يتذكر جمهور الكرة كيف أن فريق الرجاء الرياضي ضيع لقب الدوري في نسخته الماضية في آخر مباراة حينما انهزم أمام مضيفة أولمبيك آسفي ليس لضعفه، ولكن لأن أرضية ملعب آسفي لم تكن صالحة لإجراء مباراة ستحدد نتيجتها اسم الفريق البطل، الذي كان يعني مشاركته في كأس العالم للأندية في نسخة 2014. واليوم قررت جامعة الكرة أن تغلق هذا الملعب، إلى جانب ملاعب خريبكة وتطوان والقنيطرة للإصلاح بعد أن أدركت أنه لا يمكن أن نحلم بمنتوج كروي محترم في غياب أبسط شروط الممارسة هو وجود أرضية ملاعب جيدة. لقد اختارت جامعة الكرة مباشرة بعد انتخاب مكتبها الجامعي الجديد أن تضع ما اعتبرته خارطة طريق حول الأوراش الكبرى التي يفترض أن تباشرها من أجل تصحيح اختلالات البطولة المغربية، والرفع من قيمتها. ومن هذه الملفات الكبرى ما يتعلق بوضعية الملاعب التي تجرى عليها المنافسات. غير أنه مع انطلاق البطولة الوطنية، ظلت الوضع على ما هو عليه. وعادت نفس هذه الملاعب، رغم أنها لم تعد صالحة، لاستقبال مباريات البطولة الاحترافية ما جعلنا نعود لنفس الظروف التي اشتكى منها اللاعبون والمدربون، خصوصا حينما يتعلق الأمر بالملاعب المكسوة بالعشب الاصطناعي، التي تعرف حرارة مرتفعة لا يطيقها اللاعبون الذين دخلوا غمار البطولة في عز الصيف. وحينما نفتح سيرة هذه الملاعب المعشوشبة اصطناعيا، والتي غزت الدوري المغربي هنا وهناك، لابد أن نعترف أن جامعة الكرة في نسختها السابقة، بدعم من الإتحاد الدولي الذي أجاز العملية، كانت متحمسة للأمر، وقالت إن هذا النوع من الملاعب سيعفينا من الإصلاح والصيانة، على الرغم من أن الملعب المكسو بالعشب الاصطناعي في حاجة هو الآخر لصيانة من نوع خاص. إلا أن التجربة أبانت عن فشلها حينما تم اعتماد نوعية ضعيفة من الملاعب المعشوشبة في جل الملاعب التي استفادت منها. وأصبح اللاعبون والمدربون يخشون من قطع الكاواتشو المحشوة في أرضيتها. ناهيك عن الحرارة المرتفعة التي تسببها هذه المحشوات، والتي تجعل خوض مباراة في درجة حرارة معتدلة أو مرتفعة، بمثابة جحيم. لم تحقق هذه التجربة أهدافها، خصوصا وأن الكثير من التجاوزات رافقتها ومنها ما يتعلق أساسا بعملية الاختيار، التي قيل إنها لم تكن سليمة حيث مررت الصفقة لشركات لا تتوفر على التجربة الكافية لتشيد ملاعب معشوشبة، في الوقت الذي تم إقصاء شركات رائدة في هذا المجال. ولذلك عشنا مع هذه التجربة الكثير من الحكايات حيث ظل الملف يتأرجح بين هذا المسؤول وذلك، ودخلت على خطه وزارة التجهيز في الحكومات السابقة، دون أن تنجح التجربة. لقد خرجت كرة القدم المغربية من تجربة العشب الطبيعي، الذي ظل يتعرض للتلف دون أن يخضع للصيانة والإصلاح في عدد من الملاعب التي وصفت بحقول البطاطس. وحينما حملت جامعة الكرة صيغة هذه الملاعب المعشوشبة اصطناعيا، اعتقد الكثيرون أنها وجدت الوصفة السحرية التي يمكن أن تنهي مع هذا الاشكال، وتمنح للاعبين فرصة التعبير عن مؤهلاتهم التقنية على أرضية أشبه بالبساط الأخضر. لكن المفاجئة لم تكن سارة بعد أن تم القفز على الجودة وبدأ الحديث عن الكم بدلا من الكيف. اليوم، وقد تقرر أن تغلق بعض الملاعب التي يعاني عشبها من التدهور سواء تعلق الأمر بالعشب الطبيعي أو الاصطناعي، يفترض في هذه الفرق أن تبحث لنفسها عن ملاعب أخرى. ويفترض أن تحرم من حضورها الجماهيري إلى متم الموسم الكروي. وبلغة حسابية، ستعاني هذه الفرق من تراجع عائداتها المالية سواء تلك التي تحققها عن طريق تذاكر الدخول، أو تلك التي تكسبها عن طريق اسثتمار فضاء الملعب في تسويق بعض اللوحات الإشهارية أثناء أجراء المباريات. لذلك لا بد أن يطرح السؤال، هل وضعت جامعة السيد فوزي لقجع هذا الإكراه في اعتبارها وهي تقرر عملية الاغلاق ونحن ندخل الثلث الأخير من الدوري الاحترافي؟ ثم ألن يتسبب هذا الاختيار في زعزعة استقرار هذه الفرق، وبعضها يلعب من أجل لقب الدوري، كما هول حال فريق أولمبيك خريبكة الذي سيضطر للبحث عن منفى اختياري، والبعض الآخر يلعب من أجل الخلاص؟ إنها الأسئلة التي وجب أن تجد لها جامعة الكرة جوابا وهي تقرر إغلاق كل هذه الملاعب دفعة واحدة.