كان عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية وهو يكيل بداية الشهر الجاري اتهامات إلى خصومه السياسيين باتهامهم استغلال الرياضة لأغراض السياسية، كمن يلقي بحجرة في بركة مياه راكدة. بعد كلامه الذي تحدث فيه عن محاولة حزب الأصالة والمعاصرة التحكم في كل المجالات، بما فيها الرياضة، جاء في معرض كلامه أن هناك من جاء ب»البلطجية» إلى الوداد، حيث قال «عندما أسمع أن الوداد ذهب إليها البلطجية لحل مشكل إداري يتعلق برئاسة الفريق..أقول كيف جاء هؤلاء البلطجية إلى الوداد؟» كما قال «ملي كنشوف الفضائح التي رافقت الجمع العام للجامعة والذي كان رفضه الاتحاد الدولي لكرة القدم. واحتجاجا على تصريحاته راسل الوداد الجامعة، يطالبها ب»القصاص» لرئيس الفريق، لكن الجامعة التي صمتت دهرا، عادت بداية الأسبوع الماضي لتعلن عن لقاء جميع الرئيس مرفوقا ببعض أعضاء المكتب المديري، برؤساء الفرق وممثلي العصب، وفي تطور سيكون له ما بعده التمس رئيس الجامعة لقاء رئيس الحكومة، وهو اللقاء الذي تم بحضور امحند العنصر، وزير الشباب والرياضة بالنيابة، ثم مباشرة بعد اللقاء أصدر بلاغا أشار فيه إلى التزام رئيس الحكومة ب»الحياد تجاه المنظومة الكروية»، ثم نشر بلاغا ثانيا ضمنه اعتذار رئيس الحكومة لمكونات المشهد الكروي، بينما اكتفى الأخير ببلاغ جدد فيه دعم الحكومة لجهود الجامعة في مواجهة قرارات الاتحاد الإفريقي التي أصدرها على خلفية إصرار المغرب على تأجيل موعد نهائيات «كان2015».، لكن هل اعتذر بنكيران فعلا؟ رئيس الحكومة قال ل»المساء» أن ما جاء في البلاغ الذي أصدرته رئاسة الحكومة هو الحقيقة، وأنه لم يعتذر. لكن لماذا نسب رئيس الجامعة إلى رئيس الحكومة ما لم يقله؟ ولماذا أصدرت الجامعة بيانين، لم يشر الأول إلى اعتذار رئيس الحكومة، وعلى عكس الثاني الذي تحدث عن ذلك؟ وكيف فشل لقجع في رد الضربة لرئيس الحكومة؟ 1-قرار من وحي الخيال بات فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في ورطة حقيقية، بسبب إعلانه عن إجراءات من وحي خياله. وتحدث لقجع عن «توقيف منافسات البطولة»، رغم أن هذا القرار ليس بيده، ولايملك سلطة اتخاذ مثل هذا القرار. وعلى فرض أن هناك من طالب ب»توقيف منافسات البطولة» فإنه لم يتم التداول في هذه النقطة بالمكتب المديري للجامعة، ولم يتم طرح الموضوع في الجمع عام، سواء الاستثنائي أو العادي، بل أكثر من ذلك فإن فوزي لقجع بتصريحه غير المسؤول يكون قد رسم صورة غير حقيقية عن الواقع المغربي. فمن يطلع على بلاغ رئيس الجامعة يخال أن الجامعة تتعرض لضغوط من الحكومة، وهو أمر لا يعكس الواقع، لأنه لم يثبت أبدا أن الحكومة تدخلت في شؤون الجامعة. 2-المزحة التي… قال فوزي لقجع أثناء اللقاء الذي عقده الإثنين الماضي مع رؤساء الفرق وممثلي العصب الجهوية،–مبتسما- وهو يمازح رؤساء الفرق وممثلي العصب:»يمكن أن نوقف منافسات البطولة إلى حين نهاية الانتخابات»، لكن مزحته التي لم يأخذها أحد على محمل الجد سرعان ما أصبحت حقيقة تضمنها بلاغ صدر عنه مساء الأربعاء الماضي في بيان رسمي،. وجاء البلاغ الذي أصدره:»بعد لقاء رئيس الجامعة وبعض أعضاء المكتب المديري مع السيد رئيس الحكومة والتزامه بالحياد التام واعتذاره لمنظومة كرة القدم جمهورا ومسيرين، فإن الجامعة ارتأت العدول عن قرار التوقيف وتتبع كل التطورات لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحفظ كرامة المسيرين والجماهير الرياضية ولجوئها إلى اتخاذ القرارات المناسبة إن لاحظت تدخل أي طرف حكومي في الشأن الكروي». 3-حين رد لقجع الضربة كان واضحا أن فوزي لقجع يريد الدين لعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة. فهذا الأخير، وهو يتحدث في لقاء لسؤولي حزب العدالة والتنمية، لم يذكر فقط «البلطجية» وعلاقتهم بالوداد، ولكن أتى أيضا على ذكر الجامعة، حيث قال في هذا الصدد:»ملي كنشوف الفضائح التي رافقت الجمع العام للجامعة والذي كان رفضه الاتحاد الدولي لكرة القدم. طبعا كان رئيس الحكومة يقصد أن إلياس العماري، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة كان حضر أشغال الجمع العام للجامعة، دون أن تكون له الصفة لفعل ذلك، ويعرف أن محمد أوزين، وزير الشباب والرياضة الأسبق لم يلتزم بالحياد المفروض، وانحاز إلى فوزي لقجع ليكون رئيسا لجامعة كرة القدم، ولذلك وهو يتحدث في لقاء حزبي وجه بنكيران ضربات قوية إلى خصومه السياسيين، لكن رئيس الجامعة بدا أقل خبرة، وهو يرد هذه الضربات، حيث عوض أن يورط بنكيران، وجد نفسه هو يتورط في صراع حزبي، يسبق عادة «موسم الانتخابات». 4-الناصري بريء ظل سعيد الناصري، المعني الأول بتصريحات عبد الإله بنكيران، حريصا على عدم الدخول في سجال مع رئيس الحكومة. وكان لافتا كيف أن رئيس فريق الوداد اجتمع بمكتبه المسير بعد يومين من تصريحات بنكيران، قبل أن يسرب خبر أنه ستتم مراسلة الجامعة من أجل التدخل والرد على رئيس الحمومة عبد الإله بنكيران، ضد التصريحات التي اعتبرها «مسيئة للوداد». برر، الفريق آنذاك، قراره، باعتباره جمعية رياضية منضوية تحت لواء الجامعة، ويلزمها الدفاع عن حقوقه، بعد تعرضه لإساءة من طرف رئيس الحكومة، لكن الوداد ومسؤوليه لم يهددوا أبدا بالانسحاب من «البطولة»، ولم يعلنوا ذلك كما لم يسروا به، فلماذا تحدث فوزي لقجع عن تهديد الفرق بالانسحاب؟ 5-كذبة لقجع في تصريح خص به «المساء» نفى بنكيران أن يكون اعتذر خلال اللقاء الذي جمعه بفوزي لقجع وعضوي المكتب المديري للجامعة. وشدد رئيس الحكومة أن مضمون اللقاء عكسه البيان الذي أصدرته رئاسة الحكومة والذي تحدث عن تجديد دعم الحكومة للجامعة في قرارها اللجوء إلى الهيئات الدولية ضد قرارات «كاف». وبدا أن رئيس الجامعة كان رتب كل شئ بعناية، فهو دعا الصحافيين إلى ندوة يعرض خلالها مستجدات لجوء الجامعة إلى محكمة التحكيم الرياضي بلوزان والمحكمة التجارية بباريس ضد «كاف»، لكن فوجئ الزملاء الذين حضروا الندوة أنه لقجع عوض أن يتحدث عن مستجدات الملف المغربي، تلا عليهم تصريحا «جاهزا» تحدث فيه عن لقاء المكتب المديري للجامعة برئيس الحكومة بحضور وزير الشباب والرياضة بالنيابة امحند العنصر، حيث قال:»تبعا لهذا اللقاء تم الإتفاق على مواصلة النشاط الكروي في ظروف عادية لتفادي توقيف البطولة الذي كان قناعة راسخة لتمكننا أولا من تدبير الممارسة الكروية وطنيا و تجاوز الظروف التي تعيشها الكرة الوطنية على المستوى الدولي». وأوضح لقجع أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ستعمل على تتبع الأمور بشكل دقيق داخل الفرق و داخل مختلف المستويات التي تشرف على تنظيم مسابقاتها خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية التي ستشهدها بلادنا « حرصامن الجامعة على الحفاظ على الشروط العادية للمسيرين لمزاولة مسؤولياتهم و حفاظا أيضا لكرامة و صيانة جماهير كرة القدم التي تبقى من أحد الدعامات الأساسية للنهوض بكرتنا الوطنية». فوزي لقجع…حين يسقط رئيس جامعة الكرة في وحل السياسة هدد ب«توقيف البطولة» دون تشاور وانحاز لصف المعارضة ضد بنكيران في الأصل تتولى مديرية الميزانية، التي يوجد على رأسها فوزي لقجع، تقديم الاقتراحات والقيام بالدراسات التي من شأنها تنوير وزير الاقتصاد والمالية في اختياراته في مجال السياسة المالية المرتبطة بالميزانية، لكن فوزي لقجع الذي يوجد على الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، يبدو في أمس الحاجة لمن يقدم له إرشادات وتوجيهات، وليس فقط بضعة نصائح. فالرجل الذي جاء إلى الجامعة من فريق نهضة بركان، لايبدو قادرا على الفصل بين السياسة والرياضة. ولذلك كان سهلا أن تنزلق رجلاه في وحل السياسة. حدث ذلك وهو يتورط في معركة طرفاها حزبان سياسيان، يوجدان في مرحلة «التسخينات» للدخول إلى الانتخابات الجماعية. فوزي لقجع وهو أصغر مدير ميزانية في تاريخ وزارة المالية بالمملكة المغربية (يبلغ من العمر 44 عاما) كما أنه أصغر مرشح تولى رئاسة الجامعة، كان واضحا كيف استفاد من دعم سلفه علي الفاسي الفهري الذي دعمه علنيا حين كان ينافس عبد الإلاه أكرم بعد فشل محاولات الدمج في المحطة التنظيمية التي طالب «فيفا» بإعادتها. وليس وحده علي الفاسي الفهري من فعل ذلك، ولكن أيضا محمد أوزين وزير الشباب والرياضة الأسبق وإلياس العماري، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، ووجه كثيرة قدمت له دعمها في السر. أما في العلن فقد تجاوز فوزي لقجع بعد عدة مشاروات ضيقة مع أصدقاء مقربين حالة التردد و كان أول من أعلن عن الرغبة في أن يكون وكيل لائحة وفق مقتضيات لوائح الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم التي تمت ملائمتها مع قانون التربية البدنية و الرياضة 30.09 و القانون النموذجي للجامعات بجانب الملائمة مع القانون المعياري للاتحاد الدولي لكرة القدم – فيفا- و شكل لائحة جميع عناصرها جدد ليست لهم تجربة جامعية باستثناء تجارب محلية في تدبير نواديهم. أصر فوزي لقجع أن يتشبث باختياراته ضمن اللائحة التي يرأسها رغم الانتقادات التي وجهت له بداعي تغييب كفاءات و جهات لكن رئيس نهضة بركان تشبث باختياراته. ظل الرجل يعلن أنه سيمكنه تحقيق التوازنات المالية للفرق وتعزيز الاستثمار في البنيات التحتية و التكوين و إعادة التكوين…ولم يكذبه كثيرون، لأنهم كانوا يعرفون أن الرجل لم يأت إلى الجامعة بمبادرة فردية، وأنه خلف الرجل من يسنده. ارتبط اسم فوزي لقجع بعودته لمسقط رأسه ومحتضن طفولته و شبابه مدينة بركان و ترأس قبل أربع سنوات فريق نهضة بركان خلفا للراحل محمد لحبيب لكي يحقق ما يشبه المعجزة بعد أن تمكن فريق مدينة البرتقال من تحقيق قفزة نوعية صعدت به من قسم الهواة ثم القسم الثاني و منه إلى البطولة «الاحترافية « في نسختها الثانية. وبعد بداية صعبة و سوء اختيارات بشرية فاجأ فريق نهضة بركان المتتبعين بتحقيق إياب نموذجي للبطولة لينهي المسابقة في المركز السابع في أول موسم بين الكبار بعد انتظار دام عدة سنين ليتم نفض الغبار عن تاريخ هذا النادي الذي أصبح الممثل الوحيد للمنطقة الشرقية بالقسم الأول. ومنذ توليه مهام رئاسة فريق نهضة بركان قرر فوزي لقجع التأسيس لإنهاء التسيير الهاوي و العمل على إرساء تسيير حداثي و هيكلة النادي الذي أصبح يتوفر لأول مرة على إدارة قائمة الذات عهد إليها في فترة أولى بتدبير المرحلة الانتقالية رغم وقوع صعوبات أدت للقيام بتغييرات ليواصل النادي البرتقالي المسير. وأشرف فوزي لقجع على تدبير ملف البنيات التحتية و اتخذ قرارا وصف بالشجاع بهدم الملعب البلدي ذو الأرضية السيئة و بناء ملعب جديد بمواصفات عصرية شبيهة بملعب ميمون العرصي بالحسيمة لكن بطاقة استيعابية أكبر وبكاميرات أمنية للمراقبة كل ذلك بتمويل من المجلس البلدي و وزارة الشباب و الرياضة و الداخلية. وبموازاة اللعب بالملعب الشرفي بوجدة انتقل فوزي لقجع بالفريق للإقامة و التدريب بالمركز الوطني لكرة القدم بالمعمورة بسلا في إطار تدبير للمرحلة حقق خلاله مرة أخرى توازنات مالية. وكانت نقطة التحول المهني في مسار فوزي لقجع قراره بأن يكمل دراسته بالمدرسة الوطنية للإدارة بالرباط حيث تخرج منها ضمن الأوائل لتشكل بوابة الحصول على مهنة التفتيش المالي ليندمج ضمن المفتشية العامة للمالية ما بين شتنبر 1997 و شتنبر 2001 حيث كان محظوظا على ما يبدو في مجاورة علي بنبريك المفتش العام للمالية. وارتقى فوزي لقجع بسرعة و بشكل صاروخي بعدة مسؤوليات هامة داخل وزارة المالية انطلاقا من الفترة ما بين شتنبر 2001 و يوليوز 2003 عين رئيس قسم المصالح الإدارية التي تتعامل مع الشؤون المالية للإدارات السيادية والدفاع الوطني و الشؤون الداخلية و التجارة الخارجية كما انتقل بعد ذلك في الفترة ما بين يوليوز 2003 و يونيو 2010 كرئيس مديرية المصالح الفلاحية و المقاصة وعين لقجع ما بين يونيو 2010 و يناير 2011 مديرا مساعدا لمديرية الميزانية بوزارة المالية قبل أن يعين مديرا لنفس المديرية منذ يناير 2011.