عبر تحقيق انخراط أكبر في إنجاز مشاريع سكن الطبقة المتوسطة، وكذا تمكين ذوي الدخل المحدود من الولوج إلى التمويل، عبر جعل الأبناك تنخرط بكيفية أقوى في هذا المجال وتوفر الضمانات المطلوبة لتوسيع الاستفادة من قروض السكن، خاصة الفوكاريم والفوكالوج، وتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية المتعلقة بتسليم الرخص والوثائق الإدارية وتقليص آجالها.