فتح الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، الأسبوع المنصرم، تحقيقا معمقا بشأن ادعاءات بتعرض العديد من السجناء لشتى أنواع التعذيب الجسدي واللفظي بسبب إقدامهم على فضح ما يجري من فساد داخل السجن المركزي. وكشفت المصادر أن ممثل الحق العام استمع للسجين «المهدي بوسيف»، المحكوم ب10 سنوات سجنا نافذا في قضية جنائية، بعدما تقدم هذا الأخير بشكاية، توصلت «المساء» بنسخة منها، تتضمن اتهامات خطيرة لبعض الموظفين بتلقي رشاوى والإشراف على جلسات التعذيب التي تعرض لها. وأكدت المصادر أن النيابة العامة حصلت على قرص مدمج يكشف آثار التعذيب الذي تعرضه له السجين المذكور، صاحب رقم الاعتقال 28445، والذي يتحدر من مدينة سوق أربعاء الغرب، كما يضم تسجيلا بالصوت والصورة لتصريحات منسوبة إلى السجين نفسه تشير إلى الضغوط التي مورست عليه قصد تقديم رشاوى مقابل عدم نقله إلى زنزانة تنعدم فيها أبسط شروط الحياة الإنسانية. وأضافت المصادر ذاتها أن الوكيل العام استمع، أيضا، للمعتقل محمد الدغاي، بخصوص ما جاء في شكايته التي تقدم بها دفاعه، والتي طالب فيها بفتح تحقيق بشأن الاعتداءات الخطيرة التي طالته من قبل رشيد أجعيض، مدير السجن المركزي، وحميد بوشبر، رئيس المعقل، إضافة إلى موظفين آخرين، الذين قاموا، بحسبه، بتعنيفه وتفتيش زنزانته في ساعة متأخرة من الليل بشكل مستفز، تعمدوا خلالها تكسير بعض حاجياته وإتلافها، قبل أن يتم نقله إلى غرفة متردية بالحي المركزي، حيث استفحلت معاناته مع مرض الضيقة والحساسية. واستنادا إلى المصادر نفسها، فإن السجين، صرح أثناء استنطاقه من قبل النيابة العامة بأنه أضحى عرضة لكل أنواع التعسفات والمضايقات مباشرة بعد نشره لتظلم على موقع «اليوتيوب»، اشتكى فيه من تفشي مظاهر الزبونية والمحسوبية في الاستفادة من خدمات المؤسسة، ومعاناة السجناء من التجاوزات والسلوكات التي وصفها باللامسؤولة، وطبخ الملفات ضد إرادة وحرية الأفراد، مشيرا إلى أن واقع السجن المركزي، منذ مجيء المدير الجديد، يؤكد أن المخدرات، عرفت تصاعدا في الترويج والاستهلاك، وأن الهواتف صارت مرخصة فقط لنزلاء زنازن «في آي بي»، وأضاف أن منسوب الرشوة ارتفع ليشمل بعض الأدوات التي تجلبها عائلات السجناء، ومنح الامتيازات للسجناء الميسورين، على حد قوله. وقالت المصادر إن جوا من الاحتقان الشديد يسود السجن الكبير بالقنيطرة، وإن جل السجناء باتوا في حالة غضب وسخط شديدين جراء ما يتعرضون له من مضايقات واستفزازات واعتداءات، وهو ما دفع العديد منهم إلى التفكير في الانتحار، كحالة السجين الديحاني، الذي حاول وضع حد لحياته، بعدما نصب مشنقة لنفسه بأحد شبابيك الممر الرئيسي للسجن المركزي، احتجاجا على الممارسات المشينة التي أضحى عرضة لها منذ ترحيله من سجن العيون.