يعيش المنعشون العقاريون أحلك أيامهم منذ بداية السنة الجارية، فقد كشفت معطيات جديدة صادرة عن بنك المغرب أن قطاع العقار يشهد أزمة غير مسبوقة تؤكدها الأرقام المتعلقة بالقروض العقارية ومبيعات الإسمنت. وأكدت النشرة الشهرية للبنك حول الظرفية الاقتصادية والنقدية والمالية لشهر ماي الجاري، أن القروض العقارية الممنوحة من طرف البنوك سجلت انخفاضا بأكثر من النصف، حيث لم يتعد معدل نموها إلى غاية متم شهر مارس الماضي 3.5 في المائة، عوض 7.1 في المائة خلال السنة السابقة. وعرفت قروض السكن انخفاضا واضحا، حيث انتقل معدل نموها من 10 إلى 6.2 في المائة، كما سجلت القروض الممنوحة للمنعشين العقاريين منحى سلبيا واستقرت في ناقص 3.5 خلال شهر مارس وناقص 5.1 في المائة خلال فبراير، وهو ما يعني أن البنوك أقفلت بشكل تام صنابير القروض عن المنعشين العقاريين. بالمقابل، سجلت مبيعات الإسمنت، حسب ما ورد في نشرة بنك المغرب، انخفاضا بنسبة 3.1 في المائة نهاية أبريل المنصرم بعد الانخفاض الذي عرفته في نفس الفترة من السنة الماضية والذي بلغ 16.5 في المائة. واعتبر أحمد بوحميد، رئيس فيدرالية صغار المنعشين العقاريين، في تصريح ل«المساء»، أن قطاع العقار «يحتضر» حاليا، بعد أن وصلت الأزمة فيه إلى مستويات غير مسبوقة منذ سنوات. وأوضح بوحميد أنه منذ حوالي 6 أشهر هوت مبيعات العقار إلى أدنى مستوياتها، حيث فاقت نسبة التراجع في المبيعات 35 في المائة، مشيرا إلى أن هذه الوضعية اضطرت بعض المنعشين، خاصة في المدن التي يقل فيها الطلب، إلى خفض الأثمنة بأكثر من 25 في المائة. وأكد المصدر ذاته أنه في المدن الكبرى، وعلى رأسها الدارالبيضاء، ما زال المنعشون متشبثين بالأسعار القديمة رغم الأزمة، لكونهم لا يرغبون في البيع بالخسارة، خاصة أن أغلبهم اقتنوا سابقا الأراضي التي شيدت عليها المشاريع العقارية بأثمنة مرتفعة جدا. واتهم رئيس فدرالية صغار المنعشين العقاريين البنوك باستهداف القطاع، مؤكدا أن نسبة مهمة من الملفات التي توضع على مكاتب الوكالات البنكية لا تلقى القبول، وهو الأمر الذي تؤكده المدة التي أصبح يتطلبها الحصول على الموافقة المبدئية على القرض، والتي تتجاوز حاليا 4 أشهر. وكان يوسف بنمنصور، رئيس الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، قد وجه بدوره أصابع الاتهام للأبناك المغربية التي قال «إن إحجامها عن تمويل عمليات شراء الشقق السكنية سواء تعلق الأمر بالسكن المتوسط أو الاجتماعي كان له تأثير سلبي على القطاع». وأورد بنمنصور، في تصريحات صحافية، أنه يتفهم إشكالية تقلص هامش الثقة في تمويل القروض العقارية الموجهة لاقتناء السكن الفاخر الثانوي، «لكن أن تطال مشاريع السكن المتوسط والسكن الاجتماعي الذي يستفيد من ضمانة صندوق فوغاريم الحكومي، فهذا يعتبر أمرا غير مفهوم».