سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أحمد بنعمو: هناك حالات من الطالبات يكن هن الباديات بالتحرش من أجل الحصول على أعلى النقط أستاذ علم النفس بكلية علوم التربية قال إن بعض الأساتذة يشتهرون داخل الأوساط الجامعية بأنهم من أولئك الذين يطلق عليهم «عينيهم خضرين»
اعتبر أحمد بنعمو، أستاذ علم النفس بكلية علوم التربية، أن ظاهرة الابتزاز الجنسي بالجامعات تتفشى بشكل أكبر بالجامعات المغربية، مقارنة مع مثيلاتها بالدول العربية والإسلامية، مشيرا إلى أن هذه المعضلة تتطلب معركة حقوقية تضمن للطالبة الدراسة في جو سليم، بعيدا عن كل ابتزاز أو إكراه أو اضطهاد. وأكد أستاذ علم النفس أن بعض الأساتذة يصنفون ضمن المرضى الذين ينبغي أن يعرضوا على محللين نفسيين، نظرا لقيامهم بابتزاز طالباتهم، داعيا، المسؤولين عن الجامعة إلى حماية الطالبات من أي انفلات أخلاقي وقيمي ومن كل تسيب أو انتهاك لكرامتهن داخل المؤسسات الجامعية. وأضاف أن بعض الأساتذة يكونون محطة تنافس شديد بين الطالبات، خاصة عندما يكون الأستاذ أنيقا ووسيما وغير متزوج، فيساهم بدوره في إذكاء سعار المنافسة، عبر لجوئه إلى المزيد من التأنق وتحسين مظهره الخارجي لإرضاء نرجسيته وغروره الذكوري. - تسجل الجامعات المغربية العديد من حالات الابتزاز الجنسي الذي تتعرض له الطالبات، ما رأيكم في الموضوع؟ > قبل الجواب على هذا السؤال، لا بد أن نطرح بعض الأسئلة من قبيل: هل هذه الظاهرة أصبحت شائعة إلى درجة يمكن القول إنها تستحق أن ندق بسببها ناقوس الخطر؟ هل هذه الظاهرة موجودة في كل كلية وفي كل جامعة؟ وهل هذه الظاهرة حديثة العهد أم أنها وليدة الزمن الحديث؟ أم أن لها إرهاصات قبل ذلك؟ عديدة هي الأسئلة التي تتناسل حول الموضوع، ويمكن الجزم بأن ظاهرة الابتزاز الجنسي الممارس على الطالبات كانت موجودة منذ السبعينيات من القرن الماضي في بلدنا، خاصة في المدن التي كانت توجد بها جامعات في تلك الفترة، مثل الرباط وفاس ومراكش وغيرها من المدن، وكان وقتها بعض الأساتذة يشتهرون داخل الأوساط الجامعية بأنهم من أولئك الذين يطلق عليهم بالتعبير الدارجي «عينيهم خضرين»، كناية على أنهم يضعفون أمام الجنس اللطيف، ولو كان هذا الجنس اللطيف من الطالبات. بعض الحالات تكون معروفة ومعلنة، فكم من أستاذ جامعي دخل قفص الزوجية بعدما ظن أن علاقته الجنسية ستكون عابرة مع إحدى طالباته. ينبغي التمييز في هذا الجواب بين كثير من المواقف والحالات التي ذكرت، فيمكن القول إن هناك حالات مرضية تحتاج إلى علاج يشرف عليه محلل نفسي، لأنها تكون حالات غير سوية ومنحرفة والسلوك فيها غير متكافئ بين الطرفين، وهما طرف قوي، وهو الأستاذ الذي يستعمل سلطته المطلقة ويستغل النفوذ الذي لديه في التنقيط، فتتم المقايضة والابتزاز الجنسي، وفي بعض الحالات قد يؤدي الأمر إلى انقطاع الطالبة عن الدراسة، لأن الأستاذ يقف سدا منيعا ويحول دون انتقالها إلى القسم الموالي أو الحصول على شهادة نهاية التخرج، وإلا سيكون السبيل الوحيد هو الخضوع كي يقضي الأستاذ وطره من الطالبة. والخطير في الموضوع هو أن الطالبة دائما تكون أمام خيارين إما أن تخضع وترضخ لهذا الذئب البشري، الذي هو في جلد أستاذ، أو ترفض فتبحث عن تغيير الشعبة أو الكلية، وقد تضيع السنة بأكملها. ولا يخلو الموضوع من بعض الطرائف المضحكة المبكية، كأن يكون الأستاذ في مثل سن والد الطالبة أو له بنات طالبات، وهناك من الطالبات من تلجأ إلى فضح الأستاذ بطريقتها الخاصة، وهذا ما جرى وسمعنا به خلال الثمانينيات، إذ إن طالبة اتفقت مع زملائها من الذكور على الحضور إلى جانبها إلى مكان الموعد الذي اتفقت عليه مع الأستاذ، هذا التصرف جعل الأستاذ يصاب بالحرج عندما افتضح أمره. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، هناك حالات من الطالبات يكن هن الباديات ومبدؤهن هو الحصول على أعلى نقطة، دون جهد ولا مثابرة ولا سهر الليالي، ف«يقترحن» أنفسهن من أجل الإيقاع بالأستاذ «الضعيف». وفي هذا الصدد، لا بد من التمييز بين الأساتذة الذين يتعرضون لمثل هذه الظواهر، فقد يكون الأستاذ شابا أنيقا، وسيما وغير متزوج، أي ما يزال «مشروع» زواج لأي طالبة من الطالبات، وهذا الصنف من الأساتذة يولّد بعض التنافس، وقد يحدث هذا دون إرادة أو قصد منه، ولكن أحيانا يكون ذلك من لدنه لإرضاء نرجسيته وغروره الذكوري، ويذكي سعار المنافسة المحتدمة حوله، عبر الإصرار على مزيد من التأنق واللباقة والاهتمام بالمظهر الخارجي.. وهناك نوع آخر يبدي في الظاهر الوقار ويظهر الحشمة ويتكتم، ولكنه لا مانع عنده من اقتناص الفرصة، كلما أتيحت له، دون أن يترك لذلك أثرا أو يخلف خلفه أي دخان ولا يسمع عنه أي شيء، إلا في بعض الحالات النادرة بعد مرور الوقت. - إلى أي حد يمكن اعتبار هذه الظاهرة خطيرة؟ > بعد كل هذا، هل يمكن أن نصنف هذه الظاهرة مثل ما يعرف ب«زنا المحارم» باعتبار أن الأستاذ يكون في مرتبة الأب والمربي، أم أن هذه الظاهرة أهون أو أخطر؟ إن هذا يحتاج إلى تضافر كل الجهود من قبل كل أصحاب التخصصات، سواء كانوا معالجين نفسيين أو أطباء عقلانيين أو علماء اجتماع وتربية من أجل رصد الظاهرة والتفكير في حلول مناسبة لها. كما ينبغي أن لا نغفل الجانب التربوي، ونفكر في وسيلة تتمكن معها مؤسساتنا التعليمية، سواء في الثانويات أو في الجامعات، من الحديث حول هذه السلوكات إذ أصبح التحسيس بها ضروريا. ولعل ما حدث بمدينة أكادير وما يحدث من الفضائح يتطلب أن ينكب المهتمون من مربين وعلماء نفس ومسؤولين إداريين وجامعيين من أجل تدارس المشكلة دراسة تفضي إلى نتيجة جيدة. - كيف تنظر إلى مستوى انتشار ظاهرة الابتزاز الجنسي للطالبات بالمغرب؟ > لا نقول إن الابتزاز الجنسي وقف على البيئة المغربية، ولكن الحديث عنه يوجد بالمغرب بنسبة أكبر من أي بلد عربي آخر، كما أن المغرب من بين البلدان العربية والإسلامية التي توجد فيها ظاهرة الابتزاز الجنسي بالجامعات بشكل أوسع وأكبر من أي بلد عربي وإسلامي آخر. ولا بد من الإشارة إلى أنه ربما كلما تعلق الأمر بالأخلاق والقيم، ينبغي أن نعلم أن هناك إما ضعفا في الوازع الديني لدى الأستاذ الذي من المفروض فيه أن يكون القدوة والمربي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، أو أن الأمر مرتبط بظاهرة مجتمعية ككل، أي أنه عندما يعم الفساد وينتشر على أكثر من صعيد وفي أكثر من مجال، لن تبقى الجامعة بمعزل عما يقع على مستوى جميع الأصعدة والميادين، بمعنى أن مجتمعنا يعرف مرحلة انتقالية، ويعرف صراع قيم ويعيش بعض الانحلال والتفكك في المنظومة المجتمعية وتفككا خطيرا لا ندري متى سيتم تجاوزه؟ - يشاع في صفوف الطلبة أن الإدارة دائما تساند الأستاذ، لذلك تتردد الطالبات في التبليغ عن الابتزاز الجنسي الممارس عليهن، فمنهن من ترضخ ومنهن من تتحايل على الأستاذ وتقدم له الوعود إلى حين انتهاء السنة الدراسية، فما قولك؟ > هذا صحيح، ولكن لا ننسى أن هناك جانبا خطيرا، وهو عندما يتعلق الأمر ببهتان وكذب وافتراء، لذلك فإن موقف الإدارة يكون صعبا، أما الحديث عن مساندة الإدارة للأستاذ وكأن ذلك أصبح سنة وتقليدا، أي أن الإدارة دائما تنظر إلى الأستاذ على أنه على حق، هذا الموقف غير صائب، لذلك عندما قلت إن الفساد قد عم، فأنا أعي جيدا ما أقوله، فلو كان القضاء سليما فإنه عندما ترفع قضية من هذا النوع إلى القضاء العادي أو الإداري، وتعرف الطالبة أنها ستنال حقها، دون أن يحظى الأستاذ بدعم الأساتذة تحت عنوان «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» وينال المتهم ما يستحقه من العقاب، لما تجرأ آخرون على الإقدام على مثل هذه السلوكات. أذكر أنه في الولاياتالمتحدةالأمريكية قد تحصل مثل هذه الأحداث والانزلاقات، خاصة في الجامعات الخاصة التي يؤدي أصحابها رسوم الدراسة، لكن تقوم الحركات النسائية القوية بالتصدي لكل هذه الأفعال. لكن بالمغرب لم تصل جمعيات المجتمع المدني المهتمة بمثل هذه الملفات إلى المستوى الذي ينبغي أن تكون عليه، كي يصبح هناك نوع من الردع والزجر والإدانة، كما لا ننسى أنه لم تعد إدانة مجتمعية لهذه الأفعال كما في السابق، لأن هناك طالبات أصبحن محط شبهة، فهناك أحياء جامعية أصبحت مرآب سيارات لمرضى بالوسواس الجنسي يقومون بتصرفات مخجلة، كما أصبحت مطاردة النساء في الشوارع سواء كن طالبات أو غير طالبات، متزوجات أو غير متزوجات شيئا عاديا، فهذا يدفعنا إلى القول إننا أمام مشكل مجتمعي عام وخطير، والقطاع الجامعي جزء منه، ولكنه يخضع في نواميسه وقوانينه إلى كل الظواهر المجتمعية التي يصبح فيها الانحراف والجنوح منتشرا بهذا الشكل، ولا يستثني مثقفا ولا جاهلا ولا متعلما. - إلى أي حد يمكن اعتبار القضية لها علاقة بالجانب القانوني؟ > أعتقد أن المعركة حقوقية، فلا بد للمنظمات المهتمة بحقوق المرأة أن تناضل كي يصبح بإمكان الطالبة أن تدرس في جو سليم بعيدا عن كل ابتزاز أو ضغط أو إكراه أو اضطهاد، كما ينبغي أن تتحمل الإدارة مسؤوليتها، عبر عرض الأستاذ على لجنة تأديبية لمناقشة الموضوع، وإذا تلقت الإدارة أي شكاية فعليها أن تقوم بالبحث والتحري والدقة، من أجل بحث مدى صحة كل الادعاءات، خاصة أن العديد من الأساتذة معروفون لدى الجميع بأنهم يبتزون الطالبات جنسيا. فالمسؤولون عن الجامعة مطلوب منهم حماية الطالبة من أي انفلات أخلاقي وقيمي، ومن كل تسيب أو انتهاك لكرامتهن داخل المؤسسات الجامعية.