فضيحة أخرى انفجرت بمجلس جهة طنجةتطوان، حيث تم منح مبلغ ضخم لنادي الغولف الذي يمارس فيه أثرياء المدينة، وعلى رأسهم بارون العقار المعروف محمد بوهريز، الذي ينتمي للحزب نفسه الذي ينتمي إليه رئيس الجهة ورئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي. وتحول مجلس جهة طنجةتطوان، إلى دجاجة تبيض الكثير من الذهب لنادي الأرياف للغولف، الذي يرأسه البرلماني السابق محمد بوهريز، وعضو مجلس الجهة حاليا، حيث كشف مشروع البرمجة الخاصة بعمالة طنجةأصيلة برسم السنة المالية 2015 عن منح النادي دعما ضخما بلغ 400 مليون سنتيم، وهو ما خلف استياء واسعا في الشارع الطنجي والتطواني. وحصل النادي الذي يحتضن فقط أثرياء المدينة، على مبلغ ال400 مليون سنتيم، بمباركة جميع الفرق السياسية بمجلس الجهة، بما فيها تلك التي لم تكن على وفاق مع بوهريز في مراحل سابقة وفي مقدمتها حزب العدالة والتنمية، والذي حصل إطار مقرب منه هو الفضاء المغربي للمهنيين على دعم ب100 مليون سنتيم. وحصل بوهريز، المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار، والذي يوصف بأنه الرئيس الفعلي لمجلس الجهة، على الرغم من أنه لا يملك حتى صفة نائب رئيس، في ظل الوجود المستمر لرشيد الطالبي العالمي بالرباط، حيث يرأس مجلس النواب، (حصل) على ثاني دعم ضخم خلال 3 سنوات فقط. وقبل سنتين حصل نادي بوهريز على 200 مليون سنتيم، ما يعني أن رياضة غير شعبية ولا يمارسها إلا الأثرياء وهي الغولف، حصلت على 600 مليون سنتيم في ظرف سنتين، في الوقت الذي لا تزال فيه قرى بالجهة وبنواحي طنجة تحديدا في حاجة للطرق والربط بشبكة الماء والكهرباء والصرف الصحي، بالإضافة إلى انتشار الكثير من الأمراض الخطيرة والمعدية في مدارس طنجة، من بينها مرض «المينانجيت» القاتل، الذي أودى بحياة عدد من الأطفال الفقراء بالمدينة. وبمراجعة لائحة مشروع البرمجة، يلاحظ أن ما حصل عليه نادي بوهريز، في ما سُمي ب»استكمال تأهيل فضاء الغولف» هو ثاني أكبر رقم في اللائحة، ولا يتفوق عليه إلا مبلغ 800 مليون سنتيم المخصص لتأهيل مركز بلدية كاملة هي بلدية «اكزناية». والغريب في الأمر هو مباركة حزب «العدالة والتنمية» لهذا الدعم السخي لفائدة ناد يرأسه شخص قاد الانقلاب الحاصل داخل حزب التجمع الوطني للأحرار سنة 2009، والذي رمى بحزب «المصباح» إلى المعارضة بالمجلس الجماعي لطنجة، رغم وجود اتفاق مسبق مع حزب «الحمامة» على المشاركة في تسيير المدينة. وكان حزب العدالة والتنمية قد وصف بوهريز «بالخائن» و»الغادر» بعد انفراط عقد التحالف بينهما خلال الانتخابات السابقة، حيث كانا قد اتفقا على تنصيب عمدة بالتوافق بينهما، غير أن بوهريز تراجع في آخر لحظة بعد أن قالت مصادر عليمة إنه «تخوف من انكشاف ملفات ثقيلة حول الضرائب والفضائح العقارية، إضافة إلى مسألة ورود اسمه في تقرير دولي شهير لتهريب وتجارة المخدرات صدر أواسط تسعينيات القرن المنصرم، كما أنه سبق أن دخل السجن قبل حوالي عشرين عاما، لأسباب لا تزال «مبهمة». حزب العدالة والتنمية الذي أشبع وقتها «قياديين» في التجمع الوطني للأحرار باتهامات بالفساد والتحكم، يعيش الآن مرحلة التحضير لتحالف جديد مع بوهريز نفسه، خلال انتخابات 2015 الجماعية، وهو ما جعل بعض المصادر تفسر موافقة «البيجيدي» على دعم نادي الغولف بأنها تدخل في إطار الصفقات السياسية الممهدة للتحالف بين الطرفين، غير أن هذه الصفقة السياسية كلفت المغاربة أموالا طائلة. وكان إسلاميو «العدالة والتنمية» بجهة طنجةتطوان حصلوا بدورهم على ثمن شراء صمتهم حين حصلت جمعية غامضة تدعى «الفضاء المغربي للمهنيين» على دعم بقيمة مائة مليون سنتيم. وحاولت «المساء» الاتصال بعضو مجلس الجهة عن حزب العدالة والتنمية، مصطفى بن عبد الغفور، والذي يحمل أيضا صفة رئيس الفضاء المغربي للمهنيين الحاصل على 100 مليون سنتيم، لكن هاتفه كان مغلقا. وكان عبد الغفور قد أثار ضجة إعلامية كبيرة من قبل، حين حصل نادي بوهريز للغولف على مبلغ مائتي مليون سنتيم، غير أنه هذه المرة، وبعد حصوله على نصيبه من كعكة المال العام، أطفأ هاتفه ودخل في خلوة طويلة الأمد مع المائة مليون سنتيم. من جهته، وفي تصريح ل»المساء»، أشاد القيادي في حزب العدالة والتنمية، البشير العبدلاوي، بالدعم المقدم إلى نادي بوهريز للغولف، ووصفه بأنه «مستحق»، قائلا إنه زار النادي واطلع على وضعيته ورأى أنه في حاجة إلى إصلاحات. وإجابة عن سؤال «المساء» حول إمكانية وجود صفقة خولت لفضاء مقرب من الحزب الحصول بدوره على الدعم، نفى العبدلاوي ذلك وشدد على أن الفضاء المغربي للمهنيين حصل على الدعم نظير أنشطته وبرنامجه وليس لأنه مقرب من العدالة والتنمية، وأضاف أن دعم نادي الغولف أيضا لم يكن سببه هو أن محمد بوهريز يوجد على رأسه. وحول ما إذا كان من المنطقي منح 400 مليون سنتيم لناد لا يستغله إلا الأثرياء، أشفق العبدلاوي على نادي الأثرياء وقال إن عدد أعضائه قليلون ولا يمكنهم تغطية كل مصاريفه، كما أنه يظل «ناديا تابعا لمدينة طنجة». من جهته قال مصدر آخر من حزب «العدالة والتنمية» بطنجة إن منح هذا الدعم الكبير لنادي الأغنياء بطنجة مرده إلى وجوب إقامة إصلاحات بالنادي، من بينها سور متهالك يجب ترميمه. والغريب أن إسلاميي «العدالة والتنمية» الذين أشفقوا لحال سور نادي الغولف، لم ينتبهوا إلى الحالة الكارثية التي يوجد عليها، مثلا، سور مستشفى محمد الخامس بطنجة، والذي تتسلل منه عصابات خطيرة جدا تقوم بسرقة المواليد والرضع، وهو ما يتسبب في مآسي إنسانية كثيرة، غير أن رفاق عبد الإله بنكيران يرون أن إصلاح سور نادي الغولف أهم بكثير من إصلاح سور مستشفى محمد الخامس لمنع سرقة مواليد الأمهات المغربيات الفقيرات. وتجدر الإشارة إلى أن نادي الغولف ليس ناديا مفتوحا، بل هو ناد للخواص، ولا يستطيع الاستفادة منه إلا القادرون على دفع مبالغ انخراط كبيرة، وقد سبق ل»المساء» أن نشرت لائحة أعضائه، والتي تضم رجال أعمال وأطباء ومحامين ومجموعة من أثرياء طنجة، كما أن النادي سبق أن نظم أخيرا دوريا للغولف تضمن حفلات باذخة، والتي تم تمويلها من جيوب الفقراء المغاربة.