تخلى سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، عن هدوئه المعهود وهو يدعو إلى التعبئة واليقظة في الفترة التي تسبق الانتخابات، لمنع «عودة فكرة التحكم للمغرب»، وقطع الطريق على أي محاولة لتزوير النتائج، أو فرض أسماء معينة في مواقع المسؤولية المحلية. وحذر العثماني أعضاء الحزب، خلال أشغال المجلس الإقليمي الاستثنائي الذي عقد أول أمس بسلا، من سرقة المقاعد الانتخابية، وقال: «اليوم هناك دستور جديد وانطلاقة جديدة، وهذا ما نريده، ويجب أن لا تسرق منا مقاعدنا الانتخابية، وأن لا يفرض على المواطنين من يدبر شأنهم المحلي دون أن يكون برضاهم الحقيقي». وفي رسالة واضحة تنبه إلى تصاعد أسهم الأعيان في الاستحقاقات التي عرفها المغرب، أكد العثماني أن من «يدبر شؤون المواطنين يجب أن يكون ممن يأخذ بعين الاعتبار احتياجاتهم، ويعرف معاناتهم، وهو ما لن يتحقق دون أن يكون قد عايشهم وعاش معهم». وأثنى العثماني على النتائج التي حققتها مراجعة اللوائح الانتخابية، ووصفها بأنها مرحلة أولى ينبغي أن تواكب من أجل «تحقيق وعي وثقة في العمل السياسي، مما سيشكل عاملا محفزا للموطن ليذهب لصناديق الاقتراع»، قبل أن يضيف أن «غياب الثقة سيجعله مقتنعا بأنه رغم تصويته، فإنه سيضع ورقة المصباح ليخرج له ضبع أو شي حاجة ثانية». وبدا واضحا أن العثماني أحاط علما بالانتقادات التي وجهها أطراف من المعارضة وعدد من المتتبعين لرئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية بعد تصريحات حملت تشكيكا في الانتخابات المقبلة، لذا استدرك بأن عمليات التزوير «نقصات بزاف»، غير أن هذا لا يمنع من «أننا خصنا نكونو حاضيين لكي يتم إنجاح المحطات المقبلة». وربط العثماني دعوته إلى اليقظة والتعبئة بوجود قوى تحاول فرملة التقدم والإصلاح، وقال: «إذا كنا نريد السير ب120 في الساعة، فهناك من يريد أن يجعلها 20 فقط»، ليذكر بالسياقات التي جاءت بحزبه للحكومة، والتي تميزت بمناخ مضطرب إقليميا، وبظهور قوى بالمغرب حاولت نهج التحكم»، وقال: «الديمقراطية عمل مفتوح ونحن لا نرفض حزبا، ويمكن للمواطن أن يختار حسب قناعته من سيسير بنزاهة وشفافية وهو ما يجب أن نحرص عليه». وخصص العثماني جزاء مهما من كلمته للمعارضة، وقال إنها غير منصفة، ليعود إلى كواليس تشكيل حكومة التناوب سنة 1998، وقال إنه كان حينها يشغل منصب المدير المركزي للحزب، وتولى بمعية مصطفى الرميد المفاوضات مع عبد الرحمان اليوسفي، بعد أن عرض عليهم المشاركة في الحكومة، قبل أن يقرر الحزب أنها تجربة جديدة يتعين منحها الوقت اللازم لإنضاجها وإنجاحها ويعتمد المساندة النقدية. وقال العثماني باسما: «رغم أن البعض بغاو يولّيو وزراء، قررنا أن نتجه للمساندة النقدية التي اعتمدناها لسنتين قبل أن نتحول للمعارضة، أما الآن حشومة نشوفو الإخوان الذين أمضوا 14 سنة في الحكومة يتحولون في اليوم الموالي للمعارضة، حتى قبل أن نعرف مكاتبنا الحكومية أين توجد». وحضرت صفة الطبيب النفسي في خطاب العثماني، بعد أن أعطى تشخيصا لسلوكات بعض القيادات، وقال إنها تتعمد عدم القيام بدورها الحقيقي، وترتهن للسب والكذب لقطع الطريق على تجويد العمل الحكومي. وردا عل الاتهامات الخطيرة التي وجهها شباط لبنكيران بتمويل «داعش»، قال العثماني ساخرا إن هذا اتهام لجميع المغاربة الذين صوتوا على الحزب، و إن هناك أجهزة أمنية تقوم بدورها، وإن ذلك لا يدخل في مهام السياسي الذي يتعين عليه أن يأتي بأشياء في صميم العمل السياسي، عوض أن «يغرق في التشاش» على حد تعبيره. كما أثنى العثماني على وتيرة الإصلاح التي تسير بها الحكومة، وقال إنها حققت نتائج مهمة، وإن الإصلاح لا يتم بعصا سحرية أو بخاتم سليمان بل بالتدرج، مضيفا أن هناك بعض مظاهر الريع مثل الكريمات التي تمنح، والتي هي ممارسة تعود لعهد الاستعمار، واستمرت إلى الآن، وهناك مجهودات تتم للقطع مع الريع من أجل تحقيق مغرب يضمن تكافؤ الفرص، ويمكن الكادحين من تحقيق الثروة والوصول للمسؤولية بجهدهم، رغم أن «بنيات الإنتاج في الأنظمة التي لدينا»- يضيف العثماني- «تحد من ذلك وتتضمن الريع وتحافظ على فئات محظوظة».