حيرت جريمة قتل راح ضحيتها حارس لوكالة تابعة لشركة «اتصالات المغرب» بتازة عناصر الشرطة القضائية لمدة تقرب من الشهر. فقد عمد الجاني، وهو يرتكب الجريمة، إلى إبعاد كل الخيوط التي من شأنها أن تقود إلى وضع اليد عليه. فقد شك كل المقربين من ملف الجريمة في أن ارتكابها له علاقة بالسرقة، لكن هذه الفرضية سرعان ما تأكد عدم صحتها. وتمكن المحققون، بعد تحريات دقيقة، من فك لغز الإجهاز على الحارس، وتوصلوا إلى أن القاتل لم يكن سوى أحد زملائه المطرودين من العمل. وكان الجاني قد استغل تولي زميله السابق للحراسة الليلية في إحدى ليالي بداية شهر غشت المنصرم، لكي يباغته بطعنة سكين على مستوى العنق، ويسقطه مضرجا في دمائه. ولم يتمكن الحارس من الحصول على أي إسعاف. ولم ينتبه إلى وجوده مقتولا وسط بركة دمائه سوى مستخدمو الوكالة الذين حلوا بها صباح اليوم الموالي. وقال الجاني، وهو شخص له سوابق عدلية، ويبلغ من العمر حوالي 30 سنة، إنه كان يشك في أن الضحية هو من أبلغ إدارة الشركة الخاصة التي تتولى الحراسة بأنه هو الذي يقف وراء عمليات سرقة تمت بالوكالة، ما دفع إدارة الشركة الخاصة إلى اتخاذ إجراء طرده من العمل. وكانت هذه الشكوك كافية لإثارة غريزة الانتقام، فبدأ يخطط لأنجع السبل التي ستمكنه من الإجهاز على زميله «خالد. ل»، البالغ من العمر 28 سنة، دون أن يترك أي أثر للجريمة. وبالرغم من عنصر المباغتة واللجوء إلى استعمال السلاح الأبيض، فإن الضحية ذا البنية الجسمانية القوية قد تمكن، في البداية، من مقاومة هذا الهجوم، لكن طعنة السكين على مستوى العنق لم تترك له أي مجال للتحرك. ولتمويه المحققين، فقد عمد المتهم إلى ارتكاب عدة عمليات سرقة في السيارات التي كانت تتوقف بالموقف التابع للشركة. وكانت هذه العمليات المتكررة هي التي دفعت المحققين إلى إعطاء فرضية كون السرقة وراء عملية القتل أهمية كبيرة، لكن هذه الفرضية انهارت بمجرد ما توصل المحققون بلائحة المطرودين من الحراسة بهذه الشركة وقاموا بالبحث في سوابقهم، قبل أن يعمدوا إلى فتح التحقيق معهم. وسقط المتهم في الارتباك أثناء مطاردته بسيل من الأسئلة، ما استدعى وضعه تحت الحراسة النظرية لتعميق البحث معه. وأفضت التحريات إلى اعترافات نسبت إليه تفيد بأنه هو الذي قام بعملية الإجهاز على زميله انتقاما لطرده من العمل بسبب وشايته لمسؤولي الشركة.