أصدر قاضي الغرفة الثانية بمحكمة مدينة مليلية قرارا يقضي بمحاكمة 8 عناصر من الحرس المدني الإسباني بتهمة تعنيف مهاجر إفريقي غير شرعي يحمل الجنسية الكاميرونية، خلال محاولة جماعية للتسلل إلى مدينة مليلية، يوم 15 أكتوبر من السنة الماضية، قبل إعادته إلى المغرب عبر نفس السياج الحدودي الشائك. وجاء قرار القاضي الإسباني، إيميليو لامو دي إسبينوثا ليرفع عدد رجال الحرس المدني المتابعين إلى24 عنصرا، 16 منهم من مدينة سبتة، وهو رقم قياسي لم يعرفه الجهاز العسكري من قبل، وذلك بسبب سوء معاملة المهاجرين غير النظاميين، فيما طالبت النقابة الموحدة للحرس المدني وزير الداخلية بتقديم استقالته، بسبب عدم توفيره الحصانة لهم، داعية في الوقت نفسه إلى تمتيعهم بضمانات قضائية تجنبا لمحاكمة عناصرها، التي أصبحت تدخلاتها تثير جدلا حقوقيا كبيرا داخل الجارة الشمالية. وجاء توجيه الاتهام القضائي لأفراد الحرس المدني الإسباني، وهو جهاز مماثل للدرك الملكي المغربي، بعد إيداع الجمعية الحقوقية «برودين»، شكاية ضد العناصر الأمنية معززة بشريط فيديو يكشف الاعتداء الجسدي العنيف والضرب المبرح في حق المهاجر الكاميروني، بعد تقييد يديه، وهو ما لا يسمح به القانون، سواء الإسباني أو الدولي، ضد المهاجرين غير الشرعيين، ولاسيما أنه لم يصدر عن الضحية الكاميروني أي موقف عنيف ضد العناصر الأمنية الإسبانية. وطالب القاضي الإسباني، في محضر اتهامه لعناصر الحرس المدني، بالاستماع لأربعة مهاجرين غير شرعيين تمكنوا في نفس يوم الاعتداء من دخول مدينة مليلية، حيث تم بعدها نقلهم إلى داخل التراب الإسباني، مثلما طالب السلطات المغربية بتقديم لائحة تشمل عدد المهاجرين الذي تم تعنيفهم من طرف الحرس المدني، قبل تسليمهم إلى المغرب إذ تم حينها إيداعهم بمستشفى بإقليم الناظور لتلقي العلاج. وأعربت جمعيات حقوقية إسبانية عن ارتياحها لقرار القاضي الإسباني، مشيرة إلى أنه في أقل من 10 أيام بلغ عدد عناصر الأمن الإسباني المتابعين أمام القضاء بتهم تتعلق بممارساتها لانتهاكات ضد حقوق الإنسان، 24 عنصرا، وهي حسب قولها مجرد قمة حبل الجليد، مشيرة إلى أن أغلبية الانتهاكات لا يتم توثيقها بأشرطة مرئية، وهو ما يجنب هؤلاء المساءلة القانونية. وكانت قاضية التحقيق بالغرفة السادسة بمحكمة سبتة قد قررت، مؤخرا، متابعة 16 عنصرا من الحرس المدني الإسباني، بخصوص مقتل 15 مهاجرا إفريقيا بشاطئ تاراخال الحدودي، حيث تم توجيه استدعاءات قضائية لعناصر الحرس المدني من بينهم قبطان، رئيس فرقة الأمن القروي، وملازم ورقيب، تشعرهم بضرورة الحضور ما بين 3 و 11 مارس المقبل، مرفوقين بدفاعهم، للبت في التهم الموجهة إليهم، بعد إطلاقهم 145 رصاصة مطاطية، و5 قنابل مسيلة للدموع في وجه الأفارقة وهم في عرض البحر، خلال محاولتهم الوصول إلى ساحل سبتة.